عضو مميز
|
|
|
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
ناصر حيدر
المنتدى :
ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
بتاريخ : 27-May-2012 الساعة : 03:12 AM

اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
المبحث الاول
الولاية التكوينية للانبياء والاوصياء
هذا الموضوع من المواضيع المهمة التي وقع البحث فيها , والذي يعرف مقام النبوة والامامة في الحياة الانسانية وفي الواقع الايماني يدرك مدى ضرورتها ولزومها , ويدرك أهمية وضرورة الاعتقاد بها للانسان المؤمن.
وهي مستفادة بشكل واضح وصريح من الايات الكريمة والاحاديث الشريفة كما سنستعرض ذلك.
وقبل الحديث عنها والاستدلال عليها لابد من الاشارة الى بعض الامور المتعلقة بها .
ماهي الولاية التكوينية ؟
الولاية التكوينية هي أقدار الله سبحانه وتعالى للانبياء والاوصياء على التصرف في أمور كونية وغيرها, خارقة للعادة , وخارجة عن قدرة البشر , أي ان الله تعالى يعطيهم القدرة ويمكنهم من التصرف في مثل هذه الامور , ويكون ذلك نتيجة العلم الذي يفيضه الله تعالى عليهم ويطلعهم عليه , للنبي (ص) بالوحي وغيره من الاسباب , وللأئمة بتعليم الرسول (ص) وبواسطته و وبالالهام وغيره من الاسباب التي هي للأئمة.
الولاية التكوينية ليست تفويضا
الولاية التكوينية التي تحدثنا عنها وقلنا بأن الله تعالى أعطاها للنبي (ص) وللأئمة , ليست تفويضا منه تعالى لهم , لأن التفويض هو أن يوجد الله تعالى الخلق , ثم يتركه ويدع أموره لهم , يختارون لأنفسهم ما يشاؤون , وهذا المعنى مرفوض عندنا وباطل , قولا واحدا , وبشكل قاطع , فإن الله سبحانه لم يتخل عن ملكه ولم يشأ أن يترك الامر للعباد يتصرفون كما يشاؤون وكيف يريدون , وإنما أقدرهم على الفعل ووجههم الى الطريق الصحيح , ونهاهم وتوعدهم على المعصية والشر كله, وكان ذلك في ضمن سلطانه وتحت إرادته ومشيئته.
فهي اذا إقدار لهم على التصرف بعد اطلاعهم على الاسباب الممكنة لهم من التصرف فقط , قال تعالى ( وما كان لرسول ان يأتي بآية إلا بإذن الله فإذا جاء أمر الله قضي بالحق وخسر هنالك المبطلون ).
الولاية التكوينية مظهر عام في الموجودات
الولاية التكوينية التي ذكرناها , هي مبدأ عام في الموجودات , فجميع الموجودات حركتها نحو أفعالها وتصرفاتها - وخاصة ممن له إمكانية التصرف والفعل أو له الاختيار في تصرفاته وأفعاله كالإنسان والجن والملائكة - إنما هي بالقدرة التي أعطاها الله تعالى لهم ومنحهم إياها , وهذا هو مايسمى بالولاية التكوينية.
فجميع تصرفات الانسان وأفعاله , حتى في الامور العقلية والفكرية , والتي بها استطاع ان يقوم بالأعمال الصعبة والفائقة والمعقدة في وضعها , إنما هي بالولاية التكوينية التي منحها الله له.
والجن , هذا الخلق الذي له القدرة الغريبة على فعل الامور الخارقة كما وصفهم القران المجيد , والذين سخروا لسليمان , قال تعالى ( قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين ) , وغير ذلك من الآيات التي تؤكد أن لهم الاعمال والافعال العجيبة الغريبة مما يعجز عنه البشر , قال تعالى ( وأنه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا ) هؤلاء , أعمالهم كلها , بالولاية التكوينية التي أعطوها.
والملائكة , الذين يتصرفون تصرفات فوق قدرة البشر , ولايمكن أن يصل إليها أحد , حتى من الجن , تصرفاتهم كلها بالولاية التكوينية التي قلنا بأنها الاقدار على التصرفات , وهي من الله سبحانه , ومظهر من مظاهر قدرته تعالى , وليس تفويضا ابدا.
توافق الولاية التكوينية مع مبدأ العلية والمعلولية
الولاية التكوينية التي نتحدث عنها لاتتنافى ولاتتعارض مع مبدأ العلية والمعلولية, أي ان الاختراقات التي نشاهدها في نظام الكون من قبل الانبياء والاوصياء , ليست بعيدة عن نظام العلية والمعلولية , بل هي في اطارها , لأ، نظام العلية والمعلولية نظام ثابت , قام عليه الوجود بأكمله , فلا يمكن إلغاؤه , ولا يمكن القول بتغييره.
كل ما هنالك أن مايدركه الانسان من أمور في هذا الكون يتصور أنه إدراك للعلل الموجودة والقائمة , بينما إدراكاته هي عبارة عن إدراك للعلاقات والارتباطات القائمة بين الاشياء بعضها مع بعض , ولذلك نراه يكتشف في كل حين شيئا جديدا , ثم مايلبث أن يغير ما اكتشفه سابقا , وعبر هذه الاكتشافات الجديدة المتواصلة من الانسان , لو كانت هي العلل الواقعية لما غير وبدل , وهذا يؤكد أن مالدى الانسان من معرفة للأشياء محدود جدا .
وبالجملة , فالولاية التكوينية هي في اطار العلية والمعلولية وليست خارجة عنها.
يبقى هذا التقديم لهذه العلة على غيرها أو تبديلها , يكون من مخزون العلم الذي أفاضه الله سبحانه على النبي أو الامام ومكنه منه , لأن العلة شيء حادث ولايمكن أن تكون له صفة الازلية , وإلا لزم القول بالشرك , تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا , وعلى هذا الاساس نقول بأن هذه العلة قابلة للأختراق.
الولاية التكوينية ضرورة لازمة
|