منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - تفسير سورة الملك
عرض مشاركة واحدة

سليلة حيدرة الكرار
الصورة الرمزية سليلة حيدرة الكرار
مشرفة
رقم العضوية : 3576
الإنتساب : Jan 2009
الدولة : جنة الإمام الحسين عليه السلام
المشاركات : 3,167
بمعدل : 0.54 يوميا
النقاط : 323
المستوى : سليلة حيدرة الكرار is on a distinguished road

سليلة حيدرة الكرار غير متواجد حالياً عرض البوم صور سليلة حيدرة الكرار



  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : سليلة حيدرة الكرار المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 11-Jun-2012 الساعة : 08:54 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم



السلام على جوهرة العصمة وفريدة الرحمة سيدتنا ومولاتنا الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بظهور قائمهم والعن أعدائهم لعنة دائمة إلى يوم الدين

(الَّذِى خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَوةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) سورة (2)


من كتاب الأمثل لتفسير القرآن

يشير سبحانه في الآية اللاحقة إلى الهدف من خلق الإنسان وموته وحياته، وهي من شؤون مالكيته وحاكميته تعالى فيقول: (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيّكم أحسن عملا).

"الموت": حقيقته الإنتقال من عالم إلى عالم آخر، وهذا الأمر وجودي يمكن أن يكون مخلوقاً، لأنّ الخلقة ترتبط بالاُمور الوجودية، وهذا هو المقصود من الموت في الآية الشريفة، أمّا الموت بمعنى الفناء والعدم فليس مخلوقاً، لذا فإنّه غير مقصود.


ثمّ إنّ ذكر الموت هنا قبل الحياة هو بلحاظ التأثير العميق الذي يتركه الإلتفات إلى الموت، وما يترتّب على ذلك من سلوك قويم وأعمال مقترنة بالطاعة والإلتزام، إضافة إلى أنّ الموت كان في حقيقته قبل الحياة.

أمّا الهدف من الإمتحان فهو تربية الإنسان كي يجسّد الإستقامة والتقوى والطهر في الميدان العملي ليكون لائقاً للقرب من الله سبحانه، وقد بحثنا ذلك مفصّلا فيما سبق.

كما أنّ الجدير بالملاحظة في قوله "أحسن عملا" هو التأكيد على جانب (حسن العمل)، ولم تؤكّد الآية على كثرته، وهذا دليل على أنّ الإسلام يعير إهتماماً (للكيفية) لا (للكميّة)، فالمهمّ أن يكون العمل خالصاً لوجهه الكريم، ونافعاً للجميع حتّى ولو كان محدود الكمية.

لذا ورد في تفسير (أحسن عملا)، روايات عدّة، فعن رسول الله ( وسلم ) أنّه قال: "أتمّكم عقلا، أشدّكم لله خوفاً، وأحسنكم فيما أمر الله به، ونهى عنه نظراً، وإن كان أقلّكم تطوّعاً".

حيث أنّ العقل الكامل يطهّر العمل، ويجعل النيّة أكثر خلوصاً لله عزّوجلّ ويضاعف الأجر.

وجاء في حديث عن الإمام الصادق أنّه قال حول تفسير (أحسن عملا): "ليس يعني أكثر عملا، ولكن أصوبكم عملا، وإنّا الإصابة خشية الله والنيّة الصادقة.

ثمّ قال: الإبقاء على العمل حتّى يخلص، أشدّ من العمل، والعمل الخالص هو الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلاّ الله عزّوجلّ".

وفي تفسير الآية: (وما خلقت الجنّ والإنس إلاّ ليعبدون)، وقلنا: أنّ الهدف من خلق الإنسان في تلك الآية هو العبودية لله عزّوجلّ، وهنا نجد الهدف: (إختباره بحسن العمل).
وممّا لا شكّ فيه أنّ مسألة الإختبار والإمتحان لا تنفكّ عن مسألة العبودية لله سبحانه، كما أنّ لكمال العقل والخوف من الله تعالى والنيّة الخالصة لوجهه الكريم - والتي اُشير لها في الروايات أعلاه، أثراً في تكامل روح العبودية.

ومن هنا نعلم أنّ العالم ميدان الإمتحان الكبير لجميع البشر، ووسيلة هذا الإمتحان هو الموت والحياة، والهدف منه هو الوصول إلى حسن العمل الذي مفهومه تكامل
المعرفة، وإخلاص النيّة، وإنجاز كلّ عمل خيّر.
وإذا لاحظنا أنّ بعض المفسّرين فسّر (أحسن عملا) بمعنى ذكر الموت أو التهيّؤ وما شابه ذلك، فإنّ هذا في الحقيقة إشارة إلى مصاديق من المعنى الكلّي.

وبما أنّ الإنسان يتعرّض لأخطاء كثيرة في مرحلة الإمتحان الكبير الذي يمرّ به، فيجدر به ألاّ يكون متشائماً ويائساً من عون الله سبحانه ومغفرته له، وذلك من خلال العزم على معالجة أخطائه ونزواته النفسية وإصلاحها، حيث يقول تعالى: (وهو العزيز الغفور).
نعم، إنّه قادر على كلّ شيء، وغفّار لكلّ من يتوب إليه.

وفي تفسير الميزان :
قوله تعالى: «الذي خلق الموت و الحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا و هو العزيز الغفور» الحياة كون الشيء بحيث يشعر و يريد، و الموت عدم ذلك لكن الموت على ما يظهر من تعليم القرآن انتقال من نشأة من نشآت الحياة إلى نشأة أخرى كما تقدم استفادة ذلك من قوله تعالى: «نحن قدرنا بينكم الموت - إلى قوله - فيما لا تعلمون»: الواقعة: 61، فلا مانع من تعلق الخلق بالموت كالحياة.
على أنه لو أخذ عدميا كما عند العرف فهو عدم ملكة الحياة و له حظ من الوجود يصحح تعلق الخلق به كالعمى من البصر و الظلمة من النور.
و قوله: «ليبلوكم أيكم أحسن عملا» غاية خلقه تعالى الموت و الحياة، و البلاء الامتحان و المراد أن خلقكم هذا النوع من الخلق و هو أنكم تحيون ثم تموتون خلق مقدمي امتحاني يمتاز به منكم من هو أحسن عملا من غيره و من المعلوم أن الامتحان و التمييز لا يكون إلا لأمر ما يستقبلكم بعد ذلك و هو جزاء كل بحسب عمله.

وفي تفسير الميزان:
و في الكلام مع ذلك إشارة إلى أن المقصود بالذات من الخلقة هو إيصال الخير من الجزاء حيث ذكر حسن العمل و امتياز من جاء بأحسنه فالمحسنون عملا هم المقصودون بالخلقة و غيرهم مقصودون لأجلهم.
و قد ذيل الكلام بقوله: «و هو العزيز الغفور» فهو العزيز لأن الملك و القدرة المطلقين له وحده فلا يغلبه غالب و ما أقدر أحدا على مخالفته إلا بلاء و امتحانا و سينتقم منهم و هو الغفور لأنه يعفو عن كثير من سيئاتهم في الدنيا و سيغفر كثيرا منها في الآخرة كما وعد.

و في التذييل بالاسمين مع ذلك تخويف و تطميع على ما يدعو إلى ذلك سياق الدعوة.
و اعلم أن مضمون الآية ليس مجرد دعوى خالية عن الحجة يراد به التلقين كما ربما يتوهم بل هي مقدمة قريبة من الضرورة - أو هي ضرورية - تستدعي الحكم بضرورة البعث للجزاء فإن الإنسان المتلبس بهذه الحياة الدنيوية الملحوقة للموت لا يخلو من أن يحصل له وصف حسن العمل أو خلافه و هو مجهز بحسب الفطرة بما لو لا عروض عارض السوء لساقه إلى حسن العمل، و قلما يخلو إنسان من حصول أحد الوصفين كالأطفال و من في حكمهم.
و الوصف الحاصل المترتب على وجود الشيء الساري في أغلب أفراده غاية في وجوده مقصودة في إيجاده فكما أن الحياة النباتية لشجرة كذا إذ كانت تؤدي في الغالب إلى أثمارها ثمرة كذا يعد ذلك غاية لوجودها مقصودة منها كذلك حسن العمل و الصلاح غاية لخلق الإنسان، و من المعلوم أيضا أن الصلاح و حسن العمل لو كان مطلوبا لكان مطلوبا لغيره لا لنفسه، و المطلوب بالذات الحياة الطيبة التي لا يشوبها نقص و لا يعرضها لغو و لا تأثيم فالآية في معنى قوله: «كل نفس ذائقة الموت و نبلوكم بالشر و الخير فتنة»: الأنبياء: 35.

نسألكم الدعاء لنا ولوالدينا


توقيع سليلة حيدرة الكرار

تركت الخلق طـراً في هـواك
وأيتمت العيــال لــكي أراك
فلـو قطعتني في الحب إربــا
لمـا مـال الفــؤاد إلى سواك



رد مع اقتباس