عضو مميز
|
|
|
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
ناصر حيدر
المنتدى :
ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
بتاريخ : 01-Oct-2012 الساعة : 03:11 PM

اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
أصالة الإباحة في الاشياء
وقبل الخوض في بيان وتفصيل الاحكام الالهية وبيان الأدلة التي تعتمد في أستنباط وأخذ الاحكام الالهية منها وتطبيقها على الموضوعات التي بين أيدينا والتي نتعامل معها.... أود أن أشير الى ناحية مهمة جدا , تسمى ب (( أصالة الاباحة )) وتعني : أن كل مافي هذا الوجود وكل ماخلقه الله سبحانه على وجه الارض , وكل ماتقع يد الانسان عليه ويمكن أن يستفيد منه , هو مباح للانسان , وله الحق أن يتصرف به ويستفيد منه, بمختلف أنواع الاستفادة , إلا ماكان فيه ضرر أو خطر عليه , أو يؤدي الى الشر والفساد , لأن الله سبحانه وتعالى ماخلق هذا الوجود والموجودات إلا ليستفيد منها الانسان وتكون وسيلة لتنامي الحياة والاستمرار فيها بالشكل الصحيح .
فأصالة الاباحة مبدأ عام لتأكيد هذا الواقع , بل أصالة الاباحة تشمل الاقوال والافعال التي تصدر من الانسان أيضا , فللإنسان الحق في أن يفعل ويتصرف ما يشاء إلا ماكان ضررا وخطرا عليه , فالاباحة مبدأ تكويني جعل لمصلحة الانسان تفرضه طبيعة الحياة والوجود الانساني, وهو أيضا مبدأ تشريعي مقرر للإنسان يمارسه في كل شيء في هذا الوجود للاستمرار والاستقرار والتكامل.
وأيضا , هذا المبدأ التشريعي نفسه هو الذي يقرر ويحدد المنع والحرمة في الامور التي فيها الضرر والخطر على الحياة وعلى الانسان نفسه.
ولنضرب مثالا على ذلك (( المأكولات )) فقد أباح الاسلام للإنسان أكل كل شيء من الحيوانات والنباتات وغيرها , بقانون الاباحة , ولكن الله سبحانه وتعالى الذي أوجد الانسان وخلق الاشياء كلها , حدد للإنسان ماهو النافع له من الاكل والحلال و عبر عنه بالطيبات ( قل من حرّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ) وأشار بشكل صريح الى الامور الضارة له والتي لانفع فيها وعبّر عنها بالمحرمات , قال تعالى ( إنما حرّم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله ).
وقال تعالى ( ومالكم ألا تأكلوا مما ذكر أسم الله عليه وقد فصّل لكم ماحرّم عليكم إلا ماإضطررتم اليه ةإن كثيرا ليضلّون بأهوائهم بغير علم إن ربك هو أعلم بالمعتدين )
وقال تعالى ( الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرّم عليهم الخبائث )
أما الاقوال والأفعال وباقي التصرفات , فقد أشار لها القران الكريم بشكل واضح .
قال تعالى ( قل إنما حرّم ربي الفواحش ماظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله مالم ينزّل به سلطانا وأن تقولوا على الله مالاتعلمون ) .
فأصالة الاباحة , أو مايسمى ب ( المباح ) أو مايسمى ب ( الحلال ) هو الشيء الذي يتخيّر الانسان في فعله أو تركه , أي إن شاء فعله , وإن شاء تركه , من دون أن يترتب على الفعل أي شيء من الثواب , وعلى الترك أي مخالفة تستوجب العقوبة , ولم يكن فيه ضرر أو خطر عليه ولا على غيره.
فأصالة الاباحة مبدأ مقرّر من الاسلام ينطلق معه الاسلام للتعاطي مع الموجودات بشكل لايشعر معه بالحرج والضيق في تحركاته ولافرض القيود على تصرفاته, والواجبات والمحرمات التي ذكرت في الشريعة يستفاد منها حدود هذه الاباحة , فلابد من الاطلاع على هذه الامور قبل أن يخوض في شيء من أفعاله وأقواله .
هذا المعنى أيضا منطلق من مبدأ المصلحة والمفسدة , وهي ليست أمرا اعتباطيا , أو يقصد منه إرضاخ المكلّف ( الإنسان ) للأمر والنهي فقط , فهذا المعنى بعيد كل البعد عن دائرة التشريع - كما أسلفنا - مصلحة الانسان وتوجيهه الى الخير والسلامة في كل شؤونه , وإبعاده عن المفاسد والشر والسوء.
والسنة الشريفة أشارت الى هذه المعاني بشكل صريح في تعداد المحرّمات وبيان الآثار السيئة لها.
وقد تكون الصورة وقراءة المفاسد والمخاطر على النفس والحياة أوضح في عصرنا الحاضر الذي تمكن من أكتشاف الأضرار والسلبيات التي تحملها المأكولات والمشروبات المحرمة , وكذلك في العلاقات الجسدية والاجتماعية والاخلاقية المحرّمة , وفي تحديد مقدار آثارها ومخاطرها , الأمر الذي يؤكد أن الاسلام سبق علم والتطوّر الحاضر بمراحل طويلة من الزمن , وفي كل يوم يكتشف فيه الانسان جديدا من المصالح والمفاسد والمنافع والمخاطر والاضرار في الاشياء , يؤكد بذلك أن الدين الاسلامي هو الدين الذي يرتقي بالانسان الى أبعد حدود العلم والمعرفة , فضلا عن الاخلاقية والروحانية والسلوك.
الأحكام الالهية
|