[سيد جلال الحسيني]

يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرينَ (67)(المائدة)

قلت له لاحظ يا حاج تغير الاسلوب الرباني من ذلك الحنان والكلام الرقيق الى كلمة "بلغ" وراجع كل القرآن الكريم لن ولم تجد كلمة كهذه وبهذا اللحن والامر ........
ومن الطبيعي والبديهي ان يشعر الانسان ان هنا امرا جديدا جاء الى الرسول الكريم صلى الله عليه واله ويامر الله تعالى بتبليغه وعندما نتلوا بقية الآية الكريمة نفهم سر هذا اللحن وهذا التغير بالتعامل مع خاتم الانبياء والرسل صلى الله عليه واله .
قلت له يا حاج انا لا اريد ان اسرد لك الروايات لا من كتبكم ولا من كتبنا لان الامام الصادق قال :

بحارالأنوار 89 115 باب 12- أنواع آيات القرآن و ناسخها
عن كتاب تفسير العياشي: عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : مَنْ لَمْ يَعْرِفْ أَمْرَنَا مِنَ الْقُرْآنِ لَمْ يَتَنَكَّبِ الْفِتَنَ .

لان القرآن الكريم لاريب فيه بين كل المسلمين والله سبحانه وتعالى قال :

إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (9)(الحجر)

ولذلك فانني لا احتج عليك الا بالقرآن الكريم .
نظرت اليه فوجدت اشراقات نور تترقرق بين طيات جبينه وكأن يد الملائكة قد اخذت تهز كوامن الفطرة السليمة عنده حيث وجدته وكأنه نائم فاستيقظ .
قلت له يا حاج لاحظ القسم الاخر من الآية المباركة حيث يقول رب العالمين "وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ" فان التهديد فيه واضح لان النبي صلى الله عليه واله يعلم بان الامة ان سمعت بهذا الامر الجديد سوف تنقلب على اعقابها فتدخل النار :

وَ ما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى‏ أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى‏ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرينَ (144)(آل عمران )

كما كان يقول صلى الله عليه واله رب اغفر لقومي فانهم لا يعلمون ؛ لكن الامر الرباني هنا لا يقبل الا بتبليغه فصدرت كلمة هي الحق الاشرق من نور الشمس واوضح من كل واضحة وبينه وهي قوله تعالى فان لم تفعل فما بلغت رسالته.
بالله عليك فكر وتدبر يا حاج ما هذا الشيئ الذي ان لم يبلغه ضاعت به الرسالة السماوية والتي هي خاتمة الرسل والكتب ثم تلك الجهود العظيمة التي قال عنها صلى الله عليه واله ما اوذي نبي مثلما اوذيت واذا في حجة الوداع واخر العمر المبارك يقابل بهذا الاسلوب من الكلام من ارحم الراحمين وهل يشك عاقل بهذه المعادلة التي طرف منها ابلاغ ما انزل والطرف الاخر فما بلغت رسالته فلابد ان يكون الامر اهم من الرسالة لان بدون هذا التبليغ ضاعت كل ايام الكفاح وكل الجهود وكل الاتعاب بل فما بلغت رسالته ؛ وهذا يعني ان قبول الحقيقة لا يحتاج الا ترك العصبية والزحزحة عن النار والفرار من الخلود في الجحيم حيث ان المدلل الرباني المحبوب والحبيب اذا لم يبلغه فلا يقبل منه ابلاغه الرسالة فكيف بنا نحن العصاة ان لم نقبل ما انزل الى الرسول والذي يكون اهم من الرسالة بحيث لولاه لما قبل منه تبليغ الرسالة
ثم يا حاج الامر الاهم في القسم الاخر من الاية حيث :