منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - أصول العقيدة (1)
الموضوع: أصول العقيدة (1)
عرض مشاركة واحدة

زائر الأربعين
عضو مجتهد

رقم العضوية : 8240
الإنتساب : Feb 2010
المشاركات : 94
بمعدل : 0.02 يوميا
النقاط : 189
المستوى : زائر الأربعين is on a distinguished road

زائر الأربعين غير متواجد حالياً عرض البوم صور زائر الأربعين



  مشاركة رقم : 6  
كاتب الموضوع : زائر الأربعين المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 26-Jan-2013 الساعة : 06:14 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


يجب الإذعان بكل حقيقة دينية إجمالاً أو تفصيلاً

نعم إذا قام الدليل عليها - بنَحْوٍ أوجب العلْمَ بِجَعْل الله تعالى لها وتبليغ رسله بها - وجب الاعتقاد بها على نَحْوِ ما عُلِمَت.
كما يجب الاعتقاد إجمالاً بكل ما جعله الله تعالى وأنزله على رسوله، وبكل حقيقة دينية، والإذعان بذلك كله على إجماله، إذا لم يعلم بتفاصيله.
والوجه في جميع ذلك: أنه لو تمّ الدليل على وجود الله عز وجل وحصل العلم بذلك، فمقتضى العبودية له تعالى التسليم بكل ما حكم به وجعله، والتصديق بكل ما بلّغ به وبيّنه، والإذعان بجميع ذلك كما وصل،
-[ 50 ]-
إجمالاً أو تفصيلاً. والردّ لشيء مِن ذلك مضادّة له تعالى شأنه، ينافي العبودية له. بل حتى التوقف عن التسليم له لا يناسب العبودية له.
وقد أكد على ذلك القرآن المجيد، والسنّة الشريفة، في آيات كثيرة، وأحاديث مستفيضة، عن المعصومين (عليهم أفضل الصلاة والسلام).

تأكيد الكتاب والسنة على الإذعان بالحقائق الدينية

قال الله عزّ وجلّ: ((قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنزِلَ إلَينَا وَمَا أُنزِلَ إلَى إبرَاهِيمَ وَإسمَاعِيلَ وَإسحَاقَ وَيَعقُوبَ وَالأسبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَبِّهِم لاَ نُفَرِّقُ بَينَ أحَدٍ مِنهُم وَنَحنُ لَهُ مُسلِمُونَ* فَإن آمَنُوا بِمِثلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَد اهتَدَوا وَإن تَوَلَّوا فَإنَّمَا هُم فِي شِقَاقٍ فَسَيَكفِيكَهُم اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ)) (1).
وقال جلّ شأنه: ((آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إلَيهِ مِن رَبِّهِ وَالمُؤمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَينَ أحَدٍ مِن رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعنَا وَأطَعنَا غُفرَانَكَ رَبَّنَا وَإلَيكَ المَصِيرُ)) (2).
وقال سبحانه وتعالى: ((إنَّ الَّذِينَ يَكفُرُونَ بِالله وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أن يُفَرِّقُوا بَينَ الله وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤمِنُ بِبَعضٍ وَنَكفُرُ بِبَعضٍ وَيُرِيدُونَ أن يَتَّخِذُوا بَينَ ذَلِكَ سَبِيلاً* أُولَئِكَ هُم الكَافِرُونَ حَقّاً وَأعتَدنَا لِلكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِينا)) (3)... إلى غير ذلك من الآيات الكريمة.
ـــــــــــــــــــــــ
(1) سورة البقرة آية: 136ـ137.
(2) سورة البقرة آية: 285.
(3) سورة النساء آية: 150ـ151.
-[ 51 ]-
وقد روي بطرق متعددة عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: "الإسلام هو التسليم..." (1).
وفي صحيح الباهلي: "قال أبو عبد الله (عليه السلام) : لو أنّ قوماً عبدوا الله وحده لا شريك له، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وحجوا البيت، وصاموا شهر رمضان، ثم قالوا لشيء صنعه الله أو صنعه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) :
أَلا صَنَعَ خِلافَ الذي صَنَع، أو وَجَدُوا ذلك في قلوبهم لكانوا بذلك مُشْرِكين. ثم تلا هذه الآية: ((فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَينَهُم ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أنفُسِهِم حَرَجاً مِمَّا قَضَيتَ وَيُسَلِّمُوا تَسلِيما)). ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام) :
عليكم بالتسليم" (2).
فإذا كان الإنكار على ما جعله الله تعالى وعدم الرضا به منافياً للإيمان، فكيف بإنكاره رأساً وعدم الإذعان والاعتقاد به؟!
وفي حديث كامل التمار: "قال أبو جعفر (عليه السلام) : ((قَد أفلَحَ المُؤمِنُونَ)) أتدري مَن هم؟ قلت: أنت أعلم. قال: قد أفلح المؤمنون المسلّمون. إنّ المسلّمين هم النجباء. فالمؤمن غريب، فطوبى للغرباء" (3).
وفي حديث يحيى بن زكريا الأنصاري عن الإمام الصادق (عليه السلام) : "سمعته يقول: مَن سَرّه أن يستكمل الإيمان كله فليقل:
القَوْلُ منِّي في جميع الأشياء قَوْلُ آلِ محمدٍ فيما أسَرُّوا وما أعْلَنُوا، وفيما بَلَغَنِي عنهم وفيما لم يَبْلُغْنِي" (4).
ـــــــــــــــــــــــ
(1) الكافي 2: 45 / وبحار الأنوار 67: 309ـ313.
(2) الكافي 1: 390.
(3)، (4) الكافي 1: 391.
-[ 52 ]-
وحيث كان عندهم (عليهم السلام) جميع ما أنزل الله تعالى فالتسليم لهم تسليمٌ به كله... إلى غير ذلك من الأحاديث الشريفة الدالّة على وجوب التسليم لله عز وجل وللنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وللأئمة (عليهم السلام).
فاللازم الحذر كل الحذر من إنكار الشيء، أو الإنكار عليه، واستبشاعه - بعد ثبوته عن الله تعالى بالطرق التي مِن شأنها أن توجب العلم- لغرابته أو لبعض الوجوه الاستحسانية، والاجتهادات والتخرُّصات، أو لغير ذلك.

لابد في الاعتقاد مِن قيام الدليل الكافي

نعم، لابد في الاعتقاد بالشيء والإذعان به من قيام الدليل عليه، وحصول العلم به، ويحرم التسرع في ذلك ظنّاً وتخرُّصاً من دون بيّنة وبصيرة، كما سبق. وهو افتراء على الله تعالى، بل أقبح الافتراء ومن أعظم المحرمات، بضرورة الدين.
قال الله تعالى: ((وَلاَ تَقْفُ مَا لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ إنَّ السَّمعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنهُ مَسؤُولا)) (1).
وقال عزّ وجلّ: ((وَلَو تَقَوَّلَ عَلَينَا بَعضَ الأقَاوِيلِ* لأخَذنَا مِنهُ بِاليَمِينِ* ثُمَّ لَقَطَعنَا مِنهُ الوَتِينَ* فَمَا مِنكُم مِن أحَدٍ عَنهُ حَاجِزِينَ)) (2).
وقال سبحانه: ((قُل إنَّ الَّذِينَ يَفتَرُونَ عَلَى الله الكَذِبَ لاَ يُفلِحُونَ* مَتَاعٌ فِي الدُّنيَا ثُمَّ إلَينَا مَرجِعُهُم ثُمَّ نُذِيقُهُم العَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا
ـــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الإسراء آية: 36.
(2) سورة الحاقة آية: 44ـ47.
-[ 53 ]-
يَكفُرُونَ)) (1). ووضوح ذلك يغني عن استكثار الأدلة عليه.
وكما يحرم الاعتقاد بالشيء مِن دون دليل عليه، يحرم أيضاً الاعتقاد بعدمه مِن دون دليل، لأنه افتراء أيضاً وقوْلٌ بغير علم.
وكما يحتاج الإثبات إلى دليل يحتاج النفي إلى دليل. ولا يكفي في نَفْي الشيء عدم وجدان الدليل عليه، بل اللازم التوقف حتى يتضح الحال إثباتاً أو نفياً بدليل وافٍ وبرهان كافٍ، يصلح عذراً بين يدي الله تعالى يوم يعرضون عليه، ويوقفون للحساب بين يديه.
واللازم مع الشك التوقف والاكتفاء بالإيمان الإجمالي والاعتقاد بما جعله الله تعالى في الواقع، على ما هو عليه، كما سبق، ويبقى الجهل عذْرًا، وملزماً بالتوقف عن الاعتقاد التفصيلي.
وقد سبق أنه لا يجب تكلّف الفحص لمعرفة الحقيقة تفصيلاً مِن أجل الاعتقاد بها قلباً والإقرار بها لسانًا، إلا في أصول الدين التي هي موضوع حديثنا هذا، حيث لا يكفي فيها الاعتقاد الإجمالي، بل يجب الفحص عنها من أجل الاعتقاد بها تفصيلاً.
وعلى ذلك يقع الكلام في تلك الأصول في خمسة مقاصد.
ـــــــــــــــــــــــ
(1) سورة يونس آية: 69ـ70.


رد مع اقتباس