منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - أصول العقيدة(3)في النبوة والرسالة
عرض مشاركة واحدة

زائر الأربعين
عضو مجتهد

رقم العضوية : 8240
الإنتساب : Feb 2010
المشاركات : 94
بمعدل : 0.02 يوميا
النقاط : 189
المستوى : زائر الأربعين is on a distinguished road

زائر الأربعين غير متواجد حالياً عرض البوم صور زائر الأربعين



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي أصول العقيدة(3)في النبوة والرسالة
قديم بتاريخ : 05-Feb-2013 الساعة : 09:51 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


(يقول المرجع السيد الحكيم حفظه الله) :
-[ 81 ]-

المقصد الثاني
في النبوة والرسالة

وهي نبوة نبينا (محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم) (صلى الله عليه وآله وسلم)، الخاتمة للنبوات، ورسالته المُهَيْمِنَة على الرسالات.
وقبل النظر في أدلتها وطرق إثباتها يحسن التعرض لأمرين في مبحثين:

المبحث الأول
في الحاجة إلى الرسل

خلق الله سبحانه وتعالى في الإنسان والحيوان مجموعة من الغرائز لِنَظْم وضْع حياتهم. غير أنّ الحيوان قد نظمت فيه تلك الغرائز تلقائيّاً ضمن حدود يصلح أمره بها نَوْعًا، ولا يتجاوزها.
أما الإنسان فهو مطلق العنان في الجَرْي على غرائزه والاندفاع وراءها، إلا أن الله سبحانه وتعالى قد منحه قوة العقل والتمييز التي يستطيع بها
-[ 82 ]-
التحكم في تلك الغرائز والسيطرة عليها، مع سعة أفق وانفتاح على الواقع، يستطيع أن يقطع به شوطاً بعيداً في الرقي والتقدم في كل جانب يتوجه إليه.
وبذلك صار مؤهلاً للصعود في مدارج الكمال - ليبلغ القمة في المُثُل والأخلاق والنقاء والطهارة - إنْ أعمل عقله وحكمه في أمره.
كما أنه مؤهل للهبوط في حضيض الجريمة والرذيلة والهمجية إن لم يحكم عقله، وأطلق العنان لغرائزه وشهواته، من دون قيد وشرط.

تميُّز الإنسان بالعقل يناسب تأهُّله للتكليف

وحين ميّز الله سبحانه وتعالى الإنسان بالعقل، وفضله به على الحيوان، وجعله بسببه مؤهلاً لأن يكون مورداً للمسؤولية، كان ذلك منه تعالى مُؤْذِناً بإعداده لمهمة خطيرة تتناسب مع هذه النعمة الجليلة، وهي رفعه إلى مستوى الخطاب والتكليف منه تعالى، وما يستتبعه من حساب وعقاب وثواب، من أجل أن ينتفع بنعمة العقل، ويستغلها على أفضل وجوهها.
ولا يتم ذلك إلا بإرساله تعالى الرسل للناس، ليبلغوا الناس بتكاليفه ويحملوهم مسؤوليته. ثم يدعمهم بالآيات والبينات والحجج الواضحة التي تلزم الناس بتصديقهم والإذعان لهم.

قاعدة اللطف تقتضي بعْث الأنبياء

بل مقتضى قاعدة اللطف التي قررها علماء الكلام وجوبُ إرسال الأنبياء على الله عز وجل، لا بمعنى كونه سبحانه مُلْزَماً بذلك مِن قِبَل
-[ 83 ]-
أحد، وطرفاً للمسؤولية أمامه، بحيث يحاسبه لو لم يفعله، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ((لاَ يُسألُ عَمَّا يَفعَلُ وَهُم يُسألُونَ)) (1).
بل بمعنى: أنّ كماله المطلق وحكمته يستلزمان لُطْفَه على العباد بذلك، فهو لازمٌ عليه عزّ وجلّ بمقتضى كماله وحكمته، لا بإلزامِ مُلزِمٍ وحسابِ محاسِبٍ.
ويتضح ذلك بالنظر إلى أمور:
1ـ ما أشرنا إليه آنفاً مِن عدم تحديد فاعليّة الغرائز في الإنسان تلقائيًّا- كما في الحيوان - بل هو مطلق العنان فيها، وقد يغرق في متابعتها بنحوٍ يضر به وبالمجتمع الإنساني، ضرراً قد يبلغ حدّ الفساد، بل التدمير، ويُجانِب المُثُل والخلق والفضيلة، منحدراً في حضيض الخسة والهمجية والرذيلة.
2ـ تأهُّله بسبب نعمة العقل والتمييز للسيطرة على غرائزه، والصعود في مدارج الكمال، ليبلغ القمة في الخير والصلاح والطهارة والعفة والمثل والأخلاق.
3ـ نقْصُه الذاتي وجهْلُه بما يصلحه كفَرْد،ٍ فضْلاً عما يصلح المجتمع الإنساني، وينظم أمره بالوجه الأكمل. وهو أمر ظاهر لا يحتاج إلى برهان.
ويتجلى بوضوح بالنظر للأنظمة الوضعية التي هي من صنع البشر، حيث لم تقوَ على معالجة مشاكل الناس ونظم أمرهم، بل انقلبت في كثير من الأحيان إلى أداة يستغلها القوي ضدّ الضعيف باسم القانون. ومازالت
ـــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الأنبياء آية: 23.
-[ 84 ]-
مشاكل المجتمع الإنساني في هذه المعمورة في تزايد وتناقضات، قد تصل بحدتها للانفجار والتدمير.
ومن أجل ذلك كله يكون مقتضى حكمة الله تعالى ورحمته بعباده أن يأمرهم بالخير، وينهاهم عن الشرّ، ويعرفهم ما فيه صلاحهم، ويهديهم سبل الرشاد، لأنه العالم بجميع ذلك، المحيط به.
ثم يجعل الثواب على طاعته، والعقاب على معصيته، ليكون أَدْعَى للمتابعة، وليؤدي العقل دوره الأكمل في تحمل المسؤولية.
ولو تركهم وما يريدون - من دون أن يرشدهم ويكلّفهم - يكون قد حرمهم نعمة الإرشاد والصلاح مع شدة حاجتهم له، ولم يقْوَ العقل على أن يؤدي وظيفته، ويكون مَنْحُه للإنسان عبثاً خالياً عن الفائدة، بل يصير وبالاً عليه، لأنه يزيد في طاقاته وقدراته على الشرّ والفساد من دون رادع ولا وازع، وذلك لا يناسب حكمة الله تعالى ورحمته لعباده ورأفته بهم.
ولعله إلى هذا يشير قوله عزّ وجلّ: ((وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدرِهِ إذ قَالُوا مَا أنزَلَ اللهُ عَلَى بَشَرٍ مِن شَيءٍ)) (1)، وقوله جلّ شأنه: ((أفَحَسِبتُم أنَّمَا خَلَقنَاكُم عَبَثاً وَأنَّكُم إلَينَا لاَ تُرجَعُونَ)) (2).

إرشاد الناس منحصر بإرسال الرسل

هذا وحيث كان الله عزّ وجلّ متعالياً عن خلقه لا يخالطهم ولا
ـــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الأنعام آية: 91.
(2) سورة المؤمنون آية: 115.
-[ 85 ]-
يعاشرهم، فلابد مِن أن يرسل إليهم رسلاً منهم يخالطونهم ويخاطبونهم، ينبؤون عنه، ويبلغونهم بأمره ونهيه وعزائمه ورخصه.كما قال عزّ اسمه: ((رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيم)) (1).
وفي حديث الفضل بن شاذان في علل الشرائع عن الإمام الرضا (عليه السلام) : "فإنْ قال قائل: لِـمَ أُمِر الخلق بالإقرار بالله وبرسله وبحججه وبما جاء من عند الله عزّ وجلّ؟
قيل: لعلل كثيرة..
منها: أنّ مَن لم يقر بالله عزّ وجلّ لم يتجنب معاصيه، ولم ينته عن ارتكاب الكبائر، ولم يراقب أحداً في ما يشتهي ويستلذ من الفساد والظلم.
فإذا فعل الناس هذه الأشياء، وارتكب كل إنسان ما يشتهي ويهواه من غير مراقبة لأحد، كان في ذلك فساد الخلق أجمعين، ووثوب بعضهم على بعض، فغصبوا الفروج والأموال، وأباحوا الدماء والنساء [والسبي]، وقتل بعضهم بعضاً من غير حق ولا جرم، فيكون في ذلك خراب الدنيا وهلاك الخلق، وفساد الحرث والنسل.
ومنها: أن الله عزّ وجلّ حكيم، ولا يكون الحكيم ولا يوصف بالحكمة إلا الذي يحظر الفساد، ويأمر بالصلاح، ويزجر عن الظلم، وينهى عن الفواحش...
ـــــــــــــــــــــــ
(1) سورة النساء آية: 165.
-[ 86 ]-
فإنْ قال قائل: فلِمَ وجب عليهم معرفة الرسل، والإقرار بهم، والإذعان لهم بالطاعة؟
قيل: لأنه لمّا لم يكن في خلقهم وقواهم ما يكملون به مصالحهم، وكان الصانع متعالياً عن أن يُرَى، وكان ضعفهم وعجزهم عن إدراكه ظاهر، لم يكن بدّ مِن رسول بينه وبينهم، معصوم يؤدي إليهم أمره ونهيه وأدبه، ويقفهم على ما يكون به اجتلاب منافعهم ودفع مضارهم..." (1).
وهناك أحاديث أخر قد تضمنت مضامين مشابهة يضيق المقام عن ذكرها.
ـــــــــــــــــــــــ
(1) بحار الأنوار 6: 59ـ60. واللفظ له / عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 97ـ98.
-[ 87 ]-


رد مع اقتباس