منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - أصول العقيدة(3)في النبوة والرسالة
عرض مشاركة واحدة

زائر الأربعين
عضو مجتهد

رقم العضوية : 8240
الإنتساب : Feb 2010
المشاركات : 94
بمعدل : 0.02 يوميا
النقاط : 189
المستوى : زائر الأربعين is on a distinguished road

زائر الأربعين غير متواجد حالياً عرض البوم صور زائر الأربعين



  مشاركة رقم : 7  
كاتب الموضوع : زائر الأربعين المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 19-Feb-2013 الساعة : 06:34 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


-[ 137 ]-

تتميم:
لزوم الاختلاف لو كان مِن غير الله تعالى

قال الله تعالى: ((أفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرآنَ وَلَو كَانَ مِن عِندِ غَيرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اختِلاَفاً كَثِيرا)) (1). وقد يستظهر من ذلك بدْواً أنّ الكتاب الصادر من غير الله تعالى لابدّ أن يشتمل على الاختلاف والتناقض الكثير.
مع أنّ ذلك لا يخلو مِن خفاء، إذ كثيراً ما تكون الكتب الصادرة من البشر متناسقة نسبيًّا، لا يظهر فيها الاختلاف، أو يكون الاختلاف فيها خفيّاً لا يلتفت له إلا الناقد المتبصر.
وكلما كان صاحب الكتاب أرفع مستوى وأشد تمرُّساً في العلم، كان الاختلاف عن كتابه أبعد، خصوصاً إذا أعاد النظر فيه، وحاول نقده وتهذيبه.
وربما يجاب عن ذلك بوجهين:
أحدهما: أن القرآن الكريم حيث نسبه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الصادع به لله تعالى، وهو سبحانه القادر الحكيم، فلو لم يكن من عنده وقد افترى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بنسبته له جلّ شأنه، لكان مقتضى حكمته عزّ وجلّ أن يخذل المفتري ويوقع الاختلاف الكثير في الكتاب الذي يأتي به، ليكون دليلاً
ـــــــــــــــــــــــ
(1) سورة النساء آية: 82.
-[ 138 ]-
ظاهراً على كذبه مانعاً من تصديق الناس به، رفعاً للشبهة وإتماماً للحجة.
لأن الحكمة كما تقتضي تأييد الصادق بالحجة والبرهان والمعجز، تقتضي خذلان الكاذب، وجعله بحالٍ لا يمكن عقلاً تصديقه على الله تعالى، بل تضطر العقول إلى تكذيبه، لئلا يلتبس الأمر على ضعاف الناس، ويجوز تمويهه عليهم، بنحو يعذرون فيه.
وهو مناسب للواقع الخارجي، فإن العهدين القديم والجديد اللذين عليهما تعتمد الديانتان اليهودية والنصرانية المعاصرتان، وتريان تمثيلهما دين الله الحق، قد تضمنا تناقضات عجيبة، وأموراً منكرة، ومخزيات فظيعة تظهر لكل ذي إدراك سوي. ولا مبرر لوجودها فيهما لولا خذلان الله تعالى، من أجل تنبيه الناس تثبيتاً لحكمته، وإتماماً لحجته.
وكذا الحال في بعض ما اطلعنا عليه من الكتب المفتعلة في العصور القريبة، فإنها من الاضطراب والهبوط في مستواها بحدٍّ لا يرضى ذو الكرامة والرشد بنسبتها له، فضلاً عن نسبتها لله جلّ شأنه: ((قُل فَللّهِ الحُجَّةُ البَالِغَةُ فَلَو شَاءَ لَهَدَاكُم أجمَعِينَ)) (1).
ثانيهما: ما ذكره بعضهم من أن القرآن المجيد لم ينزل ولم يعلن للناس كتاباً مجموعاً منسقًا، بعد نقد وتمحيص، وإنما نزل نجوماً متفرقة في ضمن ثلاث وعشرين سنة، وفي ظروف متباينة أشد التباين، وبمناسبات مختلفة سنخاً وهدفًا، وكثير منها مفاجئات غير محتسبة، ليهيأ لها من الحديث ما
ـــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الأنعام آية: 149.
-[ 139 ]-
يناسبها بروية وإمعان.
ومثل هذا الحديث المتفرق المختلف الأهداف يكون معرضاً للاختلاف الكثير والاضطراب والتدافع لو صدر من البشر المعرض للغفلة والخطأ وعدم الاستيعاب والإحاطة.
فعدم ظهور الاختلاف في القرآن المجيد شاهد بصدوره عن الله عز وجل المنزه عن الغفلة والخطأ والمحيط بكل شيء.
هذا ما تيسر لنا من الحديث عن إعجاز القرآن المجيد وشواهد صدقه. والظاهر أنّا لم نوف الموضوع حقه. وإن كان القرآن الكريم قد فرض نفسه بنحو يستغني عن الاستشهاد له والدفاع عنه. ((وَتَـمَّت كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدقاً وَعَدلاً لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ)) (1).
ـــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الأنعام آية: 115.
-[ 141 ]-


رد مع اقتباس