منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - في أداب القيام ...
عرض مشاركة واحدة

سليلة حيدرة الكرار
الصورة الرمزية سليلة حيدرة الكرار
مشرفة
رقم العضوية : 3576
الإنتساب : Jan 2009
الدولة : جنة الإمام الحسين عليه السلام
المشاركات : 3,167
بمعدل : 0.53 يوميا
النقاط : 324
المستوى : سليلة حيدرة الكرار is on a distinguished road

سليلة حيدرة الكرار غير متواجد حالياً عرض البوم صور سليلة حيدرة الكرار



  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : سليلة حيدرة الكرار المنتدى : ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان"> ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان
افتراضي
قديم بتاريخ : 09-Jul-2013 الساعة : 01:56 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


السلام على جوهرة العصمة وفريدة الرحمة سيدتنا ومولاتنا الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بظهور قائمهم والعن أعدائهم لعنة دائمة إلى يوم الدين



في آداب القيام
الفصل الثاني
وهي أن يرى السالك نفسه حاضرا في محضر الحق ويعلم أن العالم محضر الربوبية ويحتسب نفسه من حضّار المجلس بين يدي الله ويوصل إلى قلبه عظمة الحاضر والمحضر ويفهم القلب أهمية المناجاة مع الحق تعالى وخطره ويحضّر قلبه قبل الورود في الصلاة بالتفكر والتدبّر ويفهمه عظمة المطلب ويلزمه بالخضوع والخشوع والطمأنينة والخشية والخوف والرجاء والذل والمسكنة إلى آخر الصلاة ويشارط القلب أن يراقب هذه الامور ويحافظ عليها ويتفكر ويتدبر في أحوال أعاظم الدين وهداة السبل أنهم كيف كانت حالاتهم في الصلاة وكيف كانوا يتعاملون مع مالك الملوك ويتخذ من أحوال أئمة الهدى أسوة لنفسه ويتأسى بهؤلاء الاعاظم ولا يكتفي من تاريخ حياة أعاظم الدين وأئمته بسنة وفاتهم ويومها وسنة تولدهم ويومه ومقدار أعمارهم الشريفة وأمثال تلك من الامور التي لا تترتب عليها فائدة جليلة بل يكون عمدة سيره في سيرهم الايماني والعرفاني وسلوكهم، كذلك انه كيف كانت معاملتهم في العبودية وكيف كان مشيهم في السير إلى الله وأي مقدار كانت مقاماتهم العرفانية التي تستفاد من كلماتهم الاعجازية فيا أسفا، انّنا نحن أهل الغفلة وسكر الطبيعة والمغرورون بالآمال خلفاء الشيطان الخبيث في جميع الامور ولا نستيقظ أبدا من النوم الثقيل ولا نخرج عن النسيان الكثير وان استفادتنا من مقامات أئمة الهدى ومعارفهم قليلة، بل ولا شيء يذكر أصلا واكتفينا من تاريخ حياتهم بالقشر والصورة وصرفنا النظر بالكلية عما هو غاية لبعثة الانبياء . وفي الحقيقة ينطبق علينا المثل المعروف (استسمن ذو ورم). ونحن نذكر في هذا المقام بعض الروايات الواردة في هذا الباب فلعله يحصل التذكر لبعض الاخوان المؤمنين والحمد لله وله الشكر.
عن محمد بن يعقوب بإسناده عن أبي عبدالله قال: " كان علي بن الحسين عليهما السلام اذا قام إلى الصلاة تغيّر لونه فاذا سجد لم يرفع رأسه حتى يرفض عرقا ".
وباسناده عنه قال: "كان أبي يقول كان علي بن الحسين اذا قام إلى الصلاة كأنه ساق شجرة لا يتحرك منه شيء الا ما حركت الريح منه ".
وعن محمد بن علي بن الحسين في العلل باسناده عن ابان بن تغلب قال: " قلت لابي عبدالسلام اني رأيت علياً بن الحسين اذا قام إلى الصلاة غشي لونه لون آخر، فقال لي والله ان علياً بن الحسين كان يعرف الذي يقوم بين يديه ".
وعن السيد علي بن طاووس في فلاح السائل في حديث فقال أبو عبدالله : " لاتتم الصلاة الا لذي طهر سابغ وتمام بالغ غير نازغ ولا زائغ عرف فوقف وأخبت فثبت فهو واقف بين اليأس والطمع والصبر والجزع كأنّ الوعد له صنع والوعيد به وقع يذل عرضه ويمثل عرضه وبذل في الله المهجة وتنكب اليه المهجة غير مرتغم بارتغام يقطع علائق الاهتمام بعين من له قصد واليه رفد ومنه استرفد فاذا أتى بذلك كانت هي الصلاة التي بها أمر وعنها أخبر وانها هي الصلاة التي تنهي عن الفحشاء والمنكر ". الحديث.
وعن محمد بن يعقوب باسناده إلى مولانا زين العابدين انه قال: " وأمّا حقوق الصلاة فإن تعلم أنه وفادة إلى الله وانك فيها قائم بين يدي الله فاذا علمت ذلك كنت خليقا أن تقوم فيها مقام العبد الذليل الراغب الراهب الخائف الراجي المسكين المتضرع المعظم مقام من يقوم بين يديه بالسكينة والوقار وخشوع الاطراف ولين الجناح وحسن المناجاة له في نفسه والطلب اليه في فكاك رقبته التي أحاطت بها خطيئته واستهلكتها ذنوبه، ولا قوة الا بالله ".
وعن النبي :" اعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك ".
وعن فقه الرضا : " فاذا أردت أن تقوم إلى الصلاة فلا تقم اليها متكاسلا ولا متناعسا ولا مستعجلا ولا متلاهيا ولكن تأتيها على السكون والوقار والتؤدة (التؤدة: بضم التاء كهمزة من الوئيد وهي السكون والرزانة والتأني " مجمع البحرين ".) وعليك الخشوع والخضوع، متواضعا لله عزّ وجلّ متخاشعا عليك الخشية وسيماء الخوف راجيا خائفا بالطمأنينة على الوجل والحذر فقف بين يديه كالعبد الآبق المذنب بين يدي مولاه فصف قدميك وانصب نفسك ولا تلتفت يمينا وشمالا وتحسب كأنك تراه فإن لم تكن تراه فانه يراك " الحديث.
وفي عدة الداعي روى " ان ابراهيم كان يسمع تأوّهه على حدّ ميل حتى مدحه الله بقوله: إنّ ابراهيم لحليم أوّاه منيب وكان في صلاته يسمع له أزيز (أزيز: صوت غليان القدر.) كأزيز المرجل (المرجل: قدر من النحاس.) وكذلك يسمع من صدر سيدنا رسول الله مثل ذلك وكانت فاطمة تنهج في الصلاة من خيفة الله " إلى غير ذلك من الاخبار.
والاخبار الشريفة في هذه الموضوعات أكثر من أن تسعها هذه الرسالة، وفي التفكر فيما ذكر منها كفاية لاهل التذكر والتفكر بالنسبة إلى الاداب الصورية وبالنسبة إلى الاداب القلبية والمعنوية وكيفية القيام بين يدي الله.
وتفكر في حالات علي بن الحسين ومناجاته مع الحق تعالى وأدعيته اللطيفة التي تعلّم آداب العبودية لعباد الله تعالى، لا أقول أن مناجاتهم كانت لتعليم العباد فإن هذا الكلام بلا مغزى وباطل صادر من الجهل لمقام الربوبية، ومعارف أهل البيت فإن خوفهم وخشيتهم كانت أكثر من جميع الناس وقد تجلت عظمة الحق وجلاله في قلوبهم أكثر من الكل ولكني أقول: لابد أن يتعلم عباد الله منهم كيفية العبودية والسلوك إلى الله تعالى، فاذا قرأوا أدعيتهم ومناجاتهم فلا تكون القراءة لقلقة اللسان بل يتفكرون في كيفية تعاملهم مع الحق وإظهارهم التذلل والعجز والحاجة للذات المقدسة ولعمر الحبيب أن علي بن الحسين من أعظم النعم منّ بها ذات الحق المقدسة على عباده وأنزله من عالم القرب والقدس لاجل تفهيم عباده طرق العبودية ولتسألنّ يومئذ عن النعيم.. واذا سئلنا لماذا ما قدّرنا هذه النعمة وما استفدنا من هذا الرجل العظيم؟ فلا تحير جوابا غير أن ننكس برؤوسنا ونحترق بنار الندامة والاسف ولا ينفع حينذاك الندم.
فيا أيها العزيز، فالآن لك الفرصة والعمر العزيز الذي هو رأس مالك موجود وطريق السلوك إلى الله مفتوح وأبواب رحمة الحق مفتوحة والسلامة وقوة الاعضاء والقوى مستقرّة ودار زرع عالم الملك قائمة، فاصرف همّتك واعرف قدر هذه النعم الالهية واستفد منها وتحصّل الكمالات الروحانية والسعادات الازلية والابدية وخذ نصيبا من هذه المعارف الكثيرة التي بسطها القرآن الشريف السماوي وأهل بيت العصمة على بسيط أرض الطبيعة المظلمة ونوّروا العالم بالانوار الساطعة الالهية فنوّر أرض طبيعتك المظلمة بالنور الالهي ونوّر بنور الحق تعالى بصرك وسمعك ولسانك وسائر القوى الظاهرة والباطنة وبدّل هذه الارض الظلمانية إلى أرض نورانية بل إلى سماء عقلانية ففي يوم تبدّل الارض غير الارض وان لم تتبدل أرضك غير الارض ولم تتنور بنور الرب فلك ظلمات ومشقات وأنواع الوحشة والظلمة والذلة والعذاب، فالان القوى الظاهرة والباطنية لنا مظلمة بالظلمات الشيطانية وأنا أخشى من أنه ان بقيا على هذه الحال فبالتدريج تتبدل الارض الهيولانية التي فيها نور الفطرة أرضا سجّينيّة مظلمة خالية من نور الفطرة ومحجوبة عن جميع أحكام فطرة الله وتلك شقاوة ليس بعدها سعادة وظلمة لا يعقبها نور ووحشة لا ترى وجه الاطمئنان وعذاب ليس وراءه راحة فمن لم يجعل الله له نورا فما له من نور.. أعوذ بالله من غرورات الشيطان والنفس الامّارة بالسوء فإن عمدة المقصد والمقصود للانبياء العظام وتشريع الشرائع وتأسيس الاحكام ونزول الكتب السماوية وخصوصا القرآن الشريف الجامع الذي صاحبه ومكاشفه نور الرسول الخاتم المطهّر هي نشر التوحيد والمعارف الالهية وقطع جذور الكفر والشرك والحول وعبادة إلهين اثنين وسر التوحيد والتجريد سار وجار في جميع العبادات القلبية والقالبية بل كان يقول الشيخ العارف الكامل شاه آبادي روحي فداه: ان العبادات اجراء التوحيد من باطن القلب إلى ملك البدن.
وبالجملة: النتيجة المطلوبة من العبادات هي تحصيل المعارف وتمكين التوحيد وسائر المعارف في القلب، وهذا المقصد لا يحصل الا بأن يستوفي السالك الحظوظ القلبية للعبادات ويعبر من الصورة والقالب إلى الحقيقة واللبّ ولا يتوقف في الدنيا والقشر فإن الوقوف في هذه الامور أشواك في طريق سلوك الانسانية، والذين يدعون إلى الصورة فقط وينهون الناس عن الآداب الباطنية ويقولون أنّه لا معنى للشريعة ولا حقيقة لها سوى هذه الصورة والقشرة فهم شياطين الطريق إلى الله وأشواك سبيل الانسانية ولا بد أن يستعاذ من شرّهم إلى الله فإنهم يطفئون للانسان نور فطرة الله الذي هو نور المعرفة والتوحيد و الولاية وسائر المعارف ويسدلون عليه حجب التقليد والجهالة والعادات والاوهام ويمنعون عباد الله عن العكوف بجنابة والوصول إلى جمالة الجميل ويصدّون عن طريق المعارف ويوجهون إلى الدنيا وزخارفها والجهات المادية والجسمانية وعوارضها القلوب الصافية الطاهرة لعباد الله التي زرع في خميرتها الحق تعالى بذر المعرفة بيدي جماله وجلاله وأرسل الانبياء العظام وأنزل الكتب السماوية لتربية ذاك البذر وتنميته، ويصرفون تلك القلوب عن الروحانية والسعادات العقلية ويحصرون العوالم الغيبية والجنات الموعودة في المأكولات والمشروبات والمنكوحات وسائر المشتهيات الحيوانية، هؤلاء يظنون ان الحق تعالى اذ بسط بساط الرحمة المعظّمة وبعث الانبياء العظام لادارة البطن والفرج. وغاية معارفهم أنك اذا حفظت بطنك وفرجك في الدنيا تصل إلى شهواتها في الاخرة، فهؤلاء لا يهتمون بالتوحيد والنبوّات بمقدار ما يهمّهم الجماع الذي يكون مدّته خمسمئة سنة !! ويحسبون جميع المعارف مقدمة لتأمين البطن والفرج، واذا أراد حكيم الهي أو عارف ربّاني أن يفتح إلى عباد الله بابا من الرحمة ويقرأ لهم درسا من الحكمة الالهية لا يمتنعون عن أيّة تهمة وغيبة وأيّ سبّ وتكفير، بالنسبة إلى هؤلاء وقد انغمروا في الدنيا الى حد ويهتمون بشهوات بطونهم وفروجهم إلى غاية لا يحبّون من حيث لا يشعرون أن تكون في دار التحقق سعادة سوى الشهوات الحيوانية مع أنه لو كانت في العالم سعادات عقلية فلا تضر بطنهم وفرجهم فأمثالنا ممّن لم يتجاوزوا حد الحيوانية ولا يتيسّر لنا غير الجنّة الجسمانية وادارة البطن والفرج، وهي أيضا نأملها بتفضّل الله سبحانه ولكن لا نظنّ أن السعادة منحصرة فيها. وجنة الحق تعالى محصورة بهذه الجنة الحيوانية، بل للحق تعالى عوالم لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب أحد، وان أهل المحبة الالهية ومعرفة الله سبحانه لا يعتنون بشيء من تلك الجنّات ولا يتوجّهون إلى عالم الغيب والشهادة وأنّ لهم جنة اللقاء، وان أردنا أن نذكر الآيات القرآنية والاحاديث الواردة عن أهل بيت العصمة في هذا الباب لكان مخالفا لوضع هذه الرسالة، وهذا المقدار ايضا كان من طغيان القلم والمقصود العمدة هو توجيه قلوب عباد الله لما خلقوا له وهو معرفة الله سبحانه التي هي فوق جميع السعادات وليس شيء مقدماً عليها وليس مقصودنا من الذين هم أشواك سلوك الطريق علماء الاسلام العظام وفقهاء المذهب الجعفري الكرام عليهم رضوان الله بل بعض الجهلة والمنتحلين للعلم فانهم من جهة القصور والجهل لا التقصير والعناد صاروا قطاع طريق عباد الله، وأعوذ بالله من شر طغيان القلم والنيّة الفاسدة والمقصود الباطل. والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا.
نسألكم الدعاء لنا ولوالدينا


توقيع سليلة حيدرة الكرار

تركت الخلق طـراً في هـواك
وأيتمت العيــال لــكي أراك
فلـو قطعتني في الحب إربــا
لمـا مـال الفــؤاد إلى سواك



رد مع اقتباس