منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - نبذة من آداب القراءة في خصوص الصلاة
عرض مشاركة واحدة

سليلة حيدرة الكرار
الصورة الرمزية سليلة حيدرة الكرار
مشرفة
رقم العضوية : 3576
الإنتساب : Jan 2009
الدولة : جنة الإمام الحسين عليه السلام
المشاركات : 3,167
بمعدل : 0.53 يوميا
النقاط : 324
المستوى : سليلة حيدرة الكرار is on a distinguished road

سليلة حيدرة الكرار غير متواجد حالياً عرض البوم صور سليلة حيدرة الكرار



  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : سليلة حيدرة الكرار المنتدى : ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان"> ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان
افتراضي
قديم بتاريخ : 13-Jul-2013 الساعة : 10:57 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


السلام على جوهرة العصمة وفريدة الرحمة سيدتنا وولاتنا الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بظهور قائمهم والعن أعدائهم لعنة دائمة إلى يوم الدين


الفصل الثالث
في أركان الاستعاذة
وهي أربعة:
الأول: المستعيذ. الثاني: المستعاذ. الثالث: المستعاذ به. الرابع: المستعاذ لأجله.
اعلم أن لهذه الأركان تفصيلات كثيرة خارجة عن مجال هذه الأوراق ونحن نكتفي بذكر مختصر منها.
الركن الأول في المستعيذ:
وهو الحقيقة الإنسانية من أول منزل السلوك إلى الله إلى منتهى النهاية للفناء الذاتي، وإذا تم الفناء المطلق هلك الشيطان وتمت الاستعاذة. وتفصيل هذا الإجمال أن الإنسان ما دام مقيما في بيت النفس والطبيعة ولم يشتغل بالسفر الروحاني والسلوك إلى الله وهو تحت السلطنة الشيطانية بجميع شؤونها ومراتبها لم يلتبس بحقيقة الاستعاذة وقلقلة اللسان بلا فائدة بل هي تثبيت وتحكيم للسلطنة الشيطانية إلا بالتفضل والعناية الإلهية، فإذا تلبس بالسير والسلوك إلى الله وشرع في السفر الروحاني فما دام هو في السير والسلوك فكل ما كان مانعا له من هذا السفر وشوكا في طريقه فهو شيطان سواء أكان من القوى الروحانية الشيطانية أم من الجن والأنس لأن الجن والأنس أيضا إذا كانت شوكة الطريق ومانعة السلوك إلى الله فبتأييد الشيطان وتصرفه كما أشار إليه سبحانه وتعالى في سورة الناس المباركة حيث يقول: " من شرّ الوسواس الخنّاس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنّة والناس "(الناس - 4 - 5 - 6) فالشيطان إن كان جنّا فيستفاد من الآية الشريفة إن الوسواس الخنّاس الذي هو الشيطان جنّ وأنس أحدهما بالأصالة والآخر بالتبعية، وان كان الشيطان حقيقة أخرى شبيهة للجنة فيعلم من الآية الشريفة أن هذين النوعين يعني الجن والأنس أيضا تمثّلات شيطانية ومظاهره، وقد أشار إلى هذا المعنى في آية أخرى أيضا حيث يقول: " شياطين الأنس والجن "(الأنعام - 112) وقد أشار سبحانه في هذه السورة المباركة إلى الأركان الأربعة المذكورة كما هو ظاهر.
وبالجملة الإنسان قبل شروعه في السلوك إلى الله ليس مستعيذا وبعد تمام سيره، وبعد أن لم يبق من آثار العبودية شيء ونال الفناء الذاتي المطلق فلا يبقى أثر من الاستعادة والمستعاذ منه والمستعيذ ولا يكون في قلب العارف شيء سوى الحق والسلطنة الإلهية، وليس له خبر من قلبه ولا من نفسه أيضا، وأعوذ بك منك أيضا ليس في هذا المقام فإذا أتاه الصحو والأنس والرجوع تكون الاستعاذة حقيقة أيضا ولكن لا كاستعاذة السالك. ولهذا أمر الرسول الخاتم ( وسلم) أيضا بالاستعاذة كما قـال الله تعالى: " قل أعوذ برب الفلــق "(الفلق - 1) و " قل أعوذ برب الناس "(الناس - 1). و " قل أعوذ من همزات الشياطين وأعوذ بك ربّ أن يحضرون"(المؤمنون - 97 - 98). فالإنسان ليس مستعيذا في مقامين أحدهما قبل السلوك وهو حالة الاحتجاب المحض تحت تصرف الشيطان وسلطنته، والآخر بعد ختم السلوك وحصول الفناء المطلق، لأنه لا يكون ثمة خبر من المستعيذ والمستعاذ له والاستعاذة.
والإنسان مستعيذ في مقامين أحدهما حال السلوك إلى الله، وهو يستعيذ من أشواك الوصول التي قعدت على الصراط المستقيم للإنسانية كما حكى سبحانه من قول الشيطان: " فما أغويتني لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم "(الأعراف - 16) والآخر في حال الصحو والرجوع من الفناء المطلق، فهو إذاً يستعيذ من الإحتجابات التلوينية وغيرها.
الركن الثاني في المستعاذ منه:
وهو إبليس والشيطان الرجيم الذي يمنع الإنسان بحبائله المتنوعة من الوصول إلى المقصد، وحصول المقصد وما ذكره بعض أعاظم أهل المعرفة من أن حقيقة الشيطان عبارة عن جميع العالم بجنبته السوائية فليس بتمام لدى الكاتب لأن الجنبة السوائية التي هي عبارة عن الصورة الموهومة العارية عن الحقيقة الخالية عن التحقق والواقعية من حبائل إبليس التي يشغل الإنسان بها، ولعله إلى ذلك أشير في قوله تعالى: " ألهيكم التكاثر حتى زرتم المقابـر"(التكاثر - 1 - 2) و إلا فنفس إبليس هي حقيقة ذات تجرّد مثالي وذات حقيقة إبليسية كليّة، هي رئيس الأبالسة وإبليس الكل أيضا، كما أن الحقيقة العقلية المجرّدة الكلية وهي آدم الأول هي عقل الكل. وإن القوى الواهمة الجزئية الملكية من مظاهر إبليس وشؤونه، كما أن العقول الجزئية شؤون العقل الكلّي ومظاهره. وتفصيل هذا المقام وتحقيقه خارج عن مجال هذه الرسالة.
وبالجملة، ما كان في هذا السلوك الإلهي والسير إلى الله مانعا من السير وشوكا في الطريق فهو الشيطان أو مظاهره التي أعمالها أيضا عمل الشيطان، وما كان من عوالم الغيب والشهود والعوارض الحاصلة للنفس
وحالاتها المختلفة حجابا لجمال المحبوب سواء أكان من العوالم الملكية الدنيوية كالفقر والغنى والصحة والمرض والقدرة والعجز والجهل والآفات والعاهات وغيرها، أو كان من العوالم الغيبية التجردية والمثالية كالجنة وجهنم، والعلم المتعلق بها حتى العلوم العقلية البرهانية الراجعة إلى توحيد الحق وتقديسه كل ذلك من حبائل إبليس التي تمنع الإنسان عن الحق والأنس به والخلوة معه وتشغله بذلك حتى الاشتغال بالمقامات المعنوية والوقوف في المدارج الروحانية الذي ظاهره الوقوف في الصراط الإنساني وباطنه الوقوف في صراط الحق الذي هو جسر روحاني لجهنم الفراق والبعد وينتهي إلى جنة اللقاء. وهذا الجسر مخصوص لطائفة قليلة من أهل المعرفة وأصحاب القلوب، وهذا الاشتغال من الحبائل العظيمة لإبليس الأبالسة و لابد من الاستعاذة منه إلى ذات الحق المقدسة جلّ شأنه.
وبالجملة، ما منعك عن الحق وحجبك عن جمال المحبوب الجميل فهو شيطانك سواء أكان في صورة الإنسان أو الجن، وكل ما يمنعك به الشياطين عن هذا المقصد والمقصود فهو حبائل الشيطان سواء كان من سنخ المقامات والمدارج أو العلوم والكمالات أو الحرف والصنائع أو العيش والراحة أو المشقة و الذلّة أو غيرها، وهذه عبارة الدنيا المذمومة وحبائل الشيطان و لابد من الاستعاذة منها. وما نقل عن رسول الله () أنه كان يقول: " أعوذ بوجه الله الكريم وبكلمات الله التي لا يجاوزهنّ بر ولا فاجر من شر ما ينزل من السماء وما يعرج فيها وشر ما ينزل من الأرض وما يخرج منها ومن شر فتن الليل والنهار ومن شر طوارق الليل والنهار إلا طارقا يطرق بخير " فلعل المقصود منه هذا المعنى والاستعاذة بوجه الله وبكلمات الله هي الاستغراق في بحر الجمال والجلال، وما منع الإنسان منه فهو من الشرور ومرتبط بعالم الشيطان ومكائده ولا بدّ من الاستعاذة منه بوجه الله سواء أكان من الحقائق الكاملة السماوية أو الناقصة الأرضية إلا أن يكون طارقا بخير وهو الطارق الإلهي الذي يدعو إلى الحق تعالى.
الركن الثالث: في المستعاذ به:
اعلم أن حقيقة الاستعاذة حيث أنها متحققة في السالك إلى الله ومتحصلة في السير والسلوك إلى الحق، بمعنى إن الاستعاذة تختص بالسالك في مراتب السلوك فتختلف الاستعاذة والمستعيذ والمستعاذ منه والمستعاذ به على حسب مقامات السائرين و لمدارجهم ومنازل سالكي الحقيقة، ويمكن أن تكون إشارة إلى ذلك السالك السورة الشريفة الناس حيث يقول تعالى: " قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس "(الناس - 1 - 2) فيستعيذ السالك بمقام الربوبية من مبادئ السلوك إلى حدود مقام القلب، ويمكن أن تكون هذه الربوبيّة، الربوبية الفعلية فتطابق أعوذ بكلمات الله التامات، فإذا انتهى سير السالك إلى مقام القلب فيظهر في القلب مقام السلطنة الإلهية فيستعيذ في هذا المقام بمقام ملك الناس من شر تصرفات إبليس القلبية وسلطنته الباطنية الجائرة، كما يستعيذ في المقام الأول من شر تصرفاته الصدرية، ولعل ما قاله تعالى " الذي يوسوس في صدور الناس "(الناس - 4). مع أن الوسوسة في القلوب والأرواح أيضا من الخناس لأن الأنسب في مقام التعريف أن يكون التعريف بالشأن العمومي والصفة الظاهرة عند الكل.
فإذا تجاوز السالك عن مقام القلب أيضا إلى مقام الروح الذي هو من النفخة الإلهية واتصاله بالحق اشّد من اتصال شعاع الشمس بالشمس فيشرع في هذا المقام مبادئ الحيرة و الهيمان والجذبة والعشق والشوق، فيستعيذ في هذا المقام بإله الناس، فإذا ترقى من هذا المقام وتكون الذات بلا مرآة الشؤون نصب عينيه، وبعبارة أخرى يصل إلى مقام السر، فالمناسب له أعوذ بك منك وفي هذه المقامات تفصيل لا يناسب هذه المقالة.
وأعلم أن الاستعاذة بسم الله لجامعيته تناسب جميع المقامات وهي في الحقيقة الاستعاذة المطلقة، وسائر الاستعاذات استعاذات مقيّدة.
الركن الرابع: في المستعاذ له، يعني غاية الاستعاذة:
اعلم أن ما هو المطلوب بالذات للإنسان المستعيذ فهو من نوع الكمال والسعادة والخير، ويتفاوت ذلك على حسب مراتب السالكين ومقاماتهم تفاوتا كثيرا. فالسالك ما دام في بيت النفس وحجاب الطبيعة تكون غاية سيره حصول الكمالات النفسانية و السعادات الخسيسة الطبيعية وهذا في مبادئ السلوك، فإذا خرج من بيت النفس وذاق شيئا من المقامات الروحانية و الكمالات التجردية فيصير مقصده أعلى و مقصوده أكمل فيلقي المقامات النفسانية وراء ظهره وتكون قبلة مقصودة حصول الكمالات القلبية و السعادات الباطنية فإذا ألفت عنان السير عن هذا المقام أيضا. ووصل إلى منزل السر الروحي فتبرز في باطنه مبادئ التجليات الإلهية ويكون لسان روحه في بادئ الأمر وجّهت وجهي لوجه الله ثم بعد ذلك وجهت وجهي لأسماء الله أو لله ثم بعد ذلك وجهت وجهي له، ولعل الجهة في وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض راجعة إلى المقام الأول بمناسبة الفاطرية.
وبالجملة، فالسالك غايته الحقيقية في كل مقام حصول الكمال والسعادة بالذات، وحيث أن مع السعادات والكمالات في كل مقام شيطانها هو لها قرين وحباله من حبائله مانعة للحصول فلا بد للسالك أن يستعيذ بالحق تعالى من ذلك الشيطان وشروره وحبائله للوصول إلى المقصود الأصلي والمنظور الذاتي، ففي الحقيقة غاية الاستعاذة للسالك حصول ذلك الكمال المترقب والسعادة المطلوبة والحق تعالى جلت عظمته غاية الغايات ومنتهى الطلبات، والاستعاذة من الشيطان تقع بالتبع. والحمد لله أولا و آخراً.
نسألكم الدعاء لنا ولوالدينا


توقيع سليلة حيدرة الكرار

تركت الخلق طـراً في هـواك
وأيتمت العيــال لــكي أراك
فلـو قطعتني في الحب إربــا
لمـا مـال الفــؤاد إلى سواك



رد مع اقتباس