منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - نبذة من آداب القراءة في خصوص الصلاة
عرض مشاركة واحدة

سليلة حيدرة الكرار
الصورة الرمزية سليلة حيدرة الكرار
مشرفة
رقم العضوية : 3576
الإنتساب : Jan 2009
الدولة : جنة الإمام الحسين عليه السلام
المشاركات : 3,167
بمعدل : 0.53 يوميا
النقاط : 324
المستوى : سليلة حيدرة الكرار is on a distinguished road

سليلة حيدرة الكرار غير متواجد حالياً عرض البوم صور سليلة حيدرة الكرار



  مشاركة رقم : 4  
كاتب الموضوع : سليلة حيدرة الكرار المنتدى : ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان"> ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان
افتراضي
قديم بتاريخ : 13-Jul-2013 الساعة : 10:59 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


السلام على جوهرة العصمة وفريدة الرحمة سيدتنا وولاتنا الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بظهور قائمهم والعن أعدائهم لعنة دائمة إلى يوم الدين


الفصل الرابع
في بعض آداب التسمية
روي في التوحيد عن الرضا (هو علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن ابي طالب ، الامام الثامن من الأئمة الاثنى عشر) حين سئل عن تفسير البسملة: " معنى قول القائل بسم الله أي اسم على نفسي سمة من سمات الله ن وهي العبادة. قال الراوي: فقلت: ما السمة؟ قال: العلامة ".
اعلم جعلنا الله وإياك من المتَّسمين بسمات الله أن الدخول في منزل التسمية لا يتيسر للسالك إلا بعد الدخول في منزل الاستعاذة واستيفاء حظوظ ذاك المنزل، فما دان الإنسان في تصرّف الشيطان ومقهوراً تحت سلطنته فهو متّسم بالسمات الشيطانية، وإذا غلب على باطنه وظاهره غلبة تامة يصير هو بجميع مراتبه آية وعلامة له، وإذا أتى بالتسمية في هذا المقام فيقولها بالإرادة الشيطانية والقوة الشيطانية واللسان الشيطاني ولا يحصل من استعاذته وتسميته سوى تأكيد السلطنة الشيطانية فإن أفاق بتوفيق الله من نوم الغفلة ووجدت له حالة اليقظة وأحسّ لزوم السير والسلوك إلى الله بنور الفطرة الإلهية وأنوار التعليمات القرآنية وسنن الهداة إلى طريق التوحيد في منزل اليقظة وأدرك القلب موانع السير فتحصل له حالة الاستعاذة بالتدريج وبعد ذلك يدخل منزل الاستعاذة بالتوفيق الرباني فإذا تطهّر من القذارات الشيطانية فيتجلى في مرآة السالك من تلك الأنوار الإلهية على حسب ما يناسبه بمقدار تطهيره الباطن والظاهر وفي أول الأمر تكون الأنوار مشوبة بالظلمات بل تكون الظلمة غالبة، خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا. وبالتدريج فكلما قوي السلوك، فبمقدار قوة السلوك يغلب النور على الظلمة وتظهر سمات الربوبية في السالك فتصير تسميته حقيقية إلى حد ما، والعلامات الشيطانية وهي في الظاهر المخالفة لنظام المدينة الفاضلة، وفي الباطن العجب والاستكبار وأمثالها، وفي باطن الباطن رؤية النفس وحبها وأمثالها ترتحل بالتدريج عن مملكة باطن السالك وظاهره وتسكن في مكانها سمات الله وهي في الظاهر حفظ نظام المدينة الفاضلة وفي الباطن العبودية و ذلة النفس وفي باطن الباطن حب الله ورؤية الله، فإذا صارت المملكة إلهية وخلت من شياطين الجن والإنس وظهرت فيها السمات الإلهية يتحقق السالك بنفسه بمقام الإسمية، فأول تسمية السالك عبارة عن الاتصاف بالسمات الإلهية وعلاماتها ثم يترقى عن هذه المرتبة ويصل بنفسه مقام الاسمية، وهذا أوائل قرب النافلة، فإذا تحقق بقرب النافلة نال تمام الاسمية فلا يبقى بعد شيء من العبد والعبودية، وإذا وصل أحد إلى هذا المقام تقع جميع صلاته بلسان الله وهذا يتحقق في القليل من الأولياء، وأما للمتوسطين أمثالنا الناقصين فالأدب أن نسمَ القلب بسمة العبودية وكيّها عند التسمية ونعلن القلب من سمات الله والعلامات الإلهية وألا نكتفي بلقلقة اللسان، فلعل من العنايات الأزلية نبذة تشمل حالنا وتجبر ما سبق منا وينفتح لقلوبنا طريق إلى تعلّم الأسماء ويحصل سبيل إلى المقصود.
ويمكن أن يكون المقصود من السمة من سمات الله في هذا الحديث الشريف سمة الرحمة الرحمانية والرحمة الرحيمية وعلامتها لأن هذين الاسمين الشريفين من الأسماء المحيطة التي وصلت جميع دار التحقق في ظلّ هذين الاسمين الشريفين إلى أصل الوجود وكماله، ويستمر هذا الوصول، والرحمة الرحمانية والرحيمية شاملة لجميع دار الوجود، حتى أن الرحمة الرحيمية التي جميع هدايات الهادين إلى طريق التوحيد من تجلياتها تشمل الجميع إلا أن الخارجين عن فطرة الاستقامة بسوء اختيارهم، حرموا أنفسهم منها لأن الرحمة غير شاملة لحالهم حتى أنه في عالم الآخرة وهي يوم حصاد ما زرع من الحسنة والسيئة فالذين زرعوا السيئة فهم بأنفسهم قاصرون عن الاستفادة من الرحمة الرحيمية.
وبالجملة، إذا أراد السالك أن تكون تسميتة حقيقيّة فلا بد له أن يوصل مراحم الحق تعالى إلى قلبه ويتحقق بالرحمة الرحمانية والرحيمية، وعلامة حصول نموذج منها في القلب أنه ينظر إلى عباد الله بنظر العناية والتلطف ويطلب الخير والصلاح للجميع وهذا هو نظر الأنبياء العظام والأولياء الكمل ، غاية الأمر أن لهم نظرين أحدهما النظر إلى سعادة المجتمع ونظام العائلة والمدينة الفاضلة، والآخر النظر الشخصي، ولهم علاقة كاملة بهاتين السعادتين والقوانين الإلهية التي تؤسس وتنفّذ وتكشف وتجري بأيديهم، يراعون فيها هاتين السعادتين حتى إجراء القصاص والحدود والتعزيرات وأمثالها والتي تبدو في النظر أنها أسّست وتقنّنت مع لحاظهم نظام المدينة الفاضلة، قد لوحظ فيها كلتا السعادتين لأن لهذه الأمور دخالة كاملة في التربية الروحية في الأكثر وإيصالهم إلى السعادة حتى الذين ليس لهم نور الإيمان والسعادة فيقتلونهم بالجهاد وأمثاله كيهود بني قريظة، فهذا القتل لهم أيضا صلاح وإصلاح ويمكن أن يقال أن قتلهم كان من الرحمة الكاملة للنبي الخاتم لأنهم مع وجودهم في هذا العالم يهيّئون لأنفسهم في كل يوم أنواع العذاب الذي لا يقابل يوما من عذاب الآخرة وعسرها جميع مدة الحياة في هذا العالم، وهذا المطلب واضح جدا عند أولئك الذين يعلمون ميزان عذاب الآخرة وعقابها والأسباب والمسببات فيها، فالسيف الذي يضرب أعناق بني قريظة يهود وأمثالهم كان أقرب إلى أفق الرحمة، والآن هو أيضا أقرب منه إلى أفق الغضب والسخط.
وباب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من وجهة الرحمة الرحيمية فلا بد للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يذيق قلبه من الرحمة الرحيمية ولا يكون نظره في الأمر والنهي أراءة نفسه والتكبّر وفرض أمره ونهيه لأنه إن مشى بهذا النظر لا يحصل المنظور من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو حصول سعادة العباد وإجراء أحكام الله في البلاد، بل يصل ربما تحصل النتيجة المعكوسة من الأمر بالمعروف ومن إنسان جاهل، وتزداد عدة منكرات لأجل أمر أو نهي من جاهل يقع من جهة الهوى النفسي والتصرف الشيطاني، وأما إذا كانت دواعي الإنسان لإرشاد الجاهلين وإيقاظ الغافلين حس الرحمة والشفقة وحق النوعية والأخوة تكون كيفية البيان والإرشاد المترشحة من القلب الرحيم على نحو يؤثر في الموارد اللائقة تأثيرا حسنا وتنزل القلوب الصلبة القاسية عن استكبارها واستنكارها.
يا للأسف، إننا لا نتعلم من القرآن، وليس نظرنا إلى هذا الكتاب الكريم الإلهي نظر التدبر والتعلم، واستفادتنا من هذا الذكر الحكيم قليلة وضئيلة، ففكر الآن في الآية الشريفة:
" اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا ليّنا لعله يتذكر أو يخشى "(طه - 24 - 25) ينفتح لك طرق من المعرفة ويفتح على قلب الإنسان أبواب من الرجاء.
إن فرعون الذي قد بلغ من الطغيان إلى حد أنه قال: " أنا ربكم الأعلى "(النازعات - 3) وبلغ علوه وفساده إلى درجة نزلت فيه " يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم "(القصص - 4) وبمجرد أنه رأى مناما وأخبرته الكهنة والسحرة أن موسى بن عمران سيطلع فرّق بين الرجال والنساء، وذبح الأطفال الأبرياء وأفسد ذلك الفساد، فإن الله الرحمن نظر برحمته الرحيمية على جميع وجه الأرض فأنتخب من نوع البشر أشدّهم تواضعا وأكملهم، ونبيّا عظيم الشأن ورسولا عالي المقام المكرم كموسى بن عمران على نبيّنا وآله و وعلّمه وربّاه بيده التربوية كما قال تعالى: " ولما بلغ أشدّه واستوى آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين "(القصص - 14) وشدّد ظهره بأخ كريم مثل هارون ، وأنتخب تبارك وتعالى هاتين الزبدتين في العالم الإنساني كما قال تعالى: " وأنا اخترتك "(طه - 13). وقال تعالى: " ولتصنع على عيني "(طه - 39). وقال تعالى: " واصطنعتك لنفسي اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيا في ذكري "(طه - 41 - 42). وسائر الآيات الشريفة الواردة في هذا الموضوع الخارجة عن مجال البيان، وللقلب منها نصيب لا يمكن أن يقال وخصوصا من هاتين الكلمتين الشريفتين ولتصنع على عيني.. واصطنعتك لنفسي.. وأنت أيضا لو فتحت عين قلبك لتسمع نغمة روحانية لطيفة تمتلئ جميع مسامع قلبك وشراشر وجودك من سرّ التوحيد.
وبالجملة، إن الله تبارك وتعالى بعد هذه التشريفات هيّأ التهيئّات وروّض موسى الكليم بالرياضات الروحانية كما قال تعالى: " وفتنّاك فتونا "(طه - 40). وأرسله سنين في خدمة شعيب شيخ طريق الهداية والمرتاض في عالم الإنسانية، كما قال تعالى: " فلبثت سنين في أهل مدين ثم جئت على قدر يا موسى "(طه - 40) ثم بعثه للاختبار والافتتان الأعلى إلى واد، في طريق الشام وأضله الطريق وأمطر عليه المطر وغلب عليه الظلمة وعرّض زوجته للمخاض، فإذا أغلقت عليه جميع أبواب الطبيعة وانضجر قلبه عن الكثرات وانقطع إلى الحق بحبلة الفطرة الصافية وانتهى السفر الروحاني الإلهي في ذلك الوادي الظلماني غير المتناهي، آنس من جانب الطور نارا إلى أن قال: " فلما أتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين "(القصص - 30)، وبعد هذه الامتحانات الكثيرة والتربية الروحانية المتكثرة هيّأه سبحانه لماذا؟ لأن يدعو ويهدي ويرشد وينجي عبدا طاغيا، باغيا، يضرب طبل أنا ربكم الأعلى.. وأفسد في الأرض ذلك الفساد الكبير. وكان في إمكانه تعالى أن يحرقه بصاعقة غضبه ولكن الرحمة الرحيمية ترسل إليه رسولين عظيمين ويوصيهما في نفس الوقت أن يقولا له قولا لينا لعله يتذكر الله أو يخشى من عمله وعاقبة أمره. هذا هو دستور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذه كيفية إرشاد مثل فرعون الطاغوت.
فإذا أردت أيضا أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وترشد خلق الله فتذكر من هذه الآيات الشريفة التي أنزلت للتذكر والتعليم وتعلّم منها، فالق عباد الله بقلب مملوء من المحبة وفؤاد عطوف لعباد الله وكن طالبا لخيرهم من صميم القلب، فإذا وجدت قلبك رحمانيا ورحيميا فقم بالأمر والنهي والإرشاد كي يلين برق عطف قلبك القلوب القاسية وتلين حديد القلوب بالموعظة الخليطة بنار المحبة، وهذا الوادي غير وادي البغض في الله والحب في الله ولا بد للإنسان أن يعادي أعداء الدين، كما ورد في الروايات الشريفة والقرآن الكريم فهو في محله صحيح وهذا أيضا في محله صحيح وليس الآن مجال بيانه.
نسألكم الدعاء لنا ولوالدينا

توقيع سليلة حيدرة الكرار

تركت الخلق طـراً في هـواك
وأيتمت العيــال لــكي أراك
فلـو قطعتني في الحب إربــا
لمـا مـال الفــؤاد إلى سواك



رد مع اقتباس