عضو
|
|
|
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
المنتدى :
ميزان المنبر الحر
الدين والفطرة**
بتاريخ : 24-May-2008 الساعة : 09:50 PM

اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
بسم الله الرحمن الرحيم
الدين والفطرة** :
الإيمان بالمبدأ والتوجه إلى ما وراء الطبيعة من الأمور الفطرية التي عجنت خلقة الإنسان بها ، كما عجنت بكثير من الميول والغرائز . أقول بشكل عام إن إدراكات الإنسان تنقسم إلى نوعين :
1 - الإدراكات التي هي وليدة العوامل الخارجة عن وجود الإنسان بحيث لولاها لما وقف الإنسان عليها بتاتا ، مثل ما وقف عليه من قوانين الفيزياء والكيمياء والهندسة .
2 - الإدراكات النابعة من داخل الإنسان وفطرته من دون أن يتدخل في الايحاء عامل خارجي . كمعرفة الإنسان بنفسه وإحساسه بالجوع والعطش ، ورغبته في الزواج في سن معينة ، والاشتياق إلى المال والمنصب في فترات من حياته . تلك المعارف - وإن شئت سميتها بالأحاسيس - تنبع من ذات الإنسان وأعماق وجوده . وعلماء النفس يدعون أن التوجه إلى المبدأ داخل تحت هذا النوع من العرفان .
إن علماء النفس يعتقدون بأن للنفس الإنسانية أبعادا أربعة يكون كل بعد منها مبدأ لآثار خاصة :
أ - روح الاستطلاع واستكشاف الحقائق ، وهذا البعد من الروح الإنسانية خلاق للعلوم والمعارف ، ولولاه لما تقدم الإنسان منذ أن وجد في هذا الكوكب ، شبرا في العلوم واستكشاف الحقائق .
ب - حب الخير ، والنزوع إلى البر والمعروف ، ولأجل ذلك يجد الإنسان في نفسه ميلا إلى الخير والصلاح ، وانزجارا عن الشر والفساد . فالعدل والقسط مطلوب لكل إنسان في عامة الأجواء والظروف ، والظلم والجور منفور له كذلك ، إلى غير ذلك من الأفعال التي يصفها كل إنسان بالخير أو الشر ، ويجد في أعماق ذاته ميلا إلى الأول وابتعادا عن الثاني ، وهذا النوع من الاحساس مبدأ للقيم والأخلاق الإنسانية .
ج - عشق الإنسان وعلاقته بالجمال في مجالات الطبيعة والصناعة فالمصنوعات الدقيقة والجميلة ، واللوحات الفنية والتماثيل الرائعة تستمد روعتها وجمالها من هذا البعد . إن كل إنسان يجد في نفسه حبا أكيدا للحدائق الغناء المكتظة بالأزهار العطرة والأشجار الباسقة ، كما يجد في نفسه ميلا إلى الصناعات اليدوية المستظرفة وحبا للإنسان الجميل المظهر ، وكلها تنبع من هذه الروح التي عجن بها الإنسان ، وهي في الوقت نفسه خلاقة للفنون في مجالات مختلفة .
د - الشعور الديني الذي يتأجج لدى الشباب في سن البلوغ ، فيدعو الإنسان إلى الاعتقاد بأن وراء هذا العالم عالما آخر يستمد هذا العالم وجوده منه ، وأن الإنسان بكل خصوصياته متعلق بذلك العالم ويستمد منه . وهذا البعد الرابع الذي اكتشفه علماء النفس في العصر الأخير وأيدوه بالاختبارات المتنوعة مما ركز عليه الذكر الحكيم قبل قرون وأشار إليه في آياته المباركات ،
[COLOR="Red"
نعرض بعضها :
أ - ( وأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها ) سورة الروم : الآية 3.
إن عبارة " فطرة الله " تفسير للفظة الدين الواردة قبلها ، وهي تدل بوضوح على أن الدين - بمعنى الاعتقاد بخالق العالم والإنسان ، وأن مصير الإنسان بيده شئ خلق الإنسان عليه ، وفطر به كما خلق وفطر على كثير من الميول والغرائز .
ب - ( وهديناه النجدين ) البلد/10 .
أي عرفنا الإنسان طريق الخير وطريق الشر . وليس المراد التعرف عليهما عن طريق الأنبياء بل تعريفهما من جانب ذاته سبحانه ، وإن لم يقع في إطار تعليم الأنبياء ، وذلك لأنه سبحانه يقول قبله ( لقد خلقنا الإنسان في كبد . . ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين وهديناه النجدين ) فالكل من معطياته سبحانه عند خلق الإنسان وإبداعه .[/color]
وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على أن النظرية التي اكتشفها علماء معرفة النفس مما ركز عليها الوحي بشكل واضح ، وحاصلها إن الدين بصورته الكلية أمر فطري ينمو حسب نمو الإنسان ورشده ، ويخضع للتربية والتنمية كما يخضع لسائر الميول والغرائز.
**المصدر: الألهيات-للسبحاني
|