منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - واقعة الجمل
الموضوع: واقعة الجمل
عرض مشاركة واحدة

خادم الزهراء
الصورة الرمزية خادم الزهراء
.
رقم العضوية : 10
الإنتساب : Mar 2007
الدولة : رضا الزهراء صلوات الله عليها
المشاركات : 6,228
بمعدل : 0.94 يوميا
النقاط : 10
المستوى : خادم الزهراء تم تعطيل التقييم

خادم الزهراء غير متواجد حالياً عرض البوم صور خادم الزهراء



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي واقعة الجمل
قديم بتاريخ : 26-May-2007 الساعة : 01:41 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


تجملت ، تبغلت ولو عشت تفيلت
لك التسع من الثمن وبالكل تصرفت
إن مقتل عثمان ومبايعة المسلمين للإمام علي صلوات الله عليه جعل الأمور تَتَّخذ مجرىً آخر .

حيث أنَّ عدالة الإمام علي صلوات الله عليه وتمسُّكه بالإسلام ، لا تروق لأولئك الذين اكتنزوا الكنوز ، وامتلكوا الضياع ، وبنوا القصور من أموال المسلمين .

فقاموا متَّحدِين لمقاومة عَدالة الإسلام التي لن تكتفي بحِرْمانهم مما ألِفوه من النهب ، بل ستأخذ منهم حتى تلك الأموال التي نالوها بطريقة غير مشروعة .

وتجعل أولئك الذين تمنُّوا الموت لعثمان وحرضوا الناس ضِدَّه حتى أودوا بحياته ، متحدين يطالبون بدمه .

حيثُ اتَّفَق طَلْحَة والزبَير ومعهما عائشة زوجة النبي صل الله عليه وآله ، وخرجوا إلى البصرة لجمع الأنصار ، وإثارة الفتنة .

إنَّها حقاً من الأمور التي تُدهِش العاقل ، وقد بذل الإمام جهداً كبيراً لتحاشي هذه الفتنة ، فلم يأل جهداً في بَذْل النصح لهم ، وتحميلهم مغبة ما سيكون إذا نشبت الحرب ، وهذه إحدى نصائحه لِطَلحة والزبير إذ يقول صلوات الله عليه : أمَّا بَعد ، يا طَلْحة ، ويا زُبير ، فقد عَلِمتُمَا أنِّي لم أرِد الناس حتى أرادوني ، ولم أبايعهم حتى أكرهوني .

وأنتما أول من بادر إلى بيعتي ، ولم تَدخُلا في هذا الأمر بسلطانٍ غَالب ، ولا لعرض حاضر .

وأنت يا زبير ، ففارس قريش ، وأنت يا طلحة فشيخ المهاجرين ، ودفعكما هذا الأمر قبل أن تدخلا فيه كان أوسَع لكما من خُروجِكما منه .

ألا وهؤلاء بنو عثمان هم أولياؤه المطالبون بدمه ، وأنتما رجلان من المهاجرين ، وقد أخرجتما أمكما [ عائشة ] من بيتها التي أمرها الله تعالى أن تقرّ فيه ، والله حسبكما ) .
وفي البصرة - المكان الذي دار فيه القتال - استمرَّ الإمام علي صلوات الله عليه يبذل نصحه من أجل حَقْن الدِّماء .

فأرسل للناكثين يدعوهم للصُّلح ورَأْبِ الصدع ، والتقى بالزبير وذكَّره بما قال النبي صل الله عليه وآله يوم قال - الزبير - : لا يدع ابْن أبي طالب زهوة .

فقال له النبي صل الله عليه وآله : مَهْلاً يا زبير ، ليس بعليٍّ زَهوة ، ولتخرجَنَّ عليه يوماً وأنت ظالم له.

فقال الزبير للإمام صلوات الله عليه م : بلا ، ولكني نسيت ذلك ، وبعد أن تذكر انصرَفَ إلى خارج البصرة ، ولم يحارب ، فقتله ابن جرموز ، ودفنه في وادي السباع .

وبعد أن فشلت المحاولات لإخماد الفتنة التي أثارها الناكثون في البصرة ، تفجَّر الموقف ، وأُعلِنَ القتال بين جيش الإمام علي صلوات الله عليه ، وجيش الناكثين .

لكن الإمام صلوات الله عليه ظلَّ ملتزماً بالصبر والأناة ، وبِمَا امتاز به من الروح الإنسانية ، موضِّحاً لجماعته أحكام الشريعة الإسلامية في حَقِّ البغاة ، ثم دعا ربَّه مُستجيراً مِن الفِتنَة .

أما عن مصير طَلحة ، فقد جَاءَه سَهْم عند الهزيمة ، لا يُعرف رامِيه ، فَجَرَحه ثم مات .
وأسْفَرَت هذه الفتنة عن قتل عشرة آلاف من جيش الناكثين ، وخمسة آلاف من جيش الإمام صلوات الله عليه .

وقد جَرَتْ المعركة في العاشر من جمادي الأول ، سنة ( 36 هـ ) ، وسُمِّيَت بحرب الجمل ، لأنَّ عائِشة كانت تَركب فيها جملاً .

وبعد أن وَضَعتْ الحربُ أوزارَها ، بانتصار ساحقٍ على أهل الجمل ، أعلن الإمام صلوات الله عليه العفو العام عن جميع المشتركين بها .

وإنَّه حقاً موقِفٌ جسَّد فيه حكم الله تعالى ، ثم واصل الإمام صلوات الله عليه خطواته الإنسانية إزاء الناكثين .

إذ قام بإعادة عائشة إلى المدينة المنورة معزَّزَة مُكرَّمة ، على الرغم من موقفها المعانِد لوليِّ أمرِها .

جاء إليها أمير المؤمنين بذاته ، حتى وقف عليها ، وضرب الهودج بالقضيب ، وقال : ( يا حميراء ! هل رسول الله أمرك بهذا الخروج علي ؟ ألم يأمرك أن تقري في بيتك ؟ والله ما أنصفك الذين أخرجوك من بيتك ، إذ صانوا حلائلهم وأبرزوك ! ! )

ثم إنه أمر أخاها محمدا أن ينزلها في دار آمنة بنت الحارث [ ابن طلحة الطلحات ] ، فرفع الهودج وجعل يضرب الجمل بسيفه .

( أمير المؤمنين يأمر بإعادة عائشة إلى المدينة )
قال المسعودي : ثم إن أمير المؤمنين بعث عبد الله بن العباس إلى عائشة يأمرها بالذهاب إلى المدينة المنورة ، فدخل عليها بغير إذنها ، فاجتذب وسادة وجلس عليها .

فقالت له : يا ابن عباس ، لقد أخطأت السنة المأمور بها بدخولك علينا بغير إذن منا ، وجلوسك على رحلنا بغير إذننا! فقال : نعم ، لو كنت في البيت الذي تركك فيه رسول الله لما دخلت عليك إلا بإذنك ، ولا جلست على رحلك إلا بأمرك ، بعثني أمير المؤمنين إليك يأمرك بسرعة الأوبة ، والتأهب للذهاب إلى المدينة .

قالت : أبيت عما قلت ، وخالفت أمر من وصفت ، فمضى إليه وأخبره بامتناعها ، [ فبعثه إليها ثانية ] ، وقال : إن أمير المؤمنين يعزم عليك أن ترجعي فأنعمت بالإجابة للأمر فجهزها ، وأتاها في اليوم الثاني ، ومعه بنوه الحسن والحسين وأولاده جميعا وإخوته وبنو هاشم ، فدخلوا عليها فلما [ أبصرته صاحت مع من عندها من النسوة ] في وجهه ، يا قاتل الأحبة ! فقال :

( لو كنت قاتل الأحبة لقتلت من في هذا البيت )

وهو يشير إلى أحد تلك البيوت ، قد اختلى فيه مروان بن الحكم ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن عامر ، [ وجماعة من بني أمية ] ، فضرب كل من كان معه على قائم سيفه ، لما علموا منه ، مخافة من خروجهم عليهم فيغتالونهم .

فقالت عائشة [ بعد كلام بينهما ]: قد صار ما صار ، فأحب الآن أن أقيم معك لعلي أسير لقتال عدوك . فقال : " بل ارجعي إلى البيت الذي تركك فيه رسول الله وسلم . فسألته أن يؤمن ابن أختها عبد الله بن الزبير ، فأمنه ، وتكلم الحسن والحسين عليهما السلام في مروان ، فأمنه.

فقالت : والله ، إني قد ازددت يا ابن أبي طالب كربا ، ووددت أني لم أخرج هذا المخرج ، ولقد علمت بما قد أصابني فيه .

وقال له مروان بن الحكم : يا أمير المؤمنين ، إني أحب أن أبايعك ، وأكون في خدمتك ! فقال : أولم تبايعني ، بعد أن قتل عثمان ، ثم نكثت ، فلا حاجة لي ببيعتك ، إنها كف يهودية .

لو بايعني بيده لغدر بأسته ، أما إن له إمرة كلعقة الكلب أنفه ، وهو ابن الأكبش الأربعة ، وستلقى الأمة منه ، ومن ولده يوما أحمر .

قال المسعودي : ولما توجهت عائشة رضي الله عنه إلى المدينة ، بعث أمير المؤمنين معها أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر ، وثلاثين رجلا ، وعشرين امرأة من ذوات الدين من آل عبد قيس وهمدان ، ولزم عليهم بخدمتها ، فلما وصلت المدينة ، قيل لها : كيف رأيت مسيرك وما صنع معك علي ؟ قالت : والله ، لقد كنت بخير ، ولقد أجاد ابن أبي طالب وأكثر بالعطاء ، [ ولكنه بعث معي رجالا أنكرتهم ، فعرفها النسوة أمرهن ، فسجدت وقالت : ما ازددت والله يا بن أبي طالب إلا كرما ، ووددت أني لم أخرج ، وإن أصابتني كيت وكيت من أمور ذكرتها ].
قال [ المصنف رحمه الله ] ، ومن كلام أمير المؤمنين ، لما أظفره الله تعالى على أصحاب الجمل ، بعد أن حمد الله عز وجل وأثنى عليه ، صلى على النبي ، قال : ( أما بعد ، أيها الناس : إن الله عز وجل ، ذو رحمة واسعة ، ومغفرة دائمة ، وعفو جم ، وعقاب أليم ، قضى أن رحمته وسعت كل شئ ، ومغفرته لأهل طاعته من خلقه ، وبرحمته اهتدى المهتدون ، وقضى أن نقمته وسطواته وعقابه على أهل معصيته من خلقه ، وبعد الهدى والبينات ما ضل الضالون ، فما ظنكم يا أهل البصرة وقد نكثتم بيعتي ، وظاهرتم على عدوي.

وقمت بالحجة وأقلت العثرة ، والزلة من أهل الردة ، فاستتبت من نكث فيهم بيعتي ، فلم يرجع عما أصر عليه ، فقتل الله تعالى من قتل منهم الناكث ، وولى الدبر إلى مصيرهم بشقائهم ، فكانت المرأة عليها أشأم من ناقة الحجر ، فخذلوا وأدبروا دبرا ، فقطعت بهم الأسباب فلما حل بهم ما قدروا سألوني العفو ، فقبلت منهم القول وغمدت عنهم السيف ، وأجريت الحق والسنة بينهم ، واستعملت عبد الله بن العباس عليهم ).

فقام إليه رجل منهم ، وقال : نظن خيرا ، ونراك قد ظفرت وقدرت ، فإن عاقبت فقد اجترمنا ذلك ، وإن عفوت [ فأنت محل العفو ، والعفو أحب إلى الله عز وجل ، وإلينا ].


رد مع اقتباس