منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - المهدي (عليه السلام) في القرآن الكريم (وراثة الصالحين)
عرض مشاركة واحدة

منتظرة المهدي
عضو
رقم العضوية : 421
الإنتساب : Sep 2007
الدولة : طيبة الطيبة
المشاركات : 5,448
بمعدل : 0.85 يوميا
النقاط : 0
المستوى : منتظرة المهدي is on a distinguished road

منتظرة المهدي غير متواجد حالياً عرض البوم صور منتظرة المهدي



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : ميزان النفحات المهدوية للإمام الحجة (عج)
Post المهدي (عليه السلام) في القرآن الكريم (وراثة الصالحين)
قديم بتاريخ : 29-May-2008 الساعة : 07:17 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم




المهدي () في القرآن الكريم (وراثة الصالحين)




حركةُ التاريخ تجري وفقَ قوانين وسنن اجتماعية ، كما يجري عالمُ الطبيعة وفقَ قوانين وسنن كونية ، نظّمت كلَّ تلك القوانين وفقَ حكمة ولطف إلهيين ، وتنظيم ربّاني دقيق ، تحتلُّ فيه الارادةُ الانسانيّة دورَها الحرَّ والفعّال .
وقد شاء الله بلطفه بعباده،وحكمتِهِ في خلقه،ورحمتِهِ بهم،أنْ يَرعَى البشريّةَ ويحوطَها بعنايته الرحيمة،ويوفِّرَ للناس ما يُصلِحُهُم وما يقرّبهم إليه،ويُبعدُهم عنِ الشقاء والمعصية والجريمة .
ويشكِّل وجودُ الانبياء مَظهراً مِن مظاهر هذا اللّطف الالهي، بما يحملونَ للبشريةِ مِن دعوةِ خير وإصلاح ومبادئ هداية وسلام على هذه الارض .
ولقد شكّل الانبياءُ هذا الخطَّ والامتدادَ التاريخي المتواصلَ عبرَ مسيرة الاجيال .
قال تعالى :
(وَإِنْ مِنْ أُمَّة إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ ) . (فاطر / 24)
وامتدّ صراع الخير والشرّ ، على هذه الارض ، منذ فجر الحياة ، وستبقى المعركة سجالاً بين الخطّين ، خطِّ الهُدى ، وخطِّ الضلال ، خطِّ الانبياء وخطِّ الجاهليين الطغاة .
ويمثّل أئمّةُ الهدى وعلماءُ الاسلام وأبناؤه ، الامتدادَ الحركِيَّ ، والتواصلَ الفكريَّ لخطّ الانبياء .
فلقد واصَلَتِ اُمّةُ الهدى الملتزمة بخطّ الانبياء ، دورَها ومهامَها في حمل الرسالة . فكان هذا الخطُّ يتجسّدُ في الائمّة الهداة، وفي العلماءِ العاملين ودُعاةِ الاسلام المجاهدين في سبيلِ الله ، من أجل إقامة الحقّ والخير والسلام على هذه الارض .
وتشهد حياةُ الانبياءِ والدعاةِ إلى الله بهذه الملحمة من الصراع والكفاح المرير .
وقد حقّقت دعواتُ الهدى نصراً في مواقعَ مِن تاريخ الانسان، كالنصر الّذي تحقّقَ على يد الرسول الهادي محمّد (ص) .
فلقد تحقّقَ النصرُ للرسالة الاسلامية على يده (ص) ، وسارتِ المسيرةُ الطاهرة ، وبُنِيَتْ حضارةُ التوحيد، وقَطَعَتِ البشريةُ أشواطاً متقدِّمة على أساس العلم والايمان ، فاستضاءت بهذا النور ، واهتدت بذلك الهدى المشرق .
إلاّ أنّ حركةَ هذه المسيرة بدأتْ تضعُفُ ، فنشطتِ الحضارةُ الجاهلية المفسدة ، وبدأ التقهقرُ في حركة الحضارة والدعوة والقيادة الاسلامية ، وحُرِمَ الانسانُ مِن العيش في ظلّ الحق والعدل والسلام ، وبدأتِ الشرورُ الجاهليةُ تعودُ مرّةً اُخرى إلى حياة الانسان ، وبدأ التنكّر لمبادئ الايمان والصلاح ، وبدأ الظلم والجور يعود إلى ربوع الارض ، ولم يكنْ لطفُ الله لِيغيبَ عن هذا الكوكب الارضي ، حتّى مع انقطاعِ النبوّة ، فما زالَ منهجُ الانبياء المتمثِّلُ في كتاب الله وسنّة رسوله الامين ، حيّاً متدفّقاً بالحيوية والعطاء، وما زالت اُمّةٌ مِن المؤمنين قائمةً بالحقّ تدعو إلى الهدى والاصلاح، وهي تتحرّك في ظل الامل الكبير (وراثة الصالحين) و (انتصار المستضعفين) .
فالوعدُ الالهي بِتَصفيةِ بُؤَرِ الشرِّ ومنابعِ الفساد وتحقيق الانقلاب الكبير والتغيير الشامل ، يتحقّقُ على يد مُصلحِ البشرية ، ومُقيم سننِ الانبياء ، وباني الحياة على أساس القرآن والسنّة المطهّرة وهو (مهدي هذه الاُمّة) .
فقد شاءَ اللهُ بعد أنِ انقطعتِ النبوّة، وخُتِمتْ بسيِّد المرسلين محمّد (ص) ، أنْ يجعلَ مُصلحاً يتحمّل مهمّة الانبياء في الدعوة إلى مبادئ الهدى ، والعمل بما جاء به الهادي محمّد (ص) ، وذلك وعدٌ حقٌّ نطق به القرآنُ ، ووعدت به الكتبُ الالهيّة .
فكانَ المصلحَ والاملَ الكبير الّذي يُحطِّمُ أوثانَ الجاهلية ، ويملاُ الارضَ قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً .
وممّا أشار به القرآن إلى ظهور المصلح العظيم ـ المهدي ـ الّذي جعله الله من ولد فاطمة بنت محمّد (ص) ، وذريّتها المباركة ، كما ذكر المفسِّرون ذلك ، هو :
(وَلَقَدْ كَتَبنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الاَْرْضَ يَرِثُها عِبَادِيَ الصَّالِحُون ) .
(الانبياء / 105)



ولقد فسّر العلاّمة الطبرسي (رحمه الله) معتمداً على الروايات الصحيحة ، هذه الاية بقوله :
« (وَلَقَدْ كَتَبنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ ) قيل فيه أقوال ، أحدها : إنّ الزبورَ كتبُ الانبياء ، ومعناه كتبنا في الكتب الّتي أنزلناها على الانبياء من بعد كتابته في الذكر، أي اُمّ الكتاب الّذي في السماء، وهو اللّوح المحفوظ، عن سعيد بن جبير ومجاهد وابن زيد ، وهو اختيار الزجاج ، قال : لانّ الزبور والكتاب بمعنى واحد ، وزبرت كتبت . وثانيها : إنّ الزبورَ الكتبُ المنزّلةُ بعد التوراة ، والذكرَ هو التوراةُ ، عن ابن عباس والضحّاك . وثالثها : إنّ الزبورَ زبورُ داود ، والذكرَ توراةُ موسى ، عن الشعبي ، وروي عنه أيضاً أنّ الذكرَ القرآنُ وبعدَ بمعنى قبلَ (أَنَّ الاَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُون )قيل يعني أرضُ الجنّة يرثها عبادي المطيعون ، عن ابن عباس وسعيد بن جبير وابن زيد ، فهو مثل قوله: (وَأَورَثنَا الاَرْض ) وقوله (ا لَّذِينَ يَرِثُونَ الفِرْدُوس ) ، وقيل هي الارضُ المعروفةُ يرثها اُمّةُ محمّد (ص) ، بالفتوح بعد إجلاء الكفّار ، كما قال (ص) : زُوِيَتْ لي الارض فَأُريتُ مشارِقَها ومغارِبَها ، وسيبلغُ ملكُ اُمّتي ما زُوِيَ لي منها ، عن ابن عباس في رواية اُخرى ، وقال أبو جعفر (ع) : هم أصحابُ المهدي (ع) في آخر الزمان ، ويدلّ على ذلك ما رواه الخاص والعام عن النبيّ (ص) ، أ نّه قال : لو لم يبقَ مِن الدُّنيا إلاّ يومٌ واحد ، لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يَبعَثَ رجلاً صالحاً مِن أهلِ بيتي ، يملاُ الارضَ عدلاً وقسطاً كما مُلئت ظلماً وجوراً » .




ومن الاشارات القرآنية المبشِّرة بالمهدي ، هو قوله تعالى :
(هوَ ا لَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّه وَلَو كَرِهَ المُشْرِكُون ) . (التوبة / 33)
فقد فسّر الطبرسي هذه الاية بقوله :
« (هوَ ا لَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ ) محمّداً ، وحمّله الرسالات الّتي يؤدِّيها إلى اُمّته ، (بِالهُدى ) أي بالحجج والبيِّنات والدلائل والبراهين، (وَدِينِ الْحَقِّ ) وهو الاسلام وما تضمّنَهُ مِن الشرائع الّتي يستحقّ عليها الجزاء بالثواب ، وكلّ دين سواهُ باطلٌ يستحقّ به العقاب ، (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّه ) معناه لِيُعْلي دينَ الاسلام على جميع الاديان بالحجّة والغلبة والقهر لها ، حتّى لا يبقى على وجه الارض دينٌ إلاّ مغلوباً ، ولا يغلِبُ أحدٌ أهلَ الاسلام بالحجّة ، وهم يَغلبونَ أهلَ سائر الاديان بالحجّة ، وأمّا الظهورُ بالغَلَبةِ ، فهو أنّ كل طائفة من المسلمين قد غلبوا على ناحية من نواحي أهل الشرك ولحقهم قهرٌ مِن جهتهم ، وقيل أراد عند نزول عيسى بن مريم لا يبقى أهل دين إلاّ أسلمَ أو أدَّى الجزيةَ ، عن الضحّاك ، وقال أبو جعفر (ع) : إنّ ذلك يكون عند خروج المهدي من آل محمّد ، فلا يبقى أحد إلاّ أقرّ بمحمّد ، وهو قول السّدي ، وقال الكلبي : لا يبقى دين إلاّ ظهر عليه الاسلام ، وسيكون ذلك ولم يكن بعد ولا تقومُ الساعةُ حتّى يكونَ ذلك . وقال المقداد بن الاسود : سمعت رسول الله (ص) يقول : لا يبقى على ظهر الارض بيتُ مَدَر ولا وَبَر ، إلاّ أدخلَهُ الله كلمةَ الاسلام ، إمّا بِعِزِّ عزيز ، وإمّا بذلّ ذليل ، إمّا يُعِزّهم فيجعلهم الله من أهله فيعزّوا به ، وإمّا يُذِلّهم فيدينون له ، وقيل : إنّ الهاء في (لِيُظْهِرَهُ ) عائدة إلى الرسول (ص) ، أي ليعلّمه الله الاديانَ كلَّها ، حتّى لا يخفى عليه شيء منها، عن ابن عباس، (وَلَو كَرِهَ المُشْرِكُون )أي وإنْ كرهوا هذا الدينَ فإنّ اللهَ يظهرُه رغماً لهم » .



وفسَّر أبو حيّان الاندلسي في تفسيره الشهير البحر المحيط ، قول الله تعالى : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّه ) ، بقوله :
« وقال السّديُّ : ذلك عند خروجُ المهدي ، لا يبقى أحد إلاّ دخلَ في الاسلام ، أو أدَّى الخراجَ » .
ولقد فسّر الامامُ مالكُ بن أنس ، إمامُ المالكية ، الاية الكريمة :
(وَنُرِيدُ أَن نَمُنَّ عَلَى ا لَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الاَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوَارِثِينَ ) . (القصص / 5)
فسّرها بأنّ مصداقَها لم يتحقّقْ ، وأنَّ الاُمّةَ ما زالتْ تنتَظِرُ مَن تَتَحَقَّقُ على يديه هذه الاية ، فقد روى أبو الفرج الاصفهاني أنّ العلويين عندما أصابهم الاضطهاد العباسي ، واشتدّ عليهم الاذى ، شكا محمّد بن جعفر العلوي إلى مالك بن أنس ذلك ، فأجابه مالك : «اصبر حتّى يجيء تفسير هذه الاية : (وَنُرِيدُ أَن نَمُنَّ عَلَى ا لَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الاَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوَارِثِينَ ) » (3) .
فتلك آراء المفسِّرين ورواياتهم في المصلح المهدي ، الّذي شاء الله أن يكون من أهل البيت ، من ولد فاطمة ، الّذي تتحقّقُ على يديه وراثةُ الصالحين ، وانتصارُ الحقِّ ، وقيام دولة القرآن العالمية .
إنّ البشريةَ تعيش الان مرحلةً جاهلية مُروّعةً ، وإنّ هذه الجاهلية هي أسوأُ مِن جاهليات الاُمم الغابرة . وهي بحاجة إلى مصلح يُنقذ الانسانَ من ضلال الجاهلية وسقوطِها، كما فعلَ الانبياءُ الهداةُ ذلك، ويحقِّق أهدافهم بإقامة العدل، وهداية البشرية، وإنقاذها من الضلال والانحطاط .
وإنّ هذا الانقـاذ ، كما تفيد البشـاراتُ الدينيةُ المتواترة ، يَنصبُّ على الدعوة إلى انتظار المصلح المهدي ، وإنّ وجوده مَظهرٌ من مظاهر اللطف الالهي .


رد مع اقتباس