منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - ردا على قناة المستقلة(مظلومية الزهراء في كتب البكرية)
عرض مشاركة واحدة

أبي طالب
عضو
رقم العضوية : 2483
الإنتساب : Aug 2008
المشاركات : 30
بمعدل : 0.00 يوميا
النقاط : 0
المستوى : أبي طالب is on a distinguished road

أبي طالب غير متواجد حالياً عرض البوم صور أبي طالب



  مشاركة رقم : 7  
كاتب الموضوع : أبي طالب المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 09-Aug-2008 الساعة : 02:30 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


النقطة الثانية: منطلقات البحث والشُّبهات المُثارة.
القضية المثارة هذه الأيام هي: أنَّه لماذا هذا البحث؟
فالأشخاص التأريخيون ماتوا ووفدوا على ربِّهم ولم يعد لهم وجود الآن، فلماذا ننبش التأريخ ونبحث في طبائع الأشخاص؟
أي: ثَمَّة سـؤال بل مطلـب مُلحٌّ بـأن نتـرك التأريخ وننشغـل بهموم الحاضر.
للإجابـة على هذه الإثـارة أُحيلكـم إلى كتاب (نهج البلاغة) ففيه كلمة من أروع الكلمات تُجيب على هذا السؤال.
طبعاً هناك أجوبة كثيرة على هذا السؤال ولكني أقرأ لكم هذه الكلمة من نهج البلاغة فهي تُبيِّن جانباً من الإجابة.
يقـول الإمـام أميـر المـؤمنيـن (ع):(وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَنْ تَعْرِفُوا الرُّشْدَ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي تَرَكَهُ، وَلَنْ تَأْخُذُوا بِمِيثَاقِ الْكِتَابِ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي نَقَضَهُ، وَلَنْ تَمَسَّكُوا بِهِ حَـتَّـى تَـعْـرِفُوا الَّـذِي نَـبَـذَهُ. فَالْـتَـمِسُـوا ذَلِكَ مِـنْ عِـنْـدِ أَهْـلِـهِ،
فَإِنَّهُمْ عَيْشُ الْعِلْمِ وَمَوْتُ الْجَهْلِ..)[1].
لا تَقُل أنا أَسير في طريق الحقِّ ولا شأن لي بالذين يرفعون راية الباطل، لأن الإمام (ع) يقول: كلا (لَنْ تَعْرِفُوا الرُّشْدَ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي تَرَكَهُ)، أي يلزم أن تعرف بأنَّ فلاناً على حقٍّ أو على باطلٍ حتى تعرف الحقَّ، وإلا لن تعرف الحقَّ.
فمن يقول أنا أسير في طريق الحقِّ ولا أعرف أن فلاناً على حقٍّ أو باطل، فهذا لم يعرف الحقَّ.
أمَّا: ما هي الرابطة بين عرفان الحقِّ والرشد ومعرفة الذين حملوا راية الباطل؟
في شروح نهج البلاغة كلمات ذكروها للإجابة عن هذا التساؤل؛ ولكنَّ الشيء الذي يبدو في بادئ النظر أنه إذا لم يعرف الشخص أئمة الضلال وأن فلاناً منهم فهو لا يعرف الحقَّ، وذلك لأن هؤلاء الأئمة -أعني أئمَّة الضلال- سوف يتحوَّلون عنده إلى مصادر إلهام واستلهام.
فهذا الاسم اللامع؛ وذلك الصحابي الكبير، الذي عاش مع النبي (ص)، سيعطي الأمة خطّـاً.
فإنْ أنتَ لم تعرف أنَّ معاوية -مثلاً- من أئمة الضَّلال ومن الأئمة الذين يدعون إلى النار فسوف تأخذ دينك منه بالطبع، فيكون مُلهِماً لك،أمَّا إذا كُنتَ تعرف بأنه من أئمة الضلال فستبتعد عنه وتبتعد عن خطِّهِ ولا تستلهم منه ولا ترى قيمة لا لكلِمَةٍ منه ولا موقف.
سأضرب لكم مثلاً وهو مثالٌ خطير جداً! لقد قرأت لأحد الكُـتَّاب المعاصرين مقالة تنتهي إلى هدم الدين كلِّه.
هذا الكاتب يقول:لماذا نعيش حالة الجمود على النصِّ الدِّيني؟ يجب أن تكون عندنا حالة انطلاق، بل يجب أن تكون عندنا شجاعة الروَّاد الأوائل..، لنكن نحن شجعان مثلهم.
إنه في الحقيقة يريد أن نَكونَ شجعاناً أمام الله تعالى والقرآن الكريم والنبي (ص)، لأن الذين يقتدي بهم كانوا هكذا.
لذلك تراه يقول:لقد ألغى أولئك الروَّاد العمل ببعض الآيات فضـلاً عن العمـل بأقـوال الرسـول (ص)، فمثـلاً -كما يقـول-:
ألغـى الأوَّل[2] آيـة المـؤلَّفـة قلـوبهـم؛ فالله تعـالى يقـول: { إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ..}[3]، والنبي (ص) عمل بذلك، ولكن جاء الأوَّل وبكلِّ شجاعة (!!) شطبَ على هذه الآية وقالَ بإلغاء سهم المؤلفة قلوبهم، لأنهُ رأى اختلاف الظرف، ففي أوَّل الأمر كان الدين ضعيفاً وكان يجب أن نُعطي للمؤلَّفة قلوبهم مائة بعير -مثلاً- حتى نكسبهم، أمَّا الآن والدين قويٌّ فلا نحتاج للعمل بالآية.
والثاني[4] كان شجاعاً (!!) أيضاً عندما شطبَ آية من القرآن، وهي قوله تعالى[5]: { الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }، الآيـة واضحـة..، وهـو كـذلك يقـول إنهـا واضحة، فالطلقات الثلاث تعني ثلاث تطليقات حقيقية،ولكن-يقول الكاتب- وقَّف الثاني العمل بهذه الآية لَمَّا رأى بأنَّ الناس أكثروا من الطلاق؛ وقال: يجب أن نردعهم، فكلُّ من قال بعد الآن لزوجته: « أنتِ طالق ثلاثاً» حرمت عليه،وإنما عمل بهذا ردعاً عن ظاهرة الطلاق[6].
وهكذا نرى أنَّ القرآن يقول بثلاث مرَّات لكنَّ الثَّاني يقول تكفي مرة واحدة بأن يقولها الرجل ثلاثاً، فهذا يؤدِّي مؤدَّى ذاك .
فالكاتب يدعونا للاقتداء بهؤلاء الروَّاد الأوائل الذين كانوا شجعاناً وجريئين على الله ورسوله، ويقول فلنكن نحن كذلك.
فهنيئاً للطواغيت جميعاً!
-فمثلاً- قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [7]، يعود لظرف سابق، فما البأس لو أنَّ حاكِماً مُسلِماً اتَّبعَ الروَّاد الأوائل في شجاعتهم وقال إنَّ الصَّوم يؤثِّر هذه الأيام في معدَّلات الإنتاج ويؤدِّي إلى تدهورها فلنلغي الصيام![8]
وبالمناسبة هذه قضية حقيقية،فقد رفعَ أحد الحُـكَّام[9]في إحدى البلدان الصيام عن العُمَّال بجرأة وشجاعة (!!) .
وهكذا بالنسبة إلى الحج، فما المشكلة في أن يأتي حاكم شجاع ثانٍ فيلغي الحج..، فلئن ألغى الأوَّل حُكم المؤلفة قلوبهم مع قُدسهِ وورعهِ وتقواه -كما يقول الكاتب- فلماذا لا نُلغي نحن الحج؟ ولماذا يصـرف الإنسان الأموال ويذهب إلى حج بيت الله الحرام بمكـة؟ يمكنـهُ أن يأتي ويطوف حول قصر الخليفة كما قال عبد الملك الأمويّ [10].
وهذا يعني أن كل طاغوت يتسلَّط يقوم بشطب بعض الدين حتى لا يبقى منه شيء .
وهؤلاء الإرهابيون الذين شوَّهوا اليوم صورة الدين في العالم وأعطوا انطباعاً سيئاً عنه، ممن يستلهمون؟
أليسوا يستلهمون من أولئك الروَّاد الأوائل؟
ولكن كلٌّ يعمل بما يتناسب مع عصره..، فذاك يضرب من يُخالفه الرأي على أنفه فيحطِّمهُ، وهذا يصنع أو يرتدي حزاماً ناسِفاً فيقتل حتى من لا يخالفه الرأي..!
أليس المنهج نفس المنهج؟
إذاً لابدَّ أن تعرفوا من هُم أئمة الضَّلال لئلا تتأثروا بهم ولكيلا تأخـذوا ديـنكـم منهـم، وهـذا معنـى قـول الإمـام أميـر المؤمنيـن (ع):(وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَنْ تَعْرِفُوا الرُّشْدَ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي تَرَكَهُ).
لو كان هناك ولد فاسد في المنطقةِ فماذا تقول لطفلكَ عنهُ؟ قد يقول لك شخص معوجُّ الفهم: تستَّر على ولد الجيران.
لكنكَ إذا تستَّرت عليه فإن ابنك هذا لن تكون لديه مناعة ويذهب ويصادقه فيفسد، إذاً يلزم أن تقول لابنك إنَّ ابن الجار هذا خطير وإنه فاسد ومفسد وإنَّه يدمِّر دينك ودنياك.
وقد يأتي شخص آخر ويقول لك: يلزم أن تصمت حفاظاً على وحدة المنطقة ولا تقل شيئاً عن هذا عند ابنك.
ولكنك تـرى أن مصلحـة ابنـك وصـونه عن الانـحراف، بل المصلحة العامَّة أيضاً تقتضي منك أن تخبره بالحقيقة.
وهل هناك أهمّ من صورة الدين في العالم؟ إنَّ من أهمِّ مصادر الإرهاب العقائدية تلك الكلمات التي قرأتُها؛ أعني ذلك الوطئ الأوَّل وذلك الوطئ الأخير وذلك التجاسر على بيت النبي (ص) نفسه! هذه المواقف تَمُدُّ الإرهاب مَدّاً.
لا تقولوا هذه بحوث تأريخية بل هي بحوث الحاضر وبحوث المستقبل، فـ(إنَّكُمْ لَنْ تَعْرِفُوا الرُّشْدَ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي تَرَكَهُ) كما قال مولانا أمير المؤمنين (ع).
وقال (ع): (وَلَنْ تَأْخُذُوا بِمِيثَاقِ الْكِتَابِ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي نَقَضَهُ).
مَن الذي نقض الكتاب؟
مَن الذي غيَّرَ وضوء النبي (ص) مع أنه كان يتوضَّأ أمام المسلمين؟
ومَن الذي غيَّر صلاته (ص)؟
قدِمَ معاوية إلى المدينة ووقف للصلاة فقال: «الله اكبر،الحمد لله رب العالمين..»،فحذفَ البسملة،وبعدما أكمل اعترضَ المسلمون عليه، قائلين: لماذا يا معاوية أنسيت أم سرقت؟[11]
قد يقولون: لا لا، لا تتكلم عن معاوية.
فأقول: من لا يعرف حقيقة معاوية يأخذ من معاوية دينه ويُصبح عنده كاتِبُ الوحي فيحذف البسملة أيضاً اقتداء به.
ثـم إنَّ إشكالكم هـذا إشكـال عـلى أميـر المؤمنيـن (ع)..، والطريف في الأمر أنه في الخطبـة التي بعـدها ينتقد الإمـام (ع) طلحـة والزبير بكلِّ صراحة.
يقولون: لا تنتقد طلحة والزبير..
وأقول: أوليس الإمام علي (ع) انتقدهما؟
قبل أيَّام كان شخص يقول إنَّ الزبيرصحابيٌّ كبير فلا تجرحوا قلوبنا بتجريحه.
فأقول له: ماذا نفعل وأمير المؤمنين (ع) هو الذي جرَّحهُ.
انظروا كيف تحدَّث الإمام (ع) عنه -أي الزبير-وعن طلحة؛ قال: (كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَرْجُو الأمْرَ لَهُ) أي يريد أن يصبح هو الحاكِم، (وَيَعْطِفُهُ عَلَيْهِ دُونَ صَاحِبِهِ، لا يَمُتَّانِ إِلَى اللّهِ بِحَبْلٍ، وَلا يَمُدَّان ِإِلَيْهِ بِسَبَبٍ..) أي ليس لهم أي ربط بالله تعالى.
ثمَّ يأتي ابن أبي الحديد في شرحه الخطبة ويقول: «قالها في شأن طلحة والزبير رضي الله عنهما»!
ولا أعرف كيف يستقيم..!
(لا يَمُتَّانِ إِلَى اللّهِ بِحَبْلٍ) مع «رضي الله عنهما»؟!
ثم يُضيف الإمـام (ع) في وصفهمـا:(كُـلُّ وَاحِـدٍ مِـنْـهُمَـا حَامِلُ ضَبٍّ لِصَاحِبِهِ)،والضبُّ رمز الحقد في اللغة العربية،أي أنَّ الواحد منهما يحقد على الثاني، الاثنان هذان قائدا جيش واحد ويحقد أحدهما على الثاني، وحين أرادا أن يُصليا صلاة الصبح، صار هذا يدفع ذاك، وذاك يدفع هذا، وظلاَّ هكذا حتى كادت الشمس أن تشرق، فنادى الناس: الله الله يا صحابة رسول الله ستشرق الشمس، فعيَّنوا شخصاً ثالثاً صلَّى بهم.
يقـول الإمـام (ع) عنهمـا أيضاً: (وَعَمَّا قَلِيلٍ يُكْشَفُ قِنَاعُهُ بِهِ! وَاللّهِ لَئِنْ أَصَابُوا الَّذِي يُرِيدُونَ لَيَنْتَزِعَنَّ هذَا نَفْسَ هذَا، وَلَيَأْتِيَنَّ هذَا عَلَى هَذَا..)[12]، أي إذا أصبحت القدرة بيدهما فهذا يقتل ذاك و ذاك يسعى لقتل هذا.
انظـروا أيضاً إلى الخطبـة الشقشقيـة فإن كـان عندكـم انتقـاد فانتقدوا أميرالمؤمنين (ع)،فهو القائل عن الأوَّل: (وَإِنَّهُ ليَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ القُطْبِ مِنَ الرَّحَى، يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ وَلا يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ..)، إلى أن يقول (ع) عنه -أي الأول- وعن الثاني: (لَشَدَّ مَا تَشَطَّرَا ضَرْعَيْهَا!..)، ويقول (ع) عن الثاني أيضاً:(فَصَيَّرَهَا فِي حَوزَةٍ خَشْنَاء..)،إلى أن يقول (ع): (إِلَى أَنْ قَامَ ثَالِثُ القَوْمِ نَافِجاً حِضْنَيْهِ، بَيْنَ نَثِيلِهِ وَمُعْتَلَفِهِ..) فهل هناك أمضّ من هذا الذنب؟![13]
أنقل لكم هذه القضية وأختم بها الحديث . هذا القضية ينقلها ابن أبي الحديد المعتزلي السُّـنِّي في شرح نهج البلاغة[14]؛ يقول:
«وحدثني يحيى بن سعيد بن علي الحنبلي المعروف بابن عالية من ساكني قطفتا [اسم مكان] بالجانب الغربيِّ من بغداد، وأحد الشهود المعدَّلين بها، قال: كنت حاضراً الفخر إسماعيل بن علي الحنبلي الفقيه المعروف بغلام بن ابن المنى، وكان الفخر إسماعيل بن علي هذا، مقدَّم الحنابلة ببغداد في الفقه والخلاف، ويشتغل بشيء في علم المنطق،وكان حلو العِبارة وقد رأيته أنا وحضرت عنده، وسمعت كلامه، وتوفَّى سنة عشر وستمائة.
قال ابن عالية: ونحن عنده [أي عند مُقدَّم الحنابلة ببغداد] نتحـدَّث، إذ دخـلَ شخـص من الحنابلـة، قـد كان لـه دَين على بعـض أهل الكوفة، فانحدر إليه يطالبهُ به، واتَّفقَ أن حضرت زيارة يوم الغدير والحنبلي المذكور بالكوفة، وهذه الزيارة في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، ويجتمع بمشهد أمير المؤمنين (ع) من الخلائق جموع عظيمة،تتجاوز حدَّ الإحصاء.
قال ابن عالية:فجعل الشيخ الفخر -أي مُقدَّم الحنابلة- يُسائل ذلك الشخص: ما فعلت؟ ما رأيت؟ هل وصل مالك إليك؟ هل بقي لك منه بقية عند غريمك؟ وذلك يجاوبه، حتى قال له: يا سيدي لو شاهدت يوم الزيارة يوم الغدير، وما يجرى عند قبر علي بن أبي طالب من الفضائح والأقوال الشنيعة وسبِّ الصحابة جهاراً بأصوات مرتفعة من غير مراقبة ولا خيفة!
فقال إسماعيل:أيُّ ذنب لهم! والله ماجرَّأهم على ذلك ولا فتح لهم هذا الباب إلاَّ صاحب ذلك القبر!
فقال ذلك الشخص: ومن صاحب القبر؟
قال: علي بن أبي طالب!
قال: يا سيدي، هو الذي سنَّ لهم ذلك، وعلَّمهم إياه وطرَّقهم إليه!
قال: نعم والله.
قال: يا سيدي فإن كان مُحِقّاً فما لنا أن نتولَّى فلاناً وفلاناً؟!
وإن كان مُبطلاً فما لنا نتولاَّه؟!
ينبغي أن نبرأ إمَّا منهُ أو منهما!
قال ابن عالية: فقام إسماعيل مُسرعاً، فلبس نعليه، وقال: لعن الله إسماعيل الفاعل إن كان يعرف جواب هذه المسألة.
ودخل دار حرمه، وقمنا نحن وانصرفنا».
تعليقي على هذه القضية التي ينقلها ابن أبي الحديد أنَّ علي بن أبي طالب (ع) ليس هو الذي فتح لهم هذا الباب، بل الله فتح لهم هذا الباب، فإن كان عندكم انتقاد فانتقدوا القرآن الكريم، إنَّ في القرآن الكريم هجوماً لاذعاً وحادّاً على بعض صحابة رسول الله (ص)، ففي سورة الأحزاب يقول الله تعالى: { وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورًا }، فَمَن هُم هؤلاء المنافقون الذين قالوا إن الله خدعنا؟
أليسوا من صحابة رسول الله -أي بعضهم-؟
طبعاً بعضهم وإلاَّ فأبوذر وسلمان ومقداد وعثمان بن مظعون وأمثالهم هؤلاء لهم مقام شامخ عظيم.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــ
[1]) ما أروع هذه الكلمات الذهبيَّة! ولقراءة الخطبة الشريفة كامِلةً راجع (نهج البلاغة)، (الكافي)، (مصباح البلاغة)، (عيون الحِكم والمواعِظ)، (كتاب الأربعين)، (بحار الأنوار)، (المُراجعات)، (مُستدرك سفينة البحار)، (موسوعة أحاديث أهل البيت)، (الهجوم على بيت فاطمة)، (ينابيع المودة) للقندوزي الحنفي، (سيد البُلغاء) للمقريزي، (معرفة التأريخ) للدكتور البابلي المالكي، وغير ذلك.
[2]) أي أبو بكر.
[3]) سورة التوبة، وإلغاء أبي بكر لسهم المؤلَّفة قلوبهم ثابتٌ في التأريخ، وجرى عليه فقههم، وللاطلاع راجع (أصول الفقه) للدكتور الدواليبِي، (الجوهرة النيِّرة على مُختصر القدوري في الفقه الحنفي)، (معرفة التأريخ) للدكتور البابلي المالكي وقالَ بعد إثبات أن الخليفة ألغى سهم المؤلفة قلوبهم ما نصه: (وهذا اجتهاد مُقابل النص، وفيه شيء من التجاوز، لأنَّ القرآن أقرَّهُ والنبي مارسهُ..)، (تأريخ الدولة الأموية) للدكتورعبدالباقي قطب، (كتاب الأم) للشافعي، وعشرات المصادر الأخرى التي تُشير إلى ذلك، ولا علينا بالذي يتجاهل ويتعصَّب ويقول: اجتهاد.. والاجتهاد مُحترم!.
[4]) أي عُمر.
[5]) في سورة البقرة.
[6]) راجع: (نيل الأوطار) للشوكاني، (صحيح مسلم)، (فتح الباري) لابن حجر، (أضواء البيان) للشنقيطي، (السنن الكبرى) للبيهقي، (تأريخ الدولة الأموية) للدكتور عبد الباقي قطب، (المُصنَّف) لابن أبي شيبة، (الناسخ والمنسوخ) للدكتور الشيخ عبد العالي الشامي، (صور من حياة الصحابة) للشيخ عبد الله المدني.
[7]) سورة البقرة.
[8]) ولا غرابة في ذلك، لأنهم فعلوها، ففي عام 1400هـ، قال مُفتي الحِجاز: لا بأس بأن يتأخر مَن يأمر الناس بالصلاة في الشوارع والأسواق عن الصلاة، بل ويجوز له أن يُصلي الفرائض اليوميَّة كُلها في وقت واحد..! ليتفرَّغ في بقيَّة اليوم للأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر!. وللاطلاع على هذه الفتوى الفارغة وغيرها راجع كتاب (الفتاوى الإسلامية) للدكتور الشيخ عبد الغفار الخليوي المدني.
[9]) وهوالمُجرم المقبور "أبو رقيبة"حاكم تونس، وقد دعا الحاكم المُجرم "مُعمَّر القذَّافي" إلى دراسة رأيهِ والبحث فيه لأنهُ ربما يكون صالحاً لهذا الزمان.
[10]) فقد دعا الحجاج إلى زيارة قصر الخليفة الأموي عبد الملك وترك زيارة قبر الرسول (ص)، وللتفصيل راجع (تأريخ الدولة الأموية) للدكتور عبد الباقي قطب.
[11]) واعتراض المُسلمين عليه يُشير إلى أنَّ البسملة كانت ثابتة في الصلاة وفي القرآن وجرى العمل بها في زمن الرسول (ص) وما بعده، ولكن مُعاوية لا يعترف بالرسول ولا بالصلاة أصلاً، وللاطلاع على تحريف مُعاوية للصلاة راجع الكتب التالية: (كتاب الأم) للشافعي، (كتاب المُسند) للشافعي أيضاً، (المُستدرك على الصحيحين) للحاكم النيسابوري، (المجموع) للنووي، (السنن الكبرى) للبيهقي، (معرفة السنن والآثار) للبيهقي أيضاً، (عمدة القاري) للعيني، (المُصنَّف) للصنعاني، (الاستذكار) لابن عبد البر، (التمهيد) لابن عبد البر أيضاً، (نصب الراية) للزيعلي، (الدراية في تخريج أحاديث الهداية) لابن حجر، (كنز العمال) للمتقي الهندي، (الثقات) لابن حبَّان، (سنن الدارقطني)، (تفسير الثعلبي)، (فلك النجاة) لفتح الدين الحنفي، (تأريخ الدولة الأموية) للدكتورعبد الباقي قطب،(سيد البُلغاء) للمقريزي،(معرفة التأريخ) للدكتور البابلي المالكي، وعشرات الكتب الأخرى نتركها مُراعاةً للاختصار.
[12]) راجع (نهج البلاغة)، (بحار الأنوار)، (الغدير)، (شرح نهج البلاغة) لابن أبي الحديد، (تأريخ الدولة الأموية) للدكتور عبد الباقي قطب، (سيد البُلغاء) للمقريزي، (معرفة التأريخ) للدكتور البابلي المالكي، وقد نقلَ مقطعاً مُختصراً مِنَ هذه الخُطبة كتاب (النهاية في غريب الحديث) لابن الأثير، (لسان العرب) لابن منظور، (تاج العروس) للزبيدي، (أصدق المقال) للنابلسي الشافعي، (طلحة والزبير تحت الضوء) للشيخ الدكتور أحمد محمود الحلبي، وغير ذلك من المصادر نتركها للاختصار.
[13]) (نهج البلاغة)، وعشرات الكُتب الأخرى لا داعي لذكرها مُراعاةً للاختصار، ويكفينا ما نقله الثقفي في كتاب (الغارات)، وما قاله ابن أبي الحديد في (شرح النهج) بخصوص هذه الكلمات للإمام (ع): (واعلم أنه قد تواترت الأخبار بذلك).
[14]) وأيضاً كتاب (الغارات) للثقفي، (طلحة والزبير تحت الضوء) للشيخ الدكتور أحمد محمود الحلبي، وعشرات الكتب الأخرى.


رد مع اقتباس