|
عضو دائم
|
|
|
|
الدولة : مدينة الرسول الأعظم عليه السلام
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
ابو اسامة
المنتدى :
ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
بتاريخ : 01-Nov-2008 الساعة : 01:15 AM

اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
استشارة العاقل والمجنون
........ كان البهلول وعلى عادته يمشي يوماً في أزقة بغداد فلقيه رجل تاجر ، فقال لبهلول :
" أريد استشارتك في أمر التجارة " .
........ قال البهلول وكان بيده خيزران ضرب بها كفه الأخرى بهدوء : " وما الذي عدل بك عن العقلاء حتى اخترتني دونهم ؟ " . ثم مكث هنيئة فقال : "حسناً ما الذي أردت استشارتي فيه؟ "
ــ إن عملي التجارة فأردت شراء متاع احتكره ثم أبعه لمن يدفع لي فيه ثمناً باهضاً . قال التاجر
........ ضحك البهلول حتى بانت أضراسه ، وقال : " إن أردت الربح في تجارتك فاشتر حديدا وفحما " .
........ شكره التاجر على ذلك وانطلق إلى السوق ، ثم فكر في كلامه جيداً فرأى إن من الأفضل أن يأخذ بكلامه ، فأشترى حديداً وفحماً وأودعهما في المخازن ، حتى مضت عليهما مدة مديدة ولا زالا على حاليهما في المخزن ، ولما احتاج التاجر إلى ثمنهما وكان قد أرتفع تلك الأيام سعرهما باعهما بأفضل ثمن ، وربح عليهما ربحاً كثيراً .
........ ولكن أثرت هذه الثروة على سلوكه ، كما تؤثر على سلوك الكثير من الناس ، حيث تجدهم يفقدون صوابهم ويتغير منطقهم وسلوكهم بعد ثرائهم ، فتراهم ينقلبون من هذا الوجه إلى ذلك الوجه . وهكذا كان التاجر فقد أغتر بنفسه غروراً عجيباً ، حتى لم يكد يعد للناس وزناً ، وأخذ يتحدث عن عقله وذكائه وفطنته .
........ وذات يوم مر التاجر ببهلول ، لكنه لم يعره أي أهمية ولم يشكره على ما أشار عليه به سابقا بل أثار بوجهه الغبار وسخر منه ، ثم قال :
ــ أيها المجنون ما الذي أشتري وأحتكر حتى يعود علي بالربح .
ــ أشتر ثوماً وبصلاً وأودعهما في المخزن . قال بهلول وهو يضحك
........ خطا التاجر بعدها خطوات ثم عاد لبهلول وقال بغرور وعجب : " عليك أن تفخر بمشورة تاجر موفق وشهير مثلي إياك "
........ لم يجب البهلول بشيء إنما بهت لجهل التاجر وغروره . بينما رصد التاجر لشراء الثوم والبصل كلما يملك من أموال ، وذهب صباح اليوم التالي إلى السوق لشرائهما على أمل الربح الكثير عند بيعيهما .
........ بعد أشهر مضت على البصل والثوم وهما في المخزن جاء التاجر وفتح أبوب المخزن وهو لا يعلم ما ينتظره من خسران مبين ، فوجد الثوم والبصل قد تعفنا ونتنا ، وطبعا لم يكن أحد ليرغب بشراء مثل هذا البصل والثوم المتعفنين ، بل لا بد من رميه في المزابل لأن رائحته النتنة انتشرت في كل مكان ، مما اضطر التاجر أن يستأجر عدة نفر ليحملوا هذا المتاع الفاسد إلى خارج المدينة ويدفنوه في الأرض .
........ امتعض التاجر من بهلول وازداد حنقاً عليه وغضباً لأنه فقد رأس ماله بسببه ، فأخذ يبحث عنه في كل مكان حتى عثر عليه ، فلما رآه أخذ التاجر بتلابيبه وقال : " أيها المجنون ما هذا الذي أشرت به علي ، لقد أجلستني على بساط الذلة والمسكنة "
........ خلص البهلول نفسه من التاجر ، وقال : " ماذا حدث ؟ " .
........ قص التاجر على البهلول وصوته يرتعش من شدة الغضب ما جرى له . سكت بهلول عن التاجر هنيئة وهو يعلم عم يتحدث التاجر حتى سكت الغضب عنه ، ثم قال له :
" لقد استشرتني أولا فخاطبتني بخطاب العقلاء فأشرت عليك بما يشيرون ، لكنك لما أردت استشارتي ثانياً خاطبتني بخطاب المجانين فأشرت عليك بمشورتهم ، فاعلم أن ضرك ونفعك مخبوءان تحت لسانك ، إن خيراً فخيراً وإن شراً فشراً " .
........ فأطرق التاجر إلى الأرض وهو لم يحر جواباً فتركه بهلول وأنصرف عنه .
|
توقيع خادمة العباس (ع) |
خــ العباس(ع) ــــــادمة
|
|
|
|
|