منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - دور الإمام الرضا (عليه السلام) قبل ولاية العهد
عرض مشاركة واحدة

منتظرة المهدي
عضو
رقم العضوية : 421
الإنتساب : Sep 2007
الدولة : طيبة الطيبة
المشاركات : 5,448
بمعدل : 0.85 يوميا
النقاط : 0
المستوى : منتظرة المهدي is on a distinguished road

منتظرة المهدي غير متواجد حالياً عرض البوم صور منتظرة المهدي



  مشاركة رقم : 5  
كاتب الموضوع : منتظرة المهدي المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 11-Feb-2009 الساعة : 12:35 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


السلام على شمس الشموس .. المدفون بأرض طوس .. علي ابن موسى الرضا



الاصلاح الاقتصادي

لم يكن الإمام () على رأس سلطة حتى يستطيع اصلاح الاوضاع الاقتصادية اصلاحاً فعلياً، ولذا اكتفى بنشر المفاهيم الاسلامية المتعلقة بالحياة الاقتصادية والنظام الاقتصادي الاسلامي، فقد حدّد جوامع الشريعة في رسالة له طويلة اعتبر الانحراف عن نهج الاسلام الاقتصادي من الكبائر التي يعاقب عليها الانسان، ومما جاء في هذه الرسالة : «واجتناب الكبائر، وهي ... اكل مال اليتامى ظلماً ... وأكل الربا والسحت بعد البينة، والميسر، والبخس في الميزان والمكيال ... وحبس الحقوق من غير عسر ... والاسراف والتبذير».

وكان يدعو الى دفع الزكاة فيقول : «ان الله أمر بثلاثة مقرون بها ثلاثة أخرى : أمر بالصلاة والزكاة، فمن صلّى ولم يزكّ لم تقبل منه صلاته ...».

وكان يوضّح اسباب الظواهر السلبية ومنها حبس الزكاة فيقول : «اذا كذبت الولاة حبس المطر، واذا جار السلطان هانت الدولة، واذا حبست الزكاة ماتت المواشي».

وكان () يدعو الى ايصال الزكاة الى مستحقيها، فحينما سئل عن اعطاء الزكاة فيمن لا يعرف ـ اي بالايمان ـ قال : « لا، ولا زكاة الفطرة».

وكان يقول :

«وزكاة الفطرة فريضة ... لا يجوز أن تعطى غير أهل الولاية لانّها فريضة».

وهذا تصريح يكشف التلاعب بأموال المسلمين من قبل الحكّام بتوزيعهم الأموال حسب أهوائهم ورغباتهم دون التقيّد بميزان شرعي .

وكان يدعو الى اعطاء الخمس الى الإمام الحقّ وليس الى الحاكم المغتصب للخلافة ففي كتابه الى أحد تجّار فارس ردّاً على سؤال له يقول : «... لا يحلّ مال إلاّ من وجه احلّه الله، ان الخمس عوننا على ديننا وعلى عيالاتنا وعلى موالينا، وما نبذله ونشتري من اعراضنا ممّن نخاف سطوته، فلا تزووه عنّا ... فإنّ اخراجه مفتاح رزقكم، وتمحيص ذنوبكم ...». ( خاص بمواقع الميزان)

وكان يدعو الى التكافل الاقتصادي ويحثّ عليه قال () : «السخي يأكل من طعام الناس ليأكلوا من طعامه».

وقال لعلي بن يقطين : «اضمن لي الكاهلي وعياله واضمن لك الجنّة».

وكان يحارب الاسراف والتبذير، فعن ياسر الخادم قال : أكل الغلمان يوماً فاكهة، فلم يستقصوا أكلها ورموا بها فقال لهم ابو الحسن () : «سبحان الله ان كنتم استغنيتم فإنّ اناساً لم يستغنوا، اطعموه من يحتاج اليه.

وكان ينفق ما يصل اليه من أموال على الفقراء والمعوزين حتى انه وزع جميع ما يملك في يوم عرفة.

وكان قدوة في الصدقة والعطاء لتقتدي به الاُمّة، ويكون عمله ميزاناً تزن به الاُمة ممارسات الحكّام المالية، لتميز بين منهجين اقتصاديين، منهج أهل البيت () ومنهج الحكّام المتلاعبين بأموال المسلمين .

وكان يحارب التصوّف ومفاهيم الزهد الخاطئ، الذي شجّع عليه الحكّام لابعاد الاُمة عن المطالبة بحقوقها، أو الدعوة الى التوازن الاقتصادي، فكان () يجلس في الصيف على حصير وفي الشتاء على بساط من شعر، ويلبس الغليظ من الثياب حتى اذا برز للناس تزيّن لهم.

ودخل عليه قوم من الصوفية فقالوا له : ... والائمة تحتاج الى من يأكل الجشب ويلبس الخشن ويركب الحمار ويعود المريض ؟ فأجابهم بالقول : «كان يوسف نبياً يلبس أقبية الديباج المزردة بالذهب ويجلس على متكئات آل فرعون، ويحكم، انما يراد من الإمام قسطه وعدله، إذا قال صدق واذا حكم عدل، واذا وعد أنجز، انّ الله لم يحرم لبوساً ولا مطعماً ...».

والدعوة الى رفض المفاهيم الخاطئة للزهد هي معارضة صامتة للحكّام الذين سمحوا بانتشار هذه المفاهيم .



الاصلاح الاخلاقي

كان الإمام () يستثمر جميع الفرص المتاحة للاصلاح والتغيير الاخلاقي والاجتماعي وبناء واقع جديد مغاير لما عليه عامة الناس، ولهذا تعددت اساليبه التربوية الاصلاحية فكانت كما يلي :



أولاً : احياء روح الاقتداء برسول الله ()

قام الإمام () بتوجيه الانظار والقلوب للاقتداء بارقى النماذج البشرية وهو رسول الله ()، فهو قدوة للحكّام باعتباره حاكماً ورئيس دولة، وقدوة للفقهاء، وقدوة لسائر المسلمين من افراد وجماعات .

واذا كانت الحكومات المعاصرة للامام () تضيّق الخناق على الإمام () في حالة التدخل في السياسة فانها لا تستطيع أن تمنعه من الحديث المتعلق باخلاق رسول الله () وخصوصاً اخلاقه كحاكم، ولذا وجد () الظروف مناسبة للدعوة الى الاقتداء به ()، فقد كان يذكر الاحاديث عن أجداده حول أخلاق رسول الله ()، ومنها الحديث المروي عن الإمام الحسن () عن ابيه () في صفات رسول الله () الاخلاقية : ( خاص بمواقع الميزان)

«... وكان من سيرته في جزء الاُمة ايثار أهل الفضل بإذنه، وقسمه على قدر فضلهم في الدين، فمنهم ذو الحاجة، ومنهم ذو الحاجتين، ومنهم ذو الحوائج، فيشاغل ويشغلهم فيما أصلحهم وأصلح الاُمة من مسألته عنهم واخبارهم بالذي ينبغي، ويقول : ليبلّغ الشاهد منكم الغائب، وابلغوني حاجة من لا يقدر على ابلاغ حاجته ... كان رسول الله () يخزن لسانه الاّ عما يعنيه ... ويكرم كريم قوم ويولّيه عليهم ... ويتفقد أصحابه ويسأل الناس عما في الناس ... خيارهم عنده وأعمهم نصيحة للمسلمين، واعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة وموازرة ... وقد وسع الناس منه خلقه وصار لهم أباً رحيماً، وصاروا عنده في الحق سواء ... كان دائم البشر، سهل الخلق، ليّن الجانب ... وترك من الناس من ثلاث كان لايذم أحداً ولا يعيّره ولا يطلب عثراته ولا عورته ... وجمع له الحلم مع الصبر، فكان لايغضبه شيء ولا يستفزه، وجمع له الحذر مع أربع: اخذه الحسن ليقتدى به، وتركه الباطل لينتهى عنه، واجتهاده الرأي في اصلاح امته والقيام فيما جمع لهم من خير الدنيا والآخرة».

وهذه الدعوة دعوة صامتة لتقوم الاُمة بتشخيص منهجين في الاخلاق: منهج الحكّام ومنهج رسول الله () الذي هو منهج أهل البيت() . وقد فوّت الإمام() على الحكّام فرصة منعه من التحدث عن رسول الله() في الجانب الخلقي. وهكذا كانت الدعوة الى الاقتداء برسول الله () دعوة صامتة وسلميّة لكشف حقيقة أخلاق الحكّام .



ثانياً : القيام بدور القدوة

انّ دور الإمام () هو دور القدوة، وقد ادّى الإمام () هذا الدور اداءاً مطابقاً لقيم الاسلام الثابتة، وأبرز للمسلمين نموذجاً من ارقى نماذج الخلق الاسلامي الرفيع، وكان قمة في الصدق واداء الامانة والوفاء بالعهد، والتواضع، واحترام الآخرين، والاهتمام بالمسلمين، وقضاء حوائجهم .

وكان يعالج الواقع الفاسد في العلاقات معالجة عملية، ومن مواقفه العملية انه دعا يوماً بمائدة، فجمع عليها مواليه من السودان وغيرهم، فقيل له : لو عزلت لهؤلاء مائدة، فقال : «ان الربّ تبارك وتعالى واحد والاُم واحدة والأب واحد والجزاء بالأعمال».

وقال لخدّامه : «ان قمت على رؤوسكم وأنتم تأكلون، فلا تقوموا حتى تفرغوا» .

وكان لا يستخدم أحداً من خدّامه حتى يفرغ من طعامه.

ووصفه ابراهيم بن العباس : ما رأيت ولا سمعت بأحد افضل من أبي الحسن الرضا() ، ما جفا أحداً ولا قطع على أحد كلامه، ولا ردّ أحداً عن حاجة، وما مدّ رجليه بين يدي جليس، ولا اتكى قبله، ولا شتم مواليه ومماليكه، ولا قهقه في ضحكة، وكان يجلس على مائدة مماليكه ... كثير المعروف والصدقة في السر ....

وكان متواضعاً للناس، دخل الحمام فقال له بعض الناس : دلّكني يا رجل . فجعل يدلّكه فعرّفوه، فجعل الرجل يعتذر منه، وهو يطيب قلبه ويدلّكه.

وكان () كثير العفو والصفح لا يقابل الاساءة بالاساءة، رحيماً لا يحمل حقداً ولا عداءاً لمن يؤذيه من عامة الناس أو من خواصهم، فقد عفى عن الجلودي الذي سلب حلي نساء أهل البيت () عندما هجم على دار الإمام الرضا () في عهد هارون، وطلب من المأمون أن لا يمسّه بسوء.

وقال شعراً يصف به اخلاقه الكريمة لتقتدي به الاُمة :

إذا كان من دوني بليت بجهله *** أبيت لنفسي أن اقابل بالجهل

وان كان مثلي في محلّي من النهى*** أخذت بحلمي كي أجلّ عن المثل

وان كنت أدنى منه في الفضلوالحجى***عرفت له حق التقدّم والفضل


للموضوع وقفة أخرى


رد مع اقتباس