منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - دورس في أسرار الصلاة على محمد وآله
عرض مشاركة واحدة

منتظرة المهدي
عضو
رقم العضوية : 421
الإنتساب : Sep 2007
الدولة : طيبة الطيبة
المشاركات : 5,448
بمعدل : 0.85 يوميا
النقاط : 0
المستوى : منتظرة المهدي is on a distinguished road

منتظرة المهدي غير متواجد حالياً عرض البوم صور منتظرة المهدي



  مشاركة رقم : 11  
كاتب الموضوع : منتظرة المهدي المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 05-Jul-2009 الساعة : 12:49 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واللعن عدوهم .

الدرس الثالث



{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}.

في هذه الصلوات مضامين سامية لا يرقى إليها إلاّ من حباه الله بمعرفة آل الله، محمّد وآل محمّد، وقد عبّر عن هذا السرّ الصلواتي المصطفى صلّى الله عليه وآله ، لمّا سئل: أرأيت قول الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}.

قال: «هذا من العلم المكنون، ولو لا أنكم سألتموني ما أخبرتكم، إنّ الله تعالى وكلّ بي ملكين، فلا اُذكر عند مسلم فيصلي عليّ إلاّ قال له ذلك الملكان: غفر الله لك، وقال الله وملائكته: آمين».

الله تبارك وتعالى يؤمّن على دعاء الملكين اللذين سمعا صلاة المصلي على البنيّ وآله: «ولا اُذكر عند مسلم فلا يصلّي عليّ إلاّ قال له الملكان: لا غفر الله لك، وقال الله تعالى وملائكته: آمين».

هذا سرّ عجيب، هذا العلم المكنون الذي لم يطلع عليه أحد، إلاّ من اُشرب حبّ آل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين، فينكشف له السرّ في معرفة العلم المكنون المخزون المصون الذي استأثر به الله عن سائر الخلق إلاّ لأتباع عليّ وآل عليّ صلوات الله عليهم أجمعين.

روى الشيخ المجلسي في (البحار) بالإسناد إلى الإمام الكاظم عن آبائه عن أمير المؤمنين أنه قال في جواب اليهودي الذي سأله عن فضل النبيّ صلّى الله عليه وآله على سائر الأنبياء ، فذكر اليهودي أنّ الله أسجد ملائكته لآدم فقال : «وقد أعطى الله محمّداً صلّى الله عليه وآله أفضل من ذلك، وهو أنّ الله صلّى عليه وأمر ملائكته أن يصلوا عليه، وتعبّد جميع خلقه بالصلاة عليه إلى يوم القيام، فقال جلّ ثناؤه: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}. فلا يصلّ عليه أحد في حياته ولا بعد وفاته إلاّ صلّى الله عليه بذلك عشراً، وأعطاه من الحسنات عشراً بكل صلاة يصليها عليه، ولا يصلّ عليه أحد بعد وفاته إلا وهو يعلم بذلك، ويردّ على المصلي السلام مثل ذلك؛ لأنّ الله جلّ وعزّ جعل دعاء اُمته فيما يسألون ربّهم جل ثناؤه موقوفاً عن الإجابة حتّى يصلّوا عليه صلّى الله عليه وآله ، فهذا أكبر وأعظم مما أعطى الله آدم .

إنّ السجدة كم كانت مدتها؟ وكم طالت؟ ما المدة الزمنية لها؟ كانت السجدة لآدم لمدّة محدودة، أما حقيقة الصلاة الإلهية التي تستفاد من فعل المضارعة {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} أي ما دامت الدنيا وما دام الوجود لا تنقطع صلاة الله وصلاة ملائكته على النبيّ وآله على الإطلاق، فتلك سجدة زمنية محدودة بحدّ، وهذه الصلاة ربوبيّة لا انقطاع لأمرها ولا منتهى لعددها، صلاة عددها في علم الله، صلاة تشحن الهواء وتملأ الأرض والسماء، يتنفّس بها الأولياء والأزكياء، آدم فمن دونه، لأنّهم هم المخاطبون في المقطع القرآني { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} من المؤمنين آدم، ومن المؤمنين نوح، وإبراهيم، وهكذا موسى وعيسى وكلّ أولي العزم وكلّ الأنبياء ممن يصدق عليهم
{الَّذِينَ آمَنُوا}، فهم مشمولون كلهم أجمعون بهذا الخطاب صلّوا عليه وسلموا تسليماً.

وهناك بيان عميق، وهو أنّ تلك الحالة حالة آنية، وهذه حالة زمنية تمتد بامتداد الوجود لا انقطاع لها، وقد صلّى الله من فوق عرشه على النبيّ وآله، ومن هنا تجد أنّ المراد بالتسبيح والذكر ليس فقط إله إلاّ الله.

الذكر يصدق على لا إله إلاّ الله، ويصدق على الله أكبر، ويصدق على التحميد، ويصدق على التمجيد، ويصدق على الصلوات على النبيّ وآله، ومن هنا ورد {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً} . ما نوع هذا التسبيح؟ لا إشكال عند أولي البصيرة والأبصار، بأنّ حقيقة التسبيح لا تكون تسبيحاً إلاّ إذا كانت مسبوقة بذكر محمّد وآل محمّد صلى الله عليهم أجمعين.

قال رسول الله صلّى الله عليه وآله، لعليّ في حديث: «إذا صلّى عليّ ولم يتبع بالصلاة على أهل بيتي، كان بينها وبين السماء سبعون حجاباً » .

فكل دعاء كما قال أمير المؤمنين محجوب بأكثر من سبعين حجاب، تلو حجاب حتّى يسبق دعاءه بذكر محمّد وآل محمّد صلّى الله عليه وآله، ولذا ينبغي أن نعرف ما سرّ الصلوات عندما نقول: اللهم صلِ على محمد وآل محمّد، في الصباح والمساء، والدعاء، والزيارات، وفي الأذكار.

بعض أجاب فقال: بأنّ الصلاة تعني أن نطلب الرحمة للنبيّ، أي يا ربّ ارحم النبيّ، القرآن صريح {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}(، يعني أنّ كل العوالم العلوية والسفلية، إنما برحمة محمّد صارت علويّة، وصارت في هذا الموقع، فالكل من العوالم محتاج للمدة المحمدي ولا عكس، ذلك لأنّه إذا إنعكس الأمر، لم يصبح للعالمين، وإنما صار العالم رحمة له.

إذاً كيف نقول بأن الصلاة هي الرحمة؟ أطلقها المعصوم وأراد منّا التأمل في معنى الرحمة كما قال ذلك الذي سقاه الإمام الرضا ، شربةً من ماء، فارتوى وشرح الزيارة الجامعة الشريفة، وشرح الصلوات، فقال: المراد بالرحمة كشف وإبراز تلك المقامات التي وصل إليها المصطفى صلّى الله عليه وآله مقام قاب قوسين أو أدنى، حتّى نتعرف على حقيقته وننضمّ في هويته، ونصبح من أتباع ملّته وعلى طريقته، الرحمة بمعنى يا رب اكشف لنا حقائق هذا النبيّ العلوي الملكوتي النوراني {يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً * رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}.

لن يهدأ للعارف بال، ولن يستكين له حال، حتّى يرقى إلى معرفة تلكم الأسرار، ببركة محمّد وآله خير الوسيلة إلى تلك المعارف.

اللّهمّ عرّفنا قدر هذه الصلوات، اللّهمّ اكشف لنا هذه المقامات والشؤونات، وأخرجنا من قعر الظلمات، وسجن الطبيعة والجمود على الألفاظ المشؤومات، شؤم بقاء الإنسان متقيّداً ومتغلّفاً لا فرق بينه وبين أبي حنيفة وأتباعه، يجب أن يخرج الإنسان من هذه الظلمة ليخرق حجب كلّ شيء.

يقول المتقي الهندي في (كنز العمال) وهو رجل من المخالفين ينقل بأن أمير المؤمنين قال: «سلوني قبل أن تفقدوني، فإني لا أسال عن شيء دون العرش إلاّ أخبرتُ عنه».

إنّ الذي يريد أن يصل إلى المعرفة الحقّة، عليه أن يحكّم أصوله، ثم يذهب للأمور الفرعية الأخرى، ففي الخبر الصحيح في الكافي الشريف: «ذروة الأمر وسنامه ومفتاحه وباب الأشياء ورضا الرحمن تبارك وتعالى، الطاعة للإمام بعد معرفته». هذه هي الذروة، يريد أن يقول: إن من يريد الوصول إلى المعرفة الحقة، عليه أن يحكّم أصوله، ثمّ يذهب للأمور الفرعية الأخرى، اعرف الحق وأهله أولاً. إذاً معرفة النبيّ وأسراره، ومعرفة آل النبيّ وأسرارهم، إذا لم تتحقق فلا فائدة بدونها ونبقى في تخلّف وظلمات.

القرآن الكريم يقول: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ}، إذاً الأمر سهل يتمّ بالعلم والمعرفة، ومحمّد وآل محمّد صلّى الله عليه وآله هم أهل العلم والمعرفة.

المرتاضون إذا أرادوا أن يرتاضوا يشرعون في ذكر الصلاة على النبيّ وآله، فكم من معارف وأسرار تنكشف لهم، سلوا أهل الذكر «واسأل به خبيراً» علماؤنا كيف وصلوا إلى ما وصلوا إليه؟

في نهاية البحث أوّد أن أشير إلى شخصية عملاقة في الزهد والعبادة والعلم وهو شيخ الفقهاء مرتضى الأنصاري قدّس سرّه صاحب كتابي (الرسائل في الأصول والمكاسب في الفقه)، بانّ كلّ ما عنده من أسرار في العلوم والفنون المختلفة منشأؤه أمران: الأول: مواظبته على زيارة المولى قطب دائرة الصلوات والتحيات أمير المؤمنين وإكثاره الصلوات على النبيّ وآله.

الثاني: ملازمته زيارة عاشوراء في كلّ يوم، لما فيها من اللعن والبراءة من أعداء آل محمّد وأسرار أخرى يعرفها أهلها.


رد مع اقتباس