منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - دورس في أسرار الصلاة على محمد وآله
عرض مشاركة واحدة

منتظرة المهدي
عضو
رقم العضوية : 421
الإنتساب : Sep 2007
الدولة : طيبة الطيبة
المشاركات : 5,448
بمعدل : 0.85 يوميا
النقاط : 0
المستوى : منتظرة المهدي is on a distinguished road

منتظرة المهدي غير متواجد حالياً عرض البوم صور منتظرة المهدي



  مشاركة رقم : 14  
كاتب الموضوع : منتظرة المهدي المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 08-Jul-2009 الساعة : 04:14 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم




اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واللعن عدوهم .


الدرس السادس



{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}.


من الأسرار التي تنطوي في هذه الصلوات، فيما يتعلق بما مرّ من الحوادث والوقائع لدى الشعوب التي سبقت الإسلام، ومن هنا يقع البحث في دراسة مستوعبة لما كان يمارسه أبناء الشعوب آنذاك، ماذا كان عندهم من ممارسات وعبادات وتكاليف، لأنّه ما من اُمّة إلاّ وخلا فيها نذير، لابدّ أن يكون هناك نذير {وَلِكُلّ قَومٍ هَادٍ} ولابد أن يكون الهادي، فبأي شيءٍ تقع الإنذارات، وبأي شيء تتحقق البشارات، هذا ما سيتم بحثه بشكل قرآني وواقعي حتّى نكون على بيّنة من أنّ الشعوب السابقة والأمم الماضية والأديان الغابرة، كلها كانت تمثّل ما يمثّل هذه الاُمة من دين ورسالة، وكان هناك سرّ مشترك في جميع الأحوال والظروف، وسوف نصل إلى هذا السرّ.

ما هو هذا الارتباط بين الشرايع والسماوات والأديان، وعوالم الملكوت، وعوالم الروح، وعوالم المجردات، وعوالم الدنيا وما إلى ذلك من شئونات ووجودات؟ ما الذي يربط بينها من سرّ جامع مشترك؟ هذا السرّ سوف نكتشفه من خلال القرآن الكريم.

هناك واقعة مهمة أعرضها بشكل تفصيلي، حتّى نصل إلى أسرار هذه الواقعة من خلال القرآن الكريم قال تعالى: {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ}.

هنا سرّ، كيف نجى هؤلاء، وكيف عبروا البحر، والبحر لا يمكن أن يتوزه أحد، والمشي عليه دون الوسائط والوسائل الخاصة.

هناك سرّ آخر {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ * ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.

إذاً هناك أسرار أبيّنها بمقدمة ثم أدخل في مجرى البحث.

القرآن عندما يعرض هذه الحوادث، ويخاطب نبيّ الإسلام فماذا يقصد بها؟ لماذا يعرضها على النبيّ صلّى الله عليه وآله؟ ما الحكمة في عرض هذه القصة مع أنّ القوم قد مضى عليهم الألوف من السنوات.

يريد القرآن أن يربط بين ما عليه الأسلاف وما عليه الأحفاد، بأنّ القوم الذين عايشوا النبيّ صلوات الله عليه وآله، لهم ارتباط وامتداد بأسلافهم الماضين، فأراد أن يذكّرهم بأنّ الله تعالى قد منّ عليهم منناً عظيمة، وأهمّ تلك النعم وتلك المنن، نعمة لابد أن يتوجّهوا إليها، وهي تحقّق النجاة للأسلاف بتلك النعمة، فبنفس هذه النعمة ينجو الأحفاد، وهذا الغرض الأقصى والمدى الأبعد ـ على مستوى فهمنا ـ لمرام هذه الآيات.

يعني يا ملّة بني إسرائيل، يا ملّة الإسلام، ويا ملّة النصارى، لكم أجداد قد منّ الله تعالى عليهم بنعمة هامّة، وسرّ هام، ذلك السرّ الذي تحقق به النجاة لأولئك الأجداد هو نفس السرّ الذي يتحقّق به النجاة لهؤلاء الأحفاد، هذا هو الوجه في الربط بين القصص الماضية وبين الوقائع الجارية حتّى يكون هناك فهم دقيق للحقائق.

من أهمّ العبر أنّ هناك سرّاً جامعاً مكنوناً مخزوناً محفوظاً، كان يتوجه إليه الأسلاف من بني إسرائيل فينجون، فكيف كانت نجاتهم من فرعون؟

عندما اشتدت الأزمة ببني إسرائيل قالوا لموسى : نحن بين مقتول ومذبوح وأسير وسجين، خلّصنا من هذه المشكلة، فأمرهم الله تعالى أن يتوجهوا إلى البحر، فلما وصلوا أراد منهم أن يقتحموا البحر، قالوا: كيف نعبر البحر؟

فقام احدهم اسمه كالب بن يوحنا، فقال لموسى : من أمرك بأن نقتحم هذا البحر؟ قال موسى : ربّي الله أمرني، وقال كالب بن يوحنا: وكيف أقتحمه؟

قال موسى : بأن تشهد لله بالوحدانية، وأن تقّر لمن سيأتي من بعدنا، وسيكون هو السرّ في هذا الوجود. قال: وما هو هذا السرّ؟

قال موسى : أن تقول: اللّهم بجاه محمّد وآله الطيبين لمّا أعنتني بجواز البحر.

قال: نحن تعلّمنا هذا الذكر من نبيّ إلى نبيّ، ومن أولي عزم إلى أولي عزم، إننا إذا أردنا أن نقتحم الشدائد ذكرنا النبيّ وآله أفضل الخلق، فإنّه بهذا الطلسم الملكوتي يتحول الماء إلى تراب، والتراب إلى ماء.

قال هذا الرجل: اللّهمّ بجاه محمّد وآله الطيبين الطاهرين، ثمّ اقتحم البحر وإذا به وكأنّه يمشي على الأرض، ركض للطرف الآخر من الخليج، ثم عاد راكضاً، فلماء رأوا ذلك اطمأنّت قلوبهم، ثم قال لهم: الآن توجهوا واعبروا البحر، اذكروا نبيّ الإسلام وأشرف الخلق الكرام محمّداً صلّى الله عليه وآله وسلم واعبروا.

قالوا: إذا لم تجفف الماء، لا يمكن أن نعبر، وسأل موسى ربّه وقال: ربّي ماذا أفعل؟ قال الله تعالى: أدعو بالسرّ الأعظم محمّد صلّى الله عليه وآله، وبمجرد أن ذُكِر محمّد صلّى الله عليه وآله وإذا به يجفّ، ما هذا الارتباط بين هذا السرّ وبين هذا البحر؟

ثمّ قالوا: نحن اثنتا عشرة قبيلة، اجعل لكل قبيلة طريقاً، فإذا كان الطريق واحداً فسوف تحصل مشاكل؛ لأن كلّ قبيلة تريد أن تتقدم، وبالتالي تخرج من الدين، فدعا الله بهم صلوات الله عليهم، وإذا بهم يحصل اثنا عشر طريقاً.

قال لهم: اعبروا، قالوا: اجعل لنا طيقاناً، الطيقان: هي ما يمكن أن يرى من خلاله مثل الجدران المعطوبة كالأقواس، لأننا نريد أن يشرف بعضنا على بعض حال العبور، ولأننا نخشى أن يحدث لأحد منا مكروه، فقال: اللّهم بجاههم اجعل لهم طيقاناً، فجعل لهم طيقاناً فعبروا.

فلمّا عبروا ووصلوا إلى الطرف الآخر من البحر، وصل فرعون، وجنوده فلمّا همّ أولهم أن يخرج وآخرهم قد دخل، أمر الله تعالى بأن يطبق البحر عليهم، فانطبق واغرقوا والقوم ينظرون إليهم، ولما وقف قوم موسى هناك، أشار إليهم بأنّ نجاتكم، إنما كانت ببركة التوسل المحمّدي العلويّ.

ولما وصلوا وعبروا، صار القرار بأن يتوجهوا إلى الله، فقال موسى بأنّه سوف يذهب ليحضر كتاب الله وفرقانه، فطلب منهم أن ينتظروا وغاب عنهم شهراً إمتدّ إلى أربعين ليلة، وإذا بالقوم قد توجهوا إلى عبادة العجل، فلما رجع موسى وشاهد هذه القضية، أراد أ، يكشف السرّ في وصول هؤلاء إلى عبادة العجل مع أنّهم رأوا آيات الله، ورأوا البحر قد أصبح معبّداً وغرق قوم فرعون أمامهم.

يقول الإمام العسكري : ما كان من أمر بني إسرائيل في عبادتهم العجل إلاّ لتهاونهم بالصلاة على محمّد وآله.

يا موسى بن عمران، ما خذل هؤلاء في عبادتي واتخاذي إلهاً إلاّ لتهاونهم بالصلاة على محمّد وآل محمّد.

والعبرة هنا كما يقول الإمام العسكري : إذا كان الله تعالى قد خذل عبدة العجل لتهاونهم بالصلاة على محمّد وآله، أفلا تخافون من الخذلان الأكبر في معاندتكم محمّداً وآله، وقد شاهدتم الدلائل والآيات.

إذاً كلّ السرّ في نجاح هذه الاُمّة، أو في خذلان تلك الاُمّة، إنما هو بالارتباط بسرّ الصلوات، هذا الارتباط عندما يحكم يتحول المجتمع إلى مجتمع بحاره طرق، وأنهاره سبل، وسماؤه تغدق على الخلق.

فكل ما في الغابر والماضي وفي الحاضر والآتي، إنما يرتبط في سر الصلوات على محمّد وآل محمّد، وهذا المعنى نستوحيه من القرآن، ولهذا ورد في شواهد عجيبة أنّ حياة الشعوب بذكر المصطفى وآله.

ولهذا ورد أنّ إبراهيم ما كان خليلاً لله، إلاّ لكثرة صلواته على محمّد وآل محمّد. وهنا إشارة إلى أن هناك سرّاً عظيماً، وهذا السرّ هو أنّ أنبياء الله ما وصلوا إلى ما وصلوا إليه من درجات إلاّ ببركة الصلوات.

هذا اللفظ المركب من هذه الحروف ليس مجرد كلمات عادية، وإنما فيها أسرار، لذا ينبغي علينا مراعاة حرمة المصطفى وآله حتّى في الكتابة.

ينقل الشيخ القمي قصة لطيفة فيقول: كان أحد العلماء من العامة، إذا كتب اسم النبيّ كان يكتب (صلعم) بدل( صلّى الله عليه وآله) فصارت هذه الكلمة مورد استهزاء، فقال له أحد العلماء: إنّ هذا غير مناسب لمقام النبيّ صلّى الله عليه وآله لأن كتابة( صلّى الله عليه وآله) لا تأخذ من السطر إلاّ قليلاً، فكتابة هذا خير من أن تكتب كملة مشوشة، فلم يرتدع هذا العالم، فكتب (صلعم) فكان من أثرها أن شلّت يده، وبقيت كذلك إلى آخر عمره، حتّى إن يده اليسرى لم يستطع الكتابة بها.

هنا يجب علينا ملاحظة التأكيد على هذا السرّ وأدائه بشكله التامّ الوارد عن النبيّ صلّى الله عليه وآله، يقول الحديث «إذا صلّى عليّ ولم يتبع بالصلاة على أهل بيتي كان بينهما وبين السماء سبعون حجاباً». إذاً نجاة تلكم الاُمم وعزها وانتصارها على فرعون وقومه ما كان إلاّ بالصلوات الزاكيات.

اللّهمّ إني أسألك برحمتك التي وسعت كلّ شيء، البحر شيء، والنهر شيء، والقارات والمحيطات شيء كلها غارقة بالرحمة، والرحمة التي وسعت كلّ شيء هي تلك الرحمة التي ورد ذكرها في الزيارة الجامعة الكبيرة «وأنتم معدن الرحمة».

فيا اُمّة الثقلين، يا من يتلى عليكم القرآن، يا أُمّة النبيّ، إنما نجاتكم تكون بهذا الذي شاهدتموه عياناً، أولئك كانوا يذكرونه غيباً ويتوسلون به، ولم يكن حاضراً كحضوره أمامكم بدناً وخلقاً.

فيريد القرآن أن يربط بين ما مضى من القصص وبين الحكمة من النجاة، وبين ما هم عليه من حالات، حتّى ينجو منهم من ينجو ببركة محمّد وآله صلوات الله عليهم ما غرّدت الأطيار وأورقت الأشجار وأينعت الثمار.





رد مع اقتباس