منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - نظرية الصادق (عليه السلام) بشأن البيئة
عرض مشاركة واحدة

صدّيقة
مشرف سابق
رقم العضوية : 4229
الإنتساب : Mar 2009
المشاركات : 279
بمعدل : 0.05 يوميا
النقاط : 208
المستوى : صدّيقة is on a distinguished road

صدّيقة غير متواجد حالياً عرض البوم صور صدّيقة



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي نظرية الصادق (عليه السلام) بشأن البيئة
قديم بتاريخ : 12-Oct-2009 الساعة : 06:37 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


لم يعرف عصر الإمام الصادق () من الصناعات إلا ما كان يدويا تقليديا، ولم تكن الصناعة الحديثة قد عرفت في ذلك الحين، وكانت عملية صهر الحديد والفولاذ تتم داخل أوان كروية صغيرة على نار الحطب، وهذا لا يخلق مشكلة خاصة بتلوث البيئة.

وحتى لو استخدمت في صهر الحديد والفولاذ كميات من الفحم الحجري بدلا من الحطب فإن حجم هذه العملية لم يكن بالقدر الذي يؤثر في تلويث البيئة.

وعندما شرعت ألمانيا الغربية وفرنسا وبريطانيا في إنتاج الحديد والفولاذ في مطلع القرن الثامن عشر الميلادي، ثم تلتها دول أوروبية أخرى، لم تكن هناك شكوى من تلوث البيئة بفعل هذه المصانع التي كانت تستخدم الفحم الحجري في صهر المعادن، والتي كان دخانها يتصاعد من المداخن طوال العام دون توقف. فإذا كانت هذه الدول لم تشك من التلوث، ولديها صناعة ضخمة للحديد والفولاذ وقودها الفحم الحجري، فكيف وعصر الصادق () الذي لم يعرف هذه المصانع الضخمة أصلا ولا عرف حتى الفحم الحجري؟ ومع ذلك، فقد كان الإمام بعيد النظر نافذ الفكر، فقال ـ وكأنه يرى العالم في القرن العشرين وقد ضج بالشكوى من تلوث البيئةـ إن على الإنسان ألا يلوث ما حوله لكي لا يجعل الحياة شاقة له ولغيره. ولم يعن العالم بموضوع البيئة إلا من نحو30 سنة عندما ألقيت القنبلة الذرية الأولى على اليابان ولوث إشعاعها المنطقة المحيطة بمكان الانفجار، وصارت أرواح الناس مهددة بأشد المخاطر، ولم يكن هذا الانفجار هو الانفجار الوحيد الذي حدث في العالم، بل إن الدول الصناعية الأخرى اللاهثة وراء حيازة السلاح النووي، قامت بدورها بإجراء انفجارات ذرية في الجو والبحر والبر، وما زالت تجري التجارب على هذا السلاح وغيره من أسلحة التدمير الشاملة. ومع انتشار مصانع الطاقة الذرية، وما يتخلف عنها من نفايات سامة، تلوثت البيئة تلوثا بعيد المخاطر بفعل المواد المصنعة.

ولعبت المصانع الضخمة في أوروبا وأمريكا دورا كبيرا في تلويث مياه الأنهار والبيئة، لأنها كانت تلقي بنفاياتها في الأنهار الجارية، مثل نهر الرون في أوروبا الغربية، فقتلت الأسماك وغيرها من الحيوانات التي كانت تعيش في مياهه، وتعرضت بحيرات المياه العذبة في أمريكا الشمالية لمصير مماثل، والمحيطات نفسها باتت متعرضة لمخاطر هذا التلوث، سواء بفعل المواد المشعة التي تدفن نفاياتها فيها، أو بفعل النفط الذي تقذفه السفن أو يتدفق من ناقلات النفط الغارقة، وصارت العوالق البحرية (البلانكتون) التي تعيش في المحيطات معرضة للفناء، لا سيما وهي تعيش قريبا من اليابسة.

ومن فوائد هذه العوالق البحرية أنها تولد حوالي90 في المئة من الأوكسجين المنتشر في الأرض، وإن فتك بها التلوث، هبطت نسبة الأوكسجين إلى10%، وهو ما لا يفي بحاجات التنفس للإنسان والحيوان والنبات، مما يهدد الحياة نفسها، وينذر بانقراض نسل الحيوان والنبات.

وهذه النتيجة ليست مجرد نظرية علمية تحتاج إلى الإثبات، وإنما هي واقع فعلي. فبسب تلوث المحيطات يتناقص عدد العوالق البحرية في كل سنة، وسينخفض عددها إلى النصف بعد خمسين عاما، مع ما يترتب على ذلك من انخفاض الأوكسجين في الأرض بنسبة مماثلة.

ومعنى هذا، أن الطفل الذي يولد اليوم، والذي تكتب له الحياة إلى أن يبلغ الخمسين من عمره، سيتنفس وقتذاك وكأنه يتسلق جبال الهملايا دون الاستعانة بجهاز أوكسجين أو كأنه يعاني من اختناق أو ذبحة صدرية، وهذا ينطبق أيضا على الحيوانات.

وإذا رغب امرؤ بعد خمسين سنة في إشعال عود ثقاب أو موقد الطهي، لوجد صعوبة في ذلك لعدم توافر القدر الكافي من الأوكسجين في الهواء، هذه حقيقة مرة وليست بخرافة.

ويقول العالم الفيزيائي اسحق ازيموف (اسحق عظيم أوف) إن أمراض الذبحة الصدرية تضاعفت في أمريكا ثلاثمائة مرة منذ عام1950، وهو يعزو ذلك إلى انخفاض كمية الأوكسجين في جو الأرض نتيجة لتناقص العوالق البحرية في المحيطات.

ويتكهن هذا العالم الفيزيائي بانقراض الأرض بعد مائة عام إذا استمر هذا الوضع، تنقرض أيضا الحيوانات التي تعيش في البحار والمحيطات، لأنها تحتاج بدورها إلى الأوكسجين ولو عاشت في عمق الأعماق.

ومما يذكر أن السفن المبحرة من غرب أفريقيا متجهة إلى أمريكا الجنوبية تمر بمنطقة واسعة تقدر بحوالي ألفي كيلو متر مربع (2000)، تتجمع فيها النفايات ومواد النفط، وتظل طافية، فلا يبتلعها الماء، ولا تجذبها اليابسة. وقد تكونت هذه (المزبلة) البحريةـ وما هي بالوحيدة في العالم ـ بفعل تيارات الماء والرياح. وهناك (مزبلة) أخرى بالقرب من جزيرة غوام في المحيط الهندي، حيث تحتفظ أمريكا بقاعدة بحرية جوية كبيرة. وتشمل هذه (المزبلة) مساحة عريضة تقدر بآلاف الكيلو مترات المربعة، وبسببها تم الفتك بحياة جميع العوالق البحرية (البلانكتون) في هذه المنطقة.

ومعنى هذا أن تلوث المحيطات والبحار يعرض الإنسان خطر أشد من الخطر الناشئ عن تلوث اليابسة وعن الغبار النووي. ومعروف أن هناك ما يسمى ب (ميزان الرعب)، وبمقتضاه ينشأ نوع من التعادل أو التوازن بين الدول الحائزة للسلاح النووي، فتمتنع دولة ما عن استخدمه خوفا من أن تستخدمه ضدها دولة أخرى، ولكن إلى متى يستمر هذا التوازن، وهل يظل قائما إلى قرن آخر من الزمان؟ وهناك قذائف أخرى للتدمير الشامل لم تستخدم في الحرب العالمية وقذائف (دم دم) التي تنفجر في جسم الإنسان وفي الهدف معا، وهناك غيرها من الأسلحة الكيميائية.

والمؤكد أن تلوث المحيطات بهذه السرعة يهدد حياة البشر، بل يقضي عليها وعلى حياة الكائنات البحرية الأخرى. فإن استمر هذا الوضع خمسين سنة، واجه الإنسان مشقة كبرى في استنشاق الهواء نظرا لعدم توافر القدر الكافي من الأوكسجين، وأصبح حاله كحال من وقع في قبضة شرير يبتغي إزهاق روحه بكلتي يديه خنقا.

وطبيعي أن الإنسان الذي يشق عليه التنفس لن يستطيع إنجاز أي عمل أو القيام بشيء نافع، كما هو شأن إنساننا اليوم، فيقل إنتاجه وتضيق دائرة معارفه، ويتصرف ببطء نتيجة للقصور الذي يعتري خلايا المخ، ولنا أن نتصور معلما أو طالبا في قاعة الدرس يعانيان ضيقا في التنفس، فكيف للأول أو يشرح دروسه وللثاني أن يستوعبها؟ وتتكرر هذه المشكلة عينها مع المزارع في حقله والعامل في مصنعه، وهلم جرا.

وقد أجرى علماء جامعة (هارفارد) الأمريكية تجارب على الأرانب لمعرفة التطورات التي تطرأ عليها متى قلت كمية الأوكسجين في الجو الذي تعيش فيه، فتبينوا أن عجز الأوكسجين عن الوصول إلى خلايا المخ بالقدر الكافي يقلل من كفاءته ونشاطه الطبيعيين، ويجعله يقصر في أداء وظيفته المعتادة وهي إصدار الأوامر إلى سائر أعضاء الجسم، لتستجيب له على الفور.

ولكي ندرك إلى أي مدى يتأثر الإنسان في حياته اليومية بعدم استنشاق القدر الكافي من الأوكسجين ـ وهو الأمر الذي سيحدث بعد خمسين عاما إذا ما انقرض قسم كبير من العوالق البحرية التي تعيش في المحيطات، كما قدمنا ـ فلنتصور حالة عامل فني في مصنع للسيارات يريد استخدام مفك، وهي عملية تتم اليوم بتلقائية سريعة لتنبه خلايا الذهن. ولكن الذي يقل حظه من الأوكسجين يصاب بخمول في الذهن، فيتأخر العقل في إصدار أوامره إلى اليد لتناول المفك، وتتأخر اليد في أداء الوظيفة المطلوبة منها، وهكذا تستغرق هذه العملية وقتا أطول مما تستغرقه في الوقت الحالي. فإن أراد سائق سيارة الحد من سرعتها لتلافي حادثة في الطريق، أدى بطء العقل في إصدار أوامره إلى القدم للضغط على الفرملة إلى الإجهاز على حياة الشخص الذي رغب السائق في تفادي إصابته.

ونفس الشيء ينطبق على الطيار الذي يهم بالإقلاع من مطار قاصدا مدينة بعيدة. فإذا تأخر المخ في إصدار أوامره إلى الأعصاب لتحرك الآلات الخاصة بالإقلاع، ولو للحظات، لأدى ذلك إلى خلل في عملية قيادة الطائرة، ينجم عنه أوخم العواقب، كانفجار الطائرة أو ارتطامها ومقتل كل من عليها، بما فيهم قائدها.

وكذلك فإن قلة وصول الأوكسجين إلى جسم الإنسان من شأنها التأثير لا في كفاءة خلايا المخ وحدها، بل في سائر الأعصاب أو الأعضاء أيضا، وكلها تتلقى أوامرها من المخ، فتعجز الأذن والعين وسائر الحواس عن القيام بوظائفها بالكفاءة السابقة، كما تفقد الذاكرة قدرتها على تسجيل الأحداث واختزانها، وقل نفس الشيء عن الوظائف الحيوية جميعا.
يتبع ,,,,

رد مع اقتباس