منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - نظرية الصادق (عليه السلام) بشأن البيئة
عرض مشاركة واحدة

صدّيقة
مشرف سابق
رقم العضوية : 4229
الإنتساب : Mar 2009
المشاركات : 279
بمعدل : 0.05 يوميا
النقاط : 208
المستوى : صدّيقة is on a distinguished road

صدّيقة غير متواجد حالياً عرض البوم صور صدّيقة



  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : صدّيقة المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 12-Oct-2009 الساعة : 06:46 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


ومن عوامل تلوث البيئة المواد المشعة التي تتخلف عن محطات توليد الطاقة النووية، وقوامها نفايات ناتجة عن عملية شطر نوى ذرات اليورانيوم والبلوتونيوم، وعن توليد الطاقة النووية بصورة مستمرة، ناهيك عن أن هذه المحطات النووية هي في حد ذاتها خطر داهم يهدد البيئة بالتلوث.

ومع أن المتبع عادة عند بناء محطات الطاقة النووية مراعاة اتخاذ جميع التدابير الكفيلة بمنع تسرب المواد النووية الخطرة أو انفجار المستودعات التي يحتفظ فيها بهذه المواد، فإن الخطر ماثل دائما في احتمال انفجار مستودع الركام النووي (وهو المستودع الذي يحتفظ فيه باليورانيوم والبلوتونيوم بالإضافة إلى الجرافيت) والذي يمد محطات توليد الطاقة والحرارة بالوقود النووي اللازم لهذه العملية.

ولو حدث مثلا أن انفجر مستودع الركام النووي لمحطة توليد الكهرباء بالطاقة النووية الواقعة في جنوب بريطانيا، لتلوثت البيئة بالإشعاع المميت على مسافة مائة ميل (160 كيلو مترا)، ولانعدمت الحياة تماما في هذه المنطقة ومات كل ما فيها من البشر والحيوان والنبات، وجفت الأنهر والبحيرات، ولأدت الحرارة الشديدة الناتجة عن هذا الانفجار إلى هدم العمارات والمباني الواقعة في دائرة قطرها 50 ميلا حول المحطة.

هذا مجرد احتمال، ولم يحدث شيء منه حتى الآن في محطات توليد الكهرباء بالطاقة النووية، ولكن هذا الانفجار يصيح حتميا إذا ما وقع خلل في (الفرامل) المتحكمة في انطلاق الطاقة النووية (وتتمثل هذه الفرامل في الوقت الحالي في مادة الجرافيت) أو ما أشرفت هذه المادة على النفاد.

والمأمول ألا تتعرض أي دولة من الدول الحائزة للطاقة النووية لمثل هذا الحادث المهلك.

وثمة مشكلة هامة تواجهها الدول الحائزة للطاقة النووية تتمثل في كيفية التخلص من النفايات الذرية المشعة الشديدة الخطرة. وعلماء الذرة والفيزياء مشغولون بالتفكير في اختيار مناطق مأمونة يدفنون فيها هذه المواد دفعا لشرورها وحماية للبيئة من التلوث.

وقد اتجه تفكيرهم في بادئ الأمر إلى دفن النفايات في أعماق المحيطات بعد وضعها في أوان محكمة آمنة، ولكنهم تبينوا أن الضغط الشديد لمياه المحيطات على النفايات المدفونة في القاع قد ينتهي به الأمر إلى تحطيم هذه الأواني، فتنتشر المواد المشعة في الماء، وتهدد كل مظهر من مظاهر الحياة في المحيطات، من أسماك وحيوانات أخرى وعوالق بحرية (بلانكتون).

واضطر العلماء، تلقاء هذا الاحتمال المنذر بأشد المخاطر، إلى البحث عن مدافن أخرى مأمونة للنفايات الذرية، واتجه التفكير بعد رحلة الإنسان إلى القمر إلى دفن هذه النفايات على سطحه، ولكن هذا الأمر لم يتحقق لاعتبارات ثلاثة هي:

أولاً: أن المحيطات النووية المولدة للطاقة الكهربائية مملوكة في دول أوروبا وأمريكا لمؤسسات أهلية غير حكومية، وهي مؤسسات تفتقر إلى الإمكانيات المالية الهائلة اللازمة لنقل هذه النفايات إلى القمر والتخلص منها بدفنها هناك، (وتستثنى من ذلك المراكز النووية في الاتحاد السوفيتي، والدول الشيوعية الأخرى لأنها مملوكة للدولة).

ثانياً: إنه ليس ثمة سبيل للاطمئنان إلى أن الصواريخ الحاملة للنفايات ستصل سالمة إلى سطح القمر، دون أن تتعرض لحادث يفجرها في الهواء أو يسقطها على الأرض قبل انفلاتها من نطاق الجاذبية الأرضية، وهو يؤدي إلى تلوث الجو والأرض بصورة مباشرة.

ثالثاً: إن من شأن هذا الأمر نقل التلوث إلى القمر نفسه، ولئن لم تعرف عواقب هذا التلوث على سكان أرضنا، فالمؤكد أن تلويث القمر من شأنه إقفال الباب أمام الإنسان في ما لو حاول استثمار القمر في المستقبل، لأن ارتفاع درجة الحرارة ارتفاعا شديدا في القمر في خلال النهار مع ضعف الجاذبية فيه يؤديان إلى انتشار المواد المشعة السامة وتلوث سطح القمر بأسره فلا يغدو صالحا لأي حياة، دع عنك أن عدم هواء في القمر يجعله غير صالح لحياة البشر عليه.

وهكذا انصرف الإنسان عن التفكير في دفن هذه النفايات الذرية الخطرة في مكان مأمون ناء عن البشر دفعا لشرورها المؤكدة المتمثلة في إشعاعاتها الخطرة.

ألم يكن الأمام الصادق () بصيرا بالعواقب عندما نصح الإنسان بعدم تلويث بيئته دفعا للأضرار والمشكلات التي يتعرض لها؟

ولننظر إلى مثل اليابان، لنرى فيه صدق نظرية الصادق.

ومعروف أن اليابان خسرت الحرب العالمية الثانية مع دول المحور، وخرجت منها مهيضة الجناح كسيرة الاقتصاد حتى أن معدل دخل الفرد لم يكن يزيد في السنة (أي في 12 شهرا) عن ثلاثين دولارا، ولكن اليابان استطاعت بإنهاض أوضاعها الاقتصادية أن ترفع دخل الفرد حتى وصل معدله في عام 1972 إلى خمسة آلاف وخمسمائة دولار أمريكي في السنة.

ولم تلبث اليابان أن أخذت تغزو العالم بإنتاجها الصناعي الذي توسعت فيه توسعا كبيرا، حتى استطاعت أن تنافس الصناعة الأمريكية، في عقر دارها. ولنذكر مثالا واحدا، هو أن الولايات المتحدة التي تتصدر الدول الصناعية في إنتاج الدراجات البخارية قد صارت تشتري 90% من جميع الدراجات المستخدمة فيها من اليابان، فبين كل عشرين ألف دراجة بخارية مباعة في أمريكا 18 ألف دراجة صنعت في اليابان.

ولنذكر مثالا ثانيا وهو أن ألمانيا الغربية التي تتقدم دول العالم الصناعي في صنع أجهزة الراديو والتلفزيون قد أصبحت بدورها هدفا لغزو الصناعة اليابانية حتى أصبح 99% من أجهزة الترانزستور المباعة في ألمانيا يابانية الصنع.

وها نحن نرى اليابان متقدمة في صناعات السيارات والكمبيوتر والأقمشة المصنوعة من الألياف الصناعية (السليلوز) وفي صنع السفن وأجهزة الراديو والتلفزيون وأجهزة التصوير والدراجات النارية وهام جرا، ولعلها تحتل المنزلة الثانية بعد أمريكا في هذه الصناعات.

وبرغم كل هذا، وبرغم تقدم اليابان الصناعي فيها ارتفاعا كبيرا، فقد أهملت أسباب الوقاية من تلوث البيئة، وأصبحت اليوم تعاني من مشكلات التلوث ما يهدد سلامة أهلها، وما لا مثيل له في البلدان الصناعية الأخرى التي وقت نفسها من أسباب التلوث.

وأدى تلوث البيئة في اليابان إلى أمراض خطيرة لم يعرفها الطب منذ أيام أبي الطب (الحكيم ابقراط اليوناني) وإلى هذا اليوم، ومعروف أن ابقراط اعد إحصاءا للأمراض والأوبئة التي تصيب البشر سمى فيه أربعين ألف مرض، وأوضح آثارها وطرق علاجها، ولكن الأمراض التي ظهرت في اليابان نتيجة لتلوث البيئة لم يرد لهل ذكر ضمن الأمراض التي عرفتها البشرية من قبل.

ومن جملة هذه الأمراض النادرة مرض يسميه اليابانيون (إيتائي إيتائي)(1) لأن المصاب به يتألم ويئن هذه التأوهات.

ويعزى سبب هذا المرض إلى انتقال كمية كبيرة من مادة (الكادميوم إلى جسم البشري، وهي مادة تنتشر حول المصانع وتلوث الأرض والماء والهواء).

ومن أمارات هذا المرض الإحساس بألم شديد في جميع عظام الجسم، ومن عواقبه إصابة العظم بالضعف العام الذي يجعله هشا قابلا للكسر بسهولة، ولا وجود لهذا المرض النادر من أمراض العظام إلا في اليابان، صحيح أن الطب في تاريخه القديم وإلى يومنا هذا قد عرف أنواعا من أمراض تحجر العظام في الإنسان، فتغدو هشة قابلة للكسر، إلا أن النوع الياباني الذي يسمونه (إيتائي إيتائي) هو نوع فريد من هذه المجموعة من الأمراض.

وقد ظهر مرض آخر اشد خطورة من (إيتائي إيتائي) في جزيرة كيوشو، وهي إحدى الجزر الكبيرة في اليابان (البالغ عددها 400 جزيرة) فأودى بحياة عدد كبير من سكان هذه الجزيرة، وما زال خطره ماثلا يهدد غيرهم من السكان.

ومن آثار هذا المرض إضعاف البصر إلى درجة العمى، وإضعاف الأعصاب والعضلات إلى درجة تحللها وإفقادها لكل قدرة. ويعزى السبب في ظهور هذا المرض إلى انتشار المواد الزئبقية في الماء والهواء بالقرب من المصانع التي تستخدم عنصر الزئبق، وانتقالها إلى الإنسان عن طريق الماء والهواء.

ويعرف الطب القديم أن الزئبق يؤدي إلى العمى، وكان الأطباء في القرنين السابع عشر والثامن عشر يستخدمونه في علاج مرض الزهري، فلما تبينوا أن لاستخدامه موضعيا آثارا جانبية أخرى، كفوا عن التوسل به في العلاج، باستثناء بعض حالات الأمراض الجلدية أو الاحتراق، ومع مراعاة قدر كبير من الاحتياط.

وإلى جانب هذين المرضين الجديدين اللذين عرفتهما اليابان، تزايدت أمراض ضيق التنفس والاختناق نتيجة لتلوث البيئة أيضا.

وإذا كان العالم الفيزيائي اسحق ازيموف قد عزا أسباب مرض ضيق التنفس في أمريكا إلى قلة الأوكسجين المتوافر في الهواء ـ كما سبق أن ذكرنا ـ فإن المرض نفسه قد انتشر في اليابان نتيجة لتلوث الجو بفعل الغازات والأدخنة المتصاعدة من المصانع.

واليابانيون شعب معروف بحبه لجمال الطبيعة وتفننه في تنسيق الزهور والحدائق، وباعتقاده بأن المناظر الطبيعة في اليابان هي أجمل المناظر في العالم، ولكنه يعترف اليوم بأن تلوث البيئة قد أضر بالطبيعة ضررا شديدا وأفقدها مظاهر جمالها وحسنها.

وقد أشرنا في ما سبق إلى أن الشعب الياباني قد استطاع في الثلاثين سنة الأخيرة (أي منذ انتهاء الحرب العالمية وإلى عام1973) أن ينهض بحياته الصناعية والاقتصادية على الرغم من افتقاره إلى الثروات الطبيعة ومنابع الطاقة المتوافرة في الدول الأخرى، وإنه استطاع بهذا الجهد أن يصبح ثالث شعوب العالم غنى بعد الولايات المتحدة وروسيا دون أن يعتمد في ذلك على نفط أو حديد أو فحم حجري. ولكن الصناعة اليابانية التي نجحت في غزو العالم، تسببت في اليابان نفسها في تلويث البيئة وفي قيام مشكلات كثيرة، مما جعل اليابانيين يفكرون في عزل المجمعات الصناعية عن المدن والمناطق الآهلة بالسكان، وقد وضعوا فعلا الخطط اللازمة لتحقيق ذلك في موعد غايته عام 2000م.

وتتحصل الخطة اليابانية في إنشاء مدن ومجتمعات حديثة لا يزيد عدد سكانها عن مئتي ألف نسمة، وتزويدها بجميع المرافق والتسهيلات العصرية، وتقام إلى جانب هذه المدن وحدات صناعية تتخذ فيها جميع الاحتياطات اللازمة لوقاية البيئة من آثار التلوث بالغاز أو بالنفايات المتخلفة عن المصانع، وذلك بتجهيز مداخنها ومنافذ نفاياتها بصاف معدة خصيصا لهذا الغرض.

يتبع,,,,

رد مع اقتباس