منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - وفاة الصادق عليه السلام
عرض مشاركة واحدة

منتظرة المهدي
عضو
رقم العضوية : 421
الإنتساب : Sep 2007
الدولة : طيبة الطيبة
المشاركات : 5,448
بمعدل : 0.85 يوميا
النقاط : 0
المستوى : منتظرة المهدي is on a distinguished road

منتظرة المهدي غير متواجد حالياً عرض البوم صور منتظرة المهدي



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : ميزان المناسبات والإعلانات
افتراضي وفاة الصادق عليه السلام
قديم بتاريخ : 13-Oct-2009 الساعة : 12:48 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واللعن عدوهم .

حكومة المنصور واستشهاد الإمام الصادق(())





المنصور والتضييق على الإمام الصادق(())


حين تولّى الحكم أبو جعفر المنصور بعد أخيه أبي العباس السفّاح سنة ( 136 هـ ) عبّر عن مكنون حقده على الإمام الصادق (()) وصحبه من العلويين وغيرهم، وقال عنه المؤرّخون: وكان المنصور خدّاعاً لا يتردّد في سفك الدماء وكان سادراً في بطشه مستهتراً في فتكه.
ووصفه ابن هبيرة وهو أحد معاصريه بقوله: مارأيت رجلا في حرب أو سلم أمكر ولا أنكر ولا أشدّ تيقّظاً من المنصور.
لقد بادر المنصور إلى قتل أبي مسلم الخراساني الذي كان يبغضه، وأبو مسلم هو القائد الأوّل للإنقلاب العبّاسي، وذلك بعد أن أعدّ له المنصور مكيدة وأغراه بالمجيء إلى بغداد . وجرّده من جميع مناصبه العسكرية.



ولمّا دخل أبو مسلم الخراساني على المنصور قابله بقساوة بالغة وأخذ يعدّد عليه أعماله وأبو مسلم يعتذر عن ذلك .
ثمّ صفّق المنصور عالياً حسب الاتّفاق مع حرّاسه لتكون الصفقة بمثابة ساعة الصفر ، فدخل الحرّاس وبأيديهم السيوف فقال : أبو مسلم للمنصور متوسّلا استبقني لعدوّك. فصاح به: وأيّ عدو أعدى لي منك ؟!
وبمثل هذا الاسلوب أيضاً قد غدر بعمّه عبد الله بن علي حيث ارسل عليه بعد أن أعطاه الأمان ثم قتله بعد ذلك(1) .
أما مخطّطه الخبيث ضدّ الإمام الصادق(()) ونهضته الإسلاميّة بشكل عام فقد أخذ ثلاثة اتّجاهات :


الاتّجاه الأول :


اتّخذ المنصور في هذا الاتّجاه اسلوباً مرناً محاولا فيه الاستفادة من جهد الإمام (()) واحتوائه ضمن سياسة الخلافة العباسية فقد كتب إليه: « لم لا تغشانا كما يغشانا سائر الناس؟
فأجابه الإمام (()): «ليس لنا ما نخافك ولا عندك من أمر الآخرة مانرجوك له ، ولا أنت في نعمة فنهنّـئك بها ولا تراها نقمة فنعزّيك بها ، فما نصنع عنك !؟»

فكتب اليه : تصحبنا لتنصحنا .

فأجابه (()): «من أراد الدنيا لا ينصحك ، ومن أراد الآخرة لا يصحبك».
قال : المنصور : والله لقد ميّز عندي منازل الناس ، من يريد الدنيا ممن يريد الآخرة وإنه ممّن يريد الاخرة لا الدنياومن أساليب المنصور مع الإمام(()) في هذا الاتّجاه ما جاء عن عبد الوهّاب عن أبيه حيث قال :
بعث أبو جعفر المنصور إلى أبي عبد الله جعفر بن محمّد(()) وأمر بفرش فطرحت له إلى جانبه ، فأجلسه عليها ثم قال عليّ بمحمد، عليَّ بالمهدي. فأقبل المنصور على جعفر (()) فقال : يا أبا عبد الله حديث حدّثتنيه في صلة الرحم ، اذكره، يسمعه المهدي .
قال : «نعم ، حدّثني أبي ، عن أبيه ، عن جدّه عن علي (()) قال، قال رسول الله(( وسلم)) : ان الرجل ليصل رحمه وقد بقي من عمره ثلاث سنين ، فيصيرها الله عزّ وجّل ثلاثين سنة ويقطعها وقد بقي من عمره ثلاثون سنة ، فيصيرها الله ثلاث سنين» ثم تلا(()): (يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) .
قال : هذا حسن يا أبا عبد الله ، وليس إيّاه أردت، قال أبو عبد الله (()): نعم حدّثني أبي عن أبيه عن جدّه عن عليّ (()) قال : قال رسول الله (()): صلة الرحم تعمّر الديار وتزيد في الاعمار وان كان أهلها غير أخيار».


قال هذا حسن يا أبا عبد الله ، وليس هذا أردت .


فقال أبو عبد الله (()): «نعم حدّثني أبي عن أبيه عن جدّه عن علي (()) قال، قال رسول الله (()) صلة الرحم تهوّن الحساب وتقي ميتة السوء ».

قال المنصور : نعم إيّاه أردت .
إنّ السلاطين يخافون الموت ، فالإمام (()) ركّز على هذه الناحية وربطها بصلة الرحم لتعالج الحقد والكيد الذي يشغل ذهن المنصور ضدّ الإمام والعلويين من أهل بيته ، لذا أكّد (()) عن طريق الأحاديث بأن طول العمر يرتبط بصلة الرحم .


الاتّجاه الثاني:

كما تحرّك المنصور بقوة نحو الإمام (()) عن طريق نشر عيونه وجواسيسه التي كانت تراقب حركة الإمام الصادق وترصد نشاطاته لتزوّده بآخر المعلومات، ليتّخذ منها مسوّغاً للنيل من الإمام(()) والتضييق على حركته التي كان يرى فيها المنصور خطراً حقيقياً على سلطانه وبالتالي تمهّد له تلك التقارير أن يصوغ ما يريده من الاتّهامات لأجل أن يتخذها ذريعة في قتله. وقد تضمّن هذا الاتّجاه جملة من الاساليب .

الاسلوب الأول : عن رزام بن مسلم مولى خالد القسري قال : بعثني أبو جعفر المنصور إلى المدينة ، وأمرني إذا دخلت المدينة أن أفضّ الكتاب الّذي دفعه إليّ وأعمل بما فيه ; قال : فما شعرت إلاّ بركب قد طلعوا عليَّ حين قربت من المدينة ، وإذا رجل قد صار إلى جانبي ، فقال : يا رزام اتق الله ، ولا تشرك في دم آل محمّد قال : فأنكرت ذلك فقال لي : دعاك صاحبك نصف الليل ، وخاط رقعة في جانب قباك ، وأمرك إذا صرت إلى المدينة ، تفضها وتعمل بما فيها .
قال : فرميت بنفسي من المحمل ، وقبّلت رجليه ، وقلت : ظننت أنذلك صاحبي وأنت يا سيّدي صاحبي ، فما أصنع ؟ قال : ارجع إليه ، واذهب بين يديه وتعال ، فإنه رجل نسّاء ، وقد أُنسي ذلك ، فليس يسألك عنه، قال : فرجعت إليه ، فلم يسألني عن شيء ، فقلت صدق مولاي .
وعن مهاجر بن عمار الخزاعي ، قال : بعثني أبو الدوانيق إلى المدينة ، وبعث معي بمال كثير ، وأمرني أن أتضرّع لأهل هذا البيت ، وأتحفّظ مقالتهم، ، قال : فلزمت الزاوية التي مما يلي القبلة ، فلم أكن أتنحّى منها في وقت الصلاة ، لا في ليل ولا في نهار .
قال : وأقبلت أطرح إلى السؤال الذين حول القبر الدارهم ومن هو فوقهم الشيء بعد الشيء حتى ناولت شباباً من بني الحسن ومشيخة ]منهم [حتى ألفوني وألفتهم في السّر .
قال : وكنت كلما دنوت من أبي عبد الله (()) يُلاطفني ويكرمني حتى إذا كان يوماً من الايام ـ بعد ما نلت حاجتي ممن كنت أريد من بني الحسن وغيرهم ـ دنوت من أبي عبد الله (()) وهو يُصلّي ، فلما قضى صلاته ، التفت إليّ وقال :
تعال يا مهاجر ! ـ ولم أكن أتسمّى ] با سمي [ ولا أتكنّى بكنيتي ـ فقال : قل لصاحبك : يقول لك جعفر : «كان أهل بيتك إلى غير هذا أحوج منهم إلى هذا ، تجيء إلى قوم شباب محتاجين فتدسّ إليهم ، فلعلّ أحدهم يتكلّم بكلمة تستحلُّ بها سفك دمه ، فلو بررتهم ووصلتهم ] وانلتهم [ واغنيتهم ، كانوا إلى هذا أحوج مما تريد منهم ».
قال : فلما أتيت أبا الدوانيق ، قلت له : جئتك من عند ساحر، كذّاب كاهن كان من أمره كذا وكذا فقال : صدق والله لقد كانوا إلى غير هذا أحوج ، وإيّاك أن يسمع هذا الكلام منك انسان .

الاُسلوب الثاني: ومن اساليبه باتّجاه سياسة التضييق التي فرضها على الإمام (()) محاولة تسليط الضوء على بعض الشخصيّات ليجعل منها بدائل علميّة تغطّي على الإمام وتؤيّد سياسته وتساهم من جانب آخر في تضعيف القدسية والانجذاب الجماهيري نحو الإمام وتؤدّي بالنتيجة إلى شق وحدة التيار الاسلامي الذي يقرّ بزعامة الإمام(()) وأعلميته وايجاد الفرقة والاختلاف .
وقد نجح المنصور بهذه الخطوة فكسب البعض من طلاّب الإمام(()) حين أحاطهم بهالة من الاحترام والتقدير وخلق منهم وجوداً قبال مذهب الإمام ونهجه الاسلامي الاصيل .
ذكر أبو القاسم البغّار في مسند أبي حنيفة فقال: قال الحسن بن زياد سمعت أبا حنيفة وقد سئل : من أفقه من رأيت ؟ قال جعفر بن محمد ، لمّا أقدمه المنصور بعث إليّ ، فقال يا أبا حنيفة ! ان الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد فهيّء له من مسائلك الشداد .
فهيّأت له أربعين مسألة ، ثم بعث إليَّ أبي جعفر وهو بالحيرة فأتيته .
فدخلت عليه ، وجعفر جالس عن يمينه ، فلما بصرت به دخلني من الهيبة لجعفر مالم يدخل لأبي جعفر ، فسلّمت عليه ، فأومى إليّ فجلست ، ثم التفت إليه ، فقال :
يا أبا عبد الله : هذا أبو حنيفة ، قال: نعم أعرفه . ثم التفت إليّ فقال : يا أبا حنيفة ألق على أبي عبد الله (()) من مسائلك .
فجعلت ألقي عليه فيجيبني ، فيقول : « أنتم تقولون كذا ، وأهل المدينة يقولون كذا ونحن نقول كذا » فربما تابعنا ، وربما تابعهم ، وربما خالفنا جميعاً . حتى أتيت على الاربعين مسألة ، فما أخلّ منها بشيء ثم قال أبو حنيفة : أليس إنّ أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس؟! .
الاُسلوب الثالث: لقد كانت سياسة الإمام (()) ازاء حكومة المنصور ذات طابع غير ثوري ، وإنما سلك الإمام نفس نهجه السابق في التغيير والاصلاح ، وقد أوحى للمنصور في وقت سابق بأنه لم يكن بصدد التخطيط للثورة ضدّه بل صرّح له في اكثر من مرة بذلك، إلاّ أن المنصور لم يطمئن لعدم تحرك الإمام وثورته التغييرية وذلك بسبب ما كان يشاهده من كثرة مؤيديه.
يحدثنا الإمام الصادق(()) عن الشكوك والتساؤلات التي أثارها المنصور بوجه الإمام عند لقائه به كما في النصّ التالي:
عن حمران قال : «قال أبو عبد الله (()) وبعد ذكر هؤلاء عنده وسوء حال الشيعة عندهم فقال : «إني سرت مع أبي جعفر المنصور وهو في موكبه ،وهو على فرس وبين يديه خيل ومن خلفه خيل ، وأنا على حمار إلى جانبه ،فقال لي :
يا أبا عبد الله ! قد كان ينبغي لك أن تفرح بما أعطانا الله من القوة وفتح لنا من العزّ ، ولا تخبر الناس أنك أحق بهذا الأمر منا وأهل بيتك ، فتغرينا بك وبهم .
قال : فقلت: «ومن رفع هذا إليك عنّي فقد كذب». فقال: أتحلف على ماتقول؟


قال : فقلت: «إن الناس سحرة يحبّون أن يفسدوا قلبك عليّ ، فلا تمكنّهم من سمعك ، فأنا إليك أحوج منك إلينا».
فقال لي : تذكر يوم سألتك هل لنا ملك ؟ فقلت : نعم طويل عريض شديد ، فلا تزالون في مهلة من أمركم وفسحة في دنياكم حتى تصيبوا منّا دماً حراماً في شهر حرام في بلد حرام !
فعرفت أنه قد حفظ الحديث، فقلت: لعلّ الله ( عزّ وجّل ) أن يكفيك ، فإني لم أخصك بهذا ، وإنما هو حديث رؤيته، ثم لعلّ غيرك من أهل بيتك يتولّى ذلك ، فسكت عنيّ .


الاتّجاه الثالث:


واستخدم المنصور مع الإمام (()) أيضاً سياسة الاستدعاء والمقابلة المصحوبة بالتهم والافتراءات ، أو الاستدعاءات الفارغة من أيّ سؤال، محاولا عن طريق هذه السياسة شلّ حركة الإمام وجعله تحت ضوء رقابة أجهزته ليطمئنّ المنصور من خطر الإمام ، كما استخدم بعض الاساليب التي من شأنها أن تنال من كرامة الإمام (())، فمن أساليبه بهذا الاتّجاه :
1 ـ ما جاء عن بشير النبّال أنه قال : كنت على الصفا وأبو عبد الله (()) قائم عليها إذ انحدر وانحدرت معه ، وأقبل أبو الدوانيق على حمارته ، ومعه جنده على خيل وعلى إبل ، فزاحموا أبا عبد الله (()) حتى خفت عليه من


خيلهم وأقبلت أقيه بنفسي وأكون بينهم وبينه ، قال : فقلت في نفسي : يا رب عبدك وخير خلقك في أرضك ، وهؤلاء شرّ من الكلاب قد كانوا يفتنونه !
قال : فالتفت إليّ وقال: «يا بشير ! قلت : لبيك. قال : ارفع طرفك لتنظر».


قال : فإذا ـ والله ـ واقية من الله أعظم مما عسيت أن أصفه .


قال فقال : يا بشير ! إنا اُعطينا ما ترى ، ولكنّا اُمرنا أن نصبر ، فصبرنا» .
2 ـ ما جاء عن المفضل بن عمر أنه قال: إن المنصور قد كان هَمّ بقتل أبي عبد الله (()) غير مرّة ، فكان إذا بعث إليه ودعاه ليقتله ، فإذا نظر إليه هابه ولم يقتله، غير أنه منع الناس عنه ، ومنعه من القعود للناس ، واستقصى عليه أشدّ الاستقصاء حتى أنه كان يقع لأحدهم مسألة في دينه ، في نكاح أو طلاق أو غير ذلك فلا يكون علم ذلك عندهم ، ولا يصلون إليه ، فيعتزل الرجل أهله .
فشقّ ذلك على شيعته وصعب عليهم ، حتى ألقى الله عزّ وجلّ في روع المنصور أن يسأل الصادق (()) ليتحفه بشيء من عنده ، لا يكون لأحد مثله ، فبعث إليه بمخصرة كانت للنبي (()) طولها ذراع ، ففرح بها فرحاً شديداً ، وأمر أن تشق له أربعة أرباع ، وقسّمها في أربعة مواضع .
ثم قال له: ماجزاؤك عندي إلاّ أن اُطلق لك ، وتفشي علمك لشيعتك ، ولا أتعرّض لك ، ولا لهم ، فاقعد غير مُحتشم ، وافت الناس ، ولا تكن في بلد أنا فيه، ففشى العلم عن الصادق(())


3ـ وعن عبد الله بن أبي ليلى ، قال : كنت بالربذة مع المنصور ، وكان قد وجّه إلى أبي عبد الله (()) فاُتي به ، وبعث إليّ المنصور فدعاني ، فلما انتهيت إلى الباب سمعته يقول : عجلّوا عليّ به قتلني الله إن لم أقتله ، سقى الله الارض من دمي إن لم أسق الارض من دمه.
فسألت الحاجب من يعني ؟ قال : جعفر بن محمد (()). فإذا هو قد اُتي به مع عدّة جلاوزة ، فلما انتهى إلى باب ـ قبل أن يرفع الستر ـ رأيته قد تململت شفتاه عند رفع الستر ، فدخل.
فلما نظر إليه المنصور قال : مرحبا يابن عمّ ، مرحباً يابن رسول الله . فما زال يرفعه حتى أجلسه على وسادته ، ثم دعا بالطعام ، فرفعت رأسي ، وأقبلت أنظر إليه ، وجعل يلقمه جيّداً بارداً، وقضى حوائجه ، وأمره بالانصراف .
فلما خرج ، قلت له: قد عرفت موالاتي لك ، وما قد ابتليت به في دخولي عليهم ، وقد سمعت كلام الرجل وما كان يقول ، فلما صرت إلى الباب رأيتك قد تململت شفتاك ، وما أشك أنه شيء قلته ، ورأيت ما صنع بك ، فإن رأيت أن تعلّمني ذلك ، فأقوله إذا دخلت عليه .
قال : نعم، قلت : « ما شاء الله ، ما شاء الله ، لا يأتي بالخير إلاّ الله ، ما شاء الله ، ما شاء الله ، لا يصرف السوء إلاّ الله ...»
تحرّك العلويين نحو الثورة


بعد أن تأكّد المنصور عن طريق المعلومات التي كانت تصله من جواسيسه بأن السادة الحسنيين يخططون للثورة عليه، انتظر المنصور موسم الحجّ فلمّا حان الموسم سافر هو وحاشيته إلى بيت الله الحرام ، وبعد انتهائه من مناسك الحجّ رجع إلى يثرب وقد صحب معه عقبة بن مسلم الجاسوس الذي عيّنه المنصور لمراقبة تحرّك آل الحسن وكان قد أوصاه قبل سفره فقال له : إذا لقيني بنو الحسن وفيهم عبد الله فأنا مكرمه ورافع محمله وداع بالغذاء فإذا فرغنا من طعامنا فلحظتك فامتثل بين يديه فإنه سيصرف عنك بصره ، فاستدر حتى ترمز ظهره بإبهام رجلك حتى يملأ عينه منك .
ولمّا انتهى المنصور إلى يثرب استقبله السادة الحسنيّون وفيهم عبد الله ابن الحسن ، فأجلسه المنصور إلى جانبه ودعا بالغذاء فأصابوا منه فقام عقبة ، ونفّذ ما عهد إليه المنصور ، وجلس أمامه ففزع منه عبد الله وقال للمنصور: أقلني أقالك الله ...


فصاح به: لا أقالني الله إن أقلتك.


وأمر أن يكبّل بالحديد ويزجّ في السجن فكبّل مع جماعة من العلويين وحبس في بيت مروان .
وأرادوا من عبد الله أن يخبر بمكان ولديه: محمد ذي النفس الزكيّة وأخيه إبراهيم وإن لم يخبر بمكانهما فسوف يتعرّض للانتقام والقتل.
وقد عبّر عبد الله عن عمق هذه المأساة للحسن بن زيد قائلا: يابن أخي، والله لبليّتي أعظم من بليّة إبراهيم (()); إن الله عزّوجلّ أمر ابراهيم أن
يذبّح ابنه ، وهو لله طاعة ، فقال إبراهيم : ( إن هذا لهو البلاء المبين ). وإنكم جئتموني في أن آتي بابني هذا الرجل فيقتلهما وهو لله جّل وعزّ معصية ....
وبقي السادة الحسنيّون في السجن لمدة ثلاث سنين، وفي سنة ( 142 هـ ) سافر المنصور مرّة أخرى إلى الحجّ لغرض تدارك الوضع في المدينة والوقوف أمام التصعيد الثوري هناك، وبعد أن أنهى مناسكه اتّجه نحو الربذة التي تبعد ثلاثة أميال عن المدينة وبعد وصوله إليها أمر بإشخاص السادة الحسنيين ومن معهم من العلويين إليه وقد تكفّل عقبة بن مسلم بعملية إخراجهم من السجن والسير بهم نحو الربذة.
وبعد إخراجهم من السجن وضع الحديد في أيديهم وجيء بهم إلى مسجد رسول الله (( وسلم)) حيث ازدحم الناس عليهم وهم بين باك ومتأسّف والشرطة تشتمهم وقد طلبت من الناس أن يشتموهم .
لكن الذي حدث كان على العكس من ذلك إذ أخذ الناس يسبّون عقبة ابن مسلم والمنصور ويترحمون على العلويين ....



موقف الإمام (()) من آل الحسن


وكتب الإمام الصادق (()) إلى عبد الله بن الحسن رسالة يعزّيه فيها ويُصبّرهُ على المصاب الذي جرى عليه وعلى أصحابه .
عن اسحاق بن عمّار الصيرفي أنّه قال : إن أبا عبد الله جعفر بن محمد(()) كتب إلى عبد الله بن الحسن حين حمل هو وأهل بيته ، يعزّيه عمّا صار إليه : « بسم الله الرحمن الرحيم ، إلى الخلف الصالح ، والذريّة الطيّبة من ولد أخيه وابن عمّه : أما بعد : فلئن كنت قد تفرّدت أنت وأهل بيتك ـ ممّن حُمل معك ـ بما أصابكم ، ما انفردت ـ بالحزن والغيظ والكآبة ، وأليم وجع القلب ـ دوني ولقد نالني من ذلك من الجزع والقلق ، وحرّ المصيبة مثل ما نالك ولكن رجعت الى ما أمر الله ـ جلّ جلاله ـ به المتقين من الصبر ، وحُسن العزاء ، حين يقول لنبيّه (()): ( واصبر لحكم ربك فإنّك بأعيننا)( . وحين يقول : ( فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت) إلى
أن قال: (واعلم أي عمّ وابن عمّ إن الله ـ جل جلاله ـ لم يُبال بضرّ الدنيا لوليه ساعة قط ولا شيء أحبّ إليه من الضرر والجهد والأذى مع الصبر . وانه تعالى لم يُبال بنعم الدنيا لعدوّه ساعة قط ولو لا ذلك ما كان أعداؤه يقتلون أولياءه ويخوفونهم ويمنعونهم وأعداؤه آمنون مطمئنّون عالون ظاهرون ولولا ذلك لما قتل زكريا واحتجب يحيى ظلماً وعدواناً في بغيّ من البغايا . ولو لا ذلك لما قتل جدّك علي بن أبي طالب (()) لمّا قام بأمر الله ـ جلّ وعزّ ـ ظلماً ، وعمّك الحسين بن فاطمة اضطهاداً وعدواناً».
واعترف المنصور بسياسته الغاشمة ضد العلويين القائمة على القتل والإبادة لذريّة رسول الله (( وسلم)) حيث يقول : قتلت من ذرية فاطمة ألفاً أو يزيدون وتركت سيّدهم ومولاهم جعفر بن محمد.

فللحديث بقية حتى استشهاده صلوات الله عليه


رد مع اقتباس