[حسين نوح مشامع]

صورة جندي
شاهد المحررات، وهن ينزلن من الحافلات واحدة تلو الأخرى. يستقبلهن الناس بالفرح والزغاريد، كأنهن عرائس تزف إلى أزواجهن.

كأكثر رجال السياسة، يميل لصالح الحلول السلمية، ونقاشات الطاولات المستديرة. ومع كل حوار، لا يزداد العدو إلا علوا واستكبارا. ومع كل طاولة إلا توسعا وتمددا. يهدم البيوت - يسرق أراضيها - بعد أن يهجر سكانها. كبقعة زيت طافية، تتمدد على وجه المحيط. ويحارب من يطالب بالحل العسكري، ويصمه بالخيانة والعمالة للعدو المحتل. ثعلب خبيث، يعمل المستحيل ليحمي نفسه. يزين السوء لأسد مفترس، ويلوم من يحاول مقاومته.

ضاقت الأرض بما رحبت، وبلغت القلوب الحناجر. وعلم أن لا منجى، إلا بتطبيق فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم. وكان من المثبطين وطابور خامس للمحتل، رغم ما يقوله من شعارات براقة. وإذا التقى إخوانه قال أنا منكم، وإذا خلا إلى شياطينه قال أنا معكم إنما أنا من المستهزئين. ومن الذي يخافون من إراقة الدماء، في سبيل الدين - ونزع الحقوق السليبة. يتبجح بالتدين ويحذر الناس، بلا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة.

كلامه لم يثني الناس، عن عزمهم. فإنما هي احد الحسنيين، الجنة أو الشهادة. وكما قال الشاعر (إما حياة تسر الصديق - وإما ممات يغيظ العدى). وكلام الإمام علي(ع)(الموت في حياتكم مقهورين، والحياة في مماتكم قاهرين).

بعد نفاذ كل المحاولات السلمية، اخذ قطار الشهادة يتتابع. وهو واقف مشدوه، من جنون هؤلاء. كيف يتركون الحياة الدنيا، وكل ما مباهجها، مقابل حفنة تراب! ولكنها لم تكن كذلك، بل العزة والكرامة.

بعد نجاح التضحيات الجسام، بالنفس والنفيس في لبنان. ووقوف العدو عند حده، وإطلاق سراح المعتقلين. انتفض الإخوة الفلسطينيون، ونفضوا غبار الذل والهوان عن أفكارهم وعقولهم. وراحوا يطبقون تلك التجربة اللبنانية الفريدة، وكان من نتائجها إطلاق سراح تسعة عشر معتقلة. مقابل صورة لجندي إسرائيلي.

وقف مع جموع المستقبلين فاغر فاه، كأنه غراب ينعق على خراب. مستغربا من نجاح المجاهدين، من تحقيق هذا الفتح. وكيف تم لهم ما لم يتمكن هو من تحقيقه، عبر الحلول السلمية والطاولات المستديرة. بقلم: حسين نوح مشامع- القطيف، السعودية