منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - عقد الحرية
الموضوع: عقد الحرية
عرض مشاركة واحدة

samar
مشرف سابق
رقم العضوية : 3155
الإنتساب : Nov 2008
المشاركات : 986
بمعدل : 0.16 يوميا
النقاط : 239
المستوى : samar is on a distinguished road

samar غير متواجد حالياً عرض البوم صور samar



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : مظلومية سيدة نساء العالمين صلوات الله عليها"> مظلومية سيدة نساء العالمين صلوات الله عليها
افتراضي عقد الحرية
قديم بتاريخ : 27-Oct-2009 الساعة : 10:38 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وال محمد و عجل فرجهم
عقد فاطمة .. عقد الحرية

جلس النبي صلى الله عليه واله وسلم في قبلته بعد أن انتفل من الصلاة وقد تحلّق حوله أصحابه فبدا كقمر وسط النجوم والزمن نهر يتدفق تتدافع قطراته بانتظام ... أو رحى كبيرة تدور وتدور تهب السنين لمن يشاء ومن لا يشاء تفتح عيون الأطفال وتغمض عيوناً متغصنة الأجفان تشدّ أعواد الشباب وتقوسّ قامات الكهول ، فالجميع إلى زوال ويبقى وجه الله ... الله جلّ جلاله وحده.
دخل المسجد شيخ عصف به الزمان نحت وجهه ومزّق ثيابه ، يدّب على الأرض دبيب نملة تبحث عن رزقها في يوم بارد .
هتف الشيخ وهم يتطّلع إلى النبي صلى الله عليه واله وسلم كأنّما يتطلّع إلى شمس تهب النور والدفء:
- يا نبيّ الله ، أنا جائع ...عريان .. اشبعني واكسني .
أجاب النبيّ صلى الله عليه واله وسلم وقلبه يذوب تأثّراً :
- ما أجد لك شيئاً ولكن الدال على الخير كفاعله ..
انطلق إلى من يحب الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله يؤثر الله على نفسه .. انطلق إلى فاطمة..
التفت النبيّ إلى بلال :
- قم يا بلال فخذه إلى منزل فاطمة.
وقف الشيخ على باب يفضي إلى عالم من أمل .. عالم يهب الخبز للجياع .. هتف الشيخ بصوت واهن ينوء بعبء السنين :
- شيخ عصف به الدهر وأضرّ به الفقر .. واسيني يا بنت محمد .
نظرت فاطمة حواليها لم تجد شيئاً تسعف به إنساناً ينتظر بأمل .. كان هناك في زاوية الحجرو جلد كبش مدبوغ فطوته وناولته الشيخ :
- خذه فعسى الله أن يختار لك ما هو خير منه.
دقّق الشيخ النظر وتمتم :
- وما أًصنع بجلد كبش ، يا بنت محمد !
وأصعب شيء أن تهب المرأة زينتها .. أساور من ذهب أو فضة أو عقد من لآلئ البحر ، ولكن هناك ما يضيء في نفس المرأة .. يتألّق في أعماقها تالّق اللؤلؤ في الأصداف.
انتزعت فاطمة عقداً كان في عنقها وناولته الشيخ الملهوف :
ـ خذه يا شيخ.. عسى الله أن يعوّضك به ماهو خير منه.
عاد الشيخ الهوينى الى المسجد... كان النبي ما يزال جالساً بين أصحابه ، قال الشيخ :
ـ يا رسول الله أعطتني فاطمة هذا العقد وقالت : عسى الله أن يصنع لك .
دمعت عينا النبيّ :
ـ كيف لا يصنع الله لك، وقد اعطتك إيّاه سيدة بنات آدم!
سأل عمّار وكان حاضراً :
ـ بكم تبيع العقد يا شيخ ؟
ـ بشبعة من الخبز واللحم ، وبردة يمانّية استر بها نفسي واصلّي بها لربّي.
ملأ الشيخ كفيّه دنانير من ذهب ودراهم من فضّة فهتف جذلاً :
ـ ما أسخاك بالمال يا رجل!
غاب الشيخ برهة ثم عاد وبريق أمل يشعّ من عينيه ، وكلمات الدعاء وتمتمات الثناء تنساب من بين شفتيه فقد أغناه الله بعد فقر وأشبعه بعد جوع وكساه بعد عري.
انطلق عمّار الى منزله... فسكب عطراً غالياً على العقد ثم لفّه ببردة يمانية وقال لفتاه وكان اسمه سهم :
ـ انطلق الى فاطمة وسلّمها العقد وأنت لها.
وانطلق سهم كسهم يجتاز البيوت حتى اذا وقف على باب فاطمة :
ـ السلام عليك يا بنت رسول الله... العقد وأنا لك .
ـ العقد لي وأنت حرّ لوجه الله.
كاد الفتى يطير فرحاً... كان يفكّر بالحرية.. يحلم بها.. وهاهي
اللحظة التي كاد أن ينساها تتحقق فيدخل الدنيا حرّاً طليقاً.. انه لن ينسى أبداً فاطمة ... السيّدة التي أعادت اليه شيئاً غالياً فقده منذ زمن.
عاد سهم والفرحة تطفو فوق وجهه ، جبينه مشرق وفمه كهلال عيد الفطر. وجد نفسه يعود إلى عمّار ، هتف عمّار :
ـ ما يضحكك يا سهم ؟
ـ أضحك لبركة هذا العقد.. اشبع جائعاً وكسى عرياناً وأغنى فقيراً واعتق عبداً ثم عاد الى صاحبه.
وعندما أوت الطيور الى أعشاشها.. وعاد المزارعون الى بيوتهم وساق الرعاة غنيماتهم... في طريق العودة وقد غابت الشمس... لتتألّق النجوم في صفحة السماء ويشرق القمر... كانت حكايات السمر تتحدّث بقصّة عقد مبارك وهبته بنت محمّد وسلم ثم عاد اليها بعد أن مسّت بركته جياعاً وعراة وعبيداً... وهبتهم الخبز والكساء والحريّة.


المصدر : كتاب دنيا الفتيات لكمال السيد صفحة 290 قصة رقم 80

نسالكم الدعاء


رد مع اقتباس