صدق الراوي لا يلازم صدق الرواية:
ولو أغمضنا النظر عما تقدم، وفرضنا ثبوت صدق هذا الرجل «علي بن فاضل» فيما يرويه، ويحكيه لنا، فإن ذلك لا يلزم منه صدق المحكي، إذ ليس لنا طريق لإثبات صدق شمس الدين محمد العالم فيما يدعيه.
فقد يكون ثمة جزيرة تسمى بـ:
«الخضراء»، وفيها رجل اسمه شمس الدين، وجماعة آخرون، يدعون أنهم من أحفاد الإمام المهدي (

)، ومن أنصاره.
ولكن كيف يمكن إثبات صحة دعواهم تلك، فلعلهم يريدون تضليل الناس والتلاعب بعقولهم ومشاعرهم عن هذا الطريق، الذي نجد فيه الكثيرين يحاولون إثبات شيء منه لأنفسهم لأهداف شيطانية ماكرة.
ووجودهم في جزيرة حولها ماء أبيض لا يكفي لذلك.
إذ إن علي بن فاضل لم يشاهد بنفسه هلاك أعداء أهل البيت (

) في ذلك البحر، ولا رأى غرق سفنهم. وإنما هي مجرد دعوى سمعها من رفيقه الذي كان معه.
وأما إخبار الذي أتى بالميرة إلى جزيرة الرافضة لعلي بن فاضل باسمه، واسم أبيه، وصفته فهو أيضا لا يكفي لإثبات صدق هذه الدعوى. لاسيما وأن من الممكن لهم الحصول على معلومات كهذه بالوسائل العادية، بأن يكون لهم في الجزيرة من يخبرهم بكل قادم إليها.
مع العلم بأن علي بن فاضل يعتقد: أنه كان قد رأى هذا الرجل معهم في القافلة من دمشق إلى مصر، وقال: «ولم أكن أشك في أنه قد كان في صحبتنا من دمشق ـ زاد في تبصرة الولي قوله: وإلى جزيرة الأندلس ـ فقلت: أيها الشيخ، هل كنت معنا حيث سافرنا من دمشق إلى مصر.
قال: لا، ومولاي.
قلت: ولا من مصر إلى الأندلس؟
قال: لا، والله»
(1).
فنلاحظ:
أنه اكتفى منه بإخباره بأنه لم يكن معهم!! مع العلم بأن هذه القافلة مهما كبرت واتسعت فإن من هم فيها سيتعرف بعضهم على بعض بسبب طول المدة، والاضطرار إلى التعامل مع أصحابها، ومع العلم بأنه ما كان يشك في كونه قد كان معهم.
ـــــــــــــــ
(1) تبصرة الولي ص246 وراجع رواية المجلسي المتقدمة.
يتبع>>>