الموضوع: ثقافة الدمعة .
عرض مشاركة واحدة

صفوان بيضون
أديب وشاعر
رقم العضوية : 6568
الإنتساب : Oct 2009
الدولة : دمشق العقيلة
المشاركات : 964
بمعدل : 0.17 يوميا
النقاط : 226
المستوى : صفوان بيضون is on a distinguished road

صفوان بيضون غير متواجد حالياً عرض البوم صور صفوان بيضون



  مشاركة رقم : 8  
كاتب الموضوع : صفوان بيضون المنتدى : ميزان مصباح الهدى وسفينة النجاة ( عاشوراء ) ميزان مصباح الهدى وسفينة النجاة ( عاشوراء )
افتراضي ثقافة الدمعة(8)
قديم بتاريخ : 21-Dec-2009 الساعة : 06:07 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


ثقافة الدمعة
الحلقة الثامنة :

كيف للدمعة أن تنمو في مثل هذه التربة المجدبة القاحلة المستنزفة الغاصة بالمبيدات الروحية ، من الصعب جداً عليها بل من المستحيل أن نراها إلا في جزر صغيرة مبعثرة ضائعة ، هي في سبيلها إلى الزوال والاندثار .
يقول سيد البلغاء علي (ع) : " ما جفت الدموع إلا لقسوة القلوب ، وما قست القلوب إلا لكثرة الذنوب " ( بحارج73ص352) .
كل تلك الضغوط تمنع الإنسان من البكاء ، كما أن منها ما يعود إلى سلوكيته نفسه بعيداً عن المؤثرات المجتمعية ، وهي تتعلق بتصرفاته التي تنجم عنها حجب قلبية تغلفها وتمنعها عن التأثر والتعاطف ، دون شعور أو تصميم مسبق من أصحابها ، وعلى رأس تلك الحجب اللهو والملاهي .
ومنها قناعة الإنسان بعدم فائدة الدموع ، واتخاذه موقفاً سلبياً منها ، رافضاً وموطناً نفسه بأنها لا تنفع ، أو أنها تمس بكينونيته وعقلانيته إن صح التعبير ، وإن التغلب على تلك الموانع يحتاج إلى مغالبة ، ويحتاج أولاً إيماناً بقيمتها ، ومن ثم تكسير لتلك السدود واجتياز لتلك العوائق ، عبر ثقافة إيمانية رسالية ممنهجة ..
ونحن في بلاد الشام وللأسف نفتقد إلى تلك الثقافة ، والتي هي جسر واصل بين قلوبنا وبين الكنه الوجداني لمظلومية آل البيت ، وانعدام هذا الجسر يقف حائلاً دون وصولنا إلى مرتقى التحليق في عوالم آل البيت (ع) ، فلا نحن حاولنا بناء الجسر ، ولا نحن سعينا إلى ترميم ثقافتنا وتدعيمها ، ولا نحن أسسنا لأجواء تساعدنا على تخطي الحجب القلبية ، إضافة لما نعيشه ويعيشه كل المسلمين بل كل الناس عامة كما أسلفنا في هذا العالم المادي وأمراضه وويلاته ، وليت الأمر يقف عند هذه الحدود ، بل ابتدع البعض مناهج معاكسة تبعدنا عن تلك الأجواء عبر عناوين زخرفية تنادي بالعقلانية والتمدن والتحضر وتهذيب وتشذيب السلوكيات الشيعية وتنقيتها من شوائب وعوالق لا تخدمها ، وكأن أصحاب تلك المناهج الهدامة قد نسوا أو تناسوا بأن أساس العملية الإيمانية لا يقوم على التحليل العقلي فقط ، بل هو يبدأ بانقداح شرارة العقل ، ثم لا يستكمل دوره ولا تتبلور أهدافه إلا بنور القلب ، الذي لا يتأتى إلا بالمحبة والتسليم والولاء والتعلق الوجداني ، فمهما كان العقل مدركاً وواعياً ، إذا لم يتسنى له قلب سليم شفاف فإن الإيمان يبقى في حدود الفكر ، ولا يتمثل في مظاهر السلوك ..
ولعل أكبر مثال على هذا المنهج هو أن السلوك الشيطاني نجم عن مخالفة إبليس للمظهر الوجودي التوحيدي ، رغم إيمانه العقلي بالله ، واعترافه اللساني به وبأحقيته ، إلا أنه لم ينعقد في قلبه أبداً ، ليطفو على بحر الحياة زبداً ، لا ليشع في سمائها نوراً ورشداً ..
000 يتبع 00

رد مع اقتباس