[صفوان بيضون]

ثقافة الدمعة
الحلقة التاسعة والأخيرة :

ويبقى الحسين (ع) منبع الرقة والجمال ، مصباح الهداية ، وسفينة النجاة ، موئل النفوس الغرثى ، والأرواح الحرى ، دفء القلوب ، وحنان العيون ..
وإذا لم ننظر إلى القضية الحسينية كحالة شيعية عقيدية فحسب ، فإننا نرى فيها فسحة لمن يطلب الانسلاخ عن ماديته الكريهة ، وفرصة لمراجعة النفس بعيداً عن صلف الضجيج ، وعنواناً لامعاً في صحف الظلام الداكنة المشحونة بالأخبار المقززة الملفقة ، وثقافة روحية تنتشل النفوس من مستنقعات الوحل الشهوي .
وإذا كان الحسين للتائهين في غمرات العبث واللهو ساحل أمان واطمئنان ، وبارقة أمل للقانطين اليائسين ، فإنه للعاشقين الموالين فوق ذلك وأكثر ، لأن الحسين جمع الخليقة المتعاهدة على منهج الولاء ، جمعها بدمعة تحتضن بانسدالها كل الدمعات المنهجية ، فالحسين هو القرآن الناطق وهو ابن الآية الكبرى والنبأ العظيم ، وإذ تتلى مراثيه تفيض الأعين مما عرفنا من حقه ، والحسين المظلوم ما تجرع أحد ظلماً مثلما تجرع ، والحسين المعصوم بكى يوم عاشوراء على تلك الجموع التي ستدخل النار بسببه ، وحق لتلك الدموع الإلهية أن نشاركها دموعها ، والحسين دليل الله وربان سفينة هدايته ، ورمز الخوف والخشية منه ، نستذكر الله به في كل خطوة وكل نفس وكل تسبيحة وكل ركعة وسجدة فوق تربته ، فالحسين سبيل الله وفي سبيله استشهد ،والحسين حبيب الله وفي محبته قتل ، والحسين قريب من الله وقرباناً له صرع ، والحسين صاحب القطرتين قطرة الدم وقطرة الدمع .
انتهى الموضوع .
خادم الحسين : صفوان لبيب بيضون
يسألكم الدعاء
دمشق : 22/12/2009
عاشوراء 1431