بسم الله الرحمن لرحيم
الحمدالله رب العالمين والصلاة على محمد وآله الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم أجمعين ...
أعزاءنا ...
لماذا سُمي الإمام عليّ ابن الحسين صلوات الله عليه بزين العابدين .؟؟؟
فلنبدأ برواية توضح سبب التسمية وهي من ضمن عدة روايات اخترنا منها التالي :_
روى الحافظ ابن عساكر، بسنده عن سفيان بن عيينة، عن ابن الزّبير، قال:
كُنّا عند جابر فدخل عليه عليّ بن الحُسين، فقال له جابر:
كنت عند رسول الله صلّى الله عليه وآله فدخل عليه الحُسين فضمّه إليه، وقبّله، وأقعده إلى جنبه، ثمّ قال صلّى الله عليه وآله: يولد لابني هذا ابن يُقال له:
عليّ بن الحُسين، إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش ليقم سيّد العابدين، فيقوم هو.
روى سعيد بن المُسيب، عن ابن عباس:
إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: إذا كان يوم القيامة ينادي مناد أين زين العابدين؟
فكأنّي أنظر إلى ولدي عليّ بن الحُسين يخطر بين الصّفوف...
هذه بعض النّصوص التي أثرت عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله في تسميته لحفيده بعليّ ومنحه بلقب زين العابدين، كما فيها الإشادة بأهميّته ومكانته عند الله تعالى ...
هيبته ..
يقول الشّيخاني القادري:
وكان لا تشبع من رؤية صباحة وجهه عين النّاظر، لقد كانت هيبته تحكي هيبة جده الرّسول الأعظم صلّى الله عليه وآله، وقد بهر بها المُجرم السّفاح مُسلم بن عقبة، الذي استهان بجميع القيم والمقدّرات، فحينما رأى الإمام ارتعدت فرائصه، وقابله بمزيد من العناية والتّكريم، وقال لمن حوله: إنّ لعليّ زين العابدين سيماء الأنبياء.
اُمّه عليهما السلام:-
نحن بين يدي سيدة كريمة من سيدات نساء المُسلمين عفّة وشرفاً وطهارة، وهي السّيدة الجليلة شاه زنان، أم الإمام زين العابدين عليه السّلام، وتحتل هذه السيدة الجليلة المكانة المرموقة في عالم المرأة المُسلمة، فقد كانت من سيدات نساء عصرها، بل وفي الطليعة من سيدات نساء المُسلمين .
النصّ على إمامته
:-
يعتبر النّص على الإمام ضرورياً عند الشيعة الإماميّة في تعيين الإمام، ونفي الرّيب عنه، وقد تواترت النّصوص على إمامة الإمام زين العابدين عليه السّلام، ونشير إلى بعضها:
إنّ الرّسول الأعظم صلّى الله عليه وآله عيّن أوصياءه وخلفاءه الاثني عشر من بعده، وصرح بأسمائهم، ومنهم الإمام زين العابدين عليه السّلام وقد تضافرت النصوص بذلك.منها:
ما رواه أبو خالد الكابلي عن عليّ بن الحُسين:
إنّ أباه الحُسين قال له:
دخلت على رسول الله صلّى الله عليه وآله فرايته مُفكراّ فقلت له:
مالي أراك مفكراً؟
قال: إنّ الأمين جبرائيل أتاني وقال:
العلي الأعلى يُقرئك السّلام ويقول:
قد قضت نبوّتك واستكملت أيّامك فاجعل الاسم الأعظم وآثار النبوة عند عليّ بن أبي طالب، فإنّي لا أترك الأرض إلا وفيها عالم يعرف به طاعتي وولايتي، وإنّي لم اقطع علم النّبوّة من الغيب من ذريّتك كما لم اقطعها من ذرّيات الأنبياء الذين كانوا بينك وبين أبيك آدم، ثم ذكر أسماء الأئمة القائمين بالأمر بعد عليّ بن أبي طالب وهم:
الحسن والحُسين ثمّ أولاد الحسين أوّلهم ابنه عليّ وآخرهم الحجة بن الحسن.
إخوته وأخواته
كان للإمام عليّ بن الحُسين عليهما السّلام إخوة هم:
عليّ الأكبر، وعبد الله الرّضيع. وقد قتل عليّ الأكبر مع أبيه في كربلاء، ولا بقية له، وأمّه كانت آمنة بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي، وأمها بنت أبي سفيان بن حرب.
أما عبد الله الرّضيع فأمّه الرّباب بنت امرئ القيس، وقد قُتل أيضاً مع أبيه وأخيه يوم الطّف.
وكان له أختان أيضاً: سكينة وفاطمة، فسكينة أمّها الرّباب ابنة امرئ القيس، وأمّا فاطمة فأمّها أمّ إسحاق بن طلحة بن عبيد الله.
ويكفي في جلالتهما كلام الإمام الحُسين عليه السّلام مع ابن أخيه الحسن بن الإمام الحسن عليه السّلام لما جاء إليه خاطباً إحدى ابنتيه: أمّا سُكينة فغالب عليها الاستغراق مع الله، فلا تصلح لرجل. فأختار لك فاطمة فهي أكثر شبهاً بأمّي فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله:
أمّا في الدّين فتقوم الليل كُلّه وتصوم النّهار. وفاتها في المدينة سنة 117هـ عن أكثر من سبعين سنة.
عبادته
أجمع المُسلمون على أنّ الإمام زين العابدين عليه السّلام كان من أعبد النّاس، وأكثرهم طاعة لله تعالى، ولم ير النّاس مثله في عظيم إنابته وعبادته، وقد بر الُمتقون والصّالحون، وحسبه أنّه وحده في تاريخ الإسلام قد لقب بزين العابدين وسيّد السّاجدين.
أمّا عبادته عليه السّلام فلم تكن تقليديّة، وإنّما كانت ناشئة عن إيمانه العميق بالله تعالى، وكمال معرفته به، فقد عبده لا طمعاً في جنته، ولا خوفاً من ناره وإنّما وجده أهلاً للعبادة فعبده، شأنه في ذلك شأن جدّه الإمام أمير المؤمنين وسيّد العارفين وإمام المُتقين، الذي عبد الله عبادة الأحرار، وقد اقتدى به حفيده العظيم زين العابدين عليه السّلام وقد أعرب عن عظيم إخلاصه في عبادته، فقال:
إنّي أكره أن أعبد الله، ولا غرض لي إلا ثوابه، فأكون كالعبد الطّامع، إن طمع عمل، وإلا لم يعمل، وأكره أن أعبده لخوف عذابه، فأكون كالعبد السّوء إن لم يخف لم يعمل... فانبرى إليه بعض الجالسين فقال له: فبم تعبده؟.
فأجابه عن خالص إيمانه: وأعبده لما هو أهله بأياديه إنعامه...
لقد كانت عبادته عن معرفة لا يشوبها شكّ أو وهم، كما لم تك وليدة طمع أو خوف، وإنما كانت وليدة إيمان عميق، وقد تحدث عليه السّلام عن أنواع العبادة بقوله:
إنّ قوماً عبدوا الله عز وجل رهبة فتلك عبادة العبيد، وآخرون عبدوه رغبة فتلك عبادة التّجار، وقوماً عبدوا الله شكراً فتلك عبادة الأحرار.. هذه أنواع العبادة والطّاعة، وأثقلها في الميزان، وأحبها لله هي عبادة الأحرار التي لا تكون إلا شكراً للمُنعم العظيم لا طمعاً في ثوابه، ولا خوفاً من عقابه، وقد أكد الإمام عليه السّلام ذلك في حديث آخر له قال: عبادة الأحرار لا تكون إلاّ شكراً لا خوفاً ولا رغبة. لقد امتزج حبّ الله في قلب الإمام، وعواطفه فكان من ذاتياته وعناصره، ويقول الرّواة، أنّه كان مشغولاً بعبادة الله وطاعته في جميع أوقاته. وقد سئلت جارية له عن عبادته فقالت: أطنب، أو أختصر...
فقيل: بل اختصري...
قالت: ما أتيته بطعام نهاراً قط، وما فرشت له فراشاً بليل قط...
لقد قضى الإمام عليه السّلام معظم حياته صائماً نهاراً، قائماً ليله، مشغولاً تارة في الصّلاة، وأخرى في صدقة السّر.. ومن المؤكّد أنّه ليس في تاريخ زهّاد المُسلمين وعبّادهم مثل الإمام عليّ بن الحُسين في عظيم إخلاصه وطاعته لله، ونعرض لبعض شؤون عباداته.
يتبع ,,,,,,,,,,,
لبيك يامظلوم