اللهم صل على الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
اللهم واشفي قلب الزهراء صلوات الله عليها بظهور وليك المهدي صلوات الله عليه وعلى آبائه الطيبين الطاهرين
واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
[ المجلس الحادي العشر ]
عن مولانا الصادق
أنه قال : سمعت أبي يقول : لما التقى الحسين
وعمر بن سعد وقامت الحرب أنزل الله النصر حتى رفرف على رأس الحسين ثم خير بين النصر على أعدائه وبين لقاء الله فاختار لقاء الله .
ثم صاح الحسين
: أما من مغيث يغيثنا لوجه الله ؟ أما من ذاب يذب عن حرم رسول الله ؟ قال : فإذا الحر بن يزيد الرياحي قد أقبل إلى ابن سعد فقال : أمقاتل أنت هذا الرجل ؟ فقال : أي والله ، قتال أيسره أن تطير الرؤوس وتطيح الأيدي .
قال : فمضى الحر ووقف موقفا من أصحابه وأخذه مثل الأفكل .
فقال له المهاجر بن أوس : والله إن أمرك لمريب ، ولو قيل لي : من أشجع أهل الكوفة لما عدوتك ، فما هذا الذي أرى منك ؟ فقال : والله إني أخير نفسي بين الجنة والنار ، فوالله لا أختار على الجنة شيئا ولو قطعت وحرقت .
ثم ضرب فرسه قاصدا إلى الحسين
ويده على رأسه وهو يقول : اللهم إليك أنبت فتب علي ، فقد أرعبت قلوب أولياؤك أولاد بنت نبيك .
وقال للحسين
: جعلت فداك أنا صاحبك الذي حبسك عن الرجوع وجعجع بك ، وما ظننت أن القوم يبلغون بك ما أرى ، وأنا تائب إلى الله تعالى فهل ترى لي من توبة .
فقال له الحسين
: نعم ، يتوب الله عليك فأنزل .
فقال : أنا لك فارسا خير مني لك راجلا وإلى النزول يصير آخر أمري .
ثم قال : كنت أول من خرج عليك فأذن لي أن أكون أول قتيل بين يديك لعلي أكون ممن يصافح جدك محمدا
غدا في القيامة .
فأذن له فجعل يقاتل أحسن قتال حتى قتل جماعة من الشجعان والأبطال ثم استشهد فحمل إلى الحسين
فجعل يمسح التراب عن وجهه ويقول : أنت الحر كما سمتك أمك حرا في الدنيا والآخرة .
[ قال ] : وخرج برير بن خضير : وكان زاهدا عابدا فخرج إليه يزيد بن المغفل فاتفقا على المباهلة إلى الله تعالى : في أن يقتل المحق منهما المبطل ، وتلاقيا ، فقتله برير ، ولم يزل يقاتل حتى قتل رحمه الله تعالى .
[ قال ] : وخرج وهب بن حباب الكلبي ، فأحسن في الجلاد ، وبالغ في الجهاد ، وكانت معه امرأته ووالدته فرجع إليهما وقال : يا أماه أرضيت أم لا ؟ فقالت الأم : ما رضيت حتى تقتل بين يدي الحسين
.
وقالت امرأته : بالله عليك لا تفجعني بنفسك .
فقالت له أمه : يا بني أعزب عن قول زوجتك وارجع فقاتل بين يدي ابن بنت نبيك تنل شفاعة جده يوم القيامة .
فرجع ولم يزل يقاتل حتى قطعت يداه ، فأخذت امرأته عمودا وأقبلت نحوه وهي تقول : فداك أبي وأمي قاتل دون الطيبين حرم رسول الله
، فأقبل كي يردها إلى النساء ، فأخذت بجانب ثوبه وقالت : لن أعود دون أن أموت معك .
فقال الحسين
: ( جزيتم من أهل بيت خيرا ، ارجعي إلى النساء رحمك الله ) فانصرفت إليهن . ولم يزل الكلبي يقاتل حتى قتل رضوان الله عليه .
[ قال ] : ثم خرج مسلم بن عوسجة رحمه الله فبالغ في قتال الأعداء ، وصبر على أهوال البلاء حتى سقط إلى الأرض وبه رمق ، فمشى إليه الحسين
ومعه حبيب بن مظاهر .
فقال له الحسين
: ( رحمك الله يا مسلم ، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ) . ودنا منه حبيب رضي الله عنه وقال : عز علي مصرعك يا أخي يا مسلم أبشر بالجنة . فقال له مسلم قولا ضعيفا : بشرك الله بخير .
ثم قال له حبيب : لولا أعلم أنني في الأثر لأحببت أن توصي إلي بكل ما أهمك .
فقال له مسلم : فإني أوصيك بهذا - وأشار بيده إلى الحسين
- قاتل دونه حتى تموت .
فقال له حبيب : لأنعمنك عينا .
ثم مات رضوان الله عليه .
إلى أن [ قال : ] وحضرت صلاة الظهر فأمر الحسين
زهير بن القين وسعيد بن عبد الله الحنفي أن يتقدما أمامه بنصف من تخلف معه ثم صلى بهم صلاة الخوف فوصل إلى الحسين
سهم فتقدم سعيد بن عبد الله الحنفي يقيه بنفسه ما زال ولا تخطى حتى سقط إلى الأرض وهو يقول : اللهم العنهم لعن عاد وثمود .
اللهم أبلغ نبيك عني السلام وأبلغه ما لقيت من ألم الجراح فإني أردت ثوابك في نصر ذرية نبيك ، ثم قضى نحبه فوجد به ثلاثة عشر سهما سوى ما به من ضرب السيوف وطعن الرماح . . .
[ قال : ] وتقدم سويد بن عمرو بن أبي المطاع : وكان شريفا كثير الصلاة فقاتل قتال الأسد الباسل ، وبالغ في الصبر على الخطب النازل حتى سقط بين القتلى وقد أثخن بالجراح ، فلم يزل كذلك وليس به حراك حتى سمعهم يقولون : قتل الحسين
، فتحامل وأخرج من خفه سكينا وجعل يقاتلهم به حتى قتل . . .
وجعل أصحاب الحسين يسارعون إلى القتل بين يديه فكانوا كما قيل :
قوم إذا نودوا لدفع ملمة * والخيل بين مدعس ومكردس لبسوا
القلوب على الدروع كأنهم * يتهافتون على ذهاب الأنفس
نسألكم الدعاء
اللهم اجعلنا من شيعة الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها ولا تفرق بيننا وبينهم في الدنيا والآخرة