عرض مشاركة واحدة

صفوان بيضون
أديب وشاعر
رقم العضوية : 6568
الإنتساب : Oct 2009
الدولة : دمشق العقيلة
المشاركات : 964
بمعدل : 0.17 يوميا
النقاط : 227
المستوى : صفوان بيضون is on a distinguished road

صفوان بيضون غير متواجد حالياً عرض البوم صور صفوان بيضون



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : ميزان مصباح الهدى وسفينة النجاة ( عاشوراء ) ميزان مصباح الهدى وسفينة النجاة ( عاشوراء )
افتراضي الحسين استثناء الله في الأرض(أبو زهراء الدمشقي)
قديم بتاريخ : 17-Jan-2010 الساعة : 07:43 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


بعد المشاركة الأولى للأخ المهندس أبو زهراء والتي حازت على اعجاب رواد المنتدى طلبت منه مشاركة اخرى فلبى مشكوراً فجزاه الله خادماً من خدمة أبي عبد الله (ع)....

- الحسين استثناء الله في الأرض -


السلام عليكم أيها الحسينيون ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على المبعوث رحمة للعالمين محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم إلى قيام يوم الدين..
فعلى الأطايب من بيت محمد وعلي صلى الله عليهما وآلهما فليبك الباكون وإياهم فليندب النادبون ولمثلهم فلتذرف الدموع وليصرخ الصارخون ويضج الضاجون ويعج العاجون...
عظم الله أجر المولى صاحب الزمان وأجوركم بهذا المصابِ الجلل والرزيةِ العظمى التي ثقلت في السموات والأرضين واقشعرت لها أظلة عرش ربِّ العالمين.
إن واقعة الطف ـ وما جرى فيها من زوابع الفجائع ـ واقعة خرقت نواميس الطبيعية وغرائز البشرية والشرائع الإلهية، وما رأت عين الدهر ولا سمعت أذن الزمان بواقعة مثلِها ولن تسمع بمثلها أبداً، وكما أن هذه الواقعة تفردت في مجرياتها وأهدافها فكذلك أحكامها غريبة الشكل، عديمة النظير، متفردة في بابها.
الجزع والبكاء في المصائب مهما عظمت قبيح مكروه، ولكن صادق أهل البيت (سلام الله عليه وعليهم) يقول في حديث معتبر: البكاء والجزع كله مكروه إلا على الحسين (صلوات الله عليه).
شق الجيوب على الفقيد وخمش الوجوه محرم في الأشهر، ولكن صادق أهل البيت (سلام الله عليه) يقول في حديث وثيق: على مثل الحسين فلتشقِ الجيوب ولتخمشِ الوجوه ولتلطمِ الخدود.
إيذاء النفس وإدماء الجسد مرغوب عنه مذموم، سيما من الأعاظم وأولي العزائم، والإمام الحجة (عجل الله فرجه) يقول في زيارة الناحية: فلأندبنك صباحاً ومساءً، ولأبكين عليك بدل الدموع دماً... وماذاك إلا لشدة تقرح عينيه الشريفتين..
وقد سبقه إلى ذلك جدّه الإمام زين العابدين () ففي بعض روايات المجلسي : إن الإمام زين العابدين () كان أحياناً إذا قدم إليه قدح فيه ماء بكى حتى يملأه دماً.
وعلى هذه الوتيرة فاسحب وقس سائر الأعمال التي يؤتى بها بقصد الحزن والتوجّع لفاجعة الطف، وإنّ صاحبَها سيدُ الشهداء لعمري هو باب الرحمة الواسعة وسفينة النجاة من كل هلكة، ومن ذا يقدر على سد باب رحمة الله؛ أو يقطعْ أعظم الذرائع والوسائل إلى الله بحربه لشعائر الحسين أرواحنا فدىً لنعاله... وبالمقابل نرى الحسينيون يكثرون عاما بعد عام ويزدادون صلابة ومنعة وإصرارا على إحياء ذكرى سيدهم، وعدم التفريط بأية شعيرة مهما صغرت، ولا صغير في الشعائر الحسينية....
ولعله من هنا تجد أن لكل شيعي عُلقة خاصة مع الحسين ليست له مع غيره من سائر الأئمة (سلام الله عليهم) مع أنه يعتقد بإمامتهم وفرض طاعتهم.
نعم، قد كان لنفس النبي () ولذات الأئمة () عُلقة خاصة بالحسين بخصوصه ليست لبعضهم مع بعض، فلقد كانت لهم لهجة خاصة عند ذكره، يعرفها من أنس بأخبارهم، ووقف على بعض أسرارهم، وهذه ميزة قد امتاز سلام الله عليه بها، ومزية قد تفرّد فيها، وكانوا جميعاً يشيرون إلى أن الحسين () هو مستودع ذلك السر الإلهي الذي يستبينُ به الدين ويُميّز اللهُ به الخبيثَ من الطيب؛ والحقَ من الباطل. والرشدَ من الغي، والهدى من الضلال، فقد ارتبك الأمر بعد النبي الخاتم صلوات الله عليه وآله على عامة المسلمين واختلط الحابل بالنابل، والحقُ بالباطل، سيما بعد صلح الإمام الحسن (سلام الله عليه) الذي كان أيضاً بأمر من الله سبحانه، ولكن نهض الحسين (سلام الله عليه) تلك النهضة الباهرة فقشع سحب الأوهام، وانتزع النور من الظلام، وأثبت الواقع من السراب...
وهذه إحدى المزايا التي امتاز بها سيد الشهداء وتفرّد، وكان مَن قبلَه من الأئمة ومَن بعدَه يشيرون إليها، ويدلّون الناس عليها، وكانت نسبته إليهم حد قول القائل:
ولست ترى في محكم الذكر سورةً تقوم مقام الحمد والكلُ قرآن
ويتفرّع من هذه المزية مزايا تفوت حدّ العدّ؛ ويحصر عنها لسان الحصر؛ كان من مزاياه التي انفرد بها؛ وامتاز عن غيره فيها:
أنه ربما رآه وكلّمه اعدى عدوٍ له ـ فانقلب أكبر محب له وحسبك بحديث زهيرِ بنِ القين وكان عثمانياً أبغضُ شيء إليه أن ينازل الحسين () في منزل فما اجتمع به وكلمه بضع كلمات حتى طلّق الدنيا وزوجته وفداه بنفسه، ولا تحسب أن هذه من منفردات الشيعة ورواياتهم، فإن في كتب علماء السنة قد يوجد ما هو أعجب من ذلك.
وذُكر أن عصامَ بن المصطلِق وكان شامياً أموياً قال:
دخلت المدينة فرأيت الحسين بن علي (سلام الله عليهما) ومعه غلمانه وحاشيته فاعجبني سمته وحسنه وبهاؤه؛ وأثار الحسد ما كان يخفيه صدري لأبيه من البغض فجئت إليه وقلت له: أنت ابن أبي تراب؟ فقال: نعم.
فبالغت في شتمه وشتم أبيه.
فنظر إليّ نظرة عاطف رؤوف برقة ورحمة، ثم قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم، إن الذين اتقوا إذا مسّهم طائف من الشيطان تذّكروا فإذا هم مبصرون، وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون).
ثم قال لي: خفّض عليك، استغفر الله لي ولك، إنك لو استعنتنا لأعنّاك. ولو استرفدتنا لرفدناك، ولو استرشدتنا لأرشدناك.
قال عصام: فندمت على ما قلت وتوسّم مني الندم على ما فرض مني ـ فقال: (لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين).
ثم قال (): ـ أمن أهل الشام أنت؟
قلت: نعم.
فقال: شنشنة أعرفها ، حيّانا الله وإياك انبسط إلينا في حوائجك وما يعرض لك تجدنا عند أفضل ظنك إن شاء الله...
قال عصام: فضاقت عليّ الأرض بما رُحبت ووددت لو أنها ساخت بي، ثم انسللت من بين يديه لواذاً وما على وجه الأرض أحب إليّ منه ومن أبيه.
وكم لهذه الواقعة من نظائر لا يسعها المقام ـ ولكن من عرف للحسين () بعض هاتيك المزايا والخصوصيات لا شك أنه يستقل في عزائه الكثير، ويستحقر الأمر الخطير، ويرى دون ما يستحقه كلُّ تلك الشعائر والمظاهرات، والمواكب والمجالس.
نعم وإذا كان الشامي الأموي بنظرة واحدة وكلمات معدودة يعود وما على وجه الأرض أحب إليه من الحسين وأبيه، فما عذر الشيعي في إبداء الوهم والتشكيك في المواكب الحسينية والشؤون العزائية، والدمعة الولائية....
وأما والله لولا استمرار تلك الشعائر، وقيام أعواد هذه المنابر، واستدامة التوجّع والتفجّع، لانطمست أعلام التشيع واندرس المذهب الحق........
لذا أحبتي ...لنتخذ لنا مع الحسين سبيلا، فكما أن الحسينَ ثارُ الله في الأرض.. واستثناءٌ للرب في الخَلق.. فالعُلقة معه يجب أن تكون عُلقةً استثنائية خاصةً لا تشبه العُلقة مع أي شيءٍ آخر...
اجعل من غرفة جلوسك في بيتك حسينية صغيرة في أيام عاشوراء وزين جدرانها بلافتات العزاء والسواد...
إذا شرب ولدك الماء فذكره بالسلام على الحسين...
إذا كانت عادتك المشاركة بمبلغ من المال لمجالس أهل البيت فضاعفها في مجالس الحسين...
إذا كنت لا تلبس السواد في ذكرى شهادة باقي لأئمة فالبسه واتشح به في ذكرى الحسين..
إذا كنت تحضر مجلساً حسينياً كل شهر فاجعله كل أسبوع..
إذا كنت تزور الحسين كل يوم مرة... فاجعله عقب كل فريضة...
إذا كنت تزور مراقد الأئمة لابساً نعالك فزر الحسين محتفياً..
إذا كنت تطوف بالكعبة المشرفة نيابة عن أئمتك فقم بعمرة كاملة أو حجة تامة نيابة عن سيد الشهداء..
إذا كنت تبكي الحسين بحرقة فضم لبكائك لطم الصدور والرؤوس .....
إذا كنت متعوداً على الغُسل لمجرد النظافة فضم نية غسل زيارة الحسين لكل غسل تقوم به ثم زر الحسين ولو بكلمات قليلة...
إذا كنت ميسور الحال فاجعل راتباً شهرياً ثابتاً تقدمه هدية لقراء عزاء الحسين؟؟
إذا كنت لا تقطع مشاركتك بأموالك في مجالس العزاء فشارك الحسين في مشروع تجاري واجعل ريع ذلك كله لخدمة سيد الشهداء...
باختصار.. صعّد من خدمتك للحسين عاما بعد عام، بل اجعل للحسين نصيباً في كل حركة وسكنة تقوم بها واتخذه استثنائا تعيش وتموت وتبعث عليه فتكون من جلاسه يوم القيامة والناس غارقون في أهوال الحساب والعقاب..
بكلمة واحدةٍ ............ إذا أردتَ الخلود فاتحد مع الحسين لأنه باق ببقاء الله تعالى....
فسلام الله على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبو زهراء - دمشق
عاشوراء 1431

رد مع اقتباس