منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - ثلاث مسائل في تفسير آية الإنقلاب
عرض مشاركة واحدة

منتظرة المهدي
عضو
رقم العضوية : 421
الإنتساب : Sep 2007
الدولة : طيبة الطيبة
المشاركات : 5,448
بمعدل : 0.85 يوميا
النقاط : 0
المستوى : منتظرة المهدي is on a distinguished road

منتظرة المهدي غير متواجد حالياً عرض البوم صور منتظرة المهدي



  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : منتظرة المهدي المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 30-Jan-2010 الساعة : 09:25 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واللعن عدوهم .


المسألة الثالثة:

هل أن آية الإنقلاب تحذير أم إخبار بوقوعه؟

تقول الآية: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوقُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شيئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ )؟
وقد يقال: إن الآية ليست أكثر من استفهام إنكاري ، فهي جملة شرطية استفهامية ، لا تدل على وقوع شرطها وجزائها !
فيقال: نعم هي جملة فرضية ، لكن المتكلم هو الله تعالى والفرض منه له دلالة وهو يدل هنا على أن انقلابهم محتمل الوقوع ، أما وقوعه بالفعل فقد تكفلت به السنة والتاريخ ! على أن في الآية دلالةً أكثر من الشرطية في قوله تعالى: (وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شيئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ ) ، حيث قسَّم الأمة بعد النبي وسلم الى منقلبين على أعقابهم ، وشاكرين على ما أصابهم !
وقد يجاب: إن احتمال الوقوع احتمال عقلي مجرد كاحتمال أن يكفر الأنبياء والرسل في قوله تعالى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ). (الزمر:65) ، فتحذيرات الأنبياء لاتدل على وقوع الشرط منهم ، فكذلك تحذيرات المؤمنين من الردة .
والجواب: أن الدليل الخارجي دل على أن هذا الإحتمال في الأنبياء لن يتحقق لنبوتهم وعصمتهم ، أما في حق غيرهم فيبقى احتمالاً عادياً ! ولذا لم يكتف بفرضية الإنقلاب في الآية ، بل قسم الأمة الى منقلبين على أعقابهم ، وشاكرين ، ووعد الشاكرين بجزاء جميل !
(وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شيئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) .
قد يقال: لو سلمنا أن بعض الصحابة قد انقلب على عقبيه في أحُد ودعا الى الكفر ، فقد كانت فَلْتَة وقى الله المسلمين شرها ، والصحابة الذين انقلبوا أو كادوا ، تابوا ثم شاركوا في حروب النبي وسلم ، وقد يكونون فرَّوا من معارك أخرى وتابوا أيضاً ، ولم نسمع أن النبي وسلم عنَّفَهم ، فالملاك حسن العاقبة ، وأن النبي وسلم مات وهو عنهم راض ، ولم يخبر أنهم سينقلبون بعد موته ويكفرون !
والجواب: أن وقوع الإنقلاب والردة في أحُد من بعض الصحابة معلومٌ برواية أتباعهم ، فضلاً عن رواياتنا ، أما توبتهم منه فلم يروها أحد .
ولا بد أن النبي وسلم وبَّخهم بعد أحدُ ، وقال لهم في أنفسهم قولاً بليغاً ، حيث لم يصل الينا كل ما قاله وما فعله النبي وسلم ! والسنة التي سمحت الخلافة القرشية بتدوينها بعد قرن ونصف ، لاتغطي إلا القليل من سيرته وأقواله وأفعاله وسلم !
على أنهم رووا طرفاً من توبيخه وسلم لبعضهم عندما اعترض عليه عمر في صلح الحديبية ، قال السيوطي في الدر المنثور:6/68: (وأخرج البيهقي عن عروة قال: أقبل رسول الله()من الحديبية راجعاً ، فقال رجل من أصحاب رسول الله: والله ما هذا بفتح ، لقد صُدِدنا عن البيت ، وصُدَّ هَدْيُنا ، وعكف رسول الله بالحديبية ، ورَدَّ رجلين من المسلمين خرجا ! فبلغ رسول الله( )قول رجال من أصحابه إن هذا ليس بفتح فقال: بئس الكلام هذا أعظم الفتح لقد رضي المشركون أن يدفعوكم بالراح عن بلادهم ويسألوكم القضية ، ويرغبون إليكم في الإياب ، وقد كرهوا منكم ما كرهوا وقد أظفركم الله عليهم وردكم سالمين غانمين مأجورين ، فهذا أعظم الفتح ! أنسيتم يوم أحُد ، إذ تصعدون ولا تلوون على أحد وأنا أدعوكم في أخراكم ! أنسيتم يوم الأحزاب، إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم ، وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا) . انتهى .
ولا شك أن هذا بعض أحداث الحديبية ، ومثله ما روي عن أحد والخندق !
وأما القول بأن الملاك حسن العاقبة وأن النبي وسلم مات وهو راض عنهم .
فجوابه: إن أصح كتاب عند أتباع الصحابة بعد كتاب الله تعالى ، هو البخاري وقد روى عدة أحاديث ترسم مشهداً كارثياً للصحابة في الآخرة وأنهم يدخلون جهنم ، ويُمنعون حتى من مواجهة النبي وسلم ! وأنه ينكشف يومها للناس أنهم كانوا مجرمين كباراً انقلبوا على أعقابهم ، وأوقعوا الأمة في أعظم كارثة !
بل روى البخاري أنه لاينجو منهم من جهنم إلا قلة قليلة ، مثل الغنم المنفردة عن القطيع ! فقطيع الصحابة هالك ، ولا يسلم إلا المعارضون المنفردون عنه !
قال البخاري:7/208عن أبي هريرة عن النبي( )قال: بينا أنا قائمٌ فإذا زمرةٌ حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلمَّ ، فقلت أين؟ قال إلى النار والله ! قلت: وما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ! ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلمَّ ! قلت: أين؟قال: إلى النار والله ! قلت: ماشأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ! فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم) ! انتهى.
وقد صرحت الرواية الآتية للبخاري بأن هؤلاء المطرودين عن الحوض من الصحابة ، وفسرها شراحه بالصحابة ! فقد روى البخاري:2/975يرد على الحوض رجالٌ من أصحابي فيحلؤون عنه فأقول يارب أصحابي ! فيقول: فإنه لاعلم لك بما أحدثوا بعدك ، إنهم ارتدوا على أعقابهم القهقرى)! وشبيهاً به في: 8/86 .و:7/195و207ـ210 وص84 و87 و:8/86 و87 ، ونحوه مسلم:1/150 و:7/66 وابن ماجة:2/1440وأحمد:2/25و408 و:3/28 و:5/21 و24 و50 و:6/16 ، والبيهقي في سننه:4/ 14، وغيرهم ، وفي بعضها تفاصيل مهمة، ذكرنا بعضهافي المسألة69 من كتاب: (ألف سؤال وإشكال على المخالفين ).


من كتاب جواهر التاريخ الجزء الأول
لشيخ علي الكوراني


رد مع اقتباس