اللهم صل على الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
اللهم واشفي قلب الزهراء صلوات الله عليها بظهور وليك المهدي صلوات الله عليه وعلى آبائه الطيبين الطاهرين
واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
روي أن بعض أصحاب الرسول
وسلم كانوا معه فسمعوا صوتاً مهيباً، فسألوا: ما هذا الصوت؟
فقال
وسلم "إنه صوت حجر كان قد ألقي إلى جهنم قبل سبعين سنة، وقد بلغ قعرها الآن"(18- علم اليقين ج2 المقصد الرابع، الباب13 الفصل الرابع) .
بعدها علموا أن كافراً كان قد مات حينها عن سبعين سنة من العمر.
وإذا صح الحديث فإن من سمعوا الصوت لا بد أنهم كانوا من أهل الحال، أو قد يكون الأمر قد تمَّ بقدرة الرسول الأكرم
وسلم قاصداً إسماع الغافلين وتنبيه الجاهلين.
أما إذا لم يصح الحديث -ولا أذكره بالنص- فإن الأمر في حقيقته كذلك، فنحن نقضي عمراً باتجاه جهنم.
فنحن نمضي العمر بتمامه نؤدي الصلاة -التي تعد أكبر ذكر لله المتعال- ونحن معرضون عن الحق تعالى، وعن بيته العتيق، متوجهين إلى الذات والى بيت النفس.
وكم هو مؤلم أن الصلاة التي ينبغي أن تكون معراجاً لنا، وترفعنا إليه وإلى جنة لقائه تعالى تكون سيراً نحو أنفسنا وباتجاه منفى جهنم.
بني:
لم أقصد من هذه الإشارات إيجاد السبيل لأمثالي وأمثالك لمعرفة الله وعبادته حق العبادة -مع أنه قد نقل عن أعرف الموجودات بالحق تعالى، وأعرفها بحق العبادة له جل وعلا، قوله "ما عرفناك حق معرفتك، وما عبدناك حق عبادتك(19- مرآة العقول، كتاب الإيمان والكفر، باب الشكر، رواية عن رسول الله
وسلم) .
وإنما لأجل أن نفهم عجزنا، وندرك ضالتنا، ونهيل التراب على أنانيتنا وإنيتنا، لعلّنا بذلك نكبح جماح هذا الغول، ولعلنا نلجمه بعد ذلك ونروّضه، فنتحرر بعدها من خطر عظيم يكوي -مجرد تذكره- الروح ويحرقها.
وعليك أن تنتبه! فهناك خطر قد يعترض الإنسان في اللحظات الأخيرة من عمره، وهو يهمّ بمغادرة هذا العالم، والإنتقال إلى مستقره الأبدي.
فإن ذلك قد يجعل المبتلي بحب النفس وما يولّده من حب الدنيا. بأبعادهما المختلفة -يرى وهو في حال الإحتضار، وحيث تنكشف للإنسان بعض الأمور فيراها عياناً، أن "مأمور الله" جلّ وعلا يريد فصله عن محبوبه ومعشوقه! فيرحل عن هذه الدنيا وهو غاضب على الله جل وعلا متنفرٌ منه! وهذه عاقبة وثمرة حب النفس والدنيا، وقد أشارت إلى ذلك الروايات المختلفة.
يروي أحد المتعبدين الثقاه قائلا: "ذهبت لزيارة أحدهم -وكان يحتضر- فقال وهو على فراش الموت: إن الظلم الذي لحقني من الله تعالى لم يلحق أحدا من الناس، فهو يريد أن يأخذني من أبنائي الذين صرفت دم القلب في تربيتهم ورعايتهم! فقمت من عنده ثم توفى.
ولعل هناك بعض التفاوت بين ما نقلته وما سمعته من ذلك العالم المتعبد.
على أية حال، فإن ذلك ولو كان مجرد احتمال الحدوث فهو أمر على درجة خطيرة من الأهمية تدفع الإنسان إلى التفكير بجدية للنجاة منه!
إننا لو فكرنا ساعة في موجودات العالم -التي نمثل نحن جزءا منها- وأدركنا أن أيّ موجود ليس لديه شيءٌ من نفسه، وأن ما وصله ووصل إلى الجميع ألطاف ومواهب مستعارة، وفي الألطاف التي من الله تعالى بها علينا -سواء قبل أن نأتي الى الدنيا، أو خلال حياتنا فيها، ومنذ الطفولة إلى آخر العمر، أو بعد الموت -بواسطة الهداة الذين كُلِّفوا بهدايتنا، لعل بارقة من حبه جلّ وعلا الذي نحن عنه محجوبون ستلوح في أفق وجودنا، فندرك بعدها مدى ضآلتنا وتفاهتنا، فيفتح بذلك لنا طريقٌ نحوه جل وعلا، وننجو على الأقل من "الكفر الجحودي" ولا نحسب إنكار المعارف الإلهية، والمظاهر الرحمانية مقاماً لنا، ونفاخر به، الأمر الذي سيبقينا أسرى بئر "ويلِ "( اسم بئر في جهنم) الأنانية والغرور إلى الأبد.
يُروى "أن الله تعالى خاطب أحد أنبيائه، فطلب إليه أن يأتيه بمخلوق أسوأ منه، فقام النبي
بعدها بسحب رفاة حمار قليلا إلا أنه ندم فتركها، فخوطب بالقول: لو أنك أتيتني بتلك الجيفة، لكنت سقطت من مقامك" وأني لا أعرف مدى صحة الحديث، ولكن لعل الأمر بالنسبة لمقام الأولياء، يعد سقوطاً حينما يرون الأفضلية لأنفسهم على غيرهم، فتلك أنانية وغرور.
وإلاّ فلِم كان النبي الأكرم
وسلم يأسف ذلك الأسف المرير على عدم إيمان المشركين، إلى الحد الذي خاطبه الله تعالى بقوله: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا}(الكهف/6).
فليس هذا سوى أنه عشق جميع عباد الله، وعِشق الله هو عشق لتجلياته.
فهو
وسلم يتألم مما تؤدي إليه الحجب الظلمانية للأنانية والغرور في المنحرفين، من دفعهم إلى الشقاء ثم العذاب الأليم في جهنم نتيجةً لأعمالهم في حين أنه يريد السعادة للجميع.
فهو مبعوث لتحقيق السعادة للجميع.
والمشركون المنحرفون -عُمي القلوب- وقفوا بوجهه، ونصبوا له العداء رغم أنه جاء لإنقاذهم.
أنا وأنت إذا وُفِّقنا إلى إيجاد بصيص من هذا العشق لتجليات الحق -الموجود في أولياء الله-في أنفسنا- وأردنا الخير للجميع، فقد بلغنا مرتبة من الكمال المطلوب.
اللهم أحيي قلوبنا الميتة من فيض رحمتك، ورحمة صفيك الذي بعثته رحمة للعالمين.
وأهل المعرفة يعلمون بأن الشدة على الكفار -وهي من صفات المؤمنين- وقتالهم أيضا رحمةٌ، ولطف من الألطاف الخفية للحق، فالعذاب يزداد على الكفار مع كل لحظة تمرُّ عليهم، زيادة كمية وكيفية إلى ما لا نهاية له.
لذا فإن قتل من هو ميئوس من صلاحه هو رحمةٌ في صورة غضب، ونعمةٌ في صورة نقمة، بالإضافة إلى أنه رحمة ستنال المجتمع، لأن العضو الذي يجر المجتمع كله إلى الفساد، يُشبه إلى حدٍّ كبير العضو في البدن الذي يؤدي عدم قطعه بالبدن كله الى التلف والهلاك.
( الحد في الشرع يطلق على الجزاء البدني الذي يجازى به مرتكب بعض المعاصي، وقد حدد الشارع المقدس مق 4646ر هذا الجزاء لكل أمر بمقدار معين.)
وهذا هو الذي جعل نوحا يدعو الله {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنْ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا*إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا}(نوح/26-27).
والله تعالى يقول {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ..}(البقرة/193).
وعلى هذا وما سبقه كانت الحدود والتعزيزات ( التعزيزات في الشرع يطلق على الجزاء الذي أوكل أمر تحديد مقداره للقاضي، فينظر القاضي إلى وضع المجرم ونوع الجرم وظروف ارتكابه، ويحدد مقدار الجزاء بما يتناسب مع ذلك، وقد عين الشارع المقدس الحد الأقصى لهذا الجزاء) .
والقصاص رحمة من أرحم الراحمين بمرتكب الجرم أولا، وبالمجتمع بأسره ثانيا.
ولنتخطَّ هذه المرحلة.
يتبع >>>
نسألكم الدعاء
اللهم اجعلنا من شيعة الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها ولا تفرق بيننا وبينهم في الدنيا والآخرة