منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - ظاهرة انتشار التشيع (دراسة معمقة)
عرض مشاركة واحدة

صفوان بيضون
أديب وشاعر
رقم العضوية : 6568
الإنتساب : Oct 2009
الدولة : دمشق العقيلة
المشاركات : 964
بمعدل : 0.17 يوميا
النقاط : 226
المستوى : صفوان بيضون is on a distinguished road

صفوان بيضون غير متواجد حالياً عرض البوم صور صفوان بيضون



  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : صفوان بيضون المنتدى : صفوان بيضون
افتراضي ظاهرة انتشار التشيع (1)
قديم بتاريخ : 10-Feb-2010 الساعة : 09:14 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


ظاهرة انتشار التشيع


الحلقة الأولى


أسباب التشيع


لكل ظاهرة اجتماعية أو ثقافية أسبابها الرئيسية ، والسبب الأصلي لظاهرة التشيع هو التعرف النسبي على أهل بيت النبي وفكرهم ، وبمعنى آخر انقشاع الحواجز التي كانت تحجب معرفتهم عن المسلم ، بسبب انتشار وسائل المعلومات والمعرفة بشبكة الاتصال العالمية ( النت) والفضائيات التي دخلت كل بيت .
وقد اتفق المستبصرون على أن الباحث منهم يمر عبر محطات عديدة آخرها القناعة التامة بمذهب أهل البيت ، ثم يدخل ويغترف من الجو العلمي والروحي الغني في مذهبهم .
وسنذكر الأسباب عامة ما هو أساسي أو فرعي منها ، و ما هو مقدمة لسبب أو مدخل له، ونلاحظ أن مادة هذه الأسباب ليست جديدة بل هي من صلب التراث الإسلامي ، والجديد فيها هو توفر المعرفة التي كانت متعسرة في قرون مضت .
و كان القدماء يسمون الظاهرة (الإستبصار) وهي اصطلاح يعني أن المسلم الذي كان على خلاف طريقة أهل البيت^صار بصيراً بهم ومتشيعاً لهم .
وفي الحديث: من ذكر الله استبصر[1]، وفي التراث الإسلامي من تفقه استبصر[2]. وفي رواية للإمام الحسن العسكري : الفقر معنا خير من الغنى مع غيرنا، ونحن كهفٌ لمن التجأ إلينا، ونورٌ لمن استبصر بنا، وعصمةٌ لمن اعتصم بنا، من أحبّنا كان معنا في السنام الأعلى، ومن انحرف عنا فإلى النار[3].
وقد كتب الشيعة في الإستبصار كتبا قديماً وحديثاً، منها كتاب الموازنة لمن استبصر في إمامة الاثني عشر ، للشيخ الأديب النحوي أبى بكر محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله المتوفي في حدود سنة 350 هجرية[4]، وكتاب إيضاح المسترشدين في بيان تراجم الراجعين إلى ولاية أمير المؤمنين للسيد هاشم الكتكاني البحراني المتوفى سنة 1107 هجري ‍[5]، وكتاب أسماء من استبصر من العلماء للسيد الأمير محمد حسين بن الأمير محمد صالح الخواتون آبادي المتوفى سنة 1151هجري[6]، ومنها كتاب المستبصرون للشيخ علي أصغر البجنوري، طبع المرة الأولى في سنة 1994م (1414هجري)، وكتاب لماذا اخترنا مذهب الشيعة الإمامية ؟ للسيد محمد الرضي الرضوي، وكتاب التحول المذهبي للشيخ علاء الحسّون، و كتاب المتحولون للشيخ المستبصر هشام آل قطيط.
كما أنّ لمراجع الشيعة أحكاماً خاصة بالإستبصار تصحح عمل المستبصر قبل استبصاره والتحاقه بركب آل بيت النبي’أخذت من روايات عن الأئمة ، مما يدل على أنّ الحالة ظاهرة اجتماعية عقائدية قديمة وليست فردية أوطارئة ، لكنها بتوسع مصادر المعرفة في عصرنا أصبحت تسير باتجاه تصاعدي كبير لم تعهده القرون الماضية وهي مرشحة للتوسع واكتساح المذاهب الأخرى ، الذي قد يأتي زمن يتحدث المسلمون عنها بالإنقراض كما حدث لبعض مذاهب السنيين التي لم يدعمها الحكام كمذهب الأوزاعي والمذهب الظاهري .
و سنبدأ بأسباب هذه الظاهرة و بعض جوانبها و آفاقها:



السبب الأول


القرآن الكريم


القرآن الكريم يهدي المسلمين إلى أهل البيت ومذهبهم ، بما يحتويه من آيات عدة تتحدث عن مكانة أهل البيت الأطهار ، ومودتهم ، وولايتهم ، وعصمتهم ، وأن ولايتهم من أصول الدين التي لا يكتمل الإيمان إلا بها.


آية التطهير

فمن يقرأ القرآن بتدبر يهتدي ببركته إلى النبي وأهل بيته صلوات الله وسلامه عليهم ، فلقد حث على إتباعهم و الإرتباط بهم ، لأنه نزل بتطهيرهم في سورة الأحزاب، فقال تعالى : إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)[7] .وإذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم من العيوب ، فضيلة عظمى لم ينلها أحد من الناس ، وهو تطهير عام أراده الله لهم من كل ذنب وعيب، ولذا تدل الآية على عصمتهم ، لأنَّ كلَّ ذنب رجس وقد أذهب الله الرجس كله عنهم ، فهم بحكم الآية مطهَّرون من الأرجاس والذنوب[8].
وتذكر المصادر سبب نزول الآية وحضور النبي’وإحضاره أهل بيته: فاطمة وعلياً والحسن والحسين ودعاءهلهم .
تقول السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله : فلما اكتملنا جميعاً تحت الكساء أخذ أبي رسول الله بطرفي الكساء ، وأومأ بيده اليمنى إلى السماء وقال: اللهم إن هؤلاء أهل بيتي وخاصتي ، وحامتي ، لحمهم لحمي ، ودمهم دمي،يؤلمني ما يؤلمهم ، ويحزنني ما يحزنهم ، أنا حرب لمن حاربهم ، وسلم لمن سالمهم ، وعدولمن عاداهم ، ومحب لمن أحبهم ، إنهم مني وأنا منهم ، فاجعل صلواتك وبركاتك،ورحمتك وغفرانك ورضوانك علي وعليهـم ، وأذهـب عنهم الرجس ، وطهرهم تطهيـرا ، وهبط جبرائيل بالآية الكريمة : إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا )[9].


آية المودة في القربى

وأوجب القرآن مودتهم فقال تعالى: ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ )[10].
والآية صريحة في وجوب مودتهم ، وقد اتفق المفسرون الشيعة أن هذه الآية نزلت بحقهم^، وأن ولايتهم استمرار لولاية النّبي’ وهي لولاية إلهية جعلها الله لرسوله ولهم ، ولو قبلتها البشرية لكانت سبباً لسعادتها ونجاتها .
وقد شهدت صحاح السنيين ومسانيدهم في تفسير هذه الآية المباركة، وأنها نزلت في حق العترة الطاهرة من أهل البيت ، وروت التفاسير أنه لما نزلت قيل يا رسول الله : من هم قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم ؟ قال : علي وفاطمة وأبناؤهما[11] .وقد ذكر ذلك الزمخشري ، ونقله الرازي في تفسيره[12].
وفي شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية : قل لا أسألكم عليه أجراً، قالوا : يا رسول الله من قرابتك التي افترض الله علينا مودتهم ؟ قال : علي وفاطمة وولدها[13].


آية خير البرية


ونطق القرآن فيهم وشيعتهم بأنهم خير البرية[14]، كما جاء في تفسير الآية الكريمة: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ)[15] ، فقد روى الحسكاني في شواهد التنزيل عن علي أنه قال: حدثني رسول الله’وأنا مسنده إلى صدري فقال: يا علي أما تسمع قول الله عز وجل: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ، هم أنت وشيعتك ، وموعدي وموعدكم الحوض ، إذا اجتمعت الأمم للحساب تدعون غراء محجلين[16] .
وفي تفسير الآلوسي والدر المنثور: أنت وشيعتك ، وموعدي وموعدكم الحوض ، إذا جثت الأمم للحساب ، تُدْعَوْنَ غُرَّاً مُحَجَّلين[17] .
وروى عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية : إن الذين آمنوا و عملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ) قال النبي’لعلي: هو أنت وشيعتك تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين ، ويأتي عدوك غضاباً مقمحين، قال: يا رسول الله ومن عدوي؟ قال: من تبرأ منك ولعنك، ثم قال رسول الله’: من قال : رحم الله علياً يرحمه الله[18].
وتلا النبي’هذه الآية : ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) فوضع يده على كتف علي وقال: هو أنت وشيعتك ، يا علي ترد أنت وشيعتك يوم القيامة رواءً ا مرويين ، ويرد عدوك عطاشاً مقمحين[19].
وروي عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : كنا جلوسا عند رسول الله’إذ أقبل علي بن أبي طالب ، فلما نظر إليه النبي قال: قد أتاكم أخي . ثم التفت إلى الكعبة فقال: و رب هذه البنية ، إن هذا وشيعته الفائزون يوم القيامة ، ثم أقبل علينا بوجهه فقال: أما والله إنه أولكم إيماناً بالله وأقومكم بأمر الله ، وأوفاكم بعهد الله ، وأقضاكم بحكم الله وأقسمكم بالسوية ، وأعدلكم في الرعية ، وأعظمكم عند الله مزية .
قال جابر: فأنزل الله (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) فكان علي إذا أقبل قال أصحاب محمد : قد أتاكم خير البرية بعد رسول الله[20]. و من هنا ذُكر أن أصل نشوء الشيعة هوإطلاق النبي’على محبي علي إسم (شيعة علي) و أولهم أربعة من خيار الصحابة :أبوذر وعمار والمقداد بن الأسود وسلمان الفارسي..



[1]- عيون الحكم والمواعظ - علي بن محمد الليثي الواسطي/429،العلم والحكمة في الكتاب والسنة - محمد الريشهري/188، ميزان الحكمة - محمد الريشهري:2/970

[2] - مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب:1/261

[3] - بحار الأنوار - العلامة المجلسي:50/299، و رويت في كشف الغمة - ابن أبي الفتح الإربلي:3/217 الفقر معنا خير من الغنى مع غيرنا والقتل معنا خير من الحياة مع عدونا.

[4]- إيضاح المكنون - إسماعيل باشا البغدادي:2/599، الذريعة - آقا بزرگ الطهراني:23/220، مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت:26/158، مدينة المعاجز - السيد هاشم البحراني:1/38.

[5] - الذريعة - آقا بزرگ الطهراني:2/499

[6] - الذريعة - آقا بزرگ الطهراني:2/68

[7] - سورة الأحزاب ، آية33

[8]- الإمام جعفر الصادق ×، الشيخ محمد الحسين المظفر،ج1،ص7.

[9]- كتاب عوالم العلوم ، الشيخ عبد الله بن نور الله البحراني.

[10]- سورة الشورى ، آية 23

[11] - تفسير الثعلبي - الثعلبي:8/37 ، ج 8/310 ، تفسير أبي السعود - أبي السعود:8/30 ، فتح القدير - الشوكاني:4/536، تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي:7/494

[12] - تفسير الرازي - الرازي:27/166

[13] - شواهد التنزيل - الحاكم الحسكاني:2/191 - 193

[14]-جامع البيان - إبن جرير الطبري:30/335 ، تاريخ دمشق، ابن عساكر، ترجمة أمير المؤمنين،حديث 958 ، 2/442، الدر المنثور - جلال الدين السيوطي:6/379 ، شواهد التنزيل - الحاكم الحسكاني:2/459 ، ص 461 ، ص 463، ص464، ص 465، ج2 ص 466

[15]- سورة البينة ، آية 46

[16] - شواهد التنزيل - الحاكم الحسكاني :2/459

[17]- الدر المنثور - جلال الدين السيوطي :6/379 ، تفسير الآلوسي الآلوسي :30/207

[18] - شواهد التنزيل - الحاكم الحسكاني:2/461

[19]- شواهد التنزيل - الحاكم الحسكاني:2/464

[20]- شواهد التنزيل - الحاكم الحسكاني:2/467 ، تاريخ دمشق ، ابن عساكر،ترجمة أمير المؤمنين،حديث 958 ،ج2ص442 ، راجع أيضا كفاية الطالب ، الكنجي ، الباب 62 ص 244 .

رد مع اقتباس