|
أديب وشاعر
|
|
|
|
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
صفوان بيضون
المنتدى :
صفوان بيضون
ظاهرة انتشار التشيع (5)
بتاريخ : 16-Feb-2010 الساعة : 06:16 PM

اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
ظاهرة انتشار التشيع
الحلقة الخامسة
معاوية بن أبي سفيان إمام النواصب
أما معاوية الذي حارب أمير المؤمنين وسفك دماء المسلمين ، وتتبع أنصار أهل البيت من الصحابة والتابعين، وألف فرق الإغتيال للمؤمنين ، وشن حرب الغارات والعصابات ضد بلاد المسلمين وأحيائهم قتلاً ونهباً وسلباً. وقتل عشرات الألوف في حرب صفين وغيرها ، و هو مع هذا عند بعض المغفلين صحابي جليل ! حشرهم الله معه ، والمرء يحشر مع من أحب ، وقد قال الله تعالى يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِىَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَأُونَ كِتَابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً)[1] .
وقد روى الزبير بن بكار في الموفقيات ، وهوغير متهم في معاوية ، ولا منسوب إلى اعتقاد الشيعة ، لما هو معلوم من انحرافه عن الإمام علي .
روى عن المغيرة بن شعبة أنه قال مخاطباً ابنه المطرف: يا بنى ، جئت من عند أكفر الناس و أخبثهم (يعني معاوية) قلت: وما ذاك ؟ قال : قلت له وقد خلوت به: إنك قد بلغت سناً يا أمير المؤمنين ، فلو أظهرت عدلاً ، وبسطت خيراً ، فإنك قد كبرت ، ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم ، فوصلت أرحامهم ، فوالله ما عندهم اليوم شئ تخافه ، وإن ذلك مما يبقى لك ذكره وثوابه .
فقال : هيهات هيهات ! أي ذكر أرجو بقاءه ! ملك أخو تيم فعدل وفعل ما فعل ، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره ، إلا أن يقول قائل : أبوبكر ، ثم ملك أخو عدى ، فاجتهد وشمر عشر سنين ، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره ، إلا أن يقول قائل : عمر ، وإن ابن أبي كبشة ليصاح به كل يوم خمس مرات : ( أشهد أن محمدا رسول الله ) ، فأي عملي يبقى ، وأي ذكر يدوم بعد هذا لا أبا لك ! لا والله إلا دفنا دفنا[2].
فبأي عقيدة وبأي دين يؤمن هذا الحاكم ، حتى تكون عنده مودة أهل البيت ؟! وهو يصرح بحقده على النبي وآله ، صلوات الله وسلامه عليهم.
وروى أبو عثمان الجاحظ من علماء السنة وأشدهم عناداً لأهل البيت وعداوة أن قوماً من بنى أمية قالوا لمعاوية : يا أمير المؤمنين ، إنك قد بلغت ما أملت ، فلو كففت عن لعن هذا الرجل ( يعنون علياً ) ! فقال : لا والله حتى يربو عليه الصغير ، ويهرم عليه الكبير ، ولا يذكر له ذاكر فضلاً [3].
وقد توعد الرسول مبغضي أهل بيته بالنار وقال : (لا يبغضنا أهل البيت أحد إلا أدخله الله النار)[4]. وقال |: (لا يبغضنا أحد ولا يحسدنا أحد إلا ذيد يوم القيامة عن الحوض بسياط من النار)[5].
ولا تزال البلدان الشيعية الأصل والتي تم تحويلها إلى التسنن بالقوة والقمع والقهر ، مثل مصر وشمال أفريقيا تكنُّ الودّ والمحبة لأهل بيت النبي ويتوارثه أبناؤها جيلاً بعد جيل ، ولم يستطع الطغاة العباسيون ومن بعدهم من استئصال تلك الجذوة ، بل بقيت في وجدانهم وعاداتهم وممارساتهم .
وتلمس في كل أفريقيا العربية هذا المعنى وإن تفاوت كثرة وقلة وشدة وضعفاً، وقد جاءت ثورة الإتصالات لتعيد هؤلاء إلى مذهب الأجداد ، بصورة أكثر وعياً وتديناً من قبل، فشمال أفريقيا بأكمله يحمل لمسة التراث الشيعي في مواسمه ومراسمه وثقافته، والأسماء في شمال أفريقيا شيعية على أسماء أهل بيت النبي’ محمد وعلي وفاطمة وحسن وحسين ومهدي، ولا تجد فيهم أسماء أعداء أهل البيت !
وفي مصر يحتفل المصريون بمواليد أهل البيت :مولد النبي في ربيع الأول ومولد الإمام الحسين في شعبان ، ومولد السيدة زينب في رجب.
ويشكل ضريحاهما جزءا من الوجدان الشعبي المصري، ويقومون بالتوسل بهم بعقيدة إسلامية صافية، ويقدسون ما يرتبط بهم ويقبلون أضرحتهم.
وفي الجزائر يُسَيِّلُ الجزائريون الدم يوم عاشوراء فيذبحون دجاجا أو طيراً ، ويعتبرون ذلك أمراً مباركاً ، وهذه الدماء رمز لدماء الحسين وأهل بيته وأصحابه الذين استشهدوا في كربلاء.
ويتوقف الأمازيغ عن العمل في عاشوراء ، ويعتبرون العمل فيه يجلب النحس وما يكتسب فيه لا بركة فيه.
وتكثر أسماء أهل البيت فيهم ، مثل سيد أحمد وسيد علي، ويذكرون اسم فاطمة بالسيدة فيقولون: (للا فاطمة) ولا يقال هذا لغيرها، و تخلو من أسماء أعدائهم ! كما يوجد قبائل في بعض مناطق الأمازيغ لا تأكل لحم الأرنب كالشيعة، ويخرج الأهالي الزكاة في شهر محرم من كل عام.
ولآل البيت في تونس مكانتهم ، وشهر المحرم شهر حزن لا تقام فيه الأفراح، ولا يأخذ النساء زينتهن، ويوم عاشوراء عندهم يوم حزن شديد، وإمامة الجامع الأعظم تكاد تنحصر في ذريتهم ، وإن وجد من هو أعظم منهم، ولعله من بقية عهد الفاطميين .
أما الطرق الصوفية عندهم فأسانيدها كلها على اختلاف شيوخها تجتمع في الإمام جعفر الصادق والإمام محمد الباقر وترتفع إلى الإمام علي ثم إلى مقام التصلية والتسليم، كما تجتمع شجرات الشرف عندهم في إدريس الأكبر الكامل السبط[6].
وقد بقيت في المغرب عادات عاشوراء ، وهي تختلف من منطقة إلى أخرى ، ففي بعضها يتم دفن جثة رمزية وهي عظم من عظام أضحية عيد الأضحى ، رمزاً لجسد الحسين ، تتكلف واحدة من الفتيات الصغيرات بالعناية بهذا العظم من يوم الأضحى وتتم طقوس الدفن في اليوم الحادي عشر من محرم ، وتنوح الفتيات لموتاهم المتأخرين، ويأخذ هذا الإحتفاء طابعاً نسائياً خالصاً دون الأطفال الذكور. واللعب بالماء و يرمز إلى عطش أهل البيت في كربلاء و لعب الأمويين به، و الطواف حول النار و قد أحرقت خيام الحسين في كربلاء ففررن بنات رسول الله و أطفاله من خيمة إلى خيمة و من خباء إلى خباء.
ويقوم المغاربة بزيارة المقابر خلال العاشر من محرم بشكل مكثف وخاصة النساء للترحم على الموتى، وقبل هذه الزيارة بساعات تجتمع العائلات وتعد طعام الكسكس بـ" ديالة " الأضحية، واللحم المجفف الذي احتفظ به من الأضحية. وصباح يوم عاشوراء يذهب الناس إلى الحمام باكراً، ومن لم يفعل يصب عليه الماء في الشارع ، وهوما يعرف بـ " زمزم" .
وفي بعض المدن المغربية يشعل الناس ناراً كبيرة يسمونها بـ " الشعالة " ويصاحبها حزن ورمي لمجسمات تمثل قتلة الإمام الحسين !
وفي السودان يحتفل السودانيون كل عام بمولد النبي لعدة أيام، وينشدون الشعر في حب الرسول وآل بيته في المناسبات الإجتماعية المختلفة، ولديهم محطة إذاعية متخصصة في المدائح النبوية .
كما يحتفل السودانيون بذكرى عاشوراء ويتذكرون فيها استشهاد الإمام الحسين كأنه كان البارحة ، ويؤمن السودانيون بظلم الإمام الحسن والحسين على يد الأمويين ، وقد خلدوا هذا الظلم في أمثالهم الشعبية فهم يقولون: (مظلوم ظلم الحسن والحسين)!
ومن الأمثلة المشهورة في كل السودان قولهم: (سيفك يا كرار للفكر كلام) أي قاطع للفقرات، ويسمون أبنائهم بأسماء أهل البيت :حيدر ومهدي، وجعفر، وحسن وحسين.
وأما في الشرق الإسلامي، ففي أندونيسيا تقام الشعائر العاشورائية منذ عشرات السنين بإحياء شعائر أبي عبد الله الحسين في شهر محرم الحرام ، فتجد منابر حسينية في كل البقاع الإندونيسية وكل الضواحي والمناطق ، ويحضرها رجال ونساء وأطفال وشيوخ ، وكذلك كبار مسئولي الدولة .
أما في مدينة سومطرة الغربية فثمت عادة مميزة،تجري في كل شهر محرم ، حيث يجتمع الشيعة والسنة في جموع غفيرة ليعدوا نعشاً يمثل نعش الإمام الحسين ويطوفون به لمدة 14 يوماً نسبة إلى عدد المعصومين الأربعة عشر في الشوارع والميادين والساحات العامة نادبين لاطمين. وتقوم الصحف بتغطية هذه المناسبة تغطية إعلامية مميزة حول شخصية سيد الشهداء صلوات الله عليه ، وشهداء الطف العظيم .
أما في مدينة " بريامان " وهي مشتقة من اللفظة العربية بر الأمان فهناك خمسة ملايين يقومون بهذه الشعائر كل عام[7].
ومن العادات الاندونيسية التي لا زالت موجودة ، صب الماء على ناصية المرأة ورجلها عندما تتزوج ، وهذه إحدى تعاليم الأئمة ، وهي عادة مختصة بالمذهب الجعفري دون سائر المذاهب[8].
ويسمي المسلمون أسماء أبنائهم بأسماء أهل البيت ، فهو مؤشر للمحبة والمودة، ولذا تكثر تلك الأسماء في إيران والعراق وباكستان ولبنان ومناطق الخليج والمناطق الشيعية في العالم ، وتقل في مناطق نفوذ النواصب!
و النواصب جمع ناصبي و هو من نصب العداوة لأهل البيت ، أو من يتدين ببغض الإمام علي خاصة وأهل بيته عامة[9].
والتسمية بأسماء أهل البيت سنة مستحبة فقد سماهم رسول الله بأمر من الله جل جلاله، ففي حديث ولادة الحسن والحسين : لما ولدت فاطمة الحسن قالت: لعلي: سمه، فقال: ما كنت لأسبق باسمه رسول الله، فجاء رسول الله ’ فقال: ما كنت أسبق باسمه ربي عز وجل، فأوحى الله عز وجل إلى جبرائيل أنه قد ولد لمحمد ابن ، فاهبط فأقرأه السلام وهنِّه وقل: إن علياً منك بمنزلة هارون من موسى فسمه باسم ابن هارون فقال: وما كان اسمه ؟ قال: شبر، قال: لساني عربي فقال : سمه الحسن فسماه الحسن .
فلما ولد الحسين أوحى الله عز وجل إلى جبرائيل أنه قد ولد لمحمد ابن فأهبط وأقرأه السلام وهنه وقل له : إن عليا منك بمنزلة هارون من موسى فسمه باسم ابن هارون ، فهبط جبرئيل فهناه عن الله عز وجل وأمره أن يسميه باسم ابن هارون قال: وما كان اسمه ؟ قال: شبير قال: لساني عربي قال : اسمه الحسين فسماه الحسين[10].
روى هذا الحديث عمر بن محمد بن خضر ، المعروف بالملا ، صاحب ( السيرة ) ، والموفق بن أحمد الخوارزمي المكي ومحب الدين الطبري الشافعي ،والحسين بن محمد الديار بكري صاحب ( تاريخ الخميس ) وأحمد بن الفضل بن باكثير المكي وصاحب ( شرف المصطفى ) [11].
فما بال بعض المسلمين ممن يدّعون أنهم يتبعون سنة رسول الله ’يخالفون سنته ويبتعدون عن تسمية أبنائهم بعلي وفاطمة والحسن والحسين وأبنائهم ، فعندما تلاحظ قبيلة آل سعود التي تقدر بعشرة آلاف ، وهي تحكم الجزيرة العربية وتدّعي أنها تسير بسنة رسول الله لا تجد إسما من أسمائها على إسم أهل البيت : فلا حسن ولا حسين ولا فاطمة ولا علي ! بل من النادر أن تجد في اسمائهم إسم نبينا محمد .
[1] - سورة الإسراء :71
[2]- شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد:5/129
[3]- شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد:4/57 ، مروج الذهب، المسعودي ج3 ص223.
[4] - كنز العمال - المتقي الهندي:12/104
[5] - كنز العمال - المتقي الهندي:12/104
[6]- مجلة رسالة الإسلام، العدد 14 ، مقال تاريخ المذاهب الإسلامية وشمال أفريقا، المجاهد التونسي الكبير السيد محي الدين القلبي.
[7]- مجلة المنبر، العدد2، لقاء الصحفي الاندونيسي الشيخ علوي العطاس.
[8]- المصدر السابق.
[9] - معجم ألفاظ الفقه الجعفري ، أحمد فتح الله. و في معجم لغة الفقهاء: و النصب ، الحقد ، الضغن ، الضغن : بكسر فسكون ، جمع أضغان ،الحقد الشديد..
[10] - غاية المرام - السيد هاشم البحراني:2/75 ، أمالي الصدوق ج3 ص197 مجلس 28 ( بعض الروايات سمه الحسين فسماه الحسين).
[11]- نفحات الأزهار - السيد علي الميلاني :18/374
|
|
|
|
|