منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - ظاهرة انتشار التشيع (دراسة معمقة)
عرض مشاركة واحدة

صفوان بيضون
أديب وشاعر
رقم العضوية : 6568
الإنتساب : Oct 2009
الدولة : دمشق العقيلة
المشاركات : 964
بمعدل : 0.17 يوميا
النقاط : 227
المستوى : صفوان بيضون is on a distinguished road

صفوان بيضون غير متواجد حالياً عرض البوم صور صفوان بيضون



  مشاركة رقم : 19  
كاتب الموضوع : صفوان بيضون المنتدى : صفوان بيضون
افتراضي ظاهرة انتشار التشيع (16)
قديم بتاريخ : 09-Mar-2010 الساعة : 06:29 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


ظاهرة انتشار التشيع




الحلقة السادسة عشرة



متابعة فقه مذهب أهل البيت


العمل بالظنون والإحتمالات عند مذاهب الخلافة !


الإجتهاد في مذهب أهل البيت عملية اكتشاف لا اختراع ، فهو بذل الجهد لمعرفة الأحكام الشرعية والمفاهيم الإسلامية ، فإن لم يكن لنا طريق للعلم ، فالحل أن نبحث عن الوظيفة الشرعية للمكلف في حالة الشك ، لا أن نركب ظنوننا ونتبع احتمالاتنا ، فذلك هو العمل بالظن المنهي عنه في القرآن والسنة ، وهو الإجتهاد بالرأي الذي يرفضه الشيعة ، اللهم إلا أن يدل عليه دليل خاص على حجية الظن في مورد ، فيقتصر عليه ، مثل حجية الظن في القبلة أو عدد الركعات .
فأدلة الإستنباط في مذهب أهل البيت يقين لا ظن فيها ، بينما المنهج الذي يقوم عليه الإجتهادي عند علماء المذاهب السنية هو مجرد ظنٍّ فيما لانص فيه ، لايستند إلى آية ولا حديث ، ولا إلى مدركات العقل القطعية !
وهذا هو القياس والإستحسان والمصالح المرسلة ، أو ترجيح احتمال من بين احتمالات عديدة بدون مرجح ! وكلها عندهم حجة شرعية ! وكلها دين الله تعالى مهما تكاثرت وتخالفت وتناقضت !
وهذا النوع الأخير من الظن أكثر الظنون رواجاً عندهم ، فمن حق الخليفة أن يعمل بظنه ويفتي به ، أو إمام المذهب المرضي عند الخليفة ، أو عالم متضلع في المنهج الظني ، أو طالب علم مبتدئ ، دخل لتوه في غابة الظنون ، فاحتطب منها !
وفي علل الشرائع[1] : (عن ابن شبرمة قال : دخلت أنا وأبو حنيفة على جعفر بن محمد ‘ فقال لأبي حنيفة : إتق الله ولا تقس الدين برأيك ، فإن أول من قاس إبليس ، أمره الله عز وجل بالسجود لآدم فقال : أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ... ثم قال لأبي حنيفة : أخبرني عن كلمة أولها شرك وآخرها إيمان ؟ قال لا أدري ، قال هي كلمة : لا إله إلا الله ، لو قال لا إله : كان شركاً ، ولو قال : إلا الله ، كان إيماناً . ثم قال جعفر : ويحك أيهما أعظم قتل النفس أو الزنا ؟ قال قتل النفس ، قال : فإن الله عز وجل قد قبل في قتل النفس شاهدين ولم يقبل في الزنا إلا أربعة ، ثم قال : أيهما أعظم الصلاة أم الصوم؟ قال: الصلاة ، قال : فما بال الحائض تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة ؟! فكيف يقوم لك القياس ؟! فاتق الله ولا تقس ) .
و روي موقف آخر للإمام الصادق مع أبي حنيفة : يحدثنا أبو نعيم أن أبا حنيفة وعبد الله بن شبرمة وابن أبي ليلى ، دخلوا على جعفر بن محمد الصادق فقال لابن أبي ليلى : من هذا الذي معك ؟ قال : هذا رجل له بصر ونفاذ في أمر الدين قال : لعله يقيس أمر الدين برأيه ؟ قال : نعم . فقال لأبي حنيفة : ما اسمك ؟ قال : نعمان . قال : يا نعمان هل قست رأسك ؟ قال : كيف أقيس رأسي ؟ قال : ما أراك تحسن شيئاً . ثم جعل يوجه إليه أسئلة ، فكان جواب أبي حنيفة عدم البواب عنها ! فأجابه الإمام عنها ثم قال : يا نعمان حدثني أبي عن جدي أن رسول الله قال : أول من قاس أمر الدين برأيه إبليس ، قال الله تعالى له : أسجد لآدم فقال : أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين . فمن قاس الدين برأيه قرنه الله تعالى يوم القيامة بإبليس لأنه اتبعه بالقياس !
قال ابن شبرمة : ثم قال جعفر : أيهما أعظم قتل النفس أو الزنا ؟ قال أبوحنيفة : قتل النفس . قال الصادق : فإن الله عز وجل قبل في قتل النفس شاهدين ولم يقبل في الزنا إلا أربعة ! ثم قال: أيهما أعظم الصلاة أم الصوم ؟ قال أبوحنيفة : الصلاة . قال الصادق : فما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ! فكيف ويحك يقوم لك قياسك ! إتق الله ولا تقس الدين برأيك[2] .
وقد اشتهر نهي الإمام جعفر الصادق لأبي حنيفة عن العمل بالظن والقياس ، ورواه السنة والشيعة .
ولكن أبا حنيفة استمر في قياسه ، وسنذكر هنا ذلك الحوار كاملاً لما فيه من كثير فائدة في سقوط القياس و الإستحسانات . قال أبو حنيفة النعمان بن ثابت :
جئت إلى حجام بمنى ليحلق رأسي ، فقال : أدن ميامنك ، واستقبل القبلة ، وسم الله ، فتعلمت منه ثلاث خصال لم تكن عندي . فقلت له : مملوك أنت أم حر ؟ فقال : مملوك ، قلت : لمن ؟ قال : لجعفر بن محمد العلوي . قلت : أشاهد هو أم غائب ؟ قال : شاهد . فصرت إلى بابه واستأذنت عليه فحجبني ، وجاء قوم من أهل الكوفة فاستأذنوا فأذن لهم ، فدخلت معهم ، فلما صرت عنده قلت له : يا ابن رسول الله لو أرسلت إلى أهل الكوفة فنهيتهم أن يشتموا أصحاب محمد (ص) فإني تركت بها أكثر من عشرة آلاف يشتمونهم ، فقال : لا يقبلون مني . فقلت : ومن لا يقبل منك وأنت ابن رسول الله ؟ فقال : أنت ممن لم تقبل مني ! دخلت داري بغير إذني وجلست بغير أمري ! وتكلمت بغير رأيي ! وقد بلغني أنك تقول بالقياس ؟ قلت : نعم به أقول ، قال : ويحك يا نعمان أول من قاس الله تعالى إبليس حين أمره بالسجود لآدم وقال : خلقتني من نار وخلقته من طين !
أيما أكبر يا نعمان القتل أو الزنا ؟ قلت : القتل . قال : فلم جعل الله في القتل شاهدين ، وفي الزنا أربعة ؟ أينقاس لك هذا ؟ قلت : لا .
قال : فأيما أكبر البول أو المني ؟ قلت : البول ، قال : فلم أمر الله في البول بالوضوء ، وفي المني بالغسل ؟ أينقاس لك هذا ؟ قلت : لا .
قال : فأيما أكبر الصلاة أو الصيام ؟ قلت: الصلاة ، قال: فلم وجب على الحائض أن تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ؟ أينقاس لك هذا ؟ قلت : لا .
قال : فأيما أضعف المرأة أم الرجل ؟ قلت : المرأة ، قال : فلم جعل الله تعالى في الميراث للرجل سهمين ، وللمرأة سهماً ؟ أينقاس لك هذا ؟ قلت : لا .
قال : فلم حكم الله تعالى فيمن سرق عشرة دراهم بالقطع ، وإذا قطع رجل يد رجل فعليه ديتها خمسة آلاف درهم ؟ أينقاس لك هذا ؟ قلت : لا .
قال : وقد بلغني أنك تفسر آية في كتاب الله وهي : (ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم)[3] ، أنه الطعام الطيب والماء البارد في اليوم الصائف . قلت نعم . قال : دعاك رجل وأطعمك طعاماً طيباً وسقاك ماءً بارداً ، ثم امتن عليك به ، ما كنت تنسبه إليه ؟ قلت : إلى البخل ، قال : أفيبخل الله تعالى ؟ قلت : فما هو؟ قال: حبنا أهل البيت[4].
وقال لأبي حنيفة : فاتق الله يا نعمان ولا تقس فإنا نقف غداً نحن وأنت ومن خالفنا بين يدي الله عز وجل فيسألنا عن قولنا ويسألهم عن قولهم فنقول : قلن ا: قال الله وقال رسول الله ، وتقول أنت وأصحابك : رأينا وقسنا ، فيفعل الله بنا وبكم ما يشاء[5].


[1] - علل الشرائع ، الشيخ الصدوق : 1/86
[2] - حصر الاجتهاد - آقا بزرگ الطهراني، ص 36
[3]- سورة الكوثر، آية 8
[4]- بحار الأنوار - العلامة المجلسي:10/220
[5] - بحار الأنوار - العلامة المجلسي:10/221

... يتبع ...


رد مع اقتباس