منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - على ظهور الجمال
عرض مشاركة واحدة

حسين نوح مشامع
عضو
رقم العضوية : 768
الإنتساب : Feb 2008
المشاركات : 459
بمعدل : 0.07 يوميا
النقاط : 0
المستوى : حسين نوح مشامع is on a distinguished road

حسين نوح مشامع غير متواجد حالياً عرض البوم صور حسين نوح مشامع



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
افتراضي على ظهور الجمال
قديم بتاريخ : 18-Mar-2010 الساعة : 07:44 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


على ظهور الجمال
هذا ليس تفصيلا لرحلة تجارية إلى وزارة العمل بالرياض، لإنهاء بعض مصالح الشركة، التي كان بالإمكان قضائها دون عناء السفر، مع وجود شيء من التنسيق بين الوزارة ومكتب العمل بالدمام.
قصة هموم بدأت بعد تلك المهمة التي لم تدم أكثر من الساعة والنصف، وبقرار فردي من رئيس الفريق مستغلا لذلك منصبه الوظيفي وشيخوخته وخبرته في الحياة. فأمر بالتوجه لتناول وجبة الغداء، بعد أن وقع اختياره على مطعم أسيوي من الدرجة العاشرة، مبررا هذا الاختيار بافتخار: أنا من عشاق الأكلات الشعبية، لذا اقصد هذا المطعم كلما أتيت العاصمة، وأطباقه لا تقدم في أي من المطاعم الأخرى.
تبعناه إتباع الفصيل اثر أمه، وأكلنا مما قدم لنا أكل السباع الضارية، دون نقاش وبدون تحفظ. بعد إنهاء الدور الأول وطلب آخر، تبين الكرم الحاتمي في البهارات النارية التي أضيفت إلى الطعام.
أخذت حرارة جهنم تخرج مندفعة متسارعة من بركان أحشائي الغاضبة حتى استقرت في فمي وشفتاي، فاشتعلت اشتعال النار في الهشيم. لكنها لم تكن بقدر انفجار تلك الحمم البركانية الذي اخترقت صدري، عند رجوعي إلى الديار ووضع قدمي على أرضها. فلم يكن أمامي إلا تناول كميات كبيرة من المشروبات الباردة، في محاولة يائسة لإسكات ذلك الغليان.
انتقلت التجربة إلى مرحلتها الثانية من السخونة، حيث كان هدفنا التالي زيارة احد كازينوهات الشيشة والتعميرة. فلقد اعتاد قائدنا بعد أن يعطي معدته حقها من الأكل، أن لا ينسى نصيب رأسه من التبغ. كان بإمكاني تلافي كل ذلك الألم وكل ذلك العذاب بترك الفريق والالتحاق بأحد الأصحاب منذ البداية، ولكن حيائي وصعوبة التنقل حال دون ذلك.
دخلنا عالما غريبا لم اعتد عليه، ودنيا مكتومة تعمد أصحابه منع دخول الهواء إليها وخروجه، لذا تحتفظ بتلك الأبخرة الكريهة والروائح النتنة. لم استطع البقاء وتحمل ذلك الجو المعتم، مع اقتراب تخلص أمعائي من محتوياتها، ففررت بجلدي فرار الشاة من الذئب. وكل من حولي بين مبتسما ملأ فمه، أو مستغربا ينظر بعينين حائرتين.
تركتهم وجلست على قارعة الطريق انتظر خروجهم سريعا. عندما خاب ضني أخذت احتسي بعض الشاي، لإخماد ما يمر به جسمي من تغيرات وتحولات غريبة، وكان ذلك على أمام القادمين والمغادرين، الذين ينظرون باستغراب واستهجان، كأني مخلوق هبط عليهم من كوكب آخر.
بعد مضي أكثر من ساعة خرجوا من ذلك الجحر المخيف، فتوقعت الخلود إلى الراحة والاستجمام لنفض بعض غبار التعب والنصب الذي لحقنا، ولكن امرنا بالتوجه إلى المطار انتظارا لإقلاع طائرة العودة، الذي بقي عليها أكثر من ثلاثة ساعات. فبقينا كل تلك الفترة نترنح يمنة ويسرة من اثر الإرهاق والتعب الذي استولى علينا، لعدم وجود المكان المناسب للاستلقاء، كمن ينتقل بين الواحات والصحاري على ظهور الجمال بحثا عن مأوى.
بقلم: حسين نوح مشامع - القطيف، السعودية

رد مع اقتباس