منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - الأنس بالله .
الموضوع: الأنس بالله .
عرض مشاركة واحدة

صفوان بيضون
أديب وشاعر
رقم العضوية : 6568
الإنتساب : Oct 2009
الدولة : دمشق العقيلة
المشاركات : 964
بمعدل : 0.17 يوميا
النقاط : 226
المستوى : صفوان بيضون is on a distinguished road

صفوان بيضون غير متواجد حالياً عرض البوم صور صفوان بيضون



  مشاركة رقم : 5  
كاتب الموضوع : صفوان بيضون المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي الأنس بالله (5) .
قديم بتاريخ : 08-Apr-2010 الساعة : 05:31 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


الاُنس بالله
الحلقة (5)


متابعة لوازم الاُنس الإلهي :

9ـ علوّ المقام :

ربّنا الله سبحانه وتعالى عالي الشأن عظيم المقام ، تعالى عمّـا يصفون ، فهو اللطيف بعباده ، وهو القادر على كلّ شيء ، وهو الجميل ويحبّ الجمال والعمل الجميل ، فمن عشقه وأحبّه وأنس به ، فإنّه يرفع مقامه ويعلّي شأنه ، وعليّ اشتقّ من العليّ ، ومحمّد من محامده ، ويصل إلى مقام تصافحه الملائكة والأنبياء ، ويتكلّم مع الشهداء ، ويستغفر له كلّ شيء حتّى الحوت في البحر ، ويكون مظهر أسمائه وصفاته ، ويجدّ في خشوعه وعبادته ، والعبادة جوهرة كنهها الربوبيّة ، فمثل هؤلاء الأولياء المقرّبون ، الذين يطيعون الله ورسوله ، قد وعدهم الله في علوّ الدرجات ، قاب قوسين أو أدنى :
قال تعالى : ( ومن يطع الله والرسول فاُولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيِّين والصدِّيقين والشهداء والصالحين وحسن اُولئك رفيقاً )(7) .
( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين اُوتوا العلم درجات )(8) .
و( فضّل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً )(9) .
فكيف المستأنس بالله المطيع لله ولرسوله المتّقي المؤمن العالم المجاهد لا يستوحش من الناس الجهلاء الفسقة الذين لا همّ لهم سوى بطونهم ، وقيمتهم ما يخرج من بطونهم .

10ـ الولاية :

المستأنس بالله إنّما الله سبحانه يتولّى أمره ، ويدبّر حياته ومعيشته ، فإن ( اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا )(10) ، يتولاّهم في الدنيا والآخرة ، ولكنّ الذين كفروا من الناس فإنّ أوليائهم ومدبّر اُمورهم الطواغيت ، وعبّاد الشيطان وأوليائه ، الذين يوحي إليهم الشيطان المكر والخديعة والظلم والجور والفسق والفجور .
فمن أنس بالله عزّ وجلّ ، فإن الله يتولّى أمره ، كما أنّه هو كذلك يوالي ربّه ويحبّه ، ويعادي عدوّه ، ولو كان من أقربائه ، فيتبرّأ من الناس الذين يعادون الله في أفكارهم وعقائدهم وسلوكهم وأعمالهم ، فمن أنس بالله ووصل إلى مقام الولاية ، كيف لا يستوحش من الناس ؟
قال الله تعالى : ( إنّما وليّكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون )(11) .
( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واُولي الأمر منكم )(12) .
( ألا إنّ أولياء الله لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون * الذين آمنوا وكانوا يتّقون )(13) .
( إنْ أولياؤه إلاّ المتّقون )(14) .
قال الحواريون : يا عيسى مَن أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ؟
قال عيسى () : الذين نظروا إلى باطن الدنيا حين نظر الناس إلى ظاهرها ، والذين نظروا إلى آجل الدنيا حين نظر الناس إلى عاجلها ، وأماتوا منها ما يخشون أن يميتهم ، وتركوا ما علموا أنّه سيتركهم ، فصار استكثارهم منها استقلالا ، وذكرهم إيّاها فواتاً ، وفرحهم بما أصابوا منها حزناً .. يحبّون الله تعالى ويستضيئون بنوره ، ويضيئون به ، لهم خبر عجيب ، وعندهم الخبر العجيب ، بهم تمام الكتاب وبه قاموا ، وبهم نطق الكتاب ، وبه نطقوا ، وبهم علم الكتاب وبه علموا ، ليسوا يرون نائلا مع ما نالوا ، ولا أماني دون ما يرجون ، ولا خوفاً دون ما يحذرون .
سئل النبيّ () عن قول الله تعالى : ( ألا إنّ أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون )(15) ، قال : الذين يتحابّون في الله .
سُئِلَ أمير المؤمنين علي () عن الآية الشريفة فقال : هم قوم أخلصوا لله تعالى في عبادته ، ونظروا إلى باطن الدنيا حين نظر الناس إلى ظاهرها ، فعرفوا آجلها حين غرّ الناس سواهم بعاجلها ، فتركوا منها ما علموا أنّه سيتركهم ، وأماتوا منها ما علموا أنّه سيميتهم .
إنّ أوليـاء الله تعالى كلّ مستقرب أجله ، مكذّب أمله ، كثير عمله ، قليل زلله .
إنّ أولياء الله لأكثر الناس ذكراً وأدومهم له شكراً ، وأعظمهم على بلائه صبراً .
إنّ أولياء الله لم يزالوا مستضعفين قليلين منذ خلق الله آدم () .
إنّ أولياء الله سكتوا فكان سكوتهم ذكراً ، ونظروا فكان نظرهم عبرة ، ونطقوا فكان نطقهم حكمة ، ومشوا فكان مشيهم بين الناس بركة ، لولا الآجال التي قد كتبت عليهم لم تستقرّ أرواحهم في أجسادهم خوفاً من العذاب ، وشوقاً إلى الثواب .
إنّ الله تعالى أخفى وليّه في عباده ، فلا تستصغرّن عبداً من عبيد الله ، فربّما يكون وليّه وأنت لا تعلم .
إذا استحقّت ولاية الله والسعادة جاء الأجل بين العينين ، وذهب الأمل وراء الظهر ، وإذا استحقت ولاية الشيطان والشقاوة جاء الأمل بين العينين ، وذهب الأجل وراء الظهر .
إنّ الجهاد باب من أبواب الجنّة ، فتحه الله لخاصّة أوليائه .
والدنيا مهبط وحي الله ، ومتجر أولياء الله ، اكتسبوا فيها الرحمة ، وربحوا فيها الجنّة .
ثلاث خصال من صفة أولياء الله : الثقة بالله في كلّ شيء ، والغناء به عن كلّ شيء ، والافتقار إليه في كلّ شيء .
في الدعاء : اللّهم إنّك آنس الآنسين لأوليائك ، وأحضرهم بالكفاية للمتوكلّين عليك ، تشاهدهم في سرائرهم ، وتطّلع عليهم في ضمائرهم ، وتعلم مبلغ بصائرهم ، فأسرارهم لك مكشوفة ، وقلوبهم إليك ملهوفة ، إن أوحشتهم الغربة آنسهم ذكرك ، وإن صبّت عليهم المصائب لجأوا إلى الاستجارة بك ، علماً بأنّ أزمّة الاُمور بيدك ، ومصادرها عن قضائك ... فيا ترى مَن كان هذا حاله أما يستوحش من الناس ؟ أما يعتزل الناس روحاً ويبقى معهم جسداً لهدايتهم وإرشادهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ، ولاحتياج بعض الناس إلى بعض في معاشهم وحياتهم اليوميّة .


(7) النساء : 69 .
(8) المجادلة : 11 .
(9) النساء : 95 .
(10) البقرة : 257 .
(11) المائدة : 55 .
(12) النساء : 59 .
(13) يونس : 62 و 63 .
(14) الأنفال : 34 .
(15) يونس : 62 .
... يتبع ...

رد مع اقتباس