منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - الأنس بالله .
الموضوع: الأنس بالله .
عرض مشاركة واحدة

صفوان بيضون
أديب وشاعر
رقم العضوية : 6568
الإنتساب : Oct 2009
الدولة : دمشق العقيلة
المشاركات : 964
بمعدل : 0.17 يوميا
النقاط : 226
المستوى : صفوان بيضون is on a distinguished road

صفوان بيضون غير متواجد حالياً عرض البوم صور صفوان بيضون



  مشاركة رقم : 6  
كاتب الموضوع : صفوان بيضون المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي الأنس بالله (6) .
قديم بتاريخ : 10-Apr-2010 الساعة : 05:23 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


الاُنس بالله
الحلقة (6)



متابعة لوازم الاُنس الإلهي :

12ـ العصمة :

حريّ بمحبّ الله أن يعتصم من الذنوب ، إذ كيف من يدّعي حبّ الله والاُنس به يعصيه سبحانه ، فعجباً لمن ينتحل حبّ الله كيف يعصي الله ، بل من وصل إلى مقام الاُنس بالله ، فإنّه يعصم نفسه عن الذنوب ويصل إلى مقام العصمة الأفعالية ، إذ العصمة الذاتية الكلّية مختصّة بالأنبياء والأوصياء الأئمة الأطهار () .
عن رسول الله () : قال الله سبحانه : إذا علمت أنّ الغالب على عبدي الاشتغال بي نقلت شهوته في مسألتي ومناجاتي ، فإذا كان عبدي كذلك فأراد أن يسهو حلتُ بينه وبين أن يسهو ـ وهذا معنى العصمة ـ اُولئك أوليائي حقّاً ، اُولئك الأبطال حقّاً . يقول الله عزّ وجلّ : إذا كان الغالب على العبد الاشتغال بي جعلت بغيته ولذّته في ذكري ، فإذا جعلت بغيته ولذّته في ذكري عشقني وعشقته ، فإذا عشقني وعشقته رفعت الحجاب فيما بيني وبينه ، وصيّرت ذلك تغالباً عليه ، لا يسهو إذا سها الناس ، اُولئك كلامهم كلام الأنبياء ، اُولئك الأبطال حقّاً .
عن أمير المؤمنين علي () : من اُلهم العصمة أمِنَ الزلل ، كيف يصبر عن الشهوة من لم تعنه العصمة ، الناس مع الملوك والدنيا إلاّ من عصم الله .
فالمستأنس بالله كيف لا يستوحش من هؤلاء الناس ؟
( ومن يعتصم بالله فقد هُدي إلى صراط مستقيم )(16) .
ومن هدي إلى الصراط المستقيم ، فقد أنعم الله عليه ، ومن أنعم عليه فهو مع النبيّين والصالحين والشهداء في مقعد صدق عند مليك مقتدر ، وحسن اُولئك رفيقاً .
أمّا موجبات العصمة كما في الروايات فمنها : الاعتبار والتصبّر على المكروه ، وعن علي () : إنّ التقوى عصمة لك في حياتك وزلفى لك بعد مماتك ، وبالتقوى قرنت العصمة ، والحكمة عصمة ، والعصمة نعمة .
فعصم السعداء بالإيمان ، وخذل الأشقياء بالعصيان ، من بعد اتّجاه الحجّة عليهم بالبيان .
وعن الإمام الباقر () : إذا علم الله تعالى حُسن نيّة من أحد اكتنفه بالعصمة .
قال نوف البكالي : رأيت أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه ) مُوليّاً مبادراً فقلت : أين تريد يا مولاي ؟ فقال : دعني يا نوف إنّ آمالي تقدّمني في المحبوب . فقلت : يا مولاي وما آمالك ؟ قال : قد علمها المأمول واستغنيت عن تبيينها لغيره ، وكفى بالعبد أدباً ، أن لا يشرك في نعمه وأربه غير ربّه . فقلت : يا أمير المؤمنين ، إنّي خائف على نفسي من الشره ، والتطلّع إلى طمع من أطماع الدنيا ، فقال لي : وأين أنت عن عصمة الخائفين ، وكهف العارفين ؟ فقلت : دُلّني عليه ، قال : الله العليّ العظيم ، تصل أملك بحسن تفضّله ، وتقبل عليه بهمّك ، واعرض عن النازلة في قلبك ، فإن أجّلك بها فأنا الضامن من موردها ، وانقطع إلى الله سبحانه فإنّه يقول : وعزّتي وجلالي لأقطعنَّ أمل كلّ من يؤمّل غيري باليأس ، ولأكسونّه ثوب المذلّة في الناس ، ولاُبعدنّه من قربي ، ولأقطعنّه عن وصلي ...
في المناجاة : إلهي في هذه الدنيا هموم وأحزان وغموم وبلاء ، وفي الآخرة حساب وعقاب ، فأين الراحة والفرج ؟ إلهي خلقتني بغير أمري ، وتميتني بغير اُذني ، ووكلت فيّ عدوّاً لي له عليَّ سلطان ، يسلك بي البلايا مغروراً ، وقلت لي استمسك ، فكيف أستمسك إن لم تمسكني .
إلهي لا حول لي ولا قوّة إلاّ بقدرتك ، ولا نجاة لي من مكاره الدنيا إلاّ بعصمتك ، فأسألك ببلاغة حكمتك ونفاذ مشيئتك أن لا تجعلني لغير جودك متعرّضاً .
في مناجاة المعتصمين : إلهي أسكنتنا داراً حفرت لنا حُفر مكرها ، بك نعتصم من الاغترار بزخارف زينتها ... إلهي فزهدنا فيها وسلّمنا منها بتوفيقك وعصمتك ... وطهّرني بالتوبة وأيّدني بالعصمة ، واستصلحني بالعافية .
قال أمير المؤمنين علي () : بالتقوى قرنت العصمة .
وهذا يعني أنّ العصمة لازمها التقوى أو بالعكس ، فالمتّقي يكون معصوماً ، والمستأنس بالله كيف لا يكون متّقياً متورّعاً عن كلّ ما فيه غير الله ، وكيف لا يتّقي الناس ويستوحش منهم ، وإنّما يطلب الأتقياء في أطراف الأرض ـ كما ورد في الخبر الشريف ـ وهو مع الناس جسداً ، ومع الله روحاً وقلباً ، ناجاه الله في سرّه وعقله ، فإنّه أقرب إليه من حبل الوريد ، فيشاهده بقلبه وبصيرته ، ويستأنس بذكره وجماله .
وجماع التقوى في قوله تعالى : ( إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان )(17) .
(16) آل عمران : 101 .
(17) النحل : 90 .

رد مع اقتباس