[حسين نوح مشامع]

زيارة مقدسية
انقسم الناس حيال الأحداث الأخيرة الجارية على بيت المقدس أحزابا وأشياعا، وغدا كل حزب بما لديهم من إيمان وقناعات فرحون.
سلام احد الذين حركتهم تلك المصيبة، وأقلقتهم تلك الواقعة. فهبوا من سباتهم كفراش منتشر يبحث عن ملجأ ومأوى خوفا على حياتهم، وانتفضوا حفاظا على أرزاقهم.
فر من تلك الأحزاب وتلك المليشيات، ولم يعد يستطع تحديد من يعمل لصالحه. مع طول أمد النضال واتساع مدة المقاومة، حتى قست القلوب وابيضت الرؤوس. وهو يشاهد إسرائيل لا تزال تتربع على عرش حرية المنطقة، وتفرض عليها رأيها وقانونها.
اختط له دربا وسلك له منهاجا، استمده من فلسفة - إلا بدو يعيش. يحاول من خلاله الاستبقاء على بعض حقوقه، والتمسك بما تبقى ممتلكاته المعرضة للسلب والابتزاز. مقتنعا إن إسرائيل واقع لا يمكن تناسيه وهم لا يمكن إزالته، يتوجب عليه التعايش معه قدر المستطاع.
عزم الأمر وشد الرحال، مع من لف لفه وشاطره أفكاره إلى بلاد العم سام. ينتقل بين الولايات الأمريكية المترامية الأطراف سفيرا للنوايا الحسنة، ويتجول بين مدنها وقراها. يعرض قضيته ويشرح وضع شعبه المأساوي، الميال للسلام والمحب للألفة. معللا ما يجري من قتل لليهود وتفجير لمدنهم، بردة فعل طبيعية لما تقوم به الحكومة الإسرائيلية من تعدي على حقوقه وممتلكاته.
يلتقي بأفراد الشعب البسيط المكافح، الذي اكبر همه البحث عن ما يسد رمقه ويلبي لذاته العاجلة. ولم ينسى في طريقه مقابلة بعض من يعتقد فيهم حيادهم من اليهود. يعاشر الهنود الحمر الذين سلبت أراضيهم وضيق عليهم الخناق، وهم يحاولون المحافظة على ما تبقى من معتقداتهم، ويجاهدون في انتزاع بعض حقوقهم.
يجلس مع هذا - ويأكل من طعام هذا - ويمزح مع ذاك، في محاولة مستميتة للوصول إلى هدفه. ذهب وهو يعلم إن هؤلاء القوم مسلوبو الإدارة، بعيدون عن أصحاب القرار السياسي، مأخوذون بالإعلام الذي يحدد أفكارهم وأذواقهم.
عاد بعدها إلى دياره، متوقعا نتائجا باهرة لتلك الزيارة المكوكية.
بقلم: حسين نوح مشامع – القطيف، السعودية