|
أديب وشاعر
|
|
|
|
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
صفوان بيضون
المنتدى :
صفوان بيضون
ظاهرة انتشار التشيع (40)
بتاريخ : 19-Apr-2010 الساعة : 04:12 PM

اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
ظاهرة انتشار التشيع
الحلقة (40) السبب (28)
التكفير عند الوهابيين وغيرهم
الكفر: ضد الإيمان ، ويستعمل أيضاً بمعنى جحود النعمة ، وضد الشكر . ويقال : لا تكفِّر أحداً من أهل القبلة ، أي لا تنسبهم إلى الكفر [1] .
وتستعمل الكلمة اليوم بأوسع من معناها ، وقد ابتلي أتباع المذاهب السنيين في العقود الماضية بالتكفير منذ نشأة المذهب الوهابي ثم الحركات الإسلامية فصار يكفر بعضهم بعضاً ! والتكفير ليس ظاهرة جديدة فقد كان أصحاب المذاهب أنفسهم يكفر بعضهم بعضاً ، لكنها اتسعت كثيراً في عصرنا على يد الوهابية .
وقد ذكر سماحة الشيخ المستبصر محمد الطوري أمثلة على التكفير التاريخي ، فقال إن أصحاب أبي حنيفة وابن حزم وغيرهم يطعنون في الإمامين مالك والشافعي ، وأصحاب الشافعي كإمام الحرمين ، والغزالي و غيرهما ، يطعنون في أبي حنيفة ومالك ، وقال ابن الجوزي في المنتظم : اتفق الجميع على الطعن في أبي حنيفة ، فقال بعضهم إنه ضعيف العقيدة متزلزل فيها . و قال آخرون : إنه ضعيف في ضبط الرواية وحفظها ، وقالوا إنه صاحب رأي وقياس وإنه غالباً يخالف الأحاديث الصحاح ! وجاء في كتاب العامة عن الإمام الشافعي أنه قال : ما ولد في الإسلام أشأم من أبي حنيفة ، وقال أيضاً : نظرت في كتب أصحاب أبي حنيفة وإذا فيها مائة وثلاثون ورقة خلاف الكتاب و السنة .
وقال الإمام الغزالي الشافعي في كتابه : المنخول في علم الأصول : فأما أبوحنيفة فقد قلب الشريعة ظهراً لبطن ، وشوش مسلكها وغير نظامها ، وأردف جميع قواعد الشرع بأصل هدم به شرع محمد المصطفى (ص) ، ومن فعل شيئاً من هذا مستحلأً كفر، ومن فعله غير مستحل فسق ، واستمر بالطعن في أبي حنيفة وبشكل مفصل إلى أن قال : إن أبا حنيفة النعمان بن ثابت كان يعمل بالقياس في الفقه ، وأول من قاس إبليس .
وأما جار الله الزمخشري وهو من علماء العامة فيقول في كتابه ربيع الأبرار : قال يوسف بن أسباط : رد أبوحنيفة على رسول الله أربع مائة حديث أو أكثر، وحكى عن أبي يوسف أيضاً : أن أبا حنيفة كان يقول : لو أدركني رسول الله لأخذ بالكثير من قولي [2].
نستغفر الله ونتوب إليه من هذا الكلام ، وإنما ذكرنا هذه المقولات لضرورة البحث لأن أخوتنا الذين لم يستبصروا بعد بحاجة إلى توضيح هذه المسائل ودراسة هذه الظاهرة بصدق .
وهؤلاء الفقهاء ضيعوا الطريق الواضح إلى طرق لا تسمن ولا تغني من جوع ، لأنهم لم يتمسكوا بالعترة كما أمرهم نبيهم (ص) ، ومن تمسك بعلي وفاطمة والحسن والحسين والمعصومين من أبناء الحسين (ع) لا يحتاج إلى غيرهم ، فهم (ع) : شَجَرَةُ النُّبُوَّةِ ومَهبطُ الرِّسَالَةِ ومُخْتَلَفُ الْمَلَائِكَةِ ومَعَادِنُ الْعِلْمِ ويَنَابِيعُ الْحُكْمِ .
وقد صار التكفير في عصرنا كارثة كبرى في جماعات و حركات السنيين و مذاهبهم من صوفية و وهابية فأيما شخص كان يعمل ضمن حركة ثم خرج يتعرض لهذه الوصفة وغيرها كاتهامه بسقوط عدالته وعدم الصلاة خلفه ، ثم بخروجه عن الملة والدين ، وتكفيره وهدر دم ه! وتلاحقه الفتاوى في ظهره كأنما كان إسلامه واقفاً عند حدود تلك الحركة أو الجماعة أو الطريقة أوالمذهب !
هذا السلوك الإتهامي والتكفيري كان أحد الأسباب الذي جعلت أبناء السنيين يراجعون أنفسهم ومذاهبهم ، ليكتشفوا أنهم على مذاهب تكفيرية لا تبقي أحداً ، وقد كتب المستبصر الكويتي الأستاذ فيصل الدويسان مقالاً يبيّن فيه التكفير السني كعنصر طارد للتسنن وجاذب للتشيع ، قال فيه : فقد كنت من قبل أُكفِّر الشيعة بسبب التصريحات النارية لبعض علماء السنة التي تطل برأسها بين الفينة والأخرى ، وقد سلّمت وقتها دفّة عقلي لعلماء متعصبين وآخرين مفترين ، وتركتهم يفكرون ويقررون نيابة عني ، وما كان علي سوى الطاعة العمياء !
وكلما واجهتنا حقائق وأدلة إخواننا الشيعة كانوا يعيدون على دورة الأسطوانة المكررة : فرس مجوس .. زنادقة .. كفرة .. مشركون .. مبتدعة .. إلى آخر هذه الكلمات ودون بحث علمي مجرد ، إلى أن بحثت عن الحق بنفسي دون وكالة من أحد ، فآمنت بالتشيع وقررت أن أكون اثني عشرياً دون ضغط من أحد بعد رحلة بحث . فكان أن وجدت في التشيّع الفوز لا الخسارة ، وما شيّعني إلا هجوم بعض العلماء والتكفيريين [3].
و اختصت الوهابية ومعها قليل من الجماعات السنية بتكفير جميع المسلمين إلا من اتبع طريقتهم ، طريقة محمد بن عبد الوهاب ، فالناس كلهم عندهم ملحدون كفرة أو مشركون وخارجون عن الإسلام[4] .
لذلك فإن الصدمة تكون كبيرة للباحث الوهابي إذا وصل إلى التشيع بعد السنوات الطويلة في اتهام الشيعة وكل من يخالفه بالكفر والشرك والإلحاد ، والنظر إليهم كمخلوقات عجيبة تختلف في جوهرها عن عنصره المميز !
فإذا وصل إلى القناعة بخطأ مذهبه ، فإنه يواجه أزمة تحتاج إلى تهيئة نفسية وروحية خاصة حتى يتجاوزها ويصل إلى بر الأمان عبر سفينة أهل البيت (ع).
وقد انتشر بلاء التكفير في الجزائر العزيزة ، فعندما أجريت الإنتخابات في التسعينات وفاز الرئيس زروال ، أعلنت الجماعة الإسلامية المسلحة أن كل الشعب الجزائري مرتد وكافر ، ويجب أن يقتل رجاله وتسبى نساؤه ! وصرت تسمع قصص عمليات اختطاف نساء واغتصابهن !
وقد يأخذ التكفير والقتل تبريراً آخراً ، باسم الغيرة على الدين وباسم تكفير الصحابة وليس ذلك إلا ذريعة باطلة ! فلو كان كل من يكفر صحابياً يقتل فعلى المسلمين السلام ، وعلى أحباب أبي طالب (ع) التسلح لقتل من يكفروه !
وهكذا يفعل التعصب بأهله ، ويستغله أعداء الأمة ويدفعون المتعصبين لتكفير دولة الخلافة العثمانية وحربها ، ثم لتكفير عرب الجزيرة والعراق وحربهم ! وتجري دماء المسلمين مسفوحة في المشارق والمغارب لنكون اداة لمن خططوا لتدميرنا و أوجدوا مثل هذه التيارات الباطلة التي لا تحمل من الدين إلا اسمه !.
ومما قرأت في هذا المجال مقالا حديثا إذا تجرد عن التاريخ والمصدر تحسبه خطبة ألقيت في معركة ضارية حدثت في التاريخ :
قال الشيخ في المقال : أيها العساكر والضبَّاط و القياديون ، اعلموا أن أمن البلد في رقابكم ، وأن الله عاذركم فيما تفعلون ، فأنتم الإسلام لا الإسلام من يقاتلكم ، إن من يقاتلكم هم الخوارج الذين خرجوا على شرعيتكم ، طوبى لمن قُتل منكم بأيديهم ، وطوبى لمن قَتَلَهم أو قَتَل منهم واحداً [5].
ثم يقوم الشيخ بالإسقاط الروائي فيطبق الخوارج على مخالفيه فيعتبرهم ( شر الخلق والخليقة ) ، ( شر قتلى تحت أديم السماء ) ، و(كلاب النار) والمعني بالكلام هم أخوة في الدم واللحم والرحم والدين والمذهب والوطن وهم أفراد حركة حماس الفلسطينية و رابطة علماء فلسطين !
وحتى نصل إلى مستوى إنسانية ثقافة الخلاف و الإختلاف ، ننصح أخوتنا الأعزاء في فتح وحماس بالتلاقي والتفاهم في الميسور و المشتركات ، وألا يجعلوا المسلمين مأدبةً لشماتة الأعداء الصهاينة .
وقد اكتشف العديد ممن يتألمون لتكفير المسلمين لبعضهم وعنفهم مع بعضهم ، أن حل هذه المعضلة الشائنة لا يكون إلا في ظل مذهب أهل البيت الطاهرين (ع) ، الذي يعطي الحرية للبحث العلمي ، وفي نفس الوقت يحكم بإسلام كل من أعلن الشهادتين ولو تحت السيف كمشركي مكة ، وحتى لو كفر المسلمين كالوهابية !
[1] - الصحاح ، الجوهري ، مادة كفر، ج7 ، ص 807
[2]- كتاب المتحولون ، ترجمة الشيخ محمد الطوري، كتاب لماذا اعتنقت التشيع، الشيخ محمد الطوري.
[3]- جريدة الدار الكويتية، تاريخ النشر9 اكتوبر 2008
[4]- السحب الوابلة- مفتي مكة محمد بن عبد الله- ص39 ، مقارنة بين عقائد المسلمين و عقائد الوهابية،- مجموعة من الباحثين- ص12.
[5] - جريدة الصباح، 6-5-1428 هـ (30-5-2007م)، مقال الخوارج الجدد، الشيخ شاكر الحيران.
|
|
|
|
|