[صفوان بيضون]

ظاهرة انتشار التشيع

الحلقة (44)

السبب (32)

الإمام المهدي وروايات آخر الزمان

الإعتقاد بخروج مصلح آخر الزمان ، يقود العالم بالعدل والقسط ، بعد عصور الظلم والقهر ، ليست خاصة بالشيعة بل يعتقد بها عامة المسلمين ، وأهل الكتاب من اليهود والمسيحيين ، مع اختلاف في ذلك المنتظر وتفاصيل خروجه .
وتحتوي مصادر التراث الإسلامي وكتب الفرق على اختلافها عدداً من أحاديث البشارة بظهوره (عج) ، وحتى الوهابيون الذين يشذون عن بقية المسلمين ، يعتقدون به ، فقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز وأنا حاضر عن المهدي (عج) فأثبته ولكنه قال بطريقته في الكلام ما مضمونه : هناك مهديان مهدينا ومهدي الشيعة ، ولعله يريد القول بأن التفاصيل حول خروجه و الإعتقاد به مختلف بين طوائف المسلمين من مذهب لآخر ! وقد ألقى الشيخ الوهابي عبد المحسن العباد محاضرة و ألف كتاباً شدد فيه على صحة أحاديث المهدي (عج) ، وسماه ( عقيدة أهل السنة و الأثر في المهدي المنتظر ) وعلق عليه مفتي السعودية ابن باز بالتأييد ، وقال : ( إن الحق والصواب هو ما أبداه فضيلته في هذه المحاضرة ، كما بينه أهل العلم ، فأمر المهدي أمر معلوم والأحاديث فيه مستفيضة بل متواترة متعاضدة ، وقد حكى غير واحد من أهل العلم : تواترها ، كما حكاه الأستاذ في هذه المحاضرة ، وهي متواترة تواتراً معنوياً لكثرة طرقها واختلاف مخارجها وصحابتها ورواتها وألفاظها ، فهي بحق تدل على أن هذا الشخص الموعود به أمره ثابت وخروجه حق وهو (محمد بن عبد الله العلوي الحسني) من ذرية الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وهذا الإمام من رحمة الله عز وجل للأمة في آخر الزمان يخرج فيقيم العدل والحق ويمنع الظلم والجور، وينشر الله به لواء الخير على الأمة عدلاً وهدايةً وتوفيقاً وإرشاداً للناس ) .
والميزة التي يتصف بها الشيعة مع الاعتقاد الحقيقي و العملي بخروج المهدي هي التفاصيل الكثيرة حول الإمام المهدي (عج) ، الإمام محمد بن الحسن العسكري ، من ذرية الإمام الحسين (ع) ، ومنطقة خروجه وأسماء أتباعه من القيادات الرئيسية ، وخارطة طريقه ، والملاحم التي تحدث في عصره ، مروراً بوصوله إلى القدس والصلاة فيها ، ونزول عيسى بن مريم و الصلاة خلفه‘، و أكثر هذه التفاصيل وردت في مصادر السنيين .
ويمكنكم التوسع في التفاصيل بمراجعة الكتب المتخصصة بالإمام المهدي (عج) ومنها كتاب معجم أحاديث الإمام المهدي (ع) للشيخ علي الكوراني العاملي ، وكتاب حقيقة الاعتقاد بالإمام المهدي المنتظر (عج) لأحمد حسين يعقوب .
ومن تلك الأحاديث قول النبي (ص) :
( لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ إسمه اسمى) [1].
( المهدى من عترتي من ولد فاطمة) [2].
( لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملأها عدلا كما ملئت جورا) [3].
( لا تذهب الدنيا حتى يقوم على أمتي رجل من ولد الحسين يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا) [4].
وقد ألّف المسلمون من مختلف الطوائف كتبا حول المهدي (عج) قديماً وحديثاً ، ومنها : العرف الوردي في أخبار المهدي للحافظ أبو نعيم وأضاف عليه السيوطي ، و المختصر في علامة المهدي المنتظر لابن حجر ، و البرهان في علامات مهدي آخر الزمان لعلي بن حسام الدين المتقي صاحب كتاب كنز العمال ، و علامات المهدي لجلال الدين السيوطي ، و تلخيص البيان في علامات مهدي آخر الزمان لابن كمال الحنفي ، وغيرها من الكتب .
وذكر بعض المستبصرين أن أحاديث الإمام المهدي (عج) كانت سبباً لاستبصاره، ولعل هذه الحركة العالمية باتجاه أهل البيت (ع) ضمن التمهيد لخروج ولي العصر والزمان (عج) و جعلنا من أنصاره وأعوانه والمستشهدين بين يديه .

[1] - سنن الترمذي - الترمذي:3/343، مسند احمد - الإمام احمد بن حنبل:1/376 ، كنز العمال - المتقي الهندي:14/263، تاريخ بغداد - الخطيب البغدادي:5/153
[2]- سنن أبي داود - ابن الأشعث السجستاني:2/310، كنز العمال - المتقي الهندي:14/264 ، الدر المنثور - جلال الدين السيوطي:6/58، ينابيع المودة لذوي القربى- القندوزي:2/103 و ج 3 - ص261
[3]- سنن أبي داود - ابن الأشعث السجستاني:2/310، الجامع الصغير - جلال الدين السيوطي:2/438 ، كنز العمال - المتقي الهندي:14/267، فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي:5/422، ينابيع المودة لذوي القربى - القندوزي:2/101
[4] - ينابيع المودة لذوي القربى - القندوزي:2/317
... يتبع ...