منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - 13/جماد الأولى استشهاد الزهراء عليها السلام
عرض مشاركة واحدة

منتظرة المهدي
عضو
رقم العضوية : 421
الإنتساب : Sep 2007
الدولة : طيبة الطيبة
المشاركات : 5,448
بمعدل : 0.85 يوميا
النقاط : 0
المستوى : منتظرة المهدي is on a distinguished road

منتظرة المهدي غير متواجد حالياً عرض البوم صور منتظرة المهدي



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : ميزان المناسبات والإعلانات
افتراضي 13/جماد الأولى استشهاد الزهراء عليها السلام
قديم بتاريخ : 25-Apr-2010 الساعة : 10:03 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واللعن عدوهم .







وفي آخر يوم من أيامها تصبح الزهراء ( ) وقد بدا بعض التحسُّن على صحتها فيطمئنّ عليٌّ ( ) ويغادر البيت إلى المسجد ليؤدّي مهمّته في حفظ الرّسالة وشرعها القويم ، وتتوضّأ الزّهراء ( ) للصلاة فتطلب إلى أسماء بنت عميس أن تأتيها بشيء من طيبها الذي تتطيّب به وملابسها التي تصلّي فيها ، وتضع رأسها على وسادتها وهي تقول لأسماء : « اجلسي عند رأسي ، فإذا جاء وقت الصّلاة فأقيميني ، فإن قمت ، وإلاّ فأرسلي إلى عليًّ ».
ويحلُّ وقت الصّلاة وتخاطب أسماء الصّدّيقة الزّهراء بقولها : « الصلاة يا بنت رسول الله ».
ويخيّم الفزع على أسماء لأنّ الزّهراء لم تجبها بشيء وتبادر إليها فتكشف عن وجهها وهي تصيح : « يا بنت محمد المصطفى ... يا بنت أكرم من حملته النّساء .. يا بنت خير من وطأ الحصى ... ».
فتراها وقد فارقت الحياة ، ويدخل الحسنان في هذه اللحظات الحاسمة من حياة بيت الرّسالة ويسألان عن أُمّهما ، فتفاجئهما أسماء : أنّها قد فارقت الدُّنيا ، وما اشد الصّدمة عليهما ـ حينذاك ـ لقد وقع الحسن على أُمّه ليقبّلها القبلة
الأخيرة ، وهو يقول : « يا أُمّاه كلّميني قبل أن تفارق روحي بدني ». ويقع الحسين ( ) عليها وهو يقبّل رجليها ويقول : « يا أُماه أنا ابنك الحسين كلّميني قبل ان ينصدع قلبي » ، وتلعب اللوعة دورها ويهيج الأسى في بيت الرّسالة وتستولي الأحزان عليه من جديد ، وتطلب أسماء إلى الحسنين أن يخبرا أباهما بما حدث لأُمّهما.
ويسرعان إلى أبيهما ـ والبكاء والحسرة يعمران قلبيهما ـ فيدنيان من مسجد جدّهما ( ) وتجيش اللوعة في قلبيهما بعنف ، فيرفعا صوتيهما بالبكاء.
ويفاجأ المسلمون ببكاء الحسنين ، وظنُّوا أنّهما تذكّرا جدّهما ، فراح البعض يهدّىء من لوعتهما ، ولكنّهما أعلنا النبأ المفزع ـ نبأ افتقاد شجرة الإمامة وغرس النبوّة ـ حيث قالا : « أو ليس قد ماتت أمُّنا فاطمة ؟ ».
ويسمع عليٌّ هذا النبأ ، فتضطرب نفسه ، وتهزُّ المفاجأة كيانه ، وهو يقول : « بمن العزاء يا بنت محمد ؟ كنت بك أتعزّى ، ففيم العزاء من بعدك ؟ ».
وحين يعلن هذه الكلمات يرسم حدود قيمة المرأة المسلمة لدى زوجها إذا عاشت وإياه على صعيد المصير الواحد والهدف الواحد والرّسالة الواحدة ، ثم ينشد عليٌّ ( ) :
لكلّ اجتماع من خليلين فرقةٌ
*
وكلُّ الذي دون الفراق قليل
وإنّ افتقادي فاطماً بعد أحمد
*
دليل على أن لا يدوم خليل

وحين ينشد هذين البيتين يعلن تجلُّده على المصاب الأليم ، إذ أنّ لكلّ اجتماع فرقة ، وهو حين يعلن هذه الحقيقة ينهل بذلك من منهل الوحي : « كلُّ من عليها فان » وهذا ليس غريباً على عليّ بن أبي طالب ( ) لأنّ فكره وسلوكه وعواطفه قد صقلها الإسلام فعاد إسلاماً يسير على الأرض.
ويدوّي أصداء النبأ المؤلم في آفاق عاصمة الإسلام « المدينة المنورة » وتمتلىء نفوس المسلمين أسىً وتزحف جموعهم إلى بيت الرّسالة حاملة تعازيها إليه ، ولساهم في عمليّة تجهيز الزهراء ( ) لحملها إلى مثواها الأخير ، وحين تسرع الجموع الغفيرة للإشتراك في مراسيم تجهيز الزهراء ( ) فإنّما قد أملى ذلك عليها عوامل أساسيّة.



أوّلها ـ الإلتزام بمبدأ الأُخوة الإسلامية الذي يفرض مشاركة المسلم لأخيه المسلم ،
فراقكِ أعظم الاشياء عندي
*
وفقدكِ فاطـم أدهى الثكول
سابكي حسرةً وأنوح شجواً
*
على خلًّ مضى أسنى سبيل
ألا يا عين جودي وأسعديني
*
فحزني دائم أبكيخليلي


ويمضي من الليل شطره ، فيأمر عليٌّ ( ) بحملها إلى مثواها ، فيحملها عليٌّ والحسن والحسين وعقيل وعمّار والزُّبير وأبو ذرّ وسلمان والمقداد وبريدة وجماعة آخرون من بني هاشم بعد الصّلاة عليها ، ويعدُّون لها قبراً في بيتها وينزلها عليٌّ ( ) فيه وبعد أن ينفض يديه من تراب القبر تهيج به الحسرة ويرسل دموعه على شفير قبرها ، وهو يقول :

« السلام عليكَ يا رسول الله عنّي وعن ابنتك النازلة في جوارك والسّريعة اللحاق بك ، قلّ يا رسول الله عن صفيّتك صبري ورقّ عنها تجلُّدي ، ألا إنّ لي في التأسّي بعظيم فرقتك وفادح مصيبتك موضع تعزًّ ، فلقد وسدتك في ملحودة قبرك وفاضت بين نحري وصدري نفسك ، فإنا لله وإنّا إليه راجعون. فلقد استرجعت الوديعة وأُخذت الرّهينة ، أمّا حزني فسرمد ، وأمّا ليلي فمسهّد إلى أن يختار الله لي دارك التي أنت بها مقيم ، وستنبئك ابنتك فأحفها السُّؤال واستخبرها الحال ، هذا ولم يطل العهدُ ولم يخلف الذّكر ، والسّلام عليكما سلام مودّع لا قالٍ ولا سئم ، فإن أنصرف فلا عن ملالة وإن أُقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصّابرين ... »


بهذه الكلمات الطافحة بالالآم يودّع عليٌّ ( ) زهراءه الحبيبة ، إنّها كلمات تهزُّ النُّفوس وتخفق لها القلوب وتدمع العيون ؛ إنّها الكلمات الحارّة ، كلمات الأسى التي تعلوها الشكوى للقائد محمد ( ) مما آل إليه أمر عليًّ وأمر الزّهراء بعد أبيها.


ولم يجد عليٌّ ( ) عزاءً غير أن يتأسّى بمصابه الأول ، بمصاب الحبيب محمد ( ) لأنّ مصيبة افتقاد محمد أشدّ وقعاً في نفس عليّ ( ) من افتقاد فاطمة ( ) ولذا وجد في مصابه بمحمد خير معوانٍ له على مصابه الجديد ، ولكنّه يقرن هذا التاسّي المرّ بحزن دائم وليل مسهّد لا تنطفىء فيه نار اللوعة والحسرات أبداً ، حتّى يلتحق بأحبّائه في دار الخلود.
ويفارق عليٌّ ( ) قبر الصّدّيقة الطّاهرة ، ولكن بعد أن أعلن أنّه يودّع القبر لا عن سأم ولا كراهية ، ولا ملل ، ولكنّه استجابة لتعليم الرّسالة بالتزام الصبّر ، ويفارق وهو أشدُ ما يكون ثقة بأنّ ربّه سيلحقه بدار الخلود مع محمد ( ) وزهرائه الطّاهرة ( ).







رد مع اقتباس