|
أديب وشاعر
|
|
|
|
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
صفوان بيضون
المنتدى :
صفوان بيضون
ظاهرة انتشار التشيع (45)
بتاريخ : 26-Apr-2010 الساعة : 05:28 PM

اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
ظاهرة انتشار التشيع
الحلقة (45)
خاتمة
قانون إعطاء الله جوهرة الولاية وسلبها
هذا مالاحظناه من أسباب التشيع والتحول إلى المذهب الحق والإسلام الحقيقي ، مذهب أهل بيت النبوة الطاهرين صلوات الله عليهم ، إذ أن الإسلام هو التشيع والتشيع هو الإسلام ، وأهل البيت (ع) أئمته وقادته.
وقد استقرأنا هذه الأسباب من دراسة أعداد كبيرة من الذين استبصروا ، من كتبهم ومقالاتهم ومحاضراتهم ، ومن لقاءاتنا بهؤلاء الإخوة الأبرار الذين اختارهم الله تعالى وشرفهم بنور ولاية أهل البيت(ع) فركبوا سفينتهم ، وبدؤوا حياة جديدة ، بروح جديدة ، وفكر جديد ، ونهج قويم ، حياة يملؤها الأمل أن ينتشر الدين الحق في أرجاء المعمورة ، ويورث الله الأرض لعباده الصالحين .
وينبغي أن نلفت إلى أن بعض الأسباب تبدو متداخلة ، ولكنها عملياً مختلفة ، كما قد توجد أسباب أخرى ، تسبب بمفردها أو متعاونة مع غيرها أن يدخل المسلم في مذهب أهل البيت (ع) ، أو يسلك طريقاً يؤدي به إلى ذلك .
وقد لاحظنا أن كرامة الاستبصار تأتي لمن يستحقها بعناية ربانية ، ولا نستطيع تفسير بعض الحالات بغير تلك العناية ، مثل قصة استبصار كويتي حاقد على الشيعة مرض طفله وعجز عنه الأطباء ، فساقته المقادير سوقاً على كره منه لمعالجته في إيران ، ثم ذهب بسبب بكاء زوجته إلى مشهد الإمام الرضا على كره منه وهو يقول لزوجته هذا شرك ، هذا لا يجوز ، وحدثت له معجزة الشفاء من المرض الميؤوس علاجه بالوثائق الطبية ، ورأى بأم عينه ما بهره وأدخله في مذهب أهل البيت (ع) ، ولما رجع بابنه إلى بريطانيا وفحصه الدكتور المشرف على علاجه انبهر لزوال مرضه نهائياً ، وسأله أين عالجته فأخبره أنه زار الإمام الرضا ودعا الله تعالى وتوسل به ،فطلب منه أن يعطيه تلفون الدكتور رضا ليتعلم منه !
وأمثال هذه الحالة كثير ، وهي تحتاج إلى كتاب مستقل يجمع قصص المستبصرين الذين هم حجة على مجتمعاتهم .
إن الهداية نعمة من الله سبحانه وتعالى ينعم بها على من يشاء من عباده ، وما على الإنسان إلا التوجه المخلص لله تعالى حتى يريه الحق حقاً ويريه الباطل باطلاً ، وقد تكفل البارئ عز وجل للمجاهدين فيه أن يهديهم إلى سبله فقال : ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [1].
و من ملاحظاتنا لحالات المستبصرين ، نتيقن أن الهداية عطاء إلهي يختص به من يشاء فيمهد له أسبابه ، ويفتح له أبوابه ، وقد يكون طريقه قصيراً جداً مثل ذلك الفلسطيني الذي انفتح عقله وقلبه لآية فاستبصر ، وكان يقول أنا تشيعت من آية واحدة ولم أقرأ كتاباً ! إن الله تعالى يقول : ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسيِنَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) [2].
فالذين يكرههم اليهود أكثر شئ هم المؤمنون بحكم الله تعالى ، وأنا أشهد أنهم أكثر ما يكرهون الشيعة فهم المؤمنون ، وأريد أن أكون منهم !
وقد يكون الطريق متوسطاً كطريق العبيدي البغدادي ، الذي كان يعمل صحفياً بإدارة عدي بن صدام ، فعميت عينه فجأة ، فأرسله عدي إلى مركز ابن الهيثم الطبي في بغداد ، وبعد الفحوصات اتفق الدكاترة على أن عصبه البصري أصيب ولا فائدة من العلاج ، وقالوا إنه بعد شهرين يفقد العين الثانية !
فوصفوا له امرأة علوية فزارها ومسحت على عينه بحجر عليه ماء ، وأرسلته إلى النجف وعلمته أن يتوسل بأمير المؤمنين (ع) فتوسل به ورد الله عليه بصره ، قال ثم أخذ الله يفتح لي أبواب ولاية أهل البيت (ع) ، فأحسوا به في المؤسسة الصحفية الحكومية أنه يميل إلى الشيعة ، فأمره عدي أن يكتب مقالاً في مدح صدام ، فهرب إلى الأردن قبل سقوط صدام ببضع سنوات ، ثم سافر إلى اليمن ، ثم إلى الدانمارك ، وفي كل بلد كان الله يفتح له باباً من المعرفة ، حتى شرح الله صدره بولاية أهل البيت (ع) .
وقد يكون الطريق طويلاً كطريق المحامي الأردني أحمد حسين يعقوب ، قال : إن بحثي ومطالعاتي استمرت أربع عشرة سنة ، وكان سببها أني كنت شاباً سنياً متديناً وأسست حركة أنصار السنة وذهبت إلى الحج في شبابي ، وكنت مغرماً بالنبي (ص) فكنت في مسجده (ص) أمسح جبيني وخدودي على أرضه و أقول : هنا داست أقدام سيدي ومولاي رسول الله (ص) وأبكي ! ثم أمسح جبيني وخدودي وأقول : هنا داست أقدام سيدي ومولاي أبو بكر الصديق وأبكي ، ثم افعل ذلك و أقول : هنا داست أقدام سيدي ومولاي عمر الفاروق وأبكي !
وكان معنا معلم عادي فقال لي : يا أحمد .. النبي .. آمنا .. لكن هؤلاء أصحابه الذين كانوا يكيدون لبعضهم وقتلوا بعضهم مالك بهم ؟
قال : فزرع في قلبي بكلمته حبة حنطة ، ثم أخذت أفكر فيها فصارت سنبلة ، وقلت في نفسي : لا بد أن أفهم ما جرى بينهم وما فعلوه في حياة النبي (ص) و بعده !
وبدأت أقرأ و أفكر ، ثم أقرأ و أفكر، مدة أربعة عشر عاماً ، حتى وصلت إلى يقين بما فعله بعض الصحابة مع النبي’في حياته فخططوا لأخذ خلافته ، ومنعوه أن يكتب كتاباً يكون عهداً لأمته !
ثم ماذا فعلوا عند وفاته ، وكيف عزلوا أهل بيته (ع) و أبعدوهم عن الحكم واضطهدوهم ! فصرت في صلاتي أبكي لظلامة النبي (ص) وأهل بيته المطهرين !
وقال يوماً : لقد وصلت إلى نتيجة التشيع قبل أن أرى شيعياً واحداً ، وقد كنت أول الأمر لا أحب أن أقرأ لعلماء الشيعة ، وأنفر من كتبهم ، ثم قلت في نفسي : لا بد أن أقرأ لهم لأعرف ماذا يقولون ، فكنت أقرأ و أتعجب ولم أستسلم يوماً لما يقوله علماء الشيعة ، حتى أبحث الموضوع بنفسي في مصادر السنة الأصلية ، لكن الحق غلاب ، وجوهر التشيع بديهي ، لكن بنوا دونه في مصادر التاريخ والحديث سدوداً وجبالاً وأسواراً عالية من حديد ، والله يعلم كم عانيت لعبور ذلك !
لقد كان طريق هذا المستبصر العالم طويلاً لكن نتيجته كانت عميقة ، فقد أعطاه الله يقيناً وبصيرة بولاية أهل البيت (ع) يقل نظيرها في الشيعة ، وكتبه العشرون شاهدة على ما نقول .
لكن الله تعالى ما كان ليعطيه جوهرة الولاية ، لو لم يكن قلبه طاهراً يصلح لحلولها فيه ! فإن بعض الناس تعب كما تعب هو ، ولكنه عاد بخفي حنين !
فقد كان الدكتور علي عبد الرازق عندما يُسأل عن مذهبه يقول : إني ما زلت أبحث عن المذهب ، ولعلي أختار مذهب أهل البيت (ع) .
وبعد سنين طويلة سأله أحدهم : أين صرت في أمر المذهب يا دكتور ؟
قال له : آه ، ذكرتني تلك الليلة التي لم أنم فيها حتى الصباح ! ليلتها توصلت إلى ما فعله فلان مع رسول الله (ص) و مع أهل بيته الطاهرين ، وأخذت أفكر وأفكر فوجدت أنه يستحق العقاب الأليم ، وبما أني أحبه كثيراً ، فقد أخذت أبكي عليه وأخاطبه لماذا فعلت كذا مع رسول الله ؟ لماذا فعلت كذا مع علي ؟ لماذا فعلت كذا مع فاطمة الزهراء ؟ وأبكي عليه ، حتى طلع الفجر وصليت ونمت !
وتبقى مصيبة هذا الدكتور أسهل من مصيبة غيره ، ممن سلب ولاية أهل البيت (ع) بسبب إمعانه في المعاصي أعاذنا الله :
فقد قال الإمام الصادق (ع) : (قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : ما من عبد إلا وعليه أربعون جنة ، حتى يعمل أربعين كبيرة ، فإذا عمل أربعين كبيرة انكشفت عنه الجنن ، فيوحي الله إليهم أن استروا عبدي بأجنحتكم فتستره الملائكة بأجنحتها ، قال : فما يدع شيئاً من القبيح إلا قارفه حتى يمتدح إلى الناس بفعله القبيح ، فيقول الملائكة : يا رب هذا عبدك ما يدع شيئاً إلا ركبه ، وإنا لنستحيي مما يصنع ، فيوحي الله عز وجل إليهم أن ارفعوا أجنحتكم عنه ! فإذا فعل ذلك أخذ في بغضنا أهل البيت ! فعند ذلك ينهتك ستره في السماء وستره في الأرض ، فيقول الملائكة : يا رب هذا عبدك قد بقي مهتوك الستر ! فيوحي الله عز وجل إليهم : لو كانت لله فيه حاجة ما أمركم أن ترفعوا أجنحتكم عنه ) [3].
[1]- سورة العنكبوت، آية69
[2] - سورة المائدة ، آية 82
[3] - الكافي ، الشيخ الكليني :2/279
... يتبع ...
|
|
|
|
|