منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - قصص عن بهلول0000000000000
عرض مشاركة واحدة

رياض ابو طالب
الصورة الرمزية رياض ابو طالب
مشرف سابق
رقم العضوية : 7302
الإنتساب : Dec 2009
الدولة : دمشق جوار السيدة زينب عليها السلام
المشاركات : 566
بمعدل : 0.10 يوميا
النقاط : 209
المستوى : رياض ابو طالب is on a distinguished road

رياض ابو طالب غير متواجد حالياً عرض البوم صور رياض ابو طالب



  مشاركة رقم : 9  
كاتب الموضوع : رياض ابو طالب المنتدى : ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
افتراضي
قديم بتاريخ : 29-Apr-2010 الساعة : 01:01 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


السلام عليكم
* السماك والخليفة *
تغيرت أجواء قصر الخليفة يوم العيد، حيث الخوان الكثيرة والأطعمة المتعددة والشراب المنوع.. كان كل من يدخل القصر ذلك اليوم، يأكل ويشرب ويقضي وطرا بالفرح والسرور.. وكان الخليفة في تلك الأيام - أيام العيد - غارقا في غروره وتباكر، وهو يعطي ويهب الصلات والأموال الكثيرة لمن يحب ويريد.
كان هارون الرشيد جالسا على عرشه وإلى جانبه زوجته زبيدة، وهي جالسة أيضا على كرسي مرصع بالجواهر، وهما يلعبان الشطرنج.. وإلى أسفل منهما الخوان والموائد، التي ملئت وغاصت بالأطعمة والأشربة الكثيرة والمتنوعة، وكان جميع من حضر المجلس في فرح وسرور.. وقد حف المجلس خدم كثيرون، وفي أيديهم موائد الطعام، حتى إذا خلت إحدى تلك الموائد وضعوا أخرى مكانها.
دخل بهلول يوم العيد قصر الخليفة، فطلب هارون منه الجلوس على مائدة الطعام.. لكنه رفض وجلس ناحية من المجلس، وفي تلك الأثناء دخل البواب فقال : يا أمير المؤمنين، في الباب سماك يطلب إذن الدخول عليك.. أجابه هارون وهو ينظر إلى طاولة الشطرنج : ماذا يفعل السماك هنا، وما يريد منا؟.. فإنه لا بد أن يكون الآن على نهر دجلة.
قال البواب : إنه جاء كم بسمك سمين، ويرد أن يصل إلى خدمتكم بنفسه.
أجاز هارون للسماك الدخول، لأن ذلك اليوم كان عيدًا، ويدخل فيه الناس على الخليفة يهنئونه به.. فلما دخل السمّاك، وقدم ما جاء به من سمك إلى هارون.. تعجب هارون كثيرا، فإنه لم يكن ير من قبل ذلك اليوم مثل ذلك السمك في حجمه.. عظم السماك هارون وهو ينتظر الأجر على ذلك لينصرف، فأمر هارون للسماك بأربعة آلاف درهم أجرا على ذلك السمك.
اعترضت زبيدة على المبلغ الذي أعطاه زوجها هارون للسماك، وقالت : ألا تعتقد أن ما أعطيته السماك، كان أكثر مما يستحقه؟..
نظر هارون لزبيدة وقال : لماذا تعترضين على عطائنا؟!..
أجابته زبيدة : إن هذه الأيام أيام عيد، يأتي فيها الوجوه والأعيان والقادة وأعضاء الدولة، وهم يرجون منك الصلات والعطاء.. وها أنت قد أعطيت لهذا السماك مثل هذا المبلغ، فإنك لن تستطيع أن تعطي أحدا أقل مما أعطيته للسماك.. وإلا قالوا : لم يقم أمير المؤمنين لنا وزنا، بل لسنا عنده بمنزلة سماك.
ألهى هارون نفسه بالشطرنج، وذهنه مشغوول بما قالت زبيدة.. ولما عرفت زبيدة أن لكلامها وقعا في نفس هارون، عاودت الكلام فقالت : إن الأمير يعلم جيدا، أنه لو أراد العطاء بمثل هذا المبلغ، لم يبق في الخزينة شيء.
بقي هارون أسير فعله، وهو لا يعلم ما يفعل، قال : وكيف أستطيع أن استرد ما وهبته، فإنك تعلمين أن ذلك يضر بسمعتي؟..
فكرت زبيدة ثم قالت : إن سمح لي أمير المؤمنين، أن أفصح ما يختلج في ذهني، أفصحت به؟..
فاجابها قائلا : قولي، فإني أحب أن أسمع ما تقترحيه؟..
قالت : ادع السماك واسأله : أذكر سمكه أم أنثى؟..
قال هارون : فإن أجاب بأنه ذكر أو أنثى، ما ينفعنا ذلك؟..
قالت : إن قال : ذكر هو، قل : أنا لا أحب الذكور من السمك، وإن قال : أنثى، قل : لا أحب الإناث من الأسماك.. ثم استرجع ما وهبته إياه بهذه الذريعة.
كان بهلول قريبا من الخليفة وزوجته، وسمع حوارهما، فقال : أيها الأمير، اترك السماك وشأنه، ولا يخدعك هذا الكلام.
لم يعتن هارون لكلام بهلول، لأنه كان يحترم زبيدة زوجته كثيرا، فأمر بإحضار السماك.. رجع السماك فرحا إلى داره، وقد علق على ما أخذه من الدراهم الآمال الطويلة العريضة، وأنه ماذا يفعل بها.. واذا به كذلك حتى نودي من خلفه : أن ارجع إلى القصر، فإن الأمير أمر بإحضارك.
حضر السماك بين يدي الخليفة، فسأله ما اقترحت عليه زبيدة، فقال : هل السمك الذي اصطدته من الذكور أم من الإناث؟..
تبسم السماك - وهو مبهوت لما سمع - إذ ماذا يمكن أن يقول، وهل يمكن أن يعرف أحد ذكور السمك من إناثه؟.. اقترب في هذه اللخظات بهلول من السماك، وهمس بكلمات لم يسمعها أحد غير السماك، ثم انصرف عنه وقال : إن هذا السمك ليس من الذكور ولا الإناث ؛ إنه من الخناثى.
تعجب هارون من جواب السماك، وبقي مبهوتا لما أعجبه من ذكاء السماك.. فأراد أن ينتهز الفرصة في امتهان زوجته، فقال للسماك : أحسنت، أحسنت بما أجبت!.. ثم أمر له بأربعة آلاف درهم أخرى.. طلب السماك الاذن بالانصراف، فأذن له الرشيد بالانصراف، ونظر الى زبيدة نظرة ازدراء وسخرية.
كانت صرتا الدراهم في يد السماك، وكان قد هم بالخروج، فإذا بدرهم منها سقط على الأرض انحنى السماك ليأخذه من الأرض، فرأته زبيدة وقالت لزوجها : انظر جشع هذا السماك!.. بيده ثمانية آلاف درهم، ومع ذلك لا يتمكن من التجاوز عن درهم واحد منها.
أمر هارون بإحضار السماك مرة أخرى، ليأخذ ما في يده من الدراهم.
قال بهلول لهارون : اتركه وشأنه!..
فلم يعر لكلام بهلول أهمية، وتغافل عنه كأنه لم يسمع شيئا، وأمر بإحضار السماك.. فلما رجع السماك قال هارون بغضب : بيدك ثمانية آلاف درهم، فإذا سقط واحد منها، انحنيت لتأخذه؟..
أدرك السماك بأن هارون يريد استرجاع ما وهبه إياه، بأي حجة، فانحنى أدبا ثم قال : إني أريد بذلك تقدير الأمير ؛ لأن على أحد وجهي هذا الدرهم آيات من الكتاب العزيز، وعلى الوجه الآخر منه اسم أمير المؤمنين.. فإن تركته، داسته الأقدام ؛ وكان ذلك إهانة لكتاب الله، ولاسم أمير المؤمنين.
أعجب هارون كلام السماك، فأمر بأربعة آلاف أخرى له.. ثم نهض من كرسيه، وسوى ظهره ثم قال لبهلول : يقول الناس بأنك مجنون، لكني أشد جنونا منك!.. فقد نصحتني بترك ما فعلت مع السماك، فلم أقبل منك، وأخذت بكلام هذه المرأة.
***********************************

رد مع اقتباس