منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - شرح الزيارة الجامعه الكبيرة
عرض مشاركة واحدة

منتظرة المهدي
عضو
رقم العضوية : 421
الإنتساب : Sep 2007
الدولة : طيبة الطيبة
المشاركات : 5,448
بمعدل : 0.85 يوميا
النقاط : 0
المستوى : منتظرة المهدي is on a distinguished road

منتظرة المهدي غير متواجد حالياً عرض البوم صور منتظرة المهدي



  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : منتظرة المهدي المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 14-Jun-2010 الساعة : 03:19 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم




ومنتهى الحلم


والحليم هو الذي لا يستنفره الغضب ، والحلم عن الشيء يكون فيما إذا صفح عنه وسَتَر عليه .
وأهل البيت () قد بلغوا الغاية والنهاية في تلك الصفة الربّانية الكريمة ; والإنسان حينما يلاحظ حلمهم () وكظم غيظهم إلى جانب قدرتهم الربّانية ، وجلالة قدرهم الواقعية ، يدرك أنّهم قد بلغوا غاية الحلم ونهايته حتّى فاقوا الأنبياء في ذلك : فيكونون هم الموصوفون بمنتهى الحلم كما في هذه الزيارة الشريفة والموسومون بملأ الحلم كما في حديث عبدالعزيز بن مسلم جاء فيه توصيف الإمام () بقوله :
« ... شرف الأشراف والفرع من عبد مناف ، نامي العلم ، ملأُ الحلم

مضطلع بالإمامة ... » .
وتلاحظ حلمهم العظيم في سيرتهم الغرّاء كحلم أمير المؤمنين وكظم غيظه () في يوم الدار أمام هتك الحرمات التي إرتكبه الأعداء ممّا تلاحظها بالتفصيل في كتاب سليم بن قيس الهلالي .
ومثل حلم الإمام المجتبى () مع الرجل الشامي كما في حديث المبرّد وابن عائشة بأنّ شاميّاً رآه راكباً فجعل يلعنه والحسن () لا يردُّ ، فلمّا فرغ أقبل الحسن () فسلّم عليه وضحك فقال : « أيّها الشيخ أظنّك غريباً ولعلّك شبّهت ، فلو استعتبتنا أعتبناك ، ولو سألتنا أعطيناك ، ولو إسترشدتنا أرشدناك ، ولو إستحملتنا أحملناك ، وإن كنت جائعاً أشبعناك ، وإن كنت عرياناً كسوناك ، وإن كنت محتاجاً أغنيناك ، وإن كنت طريداً آويناك ، وإن كان لك حاجة قضيناها لك ، فلو حرّكت رحلك إلينا ، وكنت ضيفنا إلى وقت إرتحالك كان أعود عليك ، لأنّ لنا موضعاً رحباً وجاهاً عريقاً ومالا كثيراً .
فلمّا سمع الرجل كلامه ، بكى ثمّ قال : أشهد أنّك خليفة الله في أرضه ، الله أعلم حيث يجعل رسالته ، وكنت أنت وأبوك أبغض خلق الله إليّ والآن أنت أحبّ خلق الله إليّ ، وحوّل رحله إليه ... » .
وكذلك حلم الإمام زين العابدين () عن جاريته التي جعلت تسكب عليه الماء ليتهيّأ للصلاة فسقط الإبريق من يدها فشجّه فرفع () رأسه إليها ، فقالت

له الجارية : إنّ الله يقول : (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ) .
فقال لها : كظمت غيظي .
قالت : (وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ) .
قال : عفى الله عنك .
قالت : (وَاللهُ يُحِبُّ الُْمحْسِنِينَ) .
قال : فاذهبي فأنت حرّة لوجه الله .
وهكذا حلم الإمام الصادق () في حديث حفص بن أبي عائشة قال : بعث أبو عبدالله () غلاماً له في حاجة فأبطأ ، فخرج أبو عبدالله () على أثره لمّا أبطأ ، فوجده نائماً ، فجلس عند رأسه يروّحه حتّى انتبه ، فلمّا تنبّه قال له أبو عبدالله () : يافلان ، والله ما ذلك لك ، تنام الليل والنهار ، لك الليل ولنا منك النهار » .
وأيضاً حلم الإمام الكاظم () في حديث معتب قال : كان أبو الحسن موسى () في حائط له يصرم فنظرت إلى غلام له قد أخذ كارة من تمر ، فرمى بها وراء الحائط ، فأتيته وأخذته وذهبت به إليه ، فقلت : جعلت فداك إنّي وجدت هذا وهذه الكارة .
فقال للغلام : يافلان .

قال : لبّيك .
قال : أتجوع ؟
قال : لا ياسيّدي .
قال : فتعرى ؟
قال : لا ياسيّدي .
قال : فلأي شيء أخذت هذه ؟
قال : إشتهيت ذلك .
قال : إذهب فهي لك وقال : خلّوا عنه .
وقد شهد بحلمهم حتّى من خالفهم فلاحظ ما ذكره ابن أبي الحديد المعتزلي في حلم أمير المؤمنين () ، قال :
(وأمّا الحلم والصفح فكان أحلم الناس عن ذنب وأصفحهم عن مسيء) ثمّ ذكر شواهد ذلك في موارد كثيرة فراجع .
واعلم : أنّ في نسخة البلد الأمين يوجد بعد قوله : « ومنتهى الحلم » قوله () : « ومأوى السكينة ... » أي أنّهم () تأوي السكينَة إليهم وتنزل عليهم ، وهي الطمأنينة والوقار والأمنة .







وَاُصُولَ الْكَرَمِ


الاُصول جمع الأصل وهو أساس الشيء ، وما يكون منه الشيء .
والكرم ضدّ اللؤم ، وهو في اللغة صفة لكلّ ما يُرضى ويُحمد ويُحسَن ، ولذلك يعبّر عن الصفات الحسنة جميعها بمكارم الأخلاق .

وأهل البيت سلام الله عليهم هم الأصل والأساس في هذه السجيّة الطيّبة .
وفسّر كرمهم الأصيل بتفاسير ثلاثة كلّها متوفّرة لديهم وكاملة فيهم وهي :
الأوّل : الجود في العطاء وعدم البخل ، فيكون الكريم بمعنى الجواد المعطي ، وأصالة كرمهم تفوّقهم في هذا الجود كما تلاحظه في سيرتهم الحسنة ، وكلّ واحد من أهل البيت () كان جواداً معطاءً كما تلمسه في أدوار حياتهم الكريمة .
ففي حديث المناقب أنّه وفد أعرابي المدينة فسأل عن أكرم الناس بها ، فدُلّ على الحسين () فدخل المسجد فوجده مصلّياً فوقف بازائه وأنشأ :

لم يخب الآن من رجاك ومن أنت جواد وأنت معتمد لولا الذي كان من أوائلكم

حرّك من دون بابك الحَلَقة أبوك قد كان قاتلَ الفَسَقة كانت علينا الجحيم منطبِقَة

قال : فسلّم الحسين وقال : ياقنبر هل بقى من مال الحجاز شيء ؟
قال : نعم أربعة آلاف دينار .
فقال : هاتها قد جاء من هو أحقّ بها منّا ; ثمّ نزع برديه ولفّ الدنانير فيها وأخرج يده من شقّ الباب حياءً من الأعرابي وأنشأ :

خذها فإنّي إليك معتذر لو كان في سيرنا الغداة عصا لكنّ ريب الزمان ذو غير

واعلم بأنّي عليك ذو شفقة أمست سمانا عليك مندفقة والكفّ منّي قليلة النفقة

قال : فأخذها الأعرابي وبكى .
فقال له () : لعلّك استقللت ما أعطيناك .
قال : لا ولكن كيف يأكل التراب جودك . وهو المروي عن الحسن بن علي (عليهما السلام) أيضاً .
الثاني : جميع أنواع الخير والشرف والفضائل الحسنة فيكون الكريم بمعنى الشريف ذي الخير والفضيلة ...
ففي حديث عبدالعزيز بن مسلم في صفة الإمام () : « مخصوص بالفضل كلّه من غير طلب منه له ولا إكتساب ، بل إختصاص من المفضل الوهّاب » .
الثالث : ما احتمله العلاّمة المجلسي ووالده أعلى الله مقامهما ، من أن يكون المراد كونهم أسباب ووسائل كرم الله تعالى في الدنيا والآخرة ، حيث أنّه بيمنهم رزق الورى وببركتهم تكون الدرجات العُلى .
ويتمسّك لهذا المعنى الثالث بحديث الإمام العسكري () « ... فنحن ليوث الوغى ، وغيوث الندى وطعّان العدى ، وفينا السيف والقلم في العاجل ، ولواء الحمد والحوض في الآجل ، وأسباطنا حلفاء الدين وخلفاء النبيّين ، ومصابيح الاُمم ومفاتيح الكرم ، فالكليم اُلبس حلّة الإصطفاء لمّا عهدنا منه الوفاء ، وروح القدس في جنان الصاقورة ذاق من حدائقنا الباكورة ، وشيعتنا الفئة الناجية والفرقة الزاكية صاروا لنا رِدءً وصوناً ، وعلى الظلمة إلباً وعوناً » .



وَقادَةَ الاُْمَمِ


القادة جمع قائد وهو الأمير والرئيس ومن يقود ، يقال : قوّاد أهل الجنّة أي الذين يسبقونهم ويجرّونهم إلى الجنّة .
والاُمم جمع الاُمّة بمعنى الخلق ، واُمّة كلّ نبي أتباعه ، ويُطلق على الجماعة أيضاً ، بل يطلق على الشخص الواحد الجامع للخير المقُتدى للناس ، ومنه قوله عزّ إسمه : (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً للهِِ) .
وأهل البيت سلام الله عليهم قادة الاُمم بكلّ معنى الكلمة ، وفسّر بتفسيرين :
التفسير الأوّل : أنّهم () الرؤساء الحقيقيون المحقّون في العالم لجميع الأنام ، كما في دعاء الاستئذان المتقدّم : « الذين إصطفيتهم ملوكاً لحفظ النظام ، وإخترتهم رؤساء لجميع الأنام ، وبعثتهم لقيام القسط في إبتداء الوجود إلى يوم القيامة ، ثمّ مننت عليهم بإستنابة أنبيائك لحفظ شرائعك وأحكامك ، فأكملت باستخلافهم رسالة المنذرين كما أوجبت رياستهم في فطر المكلّفين » .
فيقودون جماعات هذه الاُمّة إلى معرفة الله تعالى وطاعته بالهداية في الدنيا ، والإيصال إلى الدرجات العليا بالشفاعة في الآخرة .
ويستفاد هذا المعنى من حديث أبان ، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد (عليهما السلام) قال : « إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش : أين خليفة الله في أرضه ؟ فيقوم داود النبي () ، فيأتي النداء من عند الله عزّوجلّ : لسنا إيّاك أردنا وإن كنت لله تعالى خليفة ; ثمّ ينادي ثانية : أين خليفة الله في أرضه ؟ فيقوم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب () ، فيأتي النداء من قبل الله عزّوجلّ :
يامعشر الخلائق هذا علي بن أبي طالب خليفة الله في أرضه ، وحجّته على عباده ، فمن تعلّق بحبله في دار الدنيا فليتعلّق بحبله في هذا اليوم يستضيء بنوره ، وليتبعه إلى الدرجات العلى من الجنّات ; قال : فيقوم الناس الذين قد تعلّقوا بحبله في الدنيا فيتّبعونه إلى الجنّة .
ثمّ يأتي النداء من عند الله جلّ جلاله : ألا من إئتمّ بإمام في دار الدنيا فليتبعه إلى حيث يذهب به ، فحينئذ تبرّأ الذين اتُّبعوا من الذين اتَّبعوا ورأوا العذاب وتقطّعت بهم الأسباب وقال الذين اتَّبعوا لو أنّ لَنا كرّةً فنتبرّأ منهم كما تبرّؤوا منّا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار » .
التفسير الثاني : أنّهم () يقودون في الآخرة جميع الاُمم حتّى الاُمم السابقة بالشفاعة الكبرى ، والقيادة إلى الجنان العليا .
ويستفاد هذا المعنى من حديث المفضّل الجعفي جاء فيه : « ... قال أبو عبدالله () : ما من نبي وُلد من آدم إلى محمّد صلوات الله عليهم إلاّ وهم تحت لواء محمّد () ... » .
وحديث جابر أنّه قال لأبي جعفر () : جعلت فداك يابن رسول الله حدّثني بحديث في فضل جدّتك فاطمة إذا أنا حدّثت به الشيعة فرحوا بذلك .
قال أبو جعفر () : « حدّثني أبي ، عن جدّي ، عن رسول الله () قال : إذا كان يوم القيامة نصب للأنبياء والرسل منابر من نور ، فيكون منبري أعلى منابرهم يوم القيامة ، ثمّ يقول الله : يامحمّد اخطب ، فأخطب بخطبة لم يسمع أحد من الأنبياء والرسل بمثلها .
ثمّ ينصب للأوصياء منابر من نور ، وينصب لوصيّي علي بن أبي طالب في أوساطهم منبر من نور ، فيكون منبره أعلى منابرهم ، ثمّ يقول الله : ياعلي اخطب ، فيخطب بخطبة لم يسمع أحد من الأوصياء بمثلها .
ثمّ ينصب لأولاد الأنبياء والمرسلين منابر من نور ، فيكون لإبنيَّ وسبطيَّ وريحانتي أيّام حياتي منبر من نور ، ثمّ يقال لهما : اخطبا ، فيخطبان بخطبتين لم يسمع أحد من أولاد الأنبياء والمرسلين بمثلها .
ثمّ ينادي المنادي وهو جبرئيل () : أين فاطمة بنت محمّد ؟ أين خديجة بنت خويلد ؟ أين مريم بنت عمران ؟ أين آسية بنت مزاحم ؟ أين اُمّ كلثوم اُمّ يحيى بن زكريّا ؟ فيقمن .
فيقول الله تبارك وتعالى : ياأهل الجمع لمن الكرم اليوم ؟
فيقول محمّد وعلي والحسن والحسين : لله الواحد القهّار .
فيقول الله تعالى : ياأهل الجمع إنّي قد جعلت الكرم لمحمّد وعلي والحسن والحسين وفاطمة ، ياأهل الجمع طأطأوا الرؤوس وغضّوا الأبصار ، فإنّ هذه فاطمة تسير إلى الجنّة ; فيأتيها جبرئيل بناقة من نوق الجنّة مدبّحة الجنبين ، خطامها من اللؤلؤ الرطب ، عليها رحل من المرجان ، فتناخ بين يديها فتركبها ،

فيبعث الله مائة الف ملك ليسيروا عن يمينها ، ويبعث إليها مائة ألف ملك ليسيروا عن يسارها ، ويبعث إليها مائة ألف ملك يحملونها على أجنحتهم حتّى يصيّروها على باب الجنّة .
فإذا صارت عند باب الجنّة تلتفت .
فيقول الله : يابنت حبيبي ما التفاتك وقد أمرت بك إلى جنّتي ؟
فتقول : ياربّ أحببت أن يعرف قدري في مثل هذا اليوم .
فيقول الله : يابنت حبيبي ارجعي فانظري من كان في قلبه حبّ لك أو لأحد من ذرّيتك خذي بيده فأدخليه الجنّة .
قال أبو جعفر () : والله ياجابر إنّها ذلك اليوم لتلتقط شيعتها ومحبّيها كما يلتقط الطير الحبّ الجيّد من الحبّ الرديء ، فإذا صار شيعتها معها عند باب الجنّة يلقي الله في قلوبهم أن يلتفتوا ، فإذا التفتوا يقول الله : ياأحبّائي ما التفاتكم وقد شفّعت فيكم فاطمة بنت حبيبي ؟
فيقولون : ياربّ أحببنا أن يعرف قدرنا في مثل هذا اليوم .
فيقول الله : ياأحبّائي ارجعوا وانظروا من أحبّكم لحبّ فاطمة ، انظروا من أطعمكم لحبّ فاطمة ، انظروا من كساكم لحبّ فاطمة ، انظروا من سقاكم شربة في حبّ فاطمة ، انظروا من ردّ عنكم غيبة في حبّ فاطمة فخذوا بيده وأدخلوه الجنّة .
قال أبو جعفر () : والله لا يبقى في الناس إلاّ شاكّ أو كافر أو منافق ، فإذا صاروا بين الطبقات نادوا كما قال الله تعالى : (
فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ * وَلاَصَدِيق حَمِيم) فيقولون : (فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) .
قال أبو جعفر () : هيهات هيهات منعوا ما طلبوا (وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) .
هذه قيادتهم () في الاُخرى بل هم يقودون الاُمم في الدنيا أيضاً إلى حوائجهم ، بالتوسّل بأنوارهم المقدّسة كما يستفاد من حديث علي بن الحسن بن فضّال ، عن أبيه ، عن الإمام الرضا () قال : « لمّا أشرف نوح () على الغرق دعا الله بحقّنا فدفع الله عنه الغرق .
ولمّا رمي إبراهيم في النار دعا الله بحقّنا فجعل الله النار عليه برداً وسلاماً .
وإنّ موسى لمّا ضرب طريقاً في البحر ، دعا الله بحقّنا فجعله يبساً .
وإنّ عيسى لمّا أراد اليهود قتله ، دعا الله بحقّنا فنجّي من القتل فرفعه إليه » .
وغيره من الأحاديث في باب أنّ دعاء الأنبياء إستجيب بالتوسّل والإستشفاع بهم صلوات الله عليهم .




وأولياء النعم





أولياء جمع ولي وهو الأولى والأحقّ الذي يلي التدبير .
والنعم جمع نِعمة بكسر النون : ما يتنعّم به الإنسان .
والنعم جمع شامل لجميع النعم وهي :


الف) : النعم الظاهرة : أي التي تكون مرئية في السماء والأرض وما بينهما ممّا نشاهدها .
(ب) : النعم الباطنة : أي التي لا تكون مرئية ولكنّها نِعم معنوية مدرَكة كالمعرفة والإيمان ، والصفات الحسنة والكمالات النفسيّة التي ندركها .
(ج) : النعم الاُخروية : أي التي يُتفضّل بها في الحياة الآخرة كالكوثر والشفاعة والدرجات الرفيعة .
هذه نعم الله تعالى التي تفضّل بها علينا ظاهرة وباطنة دنياً وآخرة .
قال عزّ إسمه : (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً) كما تلاحظ بيانها وتفسيرها في مثل حديث عبدالله بن عبّاس وجابر بن عبدالله الأنصاري ... أتينا رسول الله () في مسجده في رهط من أصحابه إلى قولهما في الحكاية عن رسول الله () : « وقد أوحى إلىَّ ربّي جلّ وتعالى أن اُذكّركم بالنعمة ، وأُنذركم بما اقتصّ عليكم من كتابه . وتلا (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ) (الآية) .
ثمّ قال لهم : قولوا الآن قولكم ، ما أوّل نعمة رغّبكم الله فيها وبلاكم بها ؟
فخاض القوم جميعاً . فذكروا نعم الله التي أنعم عليهم وأحسن إليهم بها من المعاش والرياش والذرّية والأزواج إلى سائر ما بلاهم الله عزّوجلّ من أنعمه الظاهرة .
فلمّا أمسك القوم أقبل رسول الله () على علي () فقال : ياأبا الحسن ،

قل فقد قال أصحابك .
فقال : فكيف لي بالقول ؟ فداك أبي واُمّي وإنّما هدانا الله بك .
قال : ومع ذلك فهات ، قل ما أوّل نعمة أبلاك الله عزّوجلّ وأنعم عليك بها ؟
قال : أن خلقني جلّ ثناؤه ولم أك شيئاً مذكوراً .
قال : صدقت ، فما الثانية ؟
قال : أن أحسن بي إذ خلقني ، فجعلني حيّاً لا مواتاً .
قال : صدقت ، فما الثالثة ؟
قال : أن أنشأني فله الحمد في أحسن صورة وأعدل تركيب .
قال : صدقت ، فما الرابعة ؟
قال : أن جعلني متفكّراً داعياً لا بلهة ساهياً .
قال : صدقت ، فما الخامسة ؟
قال : أن جعل لي شواعر أدرك ما ابتغيت لها . فجعل لي سراجاً منيراً .
قال : صدقت ، فما السادسة ؟
قال : أن هداني الله لدينه ولم يضلّني عن سبيله .
قال : صدقت ، فما السابعة ؟
قال : أن جعل لي مردّاً في حياة لا انقطاع لها .
قال : صدقت ، فما الثامنة ؟
قال : أن جعلني ملكاً مالكاً لا مملوكاً .
قال : صدقت ، فما التاسعة ؟
قال : أن سخّر لي سماءه وأرضه وما فيهما وما بينهما من خلقه .

قال : صدقت ، فما العاشرة ؟
قال : أن جعلنا سبحانه ذكراناً قوّاماً على حلائلنا لا إناثاً .
قال : صدقت ، فما بعدها ؟
قال : كثرت نعم الله ، يانبيّ الله ، فطابت وتلا : (وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا) .
فتبسّم رسول الله () وقال : ليهنئك الحكمة ، ليهنئك العلم ، ياأبا الحسن . فأنت وارث علمي والمبيّن لاُمّتي ما اختلفت فيه من بعدي .
من أحبّك لدينك وأخذ بسبيلك ، فهو ممّن هُدي إلى صراط مستقيم ، ومن رغب عن هواك وأبغضك لقى الله يوم القيامة لا خلاق له .
وحديث جابر قال : قرأ رجل عند أبي جعفر () (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً) .
قال : أمّا النعمة الظاهرة فهو النبي () وما جاء به من معرفة الله عزّوجلّ وتوحيده .
وأمّا النعمة الباطنة فولايتنا أهل البيت وعقد مودّتنا ، فاعتقد والله قوم هذه النعمة الظاهرة والباطنة ، واعتقدها قوم ظاهرة ولم يعتقدوا باطنة ، فأنزل الله (يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ) ففرح رسول الله عند نزولها إذ لم يتقبّل الله تعالى إيمانهم إلاّ بعقد ولايتنا ومحبّتنا » .
فأهل البيت سلام الله عليهم أجمعين بأنفسهم من نعم الله عزّوجلّ ، بل هم من أعاظم النعم .
كما أنّ بيُمنهم تدبّر النعمة لنا ، وببركتهم تحصل سعادتنا وفوزنا ، وبجودهم تنال الدرجات الرفيعة والمقامات المنيعة .
فيكونون أولياء النعم الفاخرة ، وأصحاب الجود والكرم لجميع الموجودات في الدنيا والآخرة .
وتلاحظ هذه الجهات بوضوح في الأحاديث الشريفة كحديث الكساء الشريف المتقدّم .
وحديث مروان بن صباح قال : قال أبو عبدالله () : « إنّ الله خلقنا فأحسن صورنا ، وجعلنا عينه في عباده ، ولسانه الناطق في خلقه ، ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة ، ووجهه الذي يؤتى منه ، وبابه الذي يدلّ عليه وخزّانه في سمائه وأرضه ، بنا أثمرت الأشجار ، وأينعت الثمار ، وجرت الأنهار ، وبنا ينزل غيث السماء ، وينبت عُشب الأرض ، وبعبادتنا عبد الله ، ولولا نحن ما عبد الله» .
وحديث الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين () : ما بال أقوام غيّروا سنّة رسول الله () وعدلوا عن وصيّه ؟ لا يتخوّفون أن ينزل بهم العذاب ، ثمّ تلا هذه الآية : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ) ثمّ قال : نحن النعمة التي أنعم الله بها على عباده ، وبنا يفوز من فاز يوم القيامة .
وروى العياشي باسناده في حديث طويل قال : سأل أبو حنيفة أبا عبدالله () عن هذه الآية (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذ عَنِ النَّعِيمِ) .
فقال : ما النعيم عندك يانعمان ؟
قال : القوت من الطعام والماء البارد .
فقال : لئن أوقفك الله بين يديه يوم القيامة حتّى يسألك عن كلّ أكلة أكلتها أو شربة شربتها ليطولنّ وقوفك بين يديه .
قال : فما النعيم جعلت فداك ؟
قال : « نحن أهل البيت النعيم الذي أنعم الله بنا على العباد ، وبنا ائتلفوا بعد أن كانوا مختلفين ، وبنا ألّف الله بين قلوبهم ، وجعلهم إخواناً بعد أن كانوا أعداء ، وبنا هداهم الله للإسلام ، وهي النعمة التي لا تنقطع ، والله سائلهم عن حقّ النعيم الذي أنعم به عليهم ، وهو النبي () وعترته () »