في محراب علي(10)
ويبقى اللغز
أميرَ العلا إنّي أتيتك سائلاً
فهلاّ أجبتَ العقلَ عن سؤله المُرّ
++++++++++++++++++++++++++++++++
وكانت بساتيني بنعماك أزهرتْ
سوى بعض أغصانٍ تعصّتْ على الهصر (115)
++++++++++++++++++++++++++++++++
تُرى أنت محرومٌ فلم ترتضِ الطوى (116)
أو العيش مقصوراً على بُلَّغ البُرّ (117)
++++++++++++++++++++++++++++++++
إذا حلَّ يومُ البذخ شُوهدتَ باذخاً
بماء على ماءٍ ونزر من التمر
++++++++++++++++++++++++++++++++
ومِنْ دارك السمحاء كم عاد سائلٌ
فأولمَ للأطفال والكلب والهرّ
++++++++++++++++++++++++++++++++
وعن بيت مال المسلمين ردَدْتَهُم
جميعاً وذو حاجٍ إليه كذي وَفر (118)
++++++++++++++++++++++++++++++++
وتنصِبُ ميزاناً لدى كلِّ شهوةٍ
وتفرض آداباً على الخِصب والعُقر (119)
+++++++++++++++++++++++++++++++
نعيت لربات الحجال حُظوظَها (120)
وساويتها في الرّوع بالولد الغِرّ (121)
++++++++++++++++++++++++++++++++
وقُلْتَ عليها إنها الشرُّ كُلُّه
وشرُّ الذي فيها احتياج إلى الشرّ
++++++++++++++++++++++++++++++++
أما كانت الأزواج والأمُّ في النسا
فكيف بلا عقلٍ يكنَّ ولا برّ ؟
++++++++++++++++++++++++++++++++
معاذك لم تقصدْ سوى ذات مرأةٍ
أو أنّك أنت الفردُ في سرِّك الدهري
++++++++++++++++++++++++++++++++
سألتكَ صفحاً ما قصدْتُ بمنطقي
مروقاً أنا ابن البيت يا شارحَ الصَدر (122)
++++++++++++++++++++++++++++++++
يقول سواك القولَ قد أحتفي بهِ
ولكنّني المغرورُ إن قُلت والمُغري
++++++++++++++++++++++++++++++++
فقولك سيفٌ لا تُردُّ نصالُه
وهل سلَّ يوماً ذو الفقار ولمْ يبر ؟
++++++++++++++++++++++++++++++++
وما همّت الأسياف بل همَّ من نضا (123)
يُشرّف أو يُخزي السيوفَ أخو الشّهر (124)
++++++++++++++++++++++++++++++++
وإنك ذاك المركزُ الجاذبُ الورى
فلا منك مهروبٌ ولا بِهمُ تزري (125)
++++++++++++++++++++++++++++++++
محبة هذا الناس عندكَ نبعُها
وعائدةٌ يوماً إلى نبعها الثَرّ (126)
++++++++++++++++++++++++++++++++
على دروب النهج
ولمْ لا وأنت "النهجُ" ساغ مواعداً
وساغ وعيداً ، في الخيار وفي القَسر
++++++++++++++++++++++++++++++++
إذا انداح طيبُ النهج فهو موائدٌ
غراب ، وسكبُ الراح في شعشع الدُرّ (127)
+++++++++++++++++++++++++++++++
وتحويمُ تيجانٍ ، ورقص صوالجٍ
وتطريبُ أبكارِ على أربُع خُضر (128)
++++++++++++++++++++++++++++++++
وتكبير كبّارِ ورُجْعى خلائقٍ
إلى ربّها معفورةَ الرأس والصدر
++++++++++++++++++++++++++++++++
وإن طنَّ سيف النهج أو رنَّ سهمُه
فكلُ سهام القولٍ رُدّت إلى النحر
++++++++++++++++++++++++++++++++
إخالُ الألى مدّوا إليك مدارجاً
لإدراك كنه الشعر أو بَجْدَةِ النثر (129)
++++++++++++++++++++++++++++++++
بظلِّ بروج النهج أهوتْ دراجُهُم
كإهواء بُرج الشرك في الأزمن الغُبر (130)
++++++++++++++++++++++++++++++++
كلامٌ كوجه السَعدِ طارف لفظِه
وتالدُه كالكنز في أمنعِ الجُزر (131)
++++++++++++++++++++++++++++++++
يُريك بلا حَصْرٍ عجيباً من الرؤى
ويُسمع فذَّ النغْم أيضاً بلا حصر
++++++++++++++++++++++++++++++++
وتأخذُك الآيات بعضٌ على المدى
وبعضٌ إلى الفردوس فالعرش فالسدر (132)
++++++++++++++++++++++++++++++++
كأن بنى التركيب رفٌ بأجنحٍ
وضربٌ من الأرياح ترفُقُ بالسَّفر (133)
++++++++++++++++++++++++++++++++
يحار بها المأسورُ هل كان أسرُهُ
من النغمِ المسحور أم شدّة الأسر (134)
++++++++++++++++++++++++++++++++
مقاصير للنجوى بها تُحرمُ الرؤى
كما يُحرمُ العبّاد في هيكل السحر
++++++++++++++++++++++++++++++++
هو النهج معراجٌ جديدٌ إلى السما
بل "النهج" معراجٌ إلى قلبك العذري (135)
++++++++++++++++++++++++++++++++
وما النهج والقرآن إلا تلازماً
وإن يكنِ القرآنُ أنأى عن الشعر (136)
++++++++++++++++++++++++++++++++
وما عجبٌ فالعارفون توافقوا
على أنه ظِلُّ الألوهة في القدر
++++++++++++++++++++++++++++++++
وفي النهج أشياءُ الأناجيل جملةً
وليس يحار المرءُ في الملهم السرّي
++++++++++++++++++++++++++++++++
بيانك لم ينهضْ لكشف بيانها
ولكنه النقاشُ يخلُدُ في الصخر
++++++++++++++++++++++++++++++++
بعينيْ أُفَدّي النهجَ إني ربيبُهُ
فوَجدٌ كلا وجدٍ ، ودُرٌ كلا دُرّ
++++++++++++++++++++++++++++++++
تتبّعته والله حتى رأيتني
مليكَ ملوك الفكر والكلمِ البِكر
++++++++++++++++++++++++++++++++
فأنت بقصر القول وحدَك ربُّهُ
وكلُّ ملوك القول من خدَم القصر
++++++++++++++++++++++++++++++++
116- الطوى : الجوع .
117- بُلَّغ : جمع بُلْغة ، وهي ما يكفي من العيش ولا يفضل ، والبُرّ : القمح .
118- حاج : جمع حاجة ، وفر : غنى .
119- العُقْر : عدم الإنجاب .
120- ربّات الحجال : النساء .
121 - الرَوْع : الحرب .
122- المروق من الدين : الخروج منه ببدعة أو ضلالة .
123- نضا السيف : استلّه من غمده .
124- الشَهْر : المصدر من شَهَرَ السيف أي رفعه استعداداً للضرب .
125- الورى : الخلق ، تزري : أزرى به ووضع من حقّه .
126- الثَرّ : الغزير المياه .
127- الراح : الخمر ، والتي يرتاح صاحبها إذا شربها .
128- تحويم : تحليق واستدارة .
129- بجدة الشيء : حقيقته .
130- الدراج : جمع الدرَج ، وهي مراتب بعضها فوق بعض كالسلّم ، الغُبْر : جمع أغبر ، وهو الذاهب والمنقضي .
131- الطارف : الجديد ، والتالد : القديم .
132- السدر : شجرة النبق ، وهوهنا سدرة المنتهى ، أي الشجرة التي على يمين العرش في معتقد المؤمنين .
133- السفر : المسافرون ، وهي حمع مسافر ، مثل صحب جمع صاحب .
134- شدة الأسر : قوة التعبير وبلاغته .
135- معراج : مصعد أو سلم .
... يتبع ...