منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - شروط تفسير القرآن الكريم
عرض مشاركة واحدة

منتظرة المهدي
عضو
رقم العضوية : 421
الإنتساب : Sep 2007
الدولة : طيبة الطيبة
المشاركات : 5,448
بمعدل : 0.85 يوميا
النقاط : 0
المستوى : منتظرة المهدي is on a distinguished road

منتظرة المهدي غير متواجد حالياً عرض البوم صور منتظرة المهدي



  مشاركة رقم : 5  
كاتب الموضوع : منتظرة المهدي المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 01-Aug-2010 الساعة : 02:09 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واللعن عدوهم .


3-تفسيرالقرآن بالقرآن

إنّ القرآن الكريم يصف نفسه بأنّه تبيان لكلّ شيء و يقول: (وَنَزّلنا عَلَيْكَ الكِتاب تِبْياناً لِكُلِّ شَيْء) فهل يصحّ أن يكون مبيّناً لكلّ شيء ولا يكون تبياناً لنفسه إذا كان فيه إجمال؟

هذا من جانب ، ومن جانب آخر انّ القرآن تناول موضوعات مهمّة في سور متعددة لغايات مختلفة، فربما يذكر الموضوع على وجه الإجمال في موضع ويفسره في موضع آخر، فما أجمله في مكان فقد فصّله في موضع آخر، وما اختصر في مكان فإنّه قد بسط في آخر، و بذلك يمكن رفع إجمال الآية الأُولى بالآية الثانية، كيف وقد وصفه سبحانه بقوله: (اللّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَديثِ كِتاباً مُتشابهاً مَثَانِيَ) فإنّ المراد من المتشابه هو تشابه معاني الآيات بعضها مع بعض وتسانخها وتكرر مضامينها بقرينة قوله «مثاني»، و بذلك يظهر انّ رفع إجمال الآية بنظيرتها شيء دعا إليه القرآن الكريم لكن بعد الإمعان والدقة فيه. ولنضرب لذلك مثالاً:

يقول سبحانه في وصف تعذيب قوم لوط: (وَأَمْطرنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِين) ربما يتصوّر القارئ انّهم عذبوا بالمطر الغزير الذي يستعقب السيل الجارف فغُرِقوا فيه، ولكن في آية أُخرى أتى سبحانه ما يرفع إبهام الآية فقال:



وَأَمطرنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيل) فصرّح بأنّهم أُمطروا مطر الحجارة فهلكوا بها، كما أهلك أصحاب الفيل بها كما قال سبحانه: (تَرْمِيهِمْ بِحِجارَة مِنْ سِجِّيل) . ولنأت بمثال آخر:يقول سبحانه في حقّ اليهود: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَل مِنَ الْغَمامِ وَالمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأُمُور) فظاهر الآية انّهم كانوا ينتظرون مجيء اللّه تبارك وتعالى في ظلل من الغمام ولكن الآية الأُخرى ترفع الإبهام وانّ المراد مجيء أمره سبحانه يقول:(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُون).



4. الحفاظ على سياق الآيات

إنّ من أهمّ وظائف المفسر الحفاظ على سياق الآيات الواردة في موضوع واحد; فتقطيع الآية بعضها عن بعض، والنظر إلى الجزء دون الكل لا يعطي للآية حقّها في التفسير، فالآيات الواردة في موضوع واحد على وجه التسلسل كباقة من الزهور تكمن نظارتها وجمالها في كونها مجموعة واحدة، وأمّا النظر التجزيئي إليها فيسلب ذلك الجمال والنظارة منها، حتى أنّ بعض الملاحدة دخل من ذلك الباب فحرّف الآية من مكانها وفسّرها بغير واقعها، ولنأت بمثال:


إنّه سبحانه تبارك و تعالى يخاطب بني آدم بخطابات ثلاثة أو أكثر في بدء الخلقة، أي بعد هبوط آدم إلى الأرض، فخاطب أولاده في تلك الفترة بالخطابات

التالية، وقال:

1. (يَا بَني آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُواري سَوْءاتِكُمْ وَريشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللّه لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ).

2. (يا بَني آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُريَهُما سَوْءاتِهِما إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنّا جَعَلْنا الشَّياطينَ أَوْلياءَلِلَّذينَ لا يُؤْمِنُونَ).

3. (يا بَنِي آدَمَ إِمّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتي فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).


فقد احتجّ من ينكر الخاتمية بالآية الأخيرة على أنّه سبحانه يرسل الرسول بعد رحيل النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ بشهادة هذه الآية التي نزلت على النبي، أعني: (يا بني آدم إمّا يأتينّكم رسل منكم...) .

والمسكين فسّر القرآن بالرأي وبرأي مسبق، حيث فَصَلَ هذه الآية عمّا تقدّمها من الآيات التي تحكي خطاب اللّه سبحانه في بدء الخليقة وانّه سبحانه في تلك الفترة خاطب بني آدم بهذه الآية، فلو كان النبي يتلو هذه الآية، فإنّما يحكي خطاب اللّه سبحانه في ذلك الأوان لا في عصر رسالته وحياته، ويكفي في ذلك مراجعة المجموعة التي هذه الآية جزء منها في سورة الأعراف من الآية 19 إلى الآية 36، فالجميع بسياق واحد ونظم فارد يحكي خطاب اللّه في بدء الخليقة لا خطابه سبحانه في عهد الرسول، وهذا ما دعانا إلى التركيز بأنّ حفظ السياق أصل من أُصول التفسير.



وما ذكرنا من لزوم الحفاظ على سياق الآيات لا يعني انّ القرآن الكريم كتاب بشري يأخذ بالبحث في الموضوع فإذا فرغ عنه يبتدئ بموضوع آخر دائماً، وإنّما المراد انّ الحفاظ على سياق الآيات إذا كان رافعاً للإبهام وكاشفاً عن المراد لا محيص للمفسِّر من الرجوع إليه، ومع ذلك فإنّ القرآن الكريم ليس كتاباً بشرياً ربما يطرح في ثنايا موضوع واحد موضوعاً آخر له صلة بالموضوع الأصلي ثمّ يرجع إلى الموضوع الأوّل، وإليك شاهدين:


إنّ القرآن يبحث في سورة البقرة عن أحكام النساء، مثل المحيض والعدّة والإيلاء وأقسام الطلاق من الآية 222 إلى 240، ومع ذلك فقد طرح موضوع الصلاة في ثنايا هذه الآيات، يعني من آية 237 إلى 238، ثمّ أخذ بالبحث في الموضوع السابق، وإليك صورة إجمالية ممّا ذكرنا، يقول سبحانه:

(وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالمَعْرُوف).

ويستمر في البحث في الموضوع بشقوقه المختلفة ويقول:


(وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْفَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَريضَة...) .


وقبل أن يُنهي الكلام في الموضوع شرع بالأمر بالصلاة والحفاظ عليها وبالخصوص الصلاة الوسطى ويقول:



(حافِظُوا عَلى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الوُسْطى وَقُومُوا للّهِ قانِتين).
(فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكباناً فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللّهَ كَماعلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُون).
ترى أنّه انتقل من الموضوع الأوّل إلى موضوع آخر، وهو الحفاظ على الصلوات وتعليم كيفية صلاة الخوف، ثمّ بعد ذلك نرى أنّه رجع إلى الموضوع الأوّل وقال:

وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيةً لأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلى الحَوْل...) .وأمّا ما هو الحافز إلى بيان حكم الصلاة، قبل إنهاء أحكام المرأة فهو موكول إلى علم التفسير.



نموذج آخر

أخذ الوحي في تبيين مكانة نساء النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ والمهمات الثقيلة الملقاة على عاتقهن، وابتدأ به في سورة الأحزاب من الآية 28 وختمها بالآية 35 ، ومع ذلك طرح في ثنايا هذا الموضوع موضوعاً آخر باسم طهارة أهل البيت من الرجس.

يقول سبحانه:

(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَياةَ الدُّنيا وَزِينَتها...) .
ويقول:

(وَقَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجاهِليةِ الأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللّهَ وَرَسُولَه).
وقبل أن يُنهي البحث حول أزواج النبي حتى قبل أن يكمل تلك الآية، أخذ بالبحث حول أهل البيت على نحو يكون صريحاً انّ المراد منهم غير أزواج النبي وقال:

(إِنَّما يُريدُ اللّهُ لِيُذهِبَ عَنْكُمُ الرِّجسَ أَهْلَ البَيتِ وَيُطهِّركُمْ تَطهِيراً) .
ثمّ رجع إلى الموضوع الأوّل و قال:

(واذكُرْنَ ما يُتلى في بُيُوتِكُنَّ من آياتِ اللّهِ والْحِكْمَةِ) .

وأمّا الدليل على أنّه لا صلة لآية التطهير بنساء النبي هو لفظ الآية، أي تذكير ضمائرها «عنكم» ، «يطهركم» وغير ذلك من القرائن المتصلة والمنفصلة التي تقرأها على وجه التفصيل في موسوعتنا«مفاهيم القرآن» الجزء الخامس.

على أنّ لحن الآيات في نساء النبي هو لحن التنديد والتخويف بخلاف هذه الآية فانّ لحنها لحن التمجيد والثناء.


فأين قوله سبحانه: (يا نِساء النَّبيّ مَن يَأْتي مِنْكُنَّ بِفاحِشة مُبيّنة) من قوله سبحانه: (إِنّما يُريد اللّه لِيذهِبَ عَنْكُمُ الرِّجس أَهل البَيت)؟!

وأمّا الصلة بين الموضوعين فإليك بيانه:



إنّه سبحانه خاطب نساء النبي بالخطابات التالية، وقال:

1. (يا نِساءَ النَّبِىِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَة مُبَيِّنَة يُضاعَفْ لَها الْعَذابُ ضِعْفَيْن) .

2. (يا نِساءَ النَّبِيّ لَسْتُنَّ كَأَحَد مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ...) .

3. (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِليَةِ الأُولى) .



فعند ذلك صحّ أن ينتقل إلى الكلام عن أهل البيت الذين أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، وذلك لوجهين:



1. تعريفهنّ على جماعة بلغوا في الورع والتقوى، الذروةَ العليا; وفي الطهارة عن الرذائل والمساوئ، القمةَ. وبذلك استحقوا أن يكونوا أُسوة في الحياة وقدوة في مجال العمل، فيلزم عليهن أن يقتدينّ بهم ويستضيئنّ بضوئهم.

2. التنبيه على أنّ حياتهنّ مقرونة بحياة أُمّة طاهرة من الرجس ومطهّرة من الدنس، ولهنّ معهم لحمة القرابة ووصلة الحسب، واللازم عليهنّ الحفاظ على شؤون هذه القرابة بالابتعاد عن المعاصي والمساوئ، والتحلّـي بما يرضيه سبحانه، ولأجل ذلك يقول سبحانه : (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء)، وما هذا إلاّ لقرابتهنّ منه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ وصلتهنّ بأهل بيته. وهي لا تنفك عن المسؤولية الخاصة، فالانتساب للنبي الأكرم ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ولبيته الرفيع، سبب المسؤولية ومنشؤها، وفي ضوء هذين الوجهين صحّ أن يطرح طهارة أهل البيت في أثناء المحاورة مع نساء النبي والكلام حول شؤونهن.



ولقد قام محقّقو الإمامية ببيان مناسبة العدول في الآية ، نأتي ببعض تحقيقاتهم، قال السيد القاضي التستري: لا يبعد أن يكون اختلاف آية التطهير مع ما قبلها على طريق الالتفات من الأزواج إلى النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ وأهل بيته ـ عليهم السَّلام ـ على معنى أنّ تأديب الأزواج وترغيبهن إليالصلاح والسداد، من توابع إذهاب الرجس والدنس عن أهل البيت ـ عليهم السَّلام ـ .


يتــــبع


رد مع اقتباس