[ياعلي مدد]

اقتباس بس عندي سؤال أرض فدك ألم يرجعها معاوية ابن يزيد بعد تخليه عن الخلافة؟

بسمه تعالى

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم


لم تكن فدك قرية صغيرة من الناحية المادية، بل كانت ذات قيمة مادية عالية ، وتشيرالقرائن المتعددة الى مدى ضخامة المورد الاقتصادي لفدك



فدك قرية من قرى الحجاز تبعد عن المدينة مسيرة يومين او ثلاثة ، تقع قرب خيبر التي كانت من اكبر القرى اليهودية . وكان يسكن فدك طائفة من اليهود حتى السنة السابعة من الهجرة حيث قذف الله تعالى قلوب اهلها بالرعب بعد سقوط خيبر بيد المسلمين مما ادى الى خضوعهم للحكم الاسلامي


بما ان فدك قد اخذت بمصالحة وليست هي غنيمة حرب فبهذا تكون ملكا خاصا للنبي (ص) لانها مما لم يوجف عليها بخيل او ركاب كما هو صريح قوله تعالى ( وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء ) .

ابا بكر استطاع ان ينتزع فدك ويمنع الزهراء(ع) حقها.. وهكذا بقيت فدك تحت تصرفه الى حين وفاته .

ثم ولي عمر الخلافة واخرج اليهود منها ، فأصبحت فدك بذلك بتمامها في يد المسلمين .

وفي عهد عثمان اقطعها مروان بن الحكم ، وكانت بني أمية قد تولت مقاليد الامور في خلافة عثمان التي عم فيها الفساد مما ادى الى الانقلاب عليه ..


ولما ولي معاوية بن ابي سفيان الخلافة أقطع مروان بن الحكم ثلثها وعمر بن عثمان ثلثها ويزيد ابنه ثلثها الاخر، وبذلك يكون قد أرضى أصحاب المطامع ولم يجعلها لشخص واحد على نحو الاستقلال حتلى لا يتقوى بها وتكون في غير صلاح معاوية..

وفي عهد مروان بن الحكم خلصت كلها له ، ثم وهبها لابنه العزيز ، ثم صفت لابنه عمر بعد ان ورثها هو واخوته فاشترى حصصهم منهم وردها على ولد فاطمة(ع) ترجمة لسياسته في رد المظالم ، الا ان هذا التصرف لم يرق للقوم فابقى على الاصل وصرف نتاجها على ذرية الزهراء (ع) ولعل تصرف عمر ابن عبد العزيز كان لتنفيس الاحتقان العلوي ومحاولة لمحو الصورة السيئة التي اتصف بها بنو أمية..

ومن ثم انتزعها يزيد بن عبد الملك من اولاد فاطمة(ع) فصارت في ايدي بني مروان حتى انقرضت الخلافة الاموية.


بعد ان انقرضت الدولة الأموية وتسلم العباسيون الحكم وتقلد ابو العباس السفاح الخلافة رد فدك على عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن ابي طالب (ع) لاسكات بني فاطمة ..

ثم قبضها ابو جعفر المنصور من بني الحسن وقضى على ثورتهم .

وفي عهد المهدي ردها على الفاطميين .

ثم قبضها موسى بن المهدي من ايديهم ، وبقيت في ايدي العباسيين حتى خلافة المأمون فردها الاخير على الفاطميين .

وفي عهد المتوكل انتزعها من الفاطميين واقطعها عبد الله بن عمر البازيار
وكان من ضمنها احدى عشرة نخلة غرسها رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) بيده الكريمة ،
فوجه عبد الله بن عمر البازيار رجلا يقال له بشران بن ابي امية الثقفي الى المدينة فصرم تلك النخيل ثم عاد ففلج .

ولما تولى المنتصر الحكم بعد ابيه أراد ان يمتص نقمة بني هاشم فأمر برد فدك الى ولد الحسنين (ع) .

وعند هذا الحد ينتهي تاريخ فدك المضطرب ..حيث كان الحكام مع فدك بين اخذ ورد حسب الظروف السياسية فتارة لتحسين صورة خلافتهم وتارة اخرى لتنفيس الاحتقان العلوي الهاشمي.. وهكذا كانت سياسة الحكام الاستفادة من فدك في الموارد التي تضطرهم فيها الظروف الى دفع فدك الى ولد فاطمة(ع) .. وكان الائمة (ع)يعرفون هذا الواقع لذا لم يعهد من أحد انه قبل باسترجاع فدك عندما اراد الحكام ذلك لعلمهم ان السياسة فرضت عليهم ذلك ، ولما في ذلك من تفكيك الرابطة بين فدك وبين الخلافة وهو ما سعت الزهراء(ع) للحيلولة دون حصول ذلك ..


الموضوع اخطر واكبر من قطعة ارض..
لقد اراد اولئك القوم السيطرة على مراكز القيادة والنفوذ وضربوا عرض الحائط كلام الله واحاديث الرسول ووضعوا الاحاديث الكاذبة..
وهذه بادرة خطيرة في حياة الدولة الاسلامية، تلك الدولة التي خاض النبي (ص) من اجل تحقيقها نضالا مريرا وتحملا الاذى والمشقات في سبيل اقامتها على اساس الحق والعدل..فمن هنا كانت صرخة الزهراء وثورتها (ع) تهدف الى تعديل امة انقلبت على اعقابها بعد شهادة نبيها والى استرداد كرسي الخلافة لمستحقها وهذا ما يظهر واضحا من خطبتها ..


عندما حاول هارون ان يرجع فدك الى الامام الكاظم
قال له الامام (ع) :انه لا يأخذها الا بحدودها فقال هارون : وما حدودها ؟
قال له الامام(ع) :ان حددتها لم تردها
فاقسم عليه هارون بحق جده الا فعل
حينها قال له الامام (ع):
اما الحد الاول فعدن ، والحد الثاني سمرقند ، والحد الثالث افريقيا ، والرابع سيف البحر.
فتغير وجه هارون وقال للامام :فلم يبق لنا شيئ.
قال له الامام (ع):قد اعلمتك اني ان حددتها لم تردها.
وهذه اشارة رمزية من الامام (ع) بأن فدك هي رمز الخلافة ..



من كتاب فدك والطامعون عبرالتاريخ