منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - إن شيبني الله...
الموضوع: إن شيبني الله...
عرض مشاركة واحدة

طاهر العاملي
الصورة الرمزية طاهر العاملي
حــوزوي
رقم العضوية : 5
الإنتساب : Mar 2007
الدولة : جبل عامل ـ لبنان / قم المقدسة ـ ايران
المشاركات : 51
بمعدل : 0.01 يوميا
النقاط : 10
المستوى : طاهر العاملي is on a distinguished road

طاهر العاملي غير متواجد حالياً عرض البوم صور طاهر العاملي



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي إن شيبني الله...
قديم بتاريخ : 01-Oct-2010 الساعة : 11:29 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة على أعدائهم أجمعين، من الأولين والآخرين، إلى قيام يوم الدين.

واما بعد..

لقد روي ان جابر بن عبد الله الأنصاري وهو من أكابر الصحابة جاء الإمام الباقر إلى عياته ليزوره في مرضه يوما فسئله الإمام الباقر عن حاله فقال جابر:

أعيش والشيب أحب إلى من الشباب، والمرض من الصحة، والموت من الحياة.

فقال الإمام الباقر :

إما انا فان شيبني الله تعالى فالشيب أحب إلي، وان شببني فالشباب أحب إلي، وان أمرضني فالمرض أحب، وان صححني فالصحة، وان أماتني فالموت، وان احياني فالحياة..

فقبل جابر وجه الإمام الباقر وقال:

صدق رسول الله حيث اخبرني: بأنك تلاقى من أولادي من يبقر العلم بقرا كما يبقر الثور الأرض..

وقد ذكرت هذه الرواية لأقول:

إن الله سبحانه أعرف بمصالح العباد ومفاسدهم وبأسباب السعادة والشقاء ولا يشذ عن علمه شئ، أن الله يختار لكل عبد ما يصلحه..

فمنهم من يصلحه الغنى..

ومنهم من يصلحه الفقر..

ومنهم من يصلحه الصحة..

ومنهم من يصلحه البلاء..

ومنهم من يصلحه السلطان..

ومنهم من يصلحه الحرمان..

ونذكر حديثاً رواه البهائي رحمه الله في أربعينه بسنده عن داود بن سليمان عن الإمام أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أمير المؤمنين :

قال: قال رسول الله قال الله عز وجل:

«يا بني آدم، كلكم ضال إلّا من هديت..

وكلكم عائل إلّا من أغنيت..

وكلكم هالك إلّا من أنجيت..

فاسألوني أكفكم وأهدكم سبيل رشدكم..

وإنّ من عبادي من لا يصلحه إلّا الفقر(1) ولو أغنيته لأفسده ذلك..

وإنّ من عبادي من لا يصلحه إلّا الغنى، ولو أفقرته لأفسده ذلك(2)..

وإنّ من عبادي من لا يصلحه إلّا الصحة، ولو أمرضته لأفسده ذلك..

إنّ من عبادي من لا يصلحه إلّا المرض، ولو أصححت جسمه لأفسده ذلك..

وان من عبادي لمن يجتهد في عبادتي وقيام الليل لي فألقي عليه ال نظراً مني إليه فيرقد حتى يصبح، ويقوم حين يقوم وهو ماقت لنفسه، زارٍ عليها(3)، ولو خلّيت بينه وبين ما يريد لدخله العجب بعمله، ثم كان هلاكه في عجبه ورضاه عن نفسه، فيظن أنه قد فاق العابدين باجتهاده، وجاز حد المقصّرين(4) فيتباعد بذلك مني وهو يظن أنه تقرّب(5) إليّ..

ألا فلا يتكلن العاملون على أعمالهم وإن حَسُنَتْ، ولا ييأس المذنبون من مغفرتي لذنوبهم وإن كثرت، لكن برحمتي فليَثِقوا، ولفضلي فليرجعوا، وإلى حسن نظري فليطمئنوا، وذلك أني أبر عبادي بما يصلحهم وأنا بهم لطيف خبير».

أما إذا قيل: إننا كثيراً ما نشاهد الغني يطغيه الغنى، والفقير يؤدي به الحال إلى الكفر، والمبتلى يكفر لأنّ الله ابتلاه، ومع ذلك فإنّ قارون كان مؤمناً فلما أغناه الله بغى على النبي موسى وكفر، وفرعون آتاه الله الملك والسلطان فإدّعى الألوهيّة وقال: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾(6)، فكيف نقول هنا: إن الله يختار لعباده ما يصلحهم?.

نقول في الجواب:

لا شك أن الله تعالى علم حالة أولئك وما يؤول أمرهم، فأعطى بعضاً وحرم بعضاً وأصحّ وابتلى، ليعتبر العاقل بهم وبأمثالهم، ويحمد الله على السلامة، ويسأله العفو والعافية، وحتى يقول الغني المؤمن حين يشاهد الكفر من الفقير المحتاج ويقول الفقير إذا شاهد البطر والطغيان من الغني الـمُـثرى، ويقول المستضعف إذا شاهد الغطرسة والكبرياء من الأمير المسلّط، ويقول المعافى الآمن إذا وجد القنوط من المبتلى والخائف، ويقول المبتلى إذا وجد الكفران من المعافى، ليقول هؤلاء كلهم: (الحمد لله الذي عافانا ممّا ابتلى فيه غيرنا ولو شاء لفعل).

ونقول أيضاً: أن الله تعالى علم حالة هولاء وأنّهم لا يؤمنون ـ على أي الحالات كانوا ـ فابتلاهم بما يزيدهم طغياناً وكفراً، ليكون ذلك زيادة في الحجّة عليهم ولأنّهم لا خير فيهم، قال تعالى: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾(7)

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

______________

(1) هكذا في مجمع البيان (الفقر)، وفي أمالي الطوسى: (الفاقة).

(2) عبارة: (وإنّ من عبادي من لا يصلحه إلّا الغنى، ولو أفقرته لأفسده ذلك)غير موجودة في مسند داود بن سليمان، وأمالي الطوسي، نعم موجودة في عوالي اللئالي.

(3) الزري: أن يزري [فلان] على صاحبه أمراً، إذا عابه وعنفه ليرجع فهو زارٍ عليه (راجع: كتاب العين للخليل الفراهيدي ج 7 ص 381).

(4) هكذا هي العبارة في مسند الرضا × لداود بن سليمان الغازي: (فيظن إنه قد فاق العابدين، وجاز باجتهاده حدّ المقصرين).

(5) في مسند داود بن سليمان وغيره: (يتقرب ) بدل (تقرب)

(6) الآية 24 من سورة النازعات.

(7) الآية 178 من سورة آل عمران.



آخر تعديل بواسطة طاهر العاملي ، 01-Oct-2010 الساعة 11:59 PM.

رد مع اقتباس