[صفوان بيضون]

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
++++++++++++++++++++++++++++++++
وظائف شاغرة
(موضوع قيم أرسله لنا مشكوراً الأخ الأستاذ ابو الزهراء الدمشقي)

الحلقة الأولى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تمهل ولا تعجل أيُّها الأخ الحبيب واقرأ بهدوء الموضوع التالي فقد يكون فيه جواباً شافياً للكثير من التساؤلات والشبهات .. بل والمواقف التي تدور حولك، بل أكثر من ذلك فقد يكون فيه تبريراً للخلاف المتأصل بين المذاهب الإسلامية منذ قرون عديدة، وقد يحمل هذا المقال في طياته بذور التقارب والتآلف والتعايش السلمي من أجل مستقبل زاهر يعود بالخير على الجميع إذا فهم كل منا كيف يفكر الآخر....

أبدأ بمثالين عن وظائف شاغرة وهمية لتقريب المطلب ثم سأدخل في الموضوع بعونه تعالى وببركة الصلاة على محمد وآل محمد. .... وستعجب بعض الشيء من بعض الكفاءات المطلوبة للوظائف التالية، ولكن تابع... فسيأتي التبرير لاحقاً:

مطلوب للعمل :

1- خادم بوفيه يتمتع بالمواصفات والكفاءات التالية:

å القدرة على صنع مختلف المشروبات الخفيفة (زهورات – شاي...)
å القدرة على تخديم عدد كبير من الزبائن دفعة واحدة.
å معرفة بالقراءة والكتابة.
å تفرغ كامل للعمل وعدم الارتباط بوظائف أخرى.
å إجازة سوق عمومية مع خبرة عشر سنوات على الطرقات الدولية.
å شهادة بهندسة المدن من جامعة معترف بها عالمياً.
å دكتوراة بعلم الحيوان من جامعة السوربون.

لا شك أن في المواصفات المطلوبة ما هو منطقي ويتناسب مع الوظيفة الشاغرة ومنها أقل ما يقال عنه بأنه لغو أو غلو فما علاقة إجازة السوق أو هندسة المدن أو علم الحيوان بصنع الشاي؟؟؟!!!....

2- مدرس لغة عربية يتمتع بالمواصفات التالية:

å إجازة في اللغة العربية من جامعة معترف بها.
å خبرة خمس سنوات بالتدريس.
å خبرة عشر سنوات في التمديدات الصحية والكهربائية.
å خبرة سبع سنوات في تجهيز المخابر والمستشفيات.
å دكتوراه بالانشطار الذري والفيزياء النووية من جامعة كامبريدج.
å إتقان خمس لغات عالمية على الأقل منها الإنكليزية والفرنسية والألمانية.

وأيضاً هنا نفس الأمر فما علاقة التمديدات الصحية أو تجهيز المستشفيات أو الفيزياء النووية بوظيفة التدريس للغة العربية فلا يوجد تناسب أبداً بين الوظيفة الشاغرة وبين المواصفات المطلوبة؟؟؟!!!......

3- خليفة سياسي لقيادة الأمة بعد رسول الله يتمتع بالمواصفات التالية :

å العدالة وحسن السيرة والتقوى.
å العلم العميق بالقانون والنصوص الشرعية.
å إمكانية الاجتهاد في غير موارد النص.
å أن يكون مثالاً وقدوة حسنة للآخرين.
å إمكانية تجييش الجيوش والدفاع عن الثغور.
å الشخصية الفريدة والمتميزة والقيادية.
å النص عليه بالاسم من قبل الله تعالى.
å إتقان جميع لغات العالم البشرية وغير البشرية.
å الاطلاع على أعمال العباد ظاهرها وباطنها.
å آباؤه وأجداده حتى آدم من الموحدين.
å عدم السهو والنسيان والخطأ، أي العصمة المطلقة منذ لحظة الولادة، وقبل استلام الخلافة وبعدها وحتى الوفاة...
å العلم بما كان وما هو كائن وما سيكون إلى يوم القيامة علماً حضورياً...
å الولاية التكوينية وولاية التصرف في جميع ذرات هذا الكون. ..
å بالإضافة لتوفر مواصفات فائقة أخرى قد لا نعلم عنها شيئاً......

فكل من يعتقد أن دور الخليفة بعد رسول الله هو دور سياسي فقط في قيادة الأمة (وقد يضاف إليه كونه قدوة حسنة للآخرين) فلاشك ولا ريب أنه عندما ينظر للمواصفات السابقة المطلوبة للخليفة فسيعتقد أن أغلبها هو محض لغو أو غلو مفرط فقيادة الأمة تحتاج لحد أدنى من العدالة والعلم والتقوى، وهذه كانت أهم المواصفات المطلوب توفرها في الولاة على الأمصار في زمن رسول الله وبعده….
فما الحاجة لأن يكون الخليفة عالماً بجميع لغات البشر وغير البشر؟
وما الداعي للعصمة؟ وإذا افترضنا جدلاً لزومها فلماذا ينبغي أن يكون الخليفة معصوماً قبل تنصيبه وبعده؟؟
وما الداعي للعلم بطرق السماء قبل الأرض بل والتصرف فيها. .........إلخ.

الإجابة في كلمة واحدة لا شك أنها أصبحت واضحة للجميع من المثالين الأوليين… وهي عدم التناسب والتناسق بين المهام والأدوار والوظائف المطلوب تأديتها من جهة، وبين الكفاءات والمواصفات المطلوبة للشخص المؤدي لها من الجهة الثانية...
وكل خلل بين الوظيفة والكفاءة سيشعر باللغو أو الغلو. وهذا ببساطة جداً هو سبب الصراع التاريخي والاتهام بالغلو والتجني على الشيعة الإمامية الجعفرية الإثني عشرية طوال التاريخ.

... يتبع ...