منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - أبعاد الحج في كلام الإمام الخميني رضوان الله عليه
عرض مشاركة واحدة

موالية صاحب البيعة
الصورة الرمزية موالية صاحب البيعة
نائب المدير العام
رقم العضوية : 4341
الإنتساب : Apr 2009
الدولة : جبل عامل
المشاركات : 3,037
بمعدل : 0.52 يوميا
النقاط : 10
المستوى : موالية صاحب البيعة is on a distinguished road

موالية صاحب البيعة غير متواجد حالياً عرض البوم صور موالية صاحب البيعة



  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : موالية صاحب البيعة المنتدى : ميزان الحج والعمرة وزيارة المعصومين (ع)
افتراضي الفصل الثالث : البعد السياسي للحج
قديم بتاريخ : 28-Oct-2010 الساعة : 12:22 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
السلام عليكم ورحمة الله

الفصل الثالث : البعد السياسي للحج
الإمام الخميني قدس سره
أهمية البعد السياسي للحج:

إن إحدى أكبر فلسفات الحج ـ القضية ـ هي البعد السياسي الذي تسعى أيادي الجناة لاقتلاعه واجتثاثه من كافة جوانبه وهم يعملون على ذلك. وللأسف إن دعايات وتبليغات هؤلاء قد أثرت على المسلمين حيث أصبح الكثيرون من المسلمين يعتبرون أنالسفر إلى الحج عبارة عن عبادة جافة وصعبة وخالية من أي تفكير بمصالح المسلمين. إن الحج منذ ذلك اليوم الذي جعل فيه لم يقلَّ بعده السياسي أهمية عن بعده العبادي أبداً، وإن البعد السياسي بنفسه عبادة، إضافة لكونه سياسة.

إن البعد السياسي لهذه المناسك العظيمة من أكثر الأبعاد المهجورة والمُغْفَلَة. وقد عمل الجناة وما زالت أياديهم الخائنة تعمل أكثر وستبقى تعمل لأجل إبقائه مهجوراً.

ومسلموا اليوم وفي هذا العصر، عصر شريعة الغاب، مكلفون أكثر من أي زمن مضى لرفع هذه الشبهات وإظهار هذا البعد.
لأن اللاعبين الدوليين ولأجل إبقاء المسلمين في غفلتهم ودائرة التخلف من جهة، وعمل عملائهم النفعيين من جهة أخرى، وغفلة الأجيال الجاهلة من ناحية وعلماء البلاط أو أصحاب الفهم المنحرف والملتوي من ناحية أخرى، والنسّاك الجاهلون من جهة
عن علم أو عن غير علم، قد وقفوا وراء بعضهم البعض لمحو هذا البعد ليعملوا فيما بعد على تقرير مصير المظلومين وتحريرهم. ينبغي على الملتزمين والواعين والذين تحترق قلوبهم لأجل غربة الإسلام وهجرانه أن يبينوا هذا البعد في أحكام الإسلام وخاصة في أحكام الحج حيث أن هذا البعد أكثر وضوحاً وتأثيراً. لينهضوا جميعاً ويسعوا لأجل ذلك من خلال أقلامهم وأحاديثهم وبياناتهم وكتاباتهم وخصوصاً في أيام موسم الحج وبعد الانتهاء من هذه المراسم العظيمة، وعودتهم إلى ديارهم وبلادهم. وبالإلتفات لهذا البعد العظيم يستطيعون تحريك الناس وتوعيتهم لأجل تحرير مظلومي العالم من ضغط أدعياء السلام الظالمين المتزايد يوماً بعد يوم.

ومن الواضح جداً أنه ما لم يتمكن المسلمون في هذا التجمع العالمي العظيم الذي يضم جميع فئات الشعوب الإسلامية المظلومة، لأي مذهب أو شعب انتموا أو أي لغة تكلموا ومن أي لون أو طبقة كانوا والذين يجتمعون جميعاً وبزي واحد ولباس متشابه، بعيداً عن الشكليات من حل المسائل الأساسية للإسلام والمسلمين ومظلومي العالم، وما لم يجلسوا مكان الحكومات المستكبرة ومتكلمي الزور سوف لن يجنوا شيئاً من الاجتماعات الصغيرة في المناطق والأقاليم وسوف لن يتهيّأ لنا الوصول إلى حلول ما.

بيت الله الحرام أوّل بيت بني للناس، بيت للجميع ولا أفضلية فيه لأي شخصية أو نظام أو طائفة. الجميع سواسية هناك، فأهل البادية وسكان الصحاري والذين يحملون بيوتهم على أكتافهم متساوون مع العاكفين في الكعبة وسكان المدن ورعايا الدول. هذا البيت شيّد للناس لأجل نهضة الناس، نهضة الجميع، ولأجل منافع الناس. وأي
نفع أعظم وأعلى من جعل أيادي جبابرة العالم، وظلمة العالم مكفوفة عن تسلطها على الدول المظلومة ولتصبح ثروات الدول العظيمة من حق شعوبها أنفسها.

إن البيت قد أسس من أجل نهوض الناس ولأجل الناس، لذا يجب الإجتماع هناك على أساس هذا الهدف الكبير، وتتأمن منافع الناس في هذه المواقف الشريفة وترجم الشياطين الكبيرة والصغيرة. ولا يكفي أبداً مجرد عمارة المسجد الحرام وسقاية الحاج وامتلاك مفتاح البيت، فهذا ليس له علاقة بالهدف. وإبقاء البيت والمسجد عاديين كما كانا زمن إبراهيم وصدر الإسلام، وأن يتحد المسلمون في ذلك المكان دون تكلف مع الوافدين بدون حلق الرأس أفضل آلاف المرات من تزيين الكعبة ورفع بنائِها العظيم، والغفلة عن الهدف الأصلي الذي هو نهوض الناس وشهود منافع الناس ﴿َأَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين1، وكأن الآية الكريمة نازلة في عصرنا نحن وتتحدث عن حالنا في عصرنا الحاضر.

نراهم مشغولين بالسقاية وحياة الحجاج، وعمارة وتزيين المسجد الحرام وغافلين عن الإيمان بالله واليوم الآخر ويقفون جانباً عن الجهاد في سبيل الله وهذا ظلم والذين هم غافلين عن ذلك يحسبون من الظالمين، الإيمان بالله واليوم الآخر، يعني أن يجاهد الإنسان في سبيل الله. ويثور لأجل الحق، وإقامة القسط والعدل، والله لا يهدي قوماً ليسوا كذلك لأنهم ظالمون.

اليوم موسم حج بيت الله الحرام يأتي المسلمون من جميع أطراف العالم لأجل زيارة بيت الله فينبغي أثناء إنجاز أعمال الحج الشريفة الانتباه إلى إحدى أهم فلسفات هذا الاجتماع العظيم، فيبحثوا في الأوضاع السياسية والاجتماعية للدول الإسلامية، ويطلعوا على المصائب والمصاعب التي يواجهها إخوانهم في الإيمان، ويسعوا ضمن إطار تكليفهم الإسلامي والوجداني لرفعها وحلها. فالاهتمام بأمور المسلمين من الواجبات المهمة في الإسلام.

الحج فرصة الوعي السياسي:

إلى جميع حجّاج بيت الله الحرام أيّدهم الله، بعد التحية والسلام، اليوم وبسبب تساهل واستهتار الشعوب الإسلامية تمكّنت مخالب الاستعمار الخبيثة من أن تنفد إلى أعماق الأراضي الواسعة للأمة القرآن وتبتلع جميع ثرواتنا ومنابعنا الضخمة المؤممة.

إن ثقافة الاستعمار المسمومة قد انتشرت حتى وصلت إلى أعماق المدن والقرى في الدول الإسلامية، ورمت ثقافة القرآن جانباً، وبدأت صياغة أجيالنا أفواجاً أفواجاً ليكونوا في خدمة الأجانب والمستعمرين. في كل يوم يحرفون شبابنا بنغمة جديدة وأسماء خدّاعة، ينبغي عليكم أنتم يا أمّة الإسلام الذين اجتمعتم في أرض الوحي لأداء مناسك الحج، أن تستفيدوا من هذه الفرصة وأن تفكّروا بحلٍ ما، تفاهموا وتبادلوا وجهات النظر لأجل حل مشاكل المسلمين.

ويجب أن تتنبهوا أيتها الشعوب الإسلامية أنه في هذا الاجتماع العظيم الذي هو بأمر من الله تعالى وفي كل سنة وفي هذه الأرض المقدسة أنكم مكلفون بالسعي في سبيل الأهداف الإسلامية المقدسة وتحقيق المقاصد العليا الشريفة المطهرة في سبيل تطور وعلو المسلمين ووحدة واتحاد المجتمعات الإسلامية.

كونوا فكراً واحداً وعهداً واحداً في طريق الاستقلال واجتثاث سرطان الاستعمار. لقد سمعتم مشاكل ومتاعب الشعوب الإسلامية من لسان أهل كل بلد فلا تتباطأوا عن أي إجراء في سبيل حل مشاكلهم. فكّروا لأجل فقراء ومعوزي الدول الإسلامية. فكّروا بطريقة ما لأجل تحرير الأراضي الفلسطينية الإسلامية من مخالف الصهيونية عدوة الإسلام والإنسانية.

لا تغفلوا عن مساعدة ومعاونة أولئك الأبطال الذين يقاومون بشهامة وبطولة في سبيل تحرير فلسطين. ينبغي على المفكرين المشاركين في هذا الاجتماع من أي بلد كانوا توعية الشعوب وإصدار البيانات بعد تبادل الآراء ووجهات النظر، وتوزيعها في محيط الوحي بين المجتمع الإسلامي، وكذلك نشرها في بلدانهم حين عودتهم، وأن تطلبوا في هذه البيانات من رؤساء الدول الإسلامية، أن يضعوا أهداف الإسلام نصب أعينهم ويضعوا الخلافات جانباً ويفكروا بطريقة ما لأجل الخلاص من براثن الاستعمار.

هناك جوانب سياسية كثيرة تطرح في الاجتماعات، جماعات وجُمعات، وخصوصاً الاجتماع العظيم للحج، التي من جملتها الإطّلاع على المشاكل والمتاعب الأساسية والسياسية للإسلام والمسلمين، التي يمكن أن تطرح من خلال المؤتمرات للعلماء والمثقفين والملتزمين من حجّاج بيت الله الحرام، وأن يطلعوا على الحلول الممكنة من خلال التشاور، وينقلوا هذه الحلول يطرحوها في التجمعات العامة عند عودتهم إلى بلدانهم ويسعوا لأجل حل مشاكلهم.

قدِّموا التقارير:

في هذا الاجتماع المقدّس للحج، يجب أولاً بحث المسائل الأساسية للإسلام، وثانياً تبادل وجهات النظر في المسائل الخاصة للدول الإسلامية، أنظروا ماذا يجري على الإخوة المسلمين في داخل دولهم من الاستعمار وعملائه وأتباعه. يجب على أهل كل بلد أن يقدَّموا تقريراً لمسلمي العالم في هذا الاجتماع المقدّس يشرحون فيه ما تعانيه شعوبهم من مصاعب ومتاعب.

الاستكبار يخشى وحدتكم:

أيّها الحجّاج المحترمون، لقد اجتمع العالم حول بعضه البعض، ويتبادل الآراء في مصالح الإسلام ومشاكل المسلمين، فيجب أن تتخذوا إجراءات ضرورية لحل هذه المشاكل والوصول إلى الأهداف الإسلامية المقدّسة. وابحثوا في طريق وسبل الوحدة بين جميع الطوائف والمذاهب الإسلامية، وابحثوا في المسائل السياسية المشتركة بين جميع الطوائف الإسلامية، وابحثوا المشاكل التي أوجدها أعداء الإسلام لمسلمي العالم والتي نعتبر أهمها تفرقة صفوف المسلمين، لأجل إيجاد حلّ لها. وكما يعلم الجميع فقد سعَّرت قوى الشرق والغرب من أكلة العالم في الآونة الأخيرة نار هذه المعركة الخطيرة لأنها تخشى وحدة المليار مسلم.
وتعمل بكل قوتها بشكل مباشر أو من خلال أيادي عملائها المنحرفين لإيجاد هذه الاختلاف حتى تبقى متسلّطة ومسيطرة على مقدَّرات مسلمي العالم وحاكمة عليهم لتنهب ثرواتهم وذخائرهم التي لا تنتهي.

هذه الاجتماعات والتجمّعات التي هيّأها الإسلام بنحو سهل لأجل المسلمين، فجعل الله سبحانه في كل سنة فريضة على كل من يستطيع، فيجتمعوا في مكّة المعظّمة وفي المواقف الشريفة، ويستحب لجميع المسلمين وإن كانوا غير مستطيعين القيام بهذه العبادة الإلهية والنكتة المهمة في هذه الاجتماعات، هي أن المسلمين يجتمعون مع بعضهم في محيط واحد، بعيداً عن التشريفات، في محيط تسقط فيه كل جوانب الاعتبارات الشخصية، ويحضر أحدنا في تلك المواقف بكفن هو عبارة عن قطعتين من القماش لا غير، والمهم هو اطلاع بعضنا البعض على المشاكل التي عانت منها بلاد المسلمين طيلة السنوات الماضية، والتفكير لأجل حل هذه المشكلات للمسلمين. وما الاجتماع المليوني الكبير الإسلامي في الحجاز إلا لأجل هذه النكتة.

غفلة الكبار:

للأسف نحن المسلمون الذي ابتعدنا عن الإسلام، وانزوينا عن الحقائق الإسلامية، ونحن لناس بصدد التفكير به أبداً، أولاً: بأن يذهب القادرون ويتشرّفوا في بيت الله، ويجتمع المفكرون، والكتّاب والمثقفون والعلماء في ذلك المحيط ويبحثوا في مشاكل المسلمين في شتى أنحاء العالم، وأن يحلوا ما يستطيعون حلّه.

الآن نرى أنه لا يتشرّف بمكة وحج بيت الله الحرام، سوى فئة معينّة من عوام الناس، فيجتمعون هناك، أما الأشخاص القادرون والمؤثرون في الحكومات من كبار القوم ويستطيعون الاجتماع هناك للبحث في مسائل الإسلام والمسلمين وفي المسائل السياسي والاجتماعية فنراهم للأسف غافلين عن هذا الأمر.

الحج ـ الاجتماع الأكبر:

إن عقد هذه الاجتماعات قائم في جميع دول المسلمين. وفي كل مدينة وقرية، هذه أمر سياسية واجتماعية ينبغي على أهل كل بلد أن يجتمعوا في المساجد ويبحثوا في مشاكلهم ويعملوا على حلّها.

وإن صلاة الجمعة هي صلاة عبادية سياسية واجتماعية، حيث أنه في كل أسبوع يكثِّف الناس اجتماعاتهم ويحلّوا مشاكلهم هناك. وإن اجتماع الكعبة هو أكبر اجتماع حيث تعجز أي دولة عن القيام به. جعله الله تبارك وتعالى بهذا النحو الذي يقوم فيه المسلمون دون أيّة متاعب أو مصاعب، وحتى بدون أن تصرف الدول ميزانية لأجله، ويجتمعوا هناك، ولكن للأسف لا يستفاد من ذلك.

على جميع البلاد التي تدخل مكّة وأفرادها المستطيعين أو علمائها المحترمين أن يبحثوا في أوضاع المسلمين في كل سنة، ما هو حالهم؟ كيف هو الوضع بينهم وبين حكوماتهم؟

ما هو الوضع بين حكوماتهم والقوى الشيطانية الأخرى؟ ما هو الوضع بين الشعوب أنفسهم؟ وبينهم وبين الشعوب الأخرى؟ ما هو الوضع بين العلماء المنتشرين في بلاد المسلمين وبين وضع الحج، هذه أمور ينبغي ويجب بحثها، والحج إنما هو لأجل ذلك. الحج إنما هو لأجل البحث في مشاكل المسلمين في كل سنة ولأجل وضع الحلول لها.

إن معمّمي البلاد الذي يفرقون بين منطقة وأخرى، ويقولون إن الحج يجب أن يخرج عن الأطر السياسية، هؤلاء يدينون رسول الله وسلم، هؤلاء يدينون الخفاء، يدينون أئمة الهدى، هؤلاء لا يعلمون أن السفر على الحج إنما كان لأجل هذه المشاكل، إنما كان لأجل قيام الناس، إنما كان لأجل أن يدرك المسلمون مشاكل المسلمين ويسعون لأجل حلها، إنما كان لأجل خلق الأخوّة والمودّة بين المسلمين.

العدو المشترك:

بكل تواضع أعرض على الحجاج المحترمين وزوّار بيت الله الحرام لأي بلد أو طائفة أو مذهب انتموا. جميعكم من أمّة الإسلام وأتباع النبي والسائرين على هدى القرآن المجيد، وجميعكم لديكم عدوٌ غدّارٌ مشترك، استطاع من خلال إيجاد الاختلافات والتفرقة بواسطة عملائه السيئين، ومن خلال وسائل الأعلام الجماعية، وبث الإشاعات والدعايات الكاذبة على امتداد التاريخ، وخاصة في الفترة الأخيرة وبالأخص في عصرنا الحاضر، أن يأسر جميع الدول والشعوب الإسلامية، وأغار على ذخائر بلادكم الغنية، وما زال يُغِيْر على مظلومي بلادكم، وهو بصدد أن يصمّ سمع الحكومات يُعمي أعينهم بالكامل، وتصبح الشعوب بيديه سوقاً استهلاكية، ويمنع بمكائده وحيله الشيطانية، ومؤامراته، أي تقدم إنساني أو حضاري أو صناعي لهذه الدول المظلومة، ويؤكد بذلك أكثر فأكثر على ضرورة الارتباط والاعتماد على الشرق والغرب ولا يسمح حتى في مجال التفكير لأي شخص يفكر بالاستقلال والإبداع ويخنق في الصدور حتى الأنفاس المتوثبة لأجل توعية الشعوب وتحريكها، وأنتم تشاهدون الوضع المأساوي في البلاد الإسلامية وسائر الدول المظلومة، هذا نتيجة مؤامرات أعداء المسلمين والمظلومين المشتركين. ولكنكم الآن في مركز الإسلام، واجتمعتم حول بعضكم البعض بأمر من الله ورسوله، واجتمعتم في هذا المكان العظيم من مذاهب وشعوب متعددة، لأجل أن تفكّروا بطريقة ما للتخلص من هذا السرطان والوجع المهلك.

أصلحوا رؤساءكم:

يجب على مسلمي العالم أن يعملوا على تربية وضبط وإصلاح رؤسائهم الذين باعوا أنفسهم في بعض الدول، ويعملوا على نصيحتهم أو تهديدهم حتى يستيقظوا من سباتهم الذي سيؤدي بهم وبمصالح الشعوب إلى الفناء. ويحذروا هؤلاء العملاء والمأجورين، ويكونوا هم أنفسهم يقظين بوعي كامل، ولا يغفلوا عن خطر المنافقين وسماسرة الاستكبار العالمي، وأن يضعوا كفّاً على كف ويتركوا مراقبة الساحة التي تشهد تحطم الإسلام وغارات لنهب الثروات ورؤوس الأموال وهتك أعراض المسلمين.

تجهَّزوا لمحاربة إسرائيل:

اليوم وقعت قبلة المسلمين الأولى بيد إسرائيل، هذه الغدّة السرطانية في الشرق الأوسط. اليوم يجاهد إخوتنا الأعزاء اللبنانيون والفلسطينيون بكل قوتهم وتروي دماؤهم الأرض. اليوم تعمل إسرائيل بكل وسائلها الشيطانية لإيجاد الفرقة. يجب على كل مسلم أن يجهّز نفسه لمحاربة إسرائيل.

إن فلسفة الحج يجب أن تشكّل أجوبه لهذه الصرخات المظلومة، والطواف حول بيت الله يتجلى بأن الإنسان لا يطوف إلا لله ويرفض أن يطوف لأحد آخر غير الله.
وإن رجم العقبات هو رجم شياطين الإنس والجن، أنتم برجمكم تعاهدون الله على أن تطردوا شياطين الإنس والقوى العظمى من بلادكم الإسلامية، اليوم العالم الإسلامي أسير بيد أمريكا، أنتم تحملون رسالة من الله لأجل جميع المسلمين في القارَّات المختلفة من العالم، رسالة تؤكد أن العبودية إنما هي لله وحده ولا يمكن أن تكون لأي شخص آخر.

فكّروا بطريقة ما، لأجل تحرير الأراضي الإسلامية الفلسطينية من مخالب الصهيونية العدوة اللئيمة للإسلام والإنسانية.

لا تغفلوا عن مساعدة ومعاونة أولئك الأبطال المضحّين الذين يجاهون ويقاومون في سبيل تحرير فلسطين.

يجب على الشعوب الإسلامية أن تفكّر بتحرير فلسطين، وتبرز غضبها واستياءها من المساومة والصلح التي يقوم بها زعماء العار الذين باعوا أنفسهم وهدروا أهداف شعوب الأرض المحتلة والمسلمين في المنطقة بإسم فلسطين، وأن لا تسمح لهؤلاء الخونة، بالجلوس على طاولة المفاوضات والقيام بالجولات المكوكية التي تهدف إلى النيّل من شرف وكرامة الشعب الفلسطيني البطل.

إن هؤلاء الثوّار الظاهرين، ضعاف النفوس، الذين باعوا أنفسهم باسم تحرير القدس يتوسّلون بإسرائيل وأمريكا، لا يظن هؤلاء أنه مع مرور الزمن قد تغيّرت سيرة وصورة جرائم العدو الصهيوني، وأن الذئاب مصّاصي الدماء والصهاينة قد رفعوا أيديهم عن التفكير بالتوسع واغتصاب الأراضي من النيل إلى الفرات، سوف لن يتوانى أحد من المسؤولين المحترمين في إيران وشعبنا والشعوب الإسلامية، عن مقاومة هذه الشجرة الخبيثة لاجتثاثها من الوجود.
وبعون الله تعالى وبفضل أتباع الإسلام والقدرات المعنوية لأمة محمد وسلم وبالاستفادة من إمكانات الدول الإسلامية، وتشكيل قوى حزب الله في العالم سيتمكنون من إخراج فلسطين والأراضي المغتصبة من مخالب الصهيونية، سيجعلونها تندم على كل جرائمها التي ارتكبتها في الماضي. وأنا، كما قلت وحذّرت مراراً في السنوات الماضية قبل وبعد الثورة، مجّدداً أحذّر من خطر انتشار هذه الغدّة السرطانية الصهيونية في قلب وجسد العالم الإسلامي وأعلن عن دعمنا وتأييدنا شعباً وحكومة ومسؤولين في إيران للشعوب الإسلامية والمقاومة، وللشباب المسلم الغيور في سبيل تحرير القدس. وأشكر شباب لبنان الأعزّاء الذين كانوا سبباً لعزّة وارتقاء أمّة الإسلام، وأذلُّوا ومرغوا أنوف أَكَلَة العالم.

وادعوا الله لجميع الأعزاء في داخل الأراضي المحتلة والذين على حدوَد هذا البلد المغتصب الذين يقاومون ويجاهدون العدو ويوجِّهون له الضربات معتمدين على سلاح الإيمان. وأطمئنكم أنّ شعب إيران سوف لن يترككم وحدكم، توكّلوا على الله واستلهموا من القدرات المعنوية للمسلمين واهجموا على الأعداء وتسلّحوا بسلاح التقوى والجهاد والصبر والثبات ﴿ِ...إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ2.
.

دور العلماء والمفكرين:

ينبغي على المفكرين الذين يشاركون في هذا الاجتماع ومن أي بلد كانوا، أن يصدّروا البيانات التي تدعو لتوعية الشعوب بعد تبادل الآراء،
والاستدلال لها، وتوزيعها في "محيط الوحي" بين المجتمعات الإسلامية، ونشرها أيضاً بلادهم بعد عودتهم إليها. ويطلبوا في هذه البيانات من رؤساء الدول الإسلامية أن يضعوا نصب أعينهم الأهداف الإسلامية، ويضعوا جانباً الاختلافات، وأن يفكّروا بحل ما لأجل الخلاص من مخالب الاستعمار.

إن إحدى الفرص المناسبة والتي يجب أن يستغلها العلماء هي إقامة العلاقات مع أصحاب الرأي والمفكرين، وعلماء الدول الإسلامية، حيث أن الاستكبار العالمي أو بعض رؤساء الدول الإسلامية يعملون بقوة لمنع هذا النوع من اللقاءات وإقامة العلاقات المتينة يراقبون ذلك، وقد كان أحد أهداف الجمهورية الإسلامية والاستفادة من هذا الظرف المناسب لتبادل الآراء والأفكار ووضع البرامج الدقيقة والمفصّلة والصحيحة لأجل العثور على الحلول لمشاكل ومعضلات المجتمعات الإسلامية.

غفلة العلماء:

ويا للعجب كيف أن الكثير من علماء وروحانيي الدول والبلاد الإسلامية غافلون عن دورهم العظيم وعن رسالتهم الإلهية والتاريخية في هذا العصر الذي تعيش فيه البشرية الظمأ للأحكام النورانية والمعنوية للإسلام. وكيف لا يدركون ظمأ الشعوب واشتعال رغبات المجتمعات البشرية التي لا تعرف شيئاً عن قيم الوحي الإلهي، ولم يقدّروا قدراتهم ونفوذهم المعنوي لديهم، فبوسع علماء البلاد والخطباء وأئمة الجمعة والمفكرين الإسلاميين في هذه الظروف التي يخيم فيها زهو العلوم والحضارة المادية على الجيل المعاصر، أن يجعلوا باتحادهم وتلاحمهم وشعورهم بالمسؤولية والعمل بواجبهم وتكليفهم المهم في هداية وقيادة الناس، الدنيا في متناول سيادة القرآن ونفوذه، وأن يضعوا حدّاً لكل هذا الفساد واستعباد المسلمين واحتقارهم، وأن يحولوا دون تغلغل الشياطين الصّغار والكبار وخاصة أمريكا في البلدان الإسلامية، وأن يشمِّروا عن سواعدهم وينكبُّوا على تحقيق ونشر الأحكام النورانية للإسلام بدل كتابة المطولات وإطلاق الترهات والكلمات التي تفرق الناس، وكيل المديح والثناء لسلاطين الجور والظلم، والتسبب بانحراف المستضعفين عن نصرتهم للإسلام وقضاياه.

وأن يحققوا عزّتهم ويعيدوا الاعتبار والكرامة لأمَّة محمّد وسلم.

بالاستفادة من هذا البحر الواسع للشعوب الإسلامية. أليس عاراً على علماء الدول الإسلامية مع وجود القرآن الكريم والأحكام النورانية للإسلام وسنّة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة المعصومين ، أن تحكم قوانين الكفر في البلاد الإسلامية وتكون تحت نفوذهم، وينفذون الأوامر والتعليمات التي تملى عليهم من المزيفين والمزورين وأعداء الإسلام له.

يجب على علماء البلاد والدول الإسلامية أن يقولوا لشعوبهم مدى الآثار السيّئة والنتائج المترتبة على الضياع أمام مغريات الشرق والغرب، وأن ينبّهوا الشعوب والدول لخطر الاستعمار الجديد، وشيطنة القوى العظمى التي صنعت الحروب لقتل المسلمين في العالم. إنني أؤكد مجدداً أن الدنيا اليوم ظمأى للحقائق والأحكام النورانية للإسلام وقد تمّت الحجة الإلهية على جميع العلماء والروحانيين... فإن المسلمين الشجعان والمقاومين الأعزّاء، حزب الله في لبنان وسائر
الدول يقاومون ويجاهدون المعتدين، فأي حجّة أكبر من ذلك وأي ذريعة تبقى للسكون والمسايرة والجلوس في البيت والعمل بالتقية في غير موردها.

إذا تأخّر العلماء والروحانيون الملتزمون بالإسلام عن العمل، سيفوت الأوان. طبعاً نحن نشعر ونحسّ بآلام بعض العلماء الملتزمين المحاصرين في مدنهم وبلادهم تحت حراب وضغط التهديدات وأحكام علماء السوء اللا شرعية، ولكن أذكّر جميع هؤلاء الأعزّاء الذين هم تحت ضغط الجبّارين بموعظة الله سبحانه، ﴿...أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ...3.

قوموا لله ولا تجزعوا من الوحدة والغربة، فالمساجد أفضل المتاريس، وصلاة الجمعة والجماعة أفضل الساحات والميادين لتنظيم وشرح وبيان مصالح المسلمين.

الحج الإبراهيمي الغريب:

من الأمور التي لا تقبل الإنكار ولا تحتاج إلى التذكير أن الإسلام العظيم هو دين التوحيد ومحطم الشرك والكفر وعبادة الأصنام وعبادة النفس وهو دين الفطرة والخلاصة من قيود الطبيعة ودسائس الشطيان من الجن والإنس في العلن والخفاء، ودين سياسة التمدن والهادي إلى الصراط المستقيم "لا شرقية ولا غربية" دين عبادته سياسة وسياسته عبادة، والآن حيث يجتمع مسلمو العالم من البلاد المختلفة حول كعبة الآمال وحجّ بيت الله الحرام للقيام بهذه الفريضة الإلهية العظيمة وعقد هذا المؤتمر الإسلامي الكبير في هذه الأيام المباركة، فإن على المسلمين الذين يحملون رسالة الله تعالى أن يستفيدوا من المحتوى السياسي والاجتماعي للحج إضافة إلى محتواه العبادي ولا يكتفوا بالمظهر الخارجي.
الجميع يعلم أنه ليس بمقدور أي إنسان وأية دولة عقد مثل هذا المؤتمر الكبير، وأن أمر الله تعالى هو الذي صنع هذا الاجتماع العظيم إلا أنه مع الأسف لم يستطع المسلمون على مرّ التاريخ من أن يستفيدوا من هذه القوة السماوية وهذا المؤتمر الإسلامية كما ينبغي لصالح الإسلام والمسلمين.

والآن حيث أن حجّاج بيت الله الحرام الذين يتحررون من قفص البدن وقيود الدنيا ويهاجرون إلى الله ورسوله حيث يصبح البيت القلب ولا شيء فيه غير المحبوب الحقيقي بل لا شيء غيره ي الداخل والخارج. يجب أن يعلموا أن الحج الإبراهيمي ـ المحمدي صلى الله عليهما وآلهما مهجور وغريب منذ سنوات، إن من الناحية المعنوية والعرفانية وإن من الناحية السياسية والاجتماعية، ويجب على الحجّاج الأعزّاء من سائر الدول الإسلامية أن يعيدوا الكعبة وبيت الله من غربتهما، وبجميع ابعادهما. إن الأسرار العرفانية والمعنية لبيت الله يتكفل بها العرفاء غير المحجوبين، أما نحن المشغولون بأبعاده السياسية والاجتماعية فيجب أن نقول إننا بعيدون مسافات عنها، ونحن ملزمون بإصلاح ما فات.

إن هذا المؤتمر الذي بتمامه سياسة ينعقد بدعوة من إبراهيم ومحمد وآلهما ويقصد إليه من كل زوايا الدنيا ومن كل فجٍّ عميق للاجتماع فيه، لأج منافع الناس والقيام بالقسط وللاستمرار بتحطيم أصنام إبراهيم ومحمد، وطواغيت فرعون التي محاها موسى. وأي صنم يصل لمستوى الشيطان الأكبر وأصنام وطواغيت أكلة العالم
التي أخضعت جميع مستضعفي العالم لعبادتها والسجود لها واعتبرت جميع عباد الله الأحرار عبيداً لأوامرها؟

إن فريضة الحج التي هي لبيك بحق وهجرة إلى الله إنما هي ببركة إبراهيم ومحمد عليهما السلام بمعنى "لا" لجميع الأصنام والطواغيت والشياطين وأبنائهم. وأي صنم اكبر من الشيطان الأكبر أمريكا ناهبة العالم والاتحاد السوفياتي الملحد المعتدي وأي طاغوت أكبر من طواغيت زماننا.

الحج مدرسة التضحية:

أقدم تهانئي الخالصة لجميع المسلمين في العالم بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك. هذا العيد الذي يذكّر الناس الواعين بمذبح الفداء الإبراهيمي، هذا المذبح الذي قدّم درس الفداء والجهاد في سبيل الله تعالى لأبناء آدم وأصفياء وأولياء الله، هذا العمل بعمق أبعاده التوحيدية والسياسية لا يستطيع إدراكه غير الأنبياء العظام والأولياء الكرام وخاصة عباد الله. هذا أبو التوحيد ومحطم أصنام العالم، علّمنا والبشرية جمعاء أن التضحية في سبيل الله وقبل أن تكون ذات بُعد توحيدي وعبادي، تمتلك أبعاداً سياسية وقيماً اجتماعية، علمنا وجميع الناس كيف نقدم أعزّ ثمرات حياتنا في سبيل الله، ونحتفل بالعيد ضحوا بأنفسكم وأعزائكم وأقيموا دين الله والعدل الإلهي، لقد أفهنا نحن ذرّيّة آدم أن مكّة ومنى مذبح العشاق وأن هذين المكانين هما لنشر التوحيد ونفي الشرك، لأن التعلق بالنفس والأعزاء أيضاً من الشرك.

لقد علم أبناء آدم الجهاد في سبيل الله من هذا المكان العظيم بلّغوا العالم أيضاً عن الفداء والتضحية، وقولوا للعالم، إنه في سبيل الله وإقامة العدل الإلهي وقطع أيادي المشركين في هذا الزمان، يجب أن يخلّد الحق بتمامه في أي شيء حتى ولو كان مثل إسماعيل الذي قضى، وهذا حق محطّم الأصنام هذا وولده العزيز محطّم الأصنام الآخر سيِّد الأنبياء محمد المصطفى وسلم علّما البشرية أنه يجب تحطيم الأصنام كيفما تكون. وأن الكعبة، أم القرى على امتداد سعتها وحتى آخر نقطة من الأرض، وحتى آخر يوم في العالم يجب أن تطهّر من دنس الأصنام، أي صنم كان وكيفما كان أكان هياكل أو شمساً أو قمراً أو حيواناً أو إنساناً أو صنماً أسوأ وأخطر من الطواغيت على امتداد التاريخ، من زمن آدم صفيّ الله حتى إبراهيم خليل الله، إلى محمد حبيب الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى آخر الزمان الذي يظهر فيه محطّم آخر للأصنام ويطلق نداء التوحيد من الكعبة.

أو ليست القوى الكبرى في زماننا أصناماً كبيرة سيطرت على العالم ودعته لعبادتها وفرضت نفسها عليه بالقوة والتزوير؟... إن الكعبة المعظمة هي المركز الأوحد لتحطيم هذه الأصنام، إبراهيم الخليل في أول الزمان وحبيب الله وولده العزيز المهدي الموعود روحي فداه في آخر الزمان صدحوا بنداء التوحيد من الكعبة ويصدحون، قال الله لإبراهيم ﴿وَأَذِّن فِي النَّاسِ ..4 وقال: ﴿...طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ 5.

وهذا تطهير من جميع الأرجاس التي أكبرها الشرك الذي هو في صدر الآية الكريمة ونقرأ في سورة التوبة: ﴿وَأَذَانٌ ...وَرَسُولِهِ ..6 وإن الإمام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه وعلى لسان كل الأديان وباتفاق المسلمين، يطلق نداء من الكعبة ويدعو البشرية إلى التوحيد. والجميع يطلقون صرخاتهم من الكعبة وكلمة التوحيد من ذاك المكان المقدَّس. وبالصرخات والدعوات والتظلُّمات وفضح المؤامرات والاجتماعات الحيّة والحاسمة في مجمع المسلمين في مكّة المكرمة نحطّم الأصنام وتُرجم الشياطين وعلى رأسهم الشيطان الأكبر في العقبات، ونطردهم حتى نحقق حج خليل الله وحبيب الله وولي الله المهدي العزيز، وإلا نكون مصداقاً للقول: ما أكثر الضجيج وما أقلّ الحجيج.

تطبيق الشعائر:

يجب أن تعلموا أن الطريق الأساس في ظل وحدة المسلمين والتجمع العام هو في قطع يد القوى العظمى عن الدول الإسلامية وتطبيق شعائر المواقف الكريمة والمشاهد المشرّفة عملياً في بلادهم.

البراءة ركن الحج:

إن إعلان البراءة من المشركين تعتبر من الأركان التوحيدية والواجبات السياسية للحج. فحاشا أن يتحقق إخلاص الموحدين في حبهم بغير إظهار السخط على المشركين والمنافيين، وأي بيت هو أفضل من الكعبة البيت الآمن والطاهر. بيت الناس لنبذ كل أشكال الظلم والعدوان والاستغلال والرق والدناءة اللاإنسانية قولاً وفعلاً، وتحطيم أصنام الآلهة تجديداً لميثاقه "ألست بربكم" وذلك إحياءً لذكرى أهم وأكبر حركة سياسية للرسول التي عبر عنها القرآن بقوله: ﴿وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَر7 ذلك أن سنّة الرسول وإعلان البراءة لن يبليا لأن إعلان البراءة لا يقتصر فقط على أيام الحج.
إذ على المسلمين أن يملأوا أجواء العالم بالمحبة والعشق للبارئ. وبالبغض والاستياء والرفض لأعداء الله ويجب ألا يصغوا إلى وسوسة الخنّاسين وشبهات المشككين والجهّال والمنحرفين وألا يغفلوا لحظة واحدة عن هذا النشيد التوحيدي المقدس والشامل.

صرخة البراءة خالدة:

إن صرخة البراءة من المشركين لم تختص بزمان خاص. هذا دستور خالد، وإن انقرض المشركون من الحجاز "فنهضة الناس" ليست مختصّة بزمان بل هي دستور كل زمان ومكان. في هذا التجمع البشري العالم تعتبر سنوياً من جملة العبادات المهمة الخالدة إلى الأبد. وهنا تكمن النقطة التي أكّد عليها أئمة المسلمين عليهم السلام في إقامة مجالس العزاء لسيد المظلومين إلى الأبد وبقاء صرخة مظلومية آل بيت رسول الله وسلم وظلم بني أميّة ـ عليهم لعنة الله ـ مع أنهم انقرضوا...

البراءة هي من كل ظالم:

إن إعلان البراءة هو المرحلة الأولى من الجهاد ومواصلته هي من المراحل الأخرى لتكليفنا، وإنه يتطلب في كل عصر وزمان مفاهيم وأساليب وبرامج خاصة. فماذا يجب فعله في عصرنا هذا الذي يجعل فيه قادة الكفر المفاهيم الثقافية والدينية والسياسية للشعوب ألعوبة بيد أهوائهم ومطامعهم وشهواتهم. هل يجب الجلوس في البيوت وتحمل الشيطان وأتباعه من خلال حملات التضليل وإهانة منزلة البشر، وإلقاء روح اليأس والعجز في نفوس المسلمين ومنع المجتمع الإسلامي من بلوغ الخاص الذي يعتبر غاية الكمال ومحط الآمال، والإيحاء بأن محاربة الأنبياء للأصنام وعبادتها تتلخص في الحجارة والأخشاب الهامدة، وأن أنبياء كإبراهيم، معاذ بالله، إنهم كانوا السبّاقين لتحطيم الأصنام ولكنهم تركوا ساحة الجهاد ضد الظالمين؟

إن تحطيم الأصنام وجهاد وحروب إبراهيم مع النمروديين وعبدة الشمس والقمر والنجوم كلها كانت مقدمة لهجرة كبرى وإنّ كل تلك الهجرات والصعاب والشدائد والمبيت في واد غير ذي زرع وبناء البيت والتضحية بإسماعيل كانت مقدمة لبعثة ورسالة يكرر فيها خاتم النبيين كلام أول وآخر نبي. ومؤسسي الكعبة، ويبلّغ الرسالة الخالدة إنني بريء مما تشركون.

وإذا قدمنا تحليلاً غير ذلك فإنه يعني عدم وجود الأصنام وعبادتها في هذا العصر ولكن أي إنسان عاقل لا يدرك عبادة الأصنام الجديدة وأحابيلها الخاصة ولا يعرف هيمنة معابد الأصنام، كالبيت الأسود الأمريكي. على البلدان الإسلامية وعلى أرواح وأعراض المسلمين والعالم الثالث.

إن صرخة براءتنا من المشركين والكفار اليوم، هي صرخة البراءة من الظلم والظالمين وصرخة أمّة بلغت روحها الحلقوم من اعتداءات الشرق والغرب وعلى رأسهم أمريكا وأذنابها. ونهب بيتها ووطنها وثرواتها.

البراءة وتحرير الطاقات:

إننا بإعلاننا البراءة من المشركين كنا وما نزال مصممين على تحرير الطاقات المتراكمة للعالم الإسلامي، وبإذن الله الكبير وبهمّة أبناء القرآن سيأتي اليوم الذي يتحقق فيه هذا العمل. وإنشاء الله سيتحقق أيضاً اليوم الذي يصرخ فيه جميع المسلمين والمتألمين ضد ظالمي العالم ويثبتوا أن القوى العظمى وأذنابهم والنفعيين هم أكثر موجودات العالم بغضاً ولعناً.

إن صرخة براءتنا هي صرخة جميع الذين لم يقدروا على تحمّل تفر عن أمريكا وتواجدها السلطوي ولا يريدون أن تخمد صرخة غضبهم وسخطهم وتذمرهم، وتُخنق في حناجرهم إلى الأبد وعقدوا لعزم على العيش حياة حرة كريمة والموت أحراراً وأن يكونوا الصرخة المدوية للأجيال.

البراءة صرخة العقيدة والاستضعاف:

إن صرخة براءتنا هي صرخة الدفاع عن العقيدة والكرامات والنواميس، صرخة الدفاع عن الثروات والرساميل. إنها صرخة الدفاع عن الثروات والرساميل. إنها صرخة المتألمين من الشعوب التي مزّقت قلوبها خناجر الكفر والنفاق. صرخة براءتنا هي صرخة الفقراء والجياع والمحرومين والمعدمين والحفاة الذين نهب الجشعون والقراصنة الدوليون ما حصلوا عليه بعرق جبينهم وتعب ليلهم ونهارهم، وأولئك الذين امتصّوا دماء قلوب الشعوب الفقيرة والفلاحين والعملاء والكادحين باسم الرأسمالية والاشتراكية والشيوعية. وربطوا العصب الحيوي لإقتصاد العالم بأنفسهم وحرموا شعوبه من استيفاء أبسط حقوقها المشروعة.
هوامش
1- التوبة :19.
2- محمد :7.
3- سبأ :46.
4- الحج:27.
5- لبقرة :125.
6- التوبة :3.
7- التوبة :3.




رد مع اقتباس